مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الصحافة السويسرية تُهوّن من أهمية مقتل البغدادي

أطلال مبنى تعرض لقصف جوي سواه بالأرض
أطلال الموقع الذي شهد تنفيذ العملية الأمريكية في الأراضي السورية التي أسفرت عن مقتل زعيم تنظيم "الدولة الإسلامية" أبو بكر البغدادي يوم 27 أكتوبر 2019. Keystone / Yahya Nemah

بعد الإعلان عن مقتل زعيم تنظيم "الدولة الإسلامية" أبو بكر البغدادي على أيدي القوات الخاصة الأمريكية، أعربت الصحف السويسرية عن تشككها في أن مصير الخلافة أصبح الآن "في خطر".

كتبت صحيفة تاغس أنتسايغر، التي كانت أكثر الصحف السويسرية الصادرة يوم الإثنين 28 أكتوبر الجاري تأكيدا على أن موت البغدادي لن يُسهم كثيرا في إضعاف تنظيمه، وأن “الخليفة رحل، لا الخلافة”.

على العكس من ذلك، فإن البغدادي الذي “لم يكن أبداً زعيماً كاريزميًا” حسب افتتاحية الصحيفة، أقل أهمية بالنسبة لأتباع تنظيم “الدولة الإسلامية” من فكرة الخلافة نفسها، وهي فكرة ستظل قائمة بعد وفاته.

وتضيف تاغس أنتسايغر: “لا يزال العلم الأسود لتنظيم الدولة الإسلامية يُرفرف في أفغانستان وسيناء وغرب إفريقيا – وربما مرة أخرى قريباً في الأراضي التي نشأ فيها”. أما دونالد ترامب فهو “يخدع نفسه” إذا كان يعتقد أن قتل قائد التنظيم ليس أكثر من مسألة رمزية.

في المقابل، كانت صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ أكثر دقة.

ففيما شككت في تأكيد دونالد ترامب على أن العالم أصبح فجأة “مكانًا أكثر أمانًا” مؤكدة أن إرث الخلافة يظل “سامًّا”، رسم أحد مراسلي الصحيفة صورة أكثر تعقيدًا لصراعات القوى الإقليمية التي اشتملت أيضًا على بعض دواعي الأمل.

إذ يبدو أن الخشية من حدوث فراغ كامل في السلطة في سوريا لا يُمكن للدولة أن تملأه – والذي يُمكن أن يستفيد منه تنظيم “الدولة الإسلامية” – قد تم تجنبها على المدى القصير، كما يكتب المراسل.

وبينما تعتبر قوى مثل إيران وروسيا أن الوضع السوري يُشكل علامة واضحة على أن أي حرية في المنطقة يُمكن أن “تؤدي فقط إلى الفوضى”، تستمر حركات متعددة في المطالبة بذلك تحديدا، مع استمرار احتجاجات المواطنين المُؤيدة للديمقراطية في الأراضي الممتدة من السودان إلى العراق إلى لبنان.

وترى نويه تسورخر تسايتونغ أنه “يجب على الغرب أن يستمد الأمل من هذا، وأن يقدم دعماً أقوى” لهذه التحركات.

رمزية

من ناحية أخرى، ركزت أهم صحيفتين سويسريتين ناطقتين بالفرنسية على المسألة الرمزية وعلى التأثيرات غير المباشرة المحتملة للعملية.

“لوتون” كتبت أن مثل هذه العملية “الشعبية” ستجلب دفعة محلية كبيرة من الدعم لدونالد ترامب في لحظة مهمة في الحملة الانتخابية الأمريكية.

مع ذلك، فإن ترامب وفريقه يدركون بالتأكيد أن مثل هذا “التصفية” لشخصية بارزة ليس كافيًا لإضعاف الحركة على هذا النحو، فمثال تنظيم القاعدة الذي لا زال ناشطا في اليمن وسوريا بعد مقتل أسامة بن لادن كان سابقة جليّة.

في ضوء ذلك، كتبت الصحيفة أن جهود ترامب للسخرية من البغدادي والحط من شأنه عند الموت بالقول: “لقد مات مثل كلب، مثل جبان”، هي محاولة يبذلها الرئيس الأمريكي لتجنب أي تمجيد لشخصيته.

وكتبت لوتون في افتتاحيتها: “بقتل عدوها، خاطرت الولايات المتحدة بتحويله إلى شهيد. يتعيّن عليهم محاولة تدمير سمعته”.

أخيراً، أعربت صحيفة “تريبون دو جنيف” عن انزعاجها إزاء الطريقة التي استخدمتها الولايات المتحدة لنشر “التفاصيل غير المُجدية” حول طبيعة العملية.

فقد تتبّع مقالها الافتتاحي خطًا مباشرًا بدءا بلحظة اكتشاف مخبإ صدام حسين وإعدامه من قبل إدارة بوش، مرورا إلى اغتيال بن لادن من قبل إدارة أوباما، ووصولا إلى نجاح ترامب مع البغدادي، وخلُصت فيه إلى أن عمليات القتل هذه لم تعد كافية.

واختتمت الصحيفة بالقول: “تعرف الولايات المتحدة كيف تقوم بإظهار فعاليتها في تحييد أعدائها. لكنها تخلت عن أي طموح سياسي في الشرق الأوسط. ولن يتسنّى لميتة واحدة، حتى وإن كانت مُذهلة، أن تُغطي إطلاقا على فشل التدخلات الأمريكية في سوريا والعراق وأفغانستان. “

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية