بين سويسرا وتونس.. استراتيجية تعاونية في طور تحقيق أهدافها
منذ اندلاع ثورة الحريّة والكرامة بتونس، عاشت البلاد تحوّلات كما لم تشهدها من قبل. فالمسار الانتقالي لم يستثن تقريبا أي مجال بما في ذلك المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية على حد سواء. ولقد كان للعديد من البلدان الديمقراطية، وعلى وجه الخصوص سويسرا، مساهمة فعالة في دعم هذه المرحلة.
بعد سقوط النّظام السّابق، شهدت علاقات التّعاون الدّولي بين تونس وسويسرا نقلة نوعيّة، تجسّدت منذ سنة 2011 في افتتاح مكتب لوكالة التعاون والتنمية التابعة لوزارة الخارجية السويسرية بتونس وأيضا إطلاق إستراتيجية التعاون السويسري للفترة الممتدة من سنة 2017 الى 2020.
في هذا السياق، كان لـ swissinfo.ch لقاء حصري مع السيد ويلي غراف المدير الجديد لمكتب التعاون الدولي بتونس الذي أفادنا أنّ إستراتيجية التعاون السويسري بتونس هي بصدد تحقيق الأهداف التي رُصدت لها.
المسار الديمقراطي وحقوق الانسان
خلال اللقاء، أكّد السيد غراف الذي تزامن الحوار معه مع فترة الحملة الانتخابية للرئاسيات ولتجديد الرلمان، أن بلده مصرّ على دعم مشروع التعاون السويسري للإصلاحات السياسية وحقوق الانسان بتونس من خلال إرساء مبدأ المساءلة واستقلالية المؤسسات والتي تبرز في دعم العدالة الانتقالية واستقلالية مؤسسات الرقابة والهيئات المستقلة ومثال ذلك دعم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والهيئة الوطنية لمناهضة التعذيب والوكالة الوطنية للنفاذ الى المعلومة.
وثانيا عبر الحثّ على إرساء مبدأ المشاركة في المسار الديمقراطي، وخاصة بالنسبة للشباب وذلك بتشريكهم في اتخاذ القرارات العامة والحرص على ضمان انتخابات حرة وشفافة، وكان ذلك بوضع برنامج دعم المسار الانتخابي – الانتخابات الرئاسية والتشريعية 2014/2019 والانتخابات البلدية لسنة 2018 – الذي شمل عددا من الهيئات الانتخابية مثل الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري ودائرة المحاسبات والمحكمة الإدارية.
ثالثا من خلال التأكيد على ضمان كرامة المواطنين وسلامتهم عن طريق تعزيز السياسات الوطنية لمنع التعذيب وكل أشكال التطرف العنيف.
النمو الاقتصادي
نفس الاستراتيجية تضع قيد أولوياتها أيضا، كل ما من شأنه ان يساهم في تحقيق النمو الاقتصادي الشامل. بدءاً بنجاعة تسيير الإدارة المالية العامّة ومناخ الأعمال عن طريق تبسيط الإجراءات الإدارية، وتعزيز مناخ الأعمال بإعلاء مستوى القدرة التنافسية في القطاع الخاص والمساهمة في تحسين المهارات، وقد نتج عن ذاك تسهيل سبل وصول المنتجات الزراعية والمنتجات المحلية الى الأسواق فيما يتعلق بالقطاع الفلاحي.
من أهم الإنجازات الحصول على التسمية المثبتة للأصل لمنتوج تين دجبة، مما ساهم في زيادة دخل مزارعي المنطقة بنسبة 25%، تمويل احداث مشاريع في مجال تحويل التين الشوكي.
إضافة إلى ذلك، أطلقت سويسرا ست مؤسسات تدريب وتكوين لليد العاملة في تونس، واستفادت من هذا البرنامج أكثر من 287 مؤسسة مختلفة الاختصاصات، حيث أصبحت تلجأ لهذه المؤسسات التدريبية بقصد تشغيل من يقوم بهذا النوع من التدريبات.
وفيما يخص المجال السياحي، فقد ساهم المشروع السويسري في النهوض بوجهة الجنوب الشرقي عن طريق دعم المواقع السياحية في البلاد، الى جانب وضع خطة لدعم هذا القطاع عن طريق إنشاء المواقع الالكترونية المختصة والخرائط السياحية وأيضا تنظيم رحلات للصحفيين بهدف التعريف بهذه المناطق.
وإجابة عن سؤال بخصوص المشاريع المهتمة بالبنية التحتية والخدمات الأساسية، حدّثنا السيد غراف عن عدة برامج وضعت في نفس الخانة ومنها برنامج تدعيم شبكة المياه بالقصرين بتمويل سويسري، وتم من خلاله تحسين البنية التحتية لقنوات مياه للشراب. بالإضافة إلى برنامج تعزيز نجاعة استخدام الطاقة بالبلديات من خلال تحالف البلديات لنقل الطاقة.
ساهمت سويسرا من خلال مشروعها في إجراء تدقيقات الطاقة لجميع البلديات وتنفيذ نظام المحاسبة في كل بلدية، حيث تشارك 7 بلديات بوضع خطط عمل في هذا المجال للمشاركة في مسابقة “جائزة البحر الأبيض المتوسط للطاقة”.
الحماية والهجرة
اعتمدت سويسرا من خلال المشاريع التي وضعتها على إدارة الهجرة والقائمة بالأساس على مبدأ حقوق الإنسان، بوضع التشريعات المتعلقة بالهجرة واللجوء وتنظيم الإجراءات المتعلقة بالشراكة التونسية السويسرية.
وفي نفس المجال، سُجلت مساهمة عدد من التونسيين المقيمين في سويسرا في التنمية من خلال حثهم على الاستثمار من خلال مشروع الجالية التونسية المقيمة في سويسرا وبرنامج مساعدة العودة.
أمّا فيما يخصّ تجسيد اتفاق المهنيين الشباب والذي يندرج ضمن مشروع تبادل الخبرات، أفادنا السيد غراف أن سويسرا تأسف للتأخير المسجل في تحقيق هذه الاتفاقية وأنها تسعى إلى تفعيلها بما من شأنه أن يعود بالفائدة على الشبان الذين هم في طور التكوين.
وفي مسألة الإعداد لاستقبال اللاجئين والمهاجرين المعرضين للخطر والذين تقطعت بهم السبل في تونس تمّ بعث “منزل الهجرات”، كما عملت سويسرا على ضمان الحماية القانونية والمشورة للمهاجرين مع تدريب الجهات الإنسانية الفاعلة لاستقبال اللاجئين والناجين في جنوب البلاد وذلك بالتنسيق الإنساني في تونس وعلى الحدود.
في الختام، سألنا السيد غراف عما اذا كانت التحولات السياسية و نتائج الانتخابات القادمة ستؤثر على برامج التعاون بين سويسرا و تونس في المرحلة المقبلة، فأفادنا بأن سويسرا تحترم خيارات الشعب التونسي وأن سياسة التعاون بين البلدين هدفها الأساسي هو دعم المسار الديمقراطي والمساهمة في إنجاح هذه المرحلة الانتقالية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.