كاسيس: “يُمكن مناقشة أسئلة دقيقة وصعبة مثل التجسّس بين أصدقاء”
ساعدت محادثات وُصفت بـ "البراغماتية"، وزيارة قام بها رئيس جهاز الإستخبارات السويسرية إلى موسكو، على حلحلة بعض المشاكل الناجمة عن التجسّس الروسي المزعوم في سويسرا، وفقا لوزيري خارجية البلدين.
وعلى إثر مأدبة غداء جمعت وزير الخارجية السويسري إيينياتسيو كاسّيس بنظيره الروسي سيرغي لافروف يوم الأربعاء 28 نوفمبر الجاري على هامش أشغال مؤتمر وزاري عقدته الأمم المتحدة في جنيف حول أفغانستان، بدا الرجلان وهما يوزعان الإبتسامات على ممثلي وسائل الإعلام.
ومثلما كان متوقعا، كانت قضية التجسّس الروسي المزعوم في سويسرا أحد العناصر الرئيسية على جدول أعمال الوفدين، إلى جانب الأوضاع السياسية في كل من أوكرانيا وأفغانستان وسوريا.
وكانت العلاقات بين الدولتين قد توترت بعد الكشف عن سلسلة من المزاعم بخصوص عمليات تجسس من جانب عملاء روس في سويسرا، وهو ما تنفيه موسكو. في الأثناء، تعتقد السلطات السويسرية أن جاسوسيْن روسيّين استهدفا منشأة سويسرية لاختبار الأسلحة الكيميائية يُوجد مقرها خارج العاصمة برن. من جهة أخرى، يحقق مُدّعون أيضا في هجوم إلكتروني تعرضت له مكاتب الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات التي تتخذ من مدينة لوزان مقرا لها.
وفي شهر سبتمبر الماضي، ذكرت صحيفتان سويسريتان أيضاً أن تقريراً استخباراتياً سرياً تم إعداده لصالح الحكومة السويسرية أشار إلى أن واحدا من كل أربعة دبلوماسيين روس يعملون في سويسرا كان جاسوسًا. وقد رفضت روسيا بشكل قاطع الإدعاءات.
أما في جنيف، فقد قال الوزير السويسري إن مشاكل التجسّس قد تم حلها جزئيا. وقال كاسيس للصحفيين: “يُمكن مناقشة أسئلة دقيقة وصعبة مثل التجسّس بين أصدقاء”، وأضاف: “لقد كنا سعداء بملاحظة أنه بعد اجتماعنا في نيويورك، أصبح الوضع أكثر هدوءًا، واتجه نحو التحسّن، وهو ما أنهى التأخير في منح التأشيرات للدبلوماسيين الروس والسويسريين”.
وكان الوزيران قد عقدا من قبل محادثات بشأن ادعاءات التجسس على هامش انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في 25 سبتمبر الماضي.
إضافة إلى ذلك، اتفق كاسيس ولافروف على أن زيارة قام بها جان فيليب غودين، مدير جهاز الإستخبارات السويسري إلى موسكو في بداية شهر نوفمبر الجاري، لإجراء محادثات مع نظرائه الروس، قد ساعدت على نزع فتيل التوترات.
وقال كاسيس إن الزيارة “سمحت له (أي السيد غودين) بإجراء اتصالات مع مسؤولين في جهاز الإستخبارات، ويجب أن تسمح لنا بالتحدث مباشرة معهم عندما تتوفر عناصر لا تحظى بتقديرنا في المستقبل”.
مع ذلك، حافظ وزير الخارجية السويسري على موقف ثابت أمام الكاميرات، مشددا على وجود فرق واضح بين التجسس غير المشروع وجمع المعلومات بصفة قانونية. وصرح أن “سويسرا لا تتسامح مع أنشطة التجسس غير القانونية”، مضيفا أن “أنشطة التجسس من قبل الدبلوماسيين غير مسموح بها سواء تعلق الأمر بروسيا أو ببلدان أخرى، ونحن بحاجة إلى علاقة صحيحة في هذا الصدد”.
التحقيق السويسري
في شهر أكتوبر الماضي، أعطت الحكومة السويسرية الضوء الأخضر لمكتب المدعي العام الفدرالي لفتح تحقيق جنائي ضد روسيين يشتبه في قيامهما بالتجسس على منشأة شبيتس التابعة لوزارة الدفاع بالقرب من برن، والتي تقوم بإجراء تحليلات للأسلحة الكيميائية والبيولوجية.
وفي مارس 2017، فتح مكتب المدعي العام الفدرالي بالفعل تحقيقاً ضد روسيين يشتبه في قيامهما بتنفيذ هجوم إلكتروني ضد مكتب الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات في لوزان.
ويعتقد أن هذين الرجلين كانا جزءًا من مجموعة من أربعة روسيين طردوا من هولندا في أبريل 2018. وقالت السلطات الهولندية إنها عطلت محاولتهم اختراق منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التي تتخذ من لاهاي مقرا لها. ويُزعم أن العملاء الذين احتجزهم الهولنديون وطردوا إلى روسيا كانوا يخططون للسفر إلى مختبر شبيتس الذي تستخدمه منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
وفي إطار أنشطته، يقوم هذا المرفق الذي تديره الحكومة السويسرية بإجراء تحاليل لأسلحة كيماوية وبيولوجية، بما في ذلك غاز الأعصاب المعروف باسم “نوفيتشوك”، الذي تقول المملكة المتحدة إن روسيا استخدمته لمحاولة اغتيال العميل المزدوج السابق سيرغي سكريبال في مارس 2018، وما يُشتبه في أنها غازات سامة تم استخدامها في سوريا.
احتجاجات ونفي للمزاعم
احتجاجا على ذلك، استدعت وزارة الخارجية السويسرية السفير الروسي للمطالبة بـ “وضع حد فوري لأنشطة التجسس فوق الأراضي السويسرية”. وفي سياق المعاملة بالمثل، استدعت وزارة الخارجية الروسية سفير سويسرا في موسكو إيف روسييه في شهر سبتمبر الماضي وطلبت منه تقديم تفسير حول “اتهامات لا أساس لها” بخصوص عمليات تجسس روسية.
في الأثناء، تمسّكت روسيا بالبراءة. ففي الأسبوع الماضي، شجب سفيرها سيرغي غارمونين مجددا الإتهامات السويسرية بالتجسّس وقال إنه يتعيّن بالنظر إلى عدم وجود أدلة وحفاظا على العلاقات بين البلدين، سحب الإتهامات.
وفي التصريحات التي أدلى بها يوم الأربعاء 28 نوفمبر الجاري، قال لافروف إن المحادثات الإحترافية والبراغماتية هي السبيل الوحيد لحل المشاكل”، لكنه شدد على أن “الكثير من الدول تتهم روسيا بكل أنواع الأخطاء، ولكن بدون حقائق، ودائما مع نفس مقاربة “المُحتمل للغاية ” لتيريزا ماي (في إشارة للتعليقات التي صدرت عن رئيسة الوزراء البريطانية في أعقاب محاولة تسميم سكريبال)”.
لافروف قال أيضا: “علمنا من وسائل الإعلام أن سويسرا لديها انشغالات بشأن الأنشطة الروسية”، وتابع: “لقد اندهشنا جدا بالنظر إلى وجود تقليد المحادثات الودية (بين الطرفين).. لكن الحكومة السويسرية لم تطلب أي توضيحات من الحكومة الروسية [حول التجسس]. ربما شارك شخص ما من الحكومة السويسرية هذه المعلومات ببساطة مع الصحافة. لم يكونوا يبحثون عن أي نوع من التوضيح لكنهم أرادوا فقط نشر فضيحة في الصحافة “.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.