كيف تُحاول الدول القضاء تدريجيا على عقوبة الإعدام في العالم
في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر الماضي، تمكنت سويسرا ودول أخرى، من التوصل إلى قرار مناهض لعقوبة الإعدام، وذلك في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. فعلى مدى العقد المنصرم، أبدت الدولة الصغيرة التي تشقها سلسلة جبال الألب معارضتها الشديدة لعقوبة الإعدام، والتي شهد تطبيقها في الدول الأخرى انخفاضاً بطيئاً.
وفي الوقت الذي يتهم النقاد سويسرا بتراجع اهتمامها بشؤون حقوق الإنسان، لا سيّما منذ تولي إينياتسيو كاسيس منصب رئيس وزير الخارجية في الحكومة الفدرالية في 1 نوفمبر 2017، فقد واصلت البلاد التزامها القوي بإلغاء عقوبة الإعدامرابط خارجي والاستمرار في جعل هذه القضية على رأس جدول أعمالها الدولية.
وصرّح سفير سويسرا لدى الأمم المتحدة في جنيف فالنتين زيلفيغر، أمام المجلسرابط خارجي الذي اختتم دورته الثانية والأربعين يوم الجمعة 27 سبتمبر الماضي: “إن سويسرا تعرب عن استنكارها الشديد إزاء واقع المجتمع الدولي، الذي شهد عام 2019 عمليات إعدام جماعية وعمليات إعدام لقاصرين”.
وفي كلمته، حثّ الدبلوماسي السويسري الدول العشر التي سجّلت أكبر أعداد إجمالية من حالات الإعدام – وهي الصين وإيران والسعودية وفيتنام والعراق ومصر والولايات المتحدة واليابان وباكستان وسنغافورة – على إلغاء عقوبة الإعدام أو تعليق تنفيذها.
انخفاض عالمي، وارتفاع في الحالات الفردية
ووفقاً لأحدث تقرير صادر عن منظمة العفو الدولية حول عقوبة الإعدام المسجّلة لعام 2018رابط خارجي ، فإنه لا يُمكن اعتبار موقف كل هذه البلدان، إزاء هذه القضية، متطابق أو متشابه بشكل تام.
فقد أشار التقرير إلى أنه “بشكل عام، انخفض إجمالي عدد حالات الإعدام المسجلة بأكثر من 30% [بين عامي 2018 و2017]. ويعزى ذلك بشكل رئيسي إلى الانخفاضات الحادة التي شهدتها بعض البلدان التي تطبّق هذه العقوبة أكثر من غيرها، مثل العراق وإيران وباكستان والصومال”.
لكن منظمة العفو الدولية لاحظت حدوث انتكاسات، فبحسب ما جاء في التقرير: ” قامت تايلاند بتنفيذ عملية إعدام لأول مرة منذ عام 2009. كما أفادت عدة دول أخرى عن زيادة في إجمالي عدد حالات الإعدام المسجّلة خلال العام، ومنها روسيا البيضاء والولايات المتحدة واليابان وسنغافورة وجنوب السودان”.
وقالت المنظمة غير الحكومية إن هناك زيادة كبيرة في أعداد أحكام الإعدام الصادرة بحق المواطنين في دول أخرى مثل مصر والعراق.
وتشير بعض الإحصاءات القليلة التي نشرتها السلطات الفيتنامية، إلى أن فيتنام قامت بتطبيق عقوبة الإعدام على نطاق واسع. أما في الصين، فلا يزال تطبيق عقوبة الإعدام محاطاً بالسرّية. إلا أن منظمة العفو الدولية تعتقد أن البلاد تواصل إدانة وإعدام الآلاف من الناس.
قرار ناجح
لم يكن مفاجئاً أن تسعى بعض الدول التي تطبّق عقوبة الإعدام إلى إضعاف قرار مجلس حقوق الإنسان المتعلّق بهذه العقوبة، وذلك من خلال محاولة إجراء تعديلات عليه أو بالتصويت ضده يوم الجمعة27 سبتمبر الماضي. ولكن في نهاية المطاف، تمّ تبني هذا القرار الذي شاركت سويسرا في رعايته، من قبل 26 دولة، رغم معارضة 14دولة وامتناع 6 دول عن التصويت.
#HRC42رابط خارجي Council adopts with 26Y, 14N, 6Abst. res. on the question of the #DeathPenaltyرابط خارجي & stresses that under no circumstances can the death penalty ever be applied as sanction against specific forms of conduct such as #adulteryرابط خارجي, #blasphemyرابط خارجي, #homosexualityرابط خارجي, #apostasyرابط خارجي…@UNGenevaرابط خارجي pic.twitter.com/KZ3PK3l8Vfرابط خارجي
— HRC SECRETARIAT (@UN_HRC) September 27, 2019رابط خارجي
ورحبت هيلاري باور، ممثلة منظمة العفو الدولية في المقر الوروبي للأمم المتحدة في جنيف، بنتيجة التصويت وشددت على الزخم الإيجابي المستمر لإلغاء عقوبة الإعدام. لكنها أضافت: “إننا نشعر بالقلق إزاء احتمال استئناف عمليات الإعدام في سريلانكا وإزاء إمكانية إعادة تطبيق عقوبة الإعدام في الفلبين”.
وإضافة إلى هذا القرار الذي تم اعتماده، قرر المجلس أيضاً أن تتناول حلقة النقاش الرفيعة المستوى المقبلة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والتي تُعقد كل عامين، في دورته السادسة والأربعين، انتهاكات حقوق الإنسان المتعلقة بتنفيذ عقوبة الإعدام، والبحث بوجه خاص فيما إذا كان لتطبيق عقوبة الإعدام أثر رادع على معدل الجريمة. كما طلب المجلس أيضاً من المفوضية السامية لحقوق الإنسان إعداد تقرير موجز عن حلقة النقاش المزمع عقدها، وتقديمه إلى مجلس حقوق الإنسان في دورته الـثامنة والأربعين.
برنامج طويل الأجل
ما هو الغرض الفعلي من قرار من هذا القبيل؟ يتم تقديم مشروع قرار للبحث كل عامين، وهو يتناول انتهاكات حقوق الإنسان الناجمة عن تشريع عقوبة الإعدام عندما يستهدف، على سبيل المثال، المثليين أو القصّر أو الأقليات العرقية. ولا يهدف القرار مباشرة إلى إلغاء عقوبة الإعدام أو الدعوة إلى تعليق العمل بها مؤقتاً، لأنه قرار تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة. ولكنه ببساطة مجرد محاولة لتشجيع البلدان التي لا تزال عقوبة الإعدام سارية فيها على الحد من نطاق تطبيقها.
فعلى سبيل المثال، تخلت إيران عن عقوبة الإعدام في قضايا المخدرات، مما أدى إلى انخفاض حاد في عدد عمليات الإعدام التي تم تنفيذها في هذا البلد سنة 2018.
عموما، يُعدّ القرار الذي تمت المصادقة عليه، جزءاً من خطة عمل تم وضعها من قِبَل وزارة الخارجية السويسرية قبل عقد من الزمن، ثم تم تجديدها لعامي 2017 – 2019، بهدف العمل على إلغاء عقوبة الإعدام عالمياًرابط خارجي. وتتضمن إستراتيجية هذه الخطة قنوات شتى ومناهج مختلفة، بدعم من ائتلاف مخصص للمنظمات غير الحكوميةرابط خارجي. وفي الماضي، تم اتباع استراتيجية مماثلة من طرف برن حينما تعلق الأمر باعتماد معاهدة أوتاوا لحظر الألغام الأرضية عام 1997.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.