سويسرا تعرض أولوياتها لإصلاح الأمم المتحدة
قام سفير سويسرا لدى الأمم المتحدة بنيويورك بعرض أولويات بلده لعام 2018 التي تشمل الأجندة الإصلاحية للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والهجرة العالمية وكذلك أجندة 2030 للتنمية المستدامة ولتوطيد السلام.
“تعد الأجندة الإصلاحية للأمين العام غوتيريش من أهم المحاور التي تشغل بعثتنا في الأمم المتحدة على مدى العام أكثر من أي موضوع آخر”، كما يوضح يورغ لاوبر، سفير سويسرا في الأمم المتحدة بنيويورك أثناء لقاءه جمعه بإعلاميين سويسريين مؤخرا في نيويورك.
يسعى غوتيريش لتحديث الأمم المتحدة كي تواكب تحديات القرن الواحد والعشرين. ومنها مهمته التي تسعى للمساواة بين الجنسين داخل المنظمة. وفي الأشهر الأخيرة قام بالتوجيه لإعداد التقارير الأولى التي توضح الكيفية التي يريد بها توجيه نظام تطوير الأمم المتحدة بطريقة جديدة، وكذلك إصلاح مجال السلام والأمن وتقوية الإدارة وتشديدها. وفي أثناء العام سوف يتم اتخاذ القرارات الأولى الملموسة في هذا الشأن.
تحالف الهجرة
في سبتمبر 2016 عقدت الدول الـ 193 الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقاً سياسياً غير ملزم قانونياً أطلق عليه اسم “إعلان نيويورك”، والذي يضمن صيانة الحقوق الإنسانية للاجئين والمهاجرين ويؤكد على الاعتراف بضرورة تطبيق منهج شامل في التعامل مع الهجرة العالمية.
وبعد مشاورات منفصلة أجريت عام 2017 ستجرى هذا العام مباحثات تتناول احتياجات ما يقارب من 258 مليون مهاجر. وسيتم اختتام هذه المباحثات بالقبول الشكلي لاستراتيجية عالمية وهذا أثناء انعقاد مؤتمر بهذا الشأن في المغرب في ديسمبر القادم.
وتقوم كل من سويسرا والمكسيك بالمشاركة في تسهيل عملية إعداد التحالف العالمي من أجل هجرة آمنة ومنظمة ومنتظمة. وللقيام بهذا الدور فإنهما تقودان المشاورات والمباحثات بين الدول.
من بين المحاور الأخرى الهامة بالنسبة لـ البعثة السويسرية بالأمم المتحدةرابط خارجي بنيويورك ما يُعرف بـ تحالف الهجرة العالميةرابط خارجي، الذي سيتم إقراره في المغرب بحلول ديسمبر القادم. يستند هذا التحالف إلى إعلان نيويورك 2016رابط خارجي، والذي أقرت فيه الدول الـ 193 الأعضاء بالأمم المتحدة عدة نقاط من بينها الحفاظ على حقوق الإنسان للاجئين والمهاجرين، وكذلك الاعتراف بضرورة وضع منهج شامل للتعامل مع الهجرة وهذا “لأول مرة في تاريخ الأمم المتحدة”، كما يؤكد السفير يورغ لاوبر.
بعد عام من التحضيرات تحت اشراف السفير يورغ لاوبر وزميله المكسيكي واللذين يقومان بمهمة المشاركة في تيسير العملية، سوف تُقدم مطلع فبراير القادم خطة أولية (أو كما تسمى في مصطلحات الأمم المتحدة بـ Zero Draft) للجمعية العامة للأمم المتحدة، ثم تنطلق بعدها المباحثات الفعلية. “نأمل أن نختتم هذا الأمر قبل عطلة الصيف، حتى نتمكن من التوقيع على ذلك التحالف في ديسمبر بمراكش”، على حد قول لاوبر.
السلام والأمن
في مجال السلام والأمن، يهدف الأمين العام للأمم المتحدة إلى القضاء على التشرذم الحالي وتحسين الهياكل، وهذا كي تتحقق استمرارية أقوى في البحث عن حل للنزاعات، وفي تنفيذ مهام حفظ السلام وفي مواجهة الأسباب الرئيسية للنزاعات وكذلك في مجال ما بعد الحروب، كما أنه يولي أهمية أكبر للنواحي الاقتصادية والاجتماعية أثناء ذلك كله.
ومن المقرر أن تقوم إحدى الاجتماعات رفيعة المستوى للجمعية العامة التي ستنعقد في شهر أبريلالمقبل تحت عنوان “حفظ السلامرابط خارجي” بتناول هذه المسائل.
أما أهم محاور السياسة الأمنية فتظل هذا العام أيضاً متمثلة في الوضع في شبه الجزيرة الكورية، والتنمية في الشرق الأوسط وفي العديد من الدول الأفريقية، حيث توجد أكثر من نصف قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام. وفيما يتعلق بالوضع في شبه الجزيرة الكورية يذكر لاوبر أن سويسرا قد عرضت على جميع الأطراف مساعيها الحميدة. وحتى الآن لم يُوجّه لها أي طرف الدعوة للقيام بأي عملٍ محدد.
حقوق ذوي الإعاقة
تعد اللجنة الأممية لحقوق ذوي الإعاقة هيئة مستقلة تضم مجموعة من الخبراء وتتمثل مهمتهم في الإشراف على تنفيذ الالتزامات المنبثقة عن اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق ذوي الإعاقة. وتنعقد هذه اللجنة عادة مرتين سنوياً في جنيف.
تتكون اللجنة من 18 عضواً، يتم انتخابهم لمدة أربعة سنوات لشغل ذلك المنصب. وتُجرى الانتخابات كل عامين، حيث يتم الإعلان عن شغل تسع مقاعد جديدة. وقد تقدمت سويسرا بترشيح د. ماركوس شيفر، أستاذ القانون بجامعة بازل، لخوض انتخابات يونيو 2018.
الأشخاص ذوي الإعاقة
ومن وجهة نظر سويسرية يعد أحد المحاور الهامة الانتخابات المزمع عقدها في اللجنة الأممية لحقوق ذوي الإعاقة.رابط خارجي حيث سيتم انتخاب تسع أعضاء جدد من إجمالي ثمانية عشرة عضواً. وقد تقدمت سويسرا بترشيح القانوني والخبير بمجال حقوق الإنسان ماركوس شيفررابط خارجي، الأستاذ بجامعة بازل. ويبلغ إجمالي عدد المرشحين 17 مرشحاً لشغل تسعة مقاعد.
وتشرف هذه اللجنة على تنفيذ التزامات اتفاقية الأمم المتحدةرابط خارجي بشأن حقوق ذوي الإعاقة. وقد صادقت سويسرا على هذه الاتفاقية عام 2014. وبانضمامها تلتزم سويسرا بالقضاء على المعوقات التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة، وحمايتهم من التمييز ودعم دمجهم ومساواتهم داخل المجتمع.
وهناك مجال آخر له أهمية كبرى بالنسبة لسويسرا، وهو مجلس حقوق الإنسانرابط خارجي المثير للجدل كما كان دائماً، ومقره جنيف. فبعد أن هددت الولايات المتحدة الأمريكية لمدة طويلة بانسحابها منه، إلا أنه يبدو أنها تدفع الآن في المقام الأول باتجاه إصلاحات جديدة، وذلك طبقاً لبيانات البعثة السويسرية.
فالولايات المتحدة توجه النقد بالأساس إلى وجود بعض الدول في المجلس والتي ليس لديها الحق في الحصول على مقعد بهذا المجلس نظراً لوضع حقوق الإنسان بها. كذلك فإن الولايات المتحدة ترى أن إسرائيل قد أصبحت موضوعاً شائكاً أيضاً داخل هذا المجلس. وتشتمل أجندة الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 2021 على مراجعة للتوصيات التي يستند إليها مجلس حقوق الإنسان.
تطبيق أجندة 2030
ومن أجل أن تتمكن الأمم المتحدة من تطبيق الأجندة الطموحة 2030 للتنمية المستدامةرابط خارجي بأهدافها السبعة عشر، يتحتم على تلك المنظمة العالمية تعديل هياكلها بصورة واضحة في مجال التنمية، وذلك بسبب وجود الكثير من الطرق المتوازية مما يعيق الكفاءة ويتكلف الكثير. وقد قام غوتيريش في الصيف الماضي بتقديم تقرير اشتمل على أفكار حول تعديل الهياكل في النظامرابط خارجي بأكمله.
تعد مسألة، من سيتولى أي مهمة في مجال نظام التنمية وبأي كيفية سيقوم بها، من المسائل الهامة كذلك لسويسرا. ذلك أن سويسرا تعتبر واحدة من أكبر الداعمين العشر لاثنتي عشرة منظمة من المنظمات الأممية ذات الأولوية الخاصة ومنها منظمة الأمم المتحدة للمرأة (UN WOMEN) وبرنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة فيروس نقص المناعة البشرية/ إيدز (UNAIDS) وبرنامج الأمم المتحدة للتطوير (UNDP) وصندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA) والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (UNICEF) و منظمة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (UNRWA) وبرنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة (WFP)، مما يعطي لسويسرا ثقلاً خاصاً في المباحثات المزمع عقدها.
في الواقع، تعتبر تحديات أجندة 2030 هائلة، وذلك ليس فقط فيما يتعلق بالتمويل، إذ تكون الحلول الإبتكارية ضرورية، حينما يريد المرء رؤية نجاحات تتحقق. وفي شهر أبريل سيتناول أحد الاجتماعات في إطار الأمم المتحدة موضوع “تمويل التنميةرابط خارجي“. وطبقاً لبيانات البعثة السويسرية فإن هناك جهود تبذل في هذا المجال، حتى في القطاع الخاص. فبدونه لن يتم شيء، إذا ما أريد تطبيق أجندة 2030 بصورة ناجحة.
كذلك من المقرر عقد لقاء في يوليو المقبل لـ المنتدى السياسي رفيع المستوىرابط خارجي للتنمية المستدامة والمسئول عن الإشراف على تطبيق أجندة 2030. حيث ستقوم 48 دولة بينها سويسرا بتقديم بيانات حول النهج الذي تنتهجه لتطبيق هذه الأجندة والمدى الذي وصلت إليه حتى الآن. وقد أقرت سويسرا في هذا الشأن استراتيجية وطنية للتنمية المستدامة.
أما مسألة موعد زيارة وزير الخارجية السويسري الجديد للأمم المتحدة بنيويورك لأول مرة، فلا زالت غير محددة. وعلى الأرجح سيكون ذلك بهدف المشاركة في المباحثات العامة في سبتمبر القادم وقد تكون كذلك في أبريل المقبل للمشاركة في اللقاء رفيع المستوى حول حفظ السلام.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.