ترامب يحتاج إلى مساعدة سويسرية في قضية إيران
على عجل، توجه الرئيس السويسري أولي ماورر اليوم إلى واشنطن بدعوة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ما وراء هذه الدعوة المفاجئة؟ هنا محاولة لتفسير الأمر.
كل الدلائل تشير إلى أن في الأمر ضرورة طارئ، فقد غادر أولي ماورر في وقت مبكر اليوم الخميس 16 مايو إلى واشنطن للقاء نظيره دونالد ترامب، وسيكون اللقاء في مكتبه في البيت الأبيض، وهذا بحد ذاته أمرٌ غير اعتيادي، فذلك هو مكان عمل ترامب الذي لم يدس سجادته رئيس سويسري قط.
لم العجلة، وما هي المصالح المشتركة؟
تلعب سويسرا دور “قوة الحماية” لمصلحة الولايات المتحدة الأمريكية في علاقاتها مع إيران، فقد قطعت واشنطن منذ 1980 جميع العلاقات الدبلوماسية مع طهران، وعاد الرئيس الأمريكي ترامب وصعّد في الوضع في الأسابيع الأخيرة، ففرض علي إيران عقوبات جديدة (في مجال التعدين وصناعة الفولاذ)، وأكد على المطالب المعهودة (فيما يتعلق ببرنامج إيران النووي، ودورها في سوريا واليمن وإسرائيل)، بالإضافة إلى التهديدات المفتوحة (مثل إرسال حاملات طائرات وسرب من قاذفات القنابل إلى الخليج الفارسي)، كل ذلك من أجل إجبار إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات.
وعلى الرغم من هذا السيل من التهديدات فقد أعلن ترامب يوم الخميس المنصرم 9 مايو عن كونه “منفتحاً على المحادثات”.
وذكرت قناة السي إن إن الإخبارية أن البيت الأبيض قد اتصل بسويسرا، ووفقاً للتقرير، أعطت الولايات المتحدة برن رقم هاتف يسمح للإيرانيين بالتواصل مع ترامب.
لكن إيران لم تتصل به
بالأمس، كتب دونالد ترامب على تويتر أنه متأكد من أن إيران “سترغب قريبًا بالحديث”. وفي الوقت نفسه تقريباً، كشف الرئيس السويسري ماورر للحكومة الفدرالية عن توجهه إلى واشنطن في صباح اليوم التالي.
ربما يرغب ترامب في أن تكون سويسرا أكثر نشاطاً فيما يتعلّق بالقضية الإيرانية. فإلى حدّ الآن اقتصر دورها على صندوق البريد أو المحول في أحسن الأحوال، ولا يدخل ابلاغ أرقام الهواتف في نطاق هذه المهمة، فمن الممكن أن تكون إيران قد أحضرت رقم هاتف ترامب بنفسها.
….Different opinions are expressed and I make a decisive and final decision – it is a very simple process. All sides, views, and policies are covered. I’m sure that Iran will want to talk soon.
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) 15. Mai 2019رابط خارجي
فالسؤال الذي يطرح نفسه بالنسبة لسويسرا، إذا ما كانت ترغب هي بالتحول من صندوق إلى ساعي بريد، أو حتى إلى وسيط بين البلدين. علماً أنّه يبقى موضع شكّ أيضاً إذا ما كان ذلك يتوافق مع اتفاقية “قوة الحماية”. بالإضافة إلى ذلك ستكون سويسرا مكتفة الأيدي، حتى في دور الوسيط، طالما تتجاهل إيران مبادرات المحادثة الأمريكية. فالوساطة تتطلب صبراً أكبر من ذلك الذي يمكن ملاحظته حاليًا في قضية إيران مع دونالد ترامب. ومع ذلك، فإن وساطة كهذه في الصراع الأكثر خطورة وإلحاحًا في حاضر سويسرا كوسيطةرابط خارجي سيكون انجازاً كبيراً لها.
في فنزويلا تواجه الولايات المتحدة وسويسرا وضعاً مماثلا، فسويسرا تلعب دور “قوة الحماية” لمصالح الولايات المتحدة الأمريكية في أزمة أمريكا اللاتينية منذ أبريل 2019، وحتى الآن لا يرغب نظام نيكولاس مادورو حتى بأخذ علم بذلك.
وعلى ذلك لا تمتلك الولايات المتحدة الأمريكية أية فرصة للدخول في حوار مع فنزويلا على طريق دبلوماسية، لكن سويسرا تبقى مقيدة الأيدي، على الأقل فيما يتعلق بحل مؤقت.
أصبحت سويسرا مركزًا مهمًا في أوروبا للصين، الدولة ذات الاقتصاد سريع النمو، وذلك بفضل علاقاتها التجارية الوثيقة والمضمونة بشكل جيد. فالعلاقات الجيدة مع سويسرا لا تخدم الصين فقط نظرياً في خطتها الاقتصادية الجديدة ولكنها تمثل أيضًا بالنسبة لها بوابة إلى أوروبا.
لا بدّ أن ذلك يشكل حقيقة مؤلمة بالنسبة لدونالد ترامب، الذي صّعد حديثاً، في الأيام الأخيرة، حربه التجارية مع الصين، لذلك ليس من المستبعد أن يضع ترامب سويسرا أمام احتمالين وهما: إما أن تبرم معاهدات تجارية حرة مع الولايات المتحدة أو مع الصين؟
على الأقل من وجهة نظر سويسرية، ستشمل المحادثات اليوم العلاقات الاقتصادية بين البلدين للوصول إلى اتفاقية تجارة حرة، ذلك بعد أن تم تجميد المحادثات الأولى في هذا السياق سنة 2006، وكان ذلك تجاوباً مع مطالب المزارعين السويسريين، وفي 2018 بدأت سويسرا بأخذ المبادرة من جديد للوصول إلى معاهدة تجارة حرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، حيث جرت محادثات لجسّ النبض على المستوى الدبلوماسي وأخرى لتأكيد حسن النية على المستوى الوزاري.
من الطرف السويسري، تهتمّ وزيرة الدولة ماري غابرييل إنيشن فليشب بهذا الملف. وهي اليوم ترافق الرئيس السويسري أولي ماورر في زيارته المفاجئة. إذا ما طلب الرئيس الأمريكي صياغة اتفاقية تجارة حرة، سيكون ذلك بمثابة تقدم كبير لسويسرا حتّى وإن بقيت الصناعة الزراعية المحلية تشكل عقبة رئيسية للتوصّل بالفعل إلى معاهدة من هذا النوع.
إن فرص سويسرا كبيرة، ولكن المخاطر أيضاً لا تقل حجماً: كل هذا يتوقف على فهم دونالد ترامب لبلد صغير محايد يحب القيام بالأشياء على طريقته الخاصة ولصالحه.
(ترجمه من الألمانية وعالجه: ثائر السعدي)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.