ما مدى جدية المصارف السويسرية في التحقق من مصدر أموال عملائها “الحسّاسين”؟
فتحت محكمة في كانتون جنيف تحقيقًا للاشتباه في تورط ملك إسبانيا الأسبق خوان كارلوس الأول في غسيل أموال بقيمة 100 مليون دولار مودعة في حساب بمصرف خاص في جنيف. هذا التحقيق "للاشتباه في غسل الأموال " يثير الجدل مجدداً حول جدية المصارف السويسرية في التحقق من مصدر أموال عملائها "الحساسين"؟
هل لدى الملك الفخري خوان كارلوس حساب غير معلن في سويسرا؟
يوم 4 مارس الجاري، كشفت صحيفتا “24 ساعة” و “تريبون دو جنيف” أن المدعي العام في جنيف إيف بيرتوسا فتح تحقيقاً في عام 2018 في تبرّع مؤسسة لوكوم، التي يُوجد مقرها في بنما، بنحو 65 مليون دولار إلى امرأة تدعى كورينا كورينا زو ساين – فيتغنشتاين (أو كورينا لارسن) وذلك عبر مصرف ميرابو الخاص.
هذا التبرع، الذي تم في عام 2012، مثير للجدل لأن العاهل الاسباني السابق هو المستفيد الوحيد من حساب المؤسسة. وتفيد تقارير أن المستفيدة من هذا التبرع هي كورينا لارسن، سيدة الأعمال ذات الأصول الدنماركية والصديقة السابقة للملك الأسبق خوان كارلوس.
ما سبب الجدل حول هذه الأموال؟ هل يحظر على الملك السابق تلقي التبرعات أو التبرع بأموال؟
وفقا للقانون، يتعيّن على المصارف السويسرية تطبيق إجراءات صارمة للتأكد من أن المعاملات المالية لعملائها الأثرياء قانونية. بالإضافة إلى ذلك، هناك بروتوكولات خاصة للسياسيين، يكشفون فيها عن مصدر ثروتهم.
في هذه القضية تحديداً، لفتت هذه الأموال انتباه إيف بيرتوسّا، المدعي العام لكانتون جنيف لأن هذه الملايين لم يتم تحويلها من حساب مصرفي أسباني للملك الإسباني خوان كارلوس الأول، ولكن من حساب مؤسسة، يُوجد مقرها في بنما، تبلغ قيمة أصولها 100 مليون دولار وهي أموال تبرّع بها ملك السعودية الراحل عبد الله بن عبد العزيز.
لماذا تلقى ملك إسبانيا هدية بهذا الحجم من المملكة العربية السعودية؟
يحقق المدعي العام إيف بيرتوسا فيما إذا كانت الأموال مرتبطة ببناء شركات إسبانية لخط قطار فائق السرعة الرابط بين المدينة المنورة ومكة المكرمة. وتوجد شكوك من أن شركات إسبانية تمكنت من الحصول على هذا الامتياز بفضل توسط ملك إسبانيا السابق.
أساس هذه الفرضية يعود إلى تسجيل سري، اعترفت فيه الصديقة السابقة للملك كورينا لارسن بهذه التفاصيل. ووفق المحقق الإسباني السابق خوسيه مانويل فيلاريغو. فإن خوان كارلوس الأول تلقى مكافأة ماليًة مقابل توسطه لصالح شركات إسبانية وتمكن من تحويل هذه الأموال إلى حسابات في الخارج عبر وسطاء.
لماذا تلقت كورينا لارسن “هدية” بهذا السخاء من خوان كارلوس الأول؟
أكد محامو كورينا لارسن أن الأموال قانونية ونفوا وجود أي صلة لبناء خط القطار السريع في المملكة العربية السعودية بهذه الأموال، وفقًا لما جاء في صحيفة “إلباييس” الإسبانية.
وقال روبن راثميل، محامي كورينا لارسن، للصحيفة الإسبانية اليومية إن موكلته تلقت “هدية” من الملك السابق “الذي يُكنّ الود لها ولابنها”.
ووفقًا لخبراء قانونيين، استطاعت المصارف السويسرية التأكد من دقة البيانات.
ما هي إجراءات الثبت المعقولة التي يجب على المصارف اتباعها للتأكد من عملائها؟
وفقا للقانون الحالي، يجب أن تلتزم المصارف السويسرية بعدد من المعايير عند بدء أو مواصلة التعامل مع عملائها من أجل الحد من مخاطر غسل الأموال. ويتعيّن عليها أولاً:
– التحقق من هوية العميل بالمستندات والمعلومات الموثقة.
– تحديد المستفيد النهائي من الحساب المصرفي أو من المعاملات البنكية الضخمة واتخاذ خطوات للتحقق من هويتهم.
– طلب معلومات إضافية في حالة وجود شكوك.
– التأكد من أن المعاملات تتناسب مع نشاط العميل وملفه الشخصي مع مرور الوقت.
إذا كانت المؤسسة المالية غير قادرة على الامتثال لهذه المتطلبات، فيجب عليها الامتناع عن فتح حساب أو إجراء معاملة مالية، والإبلاغ عن شكوكها – بشأن العملاء و / أو المعاملات – إلى السلطات المالية السويسرية.
في الواقع، أحرز القطاع المصرفي السويسري تقدمًا كبيرًا، خاصةً منذ إلغاء السرية المصرفية، لكنه ما يزال يُعاني من تداعيات عمليات التعتيم التي تم الكشف عنها خلال العقدين الأخيرين.
من هم الأشخاص “المكشوفون سياسيا”؟
الأشخاص المكشوفون سياسياً هم الأشخاص الذين يمارسون أو مارسوا مسؤوليات عامة رفيعة المستوى في بلد ما. ويُعتبر المسؤولون في المنظمات الرياضية الدولية أشخاصًا مكشوفين سياسيًا أيضا.
كما تشمل هذه الفئة أيضًا أقاربهم والزملاء المقربين منهم.
المزيد
تحقيق بشأن أموال خفية محتملة لخوان كارلوس في جنيف
(نقلته إلى العربية وعالجته: مي المهدي)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.