“من يُجيد الحساب، سيدعم تأمين الشيخوخة”
زيادة معاشات التقاعد بنسبة 10%، مثلما تقترح المبادرة الشعبية "زيادة تأمين الشيخوخة"، خطوة قابلة للتمويل. هذه هي قناعة فانيا آليفا، رئيسة نقابة العمال السويسرية "Unia"، والتي تعتقد أن الموافقة على هذه المبادرة سيؤدي إلى تدعيم تأمين الشيخوخة والأيتام القُصّر، كأكثر أركان نظام المعاشات السويسري "ثباتاً وعدالة وملائمة".
بقلم: فانيا آليفا، رئيسة نقابة العمال السويسرية “أونيا”
سلسلة “وجهات نظر”
تستضيف swissinfo.ch من حين لآخر بعض المُساهمات الخارجية المختارة. وسوف ننشر بانتظام نصوصا مُختارة لخبراء وصانعي قرار ومراقبين متميّزين، لتقديم وجهات نظر تتسم بالعمق والجدّة والطرافة حول سويسرا أو بعض القضايا المثيرة ذات العلاقة بهذا البلد. ويبقى الهدف في نهاية المطاف تفعيل الحوار ومزيد إثراء النقاش العام.
يوم 25 سبتمبر 2016، سيتحدد مستقبل تأمين الشيخوخة الخاص بنا. فالوضع مأساوي: ذلك أن صناديق التقاعد تخفِّض المعاشات المستحقة عن التأمين الإختياري (الركن الثاني) سنة بعد أخرى. والأغلبية اليمينية في البرلمان تسعى من خلال مبادرة “التقاعد 2020” إلى تخفيض حاد في معاشات التقاعد، بل ورفع سن التقاعد إلى 67 للجميع ـ لهذا ليس من الغريب أن تتحدث وسائل الإعلام بالفعل عن “مذبحة معاشات التقاعد”.
وتسعى المبادرة الشعبية التي تحمل عنوان “زيادة معاش الشيخوخة” (AHVPlus) إلى إيقاف هذا الخفض لمعاشات التقاعد. ذلك أن هذه المبادرة ستؤدي إلى زيادة معاشات الشيخوخة بنسبة 10%. ويعني هذا زيادة قدرها في المتوسط 200 فرنك سويسري في الشهر للعُزَّب، و350 فرنك سويسري للمتزوجين. وهناك حاجة ملحة جداً لهذا، ذلك أن معاشات التقاعد لا تتناسب بأي حال مع نمو الرواتب، وهذا منذ زمن طويل. في ذات الوقت تتزايد أقساط التأمين الصحي وتكاليف العلاج بدون توقف. ونحن نقول: إن من مارس عملاً طوال حياته، له الحق في معاش تقاعد آمن ومحترم.
تمويل مبادرة “AHVPlus” أمر ممكن
إن هذه الزيادة التي تقترحها المبادرة الشعبية تبلغ حوالي أربعة مليارات فرنك، وفي الإمكان تمويلها. إننا جميعاً ندفع تأمين تقاعدنا عن طريق خصومات من رواتبنا. وزيادة ضئيلة في هذه المبالغ المخصومة من الرواتب قدرها 0.4% سواء للعاملين أو أصحاب العمل ستكفي كي يتم تمويل زيادة تأمين الشيخوخة. فبالنسبة للموظف الذي يتقاضى راتبا إجماليا قدره 5000 فرنك سويسري سوف تبلغ هذه الزيادة 20 فرنكاً في الشهر فقط. وفي مقابلها، سيحصل بعد تقاعده على زيادة في معاشات التقاعد قدرها 200 فرنك شهرياً.
وللمقارنة: في صناديق التقاعد، يجب إدخار مبلغ 40.000 فرنك سويسري، كي يحصل المرء لاحقاً على زيادة في المعاش قدرها 200 فرنك شهرياً. أما الإدخار الخاص فيما يسمى بالركن الثالث، فهو أكثر غلاءاً ويشكل خياراً لأصحاب الدخول العالية فقط. هذا يوضح أن من يجيد الحساب، سوف يدعم تأمين الشيخوخة!
فمبادرة زيادة تأمين الشيخوخة تساند هذا التأمين كأكثر أركان تأمين الشيخوخة ثباتاً وعدالة وملائمة. فتأمين الشيخوخة ثابت، لأن الإشتراكات المدفوعة في نظام التأمين يتم دفعها بصورة مباشرة كمعاش للتقاعد. فعلى العكس من صناديق التقاعد، لا يتعرض تأمين الشيخوخة لتأرجح الفوائد والمضاربات في أسواق المال.
وتأمين الشيخوخة عادل لأنه يُموَّل بنظام التضامن: فشديدو الثراء أيضاً يدفعون على كامل دخلهم إشتراكات في التأمين، إلا أنهم يحصلون مثلهم مثل الآخرين على الحد الأقصى من معاشات التقاعد، والذي يبلغ 2350 فرنك سويسري. وفكرة التضامن الأساسية هذه قد جعلت من تأمين الشيخوخة مؤسسة اجتماعية مركزية قوية في بلدنا.
كذلك يتميز تأمين الشيخوخة بأنه ملائم: فبفضل نظام التمويل العبقري الذي يراعي نمو الرواتب والطاقة الإنتاجية، لم يكن هناك حاجة لرفع الإشتراكات منذ أكثر من أربعين عاماً، برغم زيادة عدد أصحاب المعاشات إلى أكثر من الضعف. ودائماً ما يتم تسديد معاشات التقاعد بدون مشكلات، كما يتوفر لدى تأمين الشيخوخة فائض يقدر بحوالي 44 مليار فرنك سويسري.
صفقة جيدة للسيدات والشباب
ستستفيد السيدات بصفة خاصة من مبادرة زيادة تأمين التقاعد، ذلك أن معاش التقاعد يمثل لأكثر من 40% من السيدات الدخل الوحيد في شيخوختهم ـ فهن يعتمدن وجودياً على معاش التقاعد الجيد. أما النساء المشتركات في صناديق التقاعد، فإنهن يتقاضين في المتوسط نصف ما يتقاضاه الرجال من معاشات. والسبب وراء هذا يرجع إلى الثغرات في الإشتراكات بسبب عدم المساواة في الرواتب بين الرجال والنساء، أو إجازات رعاية الطفل التي تمنح للسيدات، أو عملهن بدوام جزئي. أما تأمين التقاعد (الإجباري) فهو يراعي عمل المرأة في التربية والإشراف. لذا فإن معاشات التقاعد للرجال والسيدات فيه تصبح في المتوسط متساوية تقريباً.
كذلك تعد مبادرة زيادة التقاعد صفقة جيدة للجيل الشاب. فالكثير من الشباب يعمل بعد دراسته أولاً في أعمال تدريبية أو وظائف صغيرة برواتب متدنية. لهذا فلا يمكنهم دفع أي شيء لصناديق التقاعد. ويكون إنشاء ركن تأميني ثانٍ لهم أمراً باهظاً جداً، بينما تكون إشتراكات تأمين الشيخوخة أكثر ملائمة بكثير من تلك لدى صناديق التقاعد.
ويعني هذا أن تدعيم تأمين الشيخوخة يترك للشباب مالاً أكثر لممارسة حياتهم، خاصة في الأوقات التي يحتاجونه فيها، مثلاً عندما يصبحون آباء. فتأمين تقاعد قوي يزيل العبء عن كاهل الشباب ويؤمن لهم معاشاً في المستقبل.
سواء كان المرء شاباً أم كهلاً، سواء كان في التعليم، أو عاملاً أو قد تقاعد بالفعل: فإن من يحسب الأمر، سيدعم تأمين الشيخوخة. لهذا السبب، أنصح الجميع بأن يوافقوا يوم 25 سبتمبر 2016 على مبادرة زيادة معاش التقاعد.
الأفكار الواردة في هذا المقال لا تعبّر سوى عن آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر swissinfo.ch.. أما العنوان الرئيسي والعناوين الفرعية، فقد تمت إضافتها أو تحويرها من طرف swissinfo.ch
المزيد
مبادرة زيادة تأمين الشيخوخة “تُعَرِّض أهم تأمين اجتماعي لدينا للخطر”
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.