“هناك حاجة ماسّة لاعتماد نهج تعاوني لمواجهة التهديدات الجماعية مثل جائحة كوفيد – 19”
تعرضت منظمة الصحة العالمية لانتقادات لبطء استجابتها للوباء. ومع ذلك، يقول خبير صحي بارز إن جزءًا كبيرًا من اللوم يقع على عاتق الحكومات لفشلها في تنفيذ اللوائح العالمية النافذة حاليا.
في مقابلة مع SWI swissinfo.ch، يشرح كيجي فوكودا، مدير كلية الصحة العامة بجامعة هونغ كونغ سبب شعوره بأن اللوائح الصحية الدولية المُلزمة قانونًا لم تكن فعّالة.
وكما هو معلوم، تتطلب هذه اللوائح من البلدان الإبلاغ عن الأوضاع الصحية العامة، والحفاظ على قدرات المراقبة والاستجابة، بل إنها تتضمن أحكامًا بشأن السفر والنقل مثل المُستندات الصحية المطلوبة لعبور الحدود.
يشغل فوكودا منصب مدير كلية الصحة العامة بجامعة هونغ كونغ منذ عام 2017. وعمل في منظمة الصحة العالمية (2005-2016) كمساعد للمدير العام للصحة والأمن والبيئة، ومستشارًا خاصًا للمدير العام بشأن جائحة الأنفلونزا، والمستشار الخاص لمقاومة مضادات الميكروبات ومدير برنامج الإنفلونزا العالمي. تعامل فوكودا مع اللوائح الصحية الدولية، بما في ذلك أثناء تفشي إنفلونزا الطيور وحالات العدوى الأخرى ووباء إنفلونزا 2009 عندما كان يعمل في منظمة الصحة العالمية.
SWI swissinfo.ch : لماذا تعتقد أن الحكومات لم تحترم اللوائح الصحية الدولية؟
كيجي فوكودا: كانت استجابة البلدان في الجائحة الحالية ذات طابع وطني إلى حد كبير وينقصه التنسيق مع البلدان الأخرى. وتم تجاهل اللوائح الصحية الدولية نسبيًا خلال انتشار فيروس كورونا المستجد (الذي تسبب في جائحة كوفيد -19) بسبب البيئة الجيوسياسية الحالية. ما يخبرنا به هذا هو أن اتفاقية أو قانونا أو معاهدة دولية قد يكون لها بعض التأثير، ولكنها لن تحقق الغرض منها بشكل كاف إذا كانت القيادة السياسية في وقت الطوارئ غير داعمة أو متعاونة.
بحسب الدروس المستفادة من جائحة كوفيد-19، أي جزء من اللوائح الصحية الدولية لم يعمل بشكل جيّد، وأي جزء يحتاج إلى التعديل؟
يجب إعادة النظر في اللوائح الصحية بكاملها لمعرفة ما إذا كانت لا تزال صالحة للغرض الذي وُضعت من أجله، وإذا لم يكن الأمر كذلك، يجب تعديلها. لكن القضية الأكثر جوهرية هي ما إذا كانت البلدان تعتقد أن اتباع نهج تعاوني متعدد الأطراف مرغوب فيه وما إذا كان من الممكن تنفيذه في الوقت الحالي. آمل ذلك، لأنه النهج الأكثر عقلانية لمواجهة تهديد جماعي مثل الوباء. لكنني لست متأكدًا مما إذا كانت الجغرافيا السياسية العالمية ستدعم استجابة متعددة الأطراف حقًا. قد يفضل البعض نهجًا أكثر تجزئة لتسهيل استقلالية وطنية أكبر وتقليل تدقيق عالمي.
لماذا تعتقد ذلك؟
تم اتخاذ العديد من القرارات الأساسية خلال هذا الوباء، مثل قيود السفر واجتياز الحدود، على أساس كل بلد على حدة مع القليل من التنسيق. هذه هي الحالات التي صُمّمت اللوائح الصحية الدولية لمعالجتها. هل ستتجه البلدان لمنظمة الصحة العالمية أو الدول الأعضاء الأخرى في المستقبل للمناقشة وطلب التوجيه عند حدوث جائحة أو حالة طوارئ في المستقبل؟ آمل ذلك ولكن هذا غير واضح. من المُمكن الآن بشكل بارز أن تتخذ البلدان مثل هذه القرارات منفردة بالكامل مع القليل من التنسيق.
هل تعتقد على الأقل أنه من الضروري وجود معايير معينة تحدد “الإغلاق الوطني” المطلوب للحفاظ على الوضع الصحي في العالم؟
من غير المحتمل أن تكون المعايير العالمية مفيدة للغاية إذا كان هذا هو الغرض، باستثناء توفير إرشادات عامة حول ما يُمكن أن تعتبره البلدان خيارات. إن الظروف والأوضاع المحلية المحددة للبلدان منفردة هي في حد ذاتها معقدة، وهي أولى بالاهتمام من مجرّد تطبيق معيار عالمي. في حالات الطوارئ، من المرجح أن تكون الدول أكثر قلقًا بشأن ظروفها الخاصة بدلاً من اتباع معيار عالمي إذا شعرت أنه ليس مفيدًا لها.
للاستعداد لمواجهة الأوبئة في المستقبل، كيف ينبغي إصلاح اللوائح الصحية الدولية؟
إن القضية الأهم ليست اللوائح الصحية الدولية، ولكن درجة الاهتمام التي توليها البلدان لهذه اللوائح، وإلى أي حد توافق على تنفيذها، كاستجابة متعددة الأطراف. إذا كان هذا مرغوبًا فيه، فقد يكون من المهم مراجعة اللوائح الصحية الدولية. علاوة على ذلك، قد يكون من المفيد أيضًا مراجعة الاتفاقيات الأخرى مثل إطار التأهب لوباء الإنفلونزا أو إنشاء اتفاقيات جديدة. على سبيل المثال، على الرغم من تنفيذ آلية “كوفاكس”، كان توزيع اللقاحات يميل بشدة نحو البلدان الغنية لأن لديها المزيد من المال وإمكانية وصول أفضل إلى المنتجين وحاصرت الكثير من اللقاحات المبكرة. علاوة على ذلك، حظرت بعض الدول تصدير اللقاحات. هل يُمكننا أن نفعل ما هو أفضل؟ آمل ذلك، لكنه سيتطلب من الدول إعادة التأكيد على قيمة العمل المشترك.
هل تعتقد أنه من الضروري فرض قيود سفر أكثر صرامة لوقف انتشار الأوبئة؟
قد تؤدي القيود المفروضة على السفر إلى إبطاء انتشار العدوى في المراحل المبكرة من الجائحة، ولكن ليس من الأمثل استخدام قيود السفر لوقف الانتشار الشامل النهائي للعدوى الوبائية. هناك طريقة أكثر فائدة للتفكير في قيود السفر وهي اعتبارها كخطوة مؤقتة وتكتيكية لدولة ما لكسب الوقت لإعداد أنظمتها ولتفعيل تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها الأساسية مثل التباعد الاجتماعي والأقنعة والاختبار والتطعيم.
يتم تضمين المستندات الصحية للسفر في أحد أحكام اللوائح الصحية الدولية. هل يجب أن يكون إثبات التطعيم شرطًا أساسيًا للسفر؟
من المستحسن والمهم بشدة أن يتم تطعيم الناس ضد كوفيد-19. ومع ذلك ، فإن جعله شرطًا أساسيًا للسفر سيخلق مطلبًا صارمًا سيجعل السفر أكثر صعوبة ولكنه لن يقلل من انتشار العدوى إلى الصفر. يتمثل النهج الأكثر مرونة وعملية في تحفيز المسافرين للحصول على التطعيم – على سبيل المثال، عن طريق تقليل متطلبات الحجر الصحي- ولكن يجب التوقف عن جعله مطلبًا مطلقًا للسفر.
(نقله من الإنجليزية وعالجه: عبد الحفيظ العبدلي)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.