“مزعج.. صادم.. تاريخي”.. هكذا تفاعلت الصحف السويسرية مع أعمال الشغب في الكابيتول
في اليوم التالي لاقتحام مؤيدي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مبنى الكابيتول، أجمعت الصحف السويسرية على أن الحدث يمثل أحد أحلك أيام الديمقراطية الأمريكية وألقت باللائمة بشكل مباشر على ترامب، الذي قالت إحدى الصحف إنه يجب إخراجه من البيت الأبيض "مُكبّل اليدين".
صحيفة “بليكرابط خارجي” (تصدر بالألمانية في زيورخ) قالت إن يوم “6 يناير 2021، سيُسجّل في التاريخ الأمريكي”، وأضافت “بالأمس شاهد العالم واشنطن في حالة صدمة: لقد رأى أنصار الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب يقتحمون مبنى الكابيتول الموقر، وأعضاء الكونجرس وهو يفرون، وحراس الأمن بأسلحة مسحوبة في قاعة مجلس الشيوخ. أحد أكثر المباني أمانًا في العالم، استولى عليه فجأة حشد غاضب. لقد كان ضربا من الجنون – و(قد حدث) كل ذلك في معقل أقدم ديمقراطية في العالم”.
وقالت الشرطة إن أربعة أشخاص لقوا حتفهم خلال أعمال الفوضى – إحداهما وهي إمرأة متأثرًة بأعيرة نارية وثلاثة جرّاء حالات طوارئ طبية – وتم اعتقال اثنين وخمسين شخصًا.
صحيفة تاغس أنتسايغر (تصدر بالألمانية في زيورخ أيضا)، اعتبرت أن “ديمقراطية أمريكا تدحرجت إلى أدنى مستوياتها حتى الآن”.
وكتبت في افتتاحيتهارابط خارجي تقول: “لقد سقطت أمريكا في الفوضى”، مضيفة أن “دونالد ترامب، الذي يحتقر البلاد وقوانينها، أثار حفيظة الجماهير ودعا لشن هجوم على مبنى الكابيتول. لقد تم الوصول أخيرًا إلى النقطة التي يجب فيها محاسبة هذا الرجل. إنه يسخر من الولايات المتحدة، ويدمر الديمقراطية، ويدعو إلى انقلاب. في أي ديمقراطية أخرى في العالم يُعتبر هذا محاولة انقلاب. يجب على ترامب أن يدفع ثمن ذلك”.
لقد شاهد متفرجو التلفزيون ومستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي في جميع أنحاء العالم صوراً غير عادية لبنادق مسحوبة في مجلس النواب ولاشتباكات بالأيدي مع الشرطة، حينما احتلت الغوغاء بعضا من أقدس فضاءات الديمقراطية الأمريكية.
تاغس أنتسايغر أكدت كذلك أن “صور العار هذه سوف تُنقش في الذاكرة الجماعية للولايات المتحدة”، وقالت: “منذ الحرب الأهلية، كان هذا البلد متحدًا إلى حد كبير في افتخاره بمعابد الديمقراطية، وبرموز نظامه الدستوري، في مُجمّع المباني المشحونة عاطفياً في المدينة العاصمة التي وفّـرت الخلفية لدين دولة يُمكن للجميع الخضوع له. الآن تم تدنيس الكنيسة (أو المعبد)، وهذا سيُؤذي غالبية الأمريكيين في أعماق قلوبهم”.
أما بالنسبة للمستقبل، فقد قدرت الصحيفة أن الولايات المتحدة تواجه “عملية تطهير ذاتي مكثفة”، ولاحظت أنه “إذا كان هناك جانب إيجابي واحد لاقتحام الكونجرس، فهو أن كل من لا يزال يسير جنبا إلى جنب مع جنون ترامب سينهار معه الآن. في هذا السياق، لم يُطارد المتظاهرون أعضاء الكونجرس فحسب، بل أخرجوا ترامب أيضًا من البيت الأبيض. لقد كان ذلك اليوم الذي انتهت فيه ولايته. ينبغي أن يُقتاد إلى الخارج مُكبّلا بالأصفاد”.
“جنون مدمر”
صحيفة “لوتون” الصادرة بالفرنسية في جنيف أيّدترابط خارجي ذلك، قائلة إن إبقاء ترامب في السلطة “سيكون عملا إجراميا”.
“لقد أوغر [صدور المشاغبين] بالكراهية، وغذاها بالأكاذيب، ثم انتحل، بصفته نيرون الأزمنة الحديثة، صورة المتفرج البسيط على جنونه المدمر بخطاب عدواني أخير، مثل الفتيل الذي يقوم بإشعال قنبلة. كيف يُمكننا الاستمرار في إنكار أنه يمثل خطرًا على الديمقراطية؟”
وأضافت أن نُدُوب السادس من يناير 2021 ستكون عميقة ودائمة.
لدى إشارتها إلى إرث دونالد ترامب، اعتبرت الصحيفة أنه يتلخص في “تقسيم أمة تعاني من الاستقطاب بشكل أكبر من خلال الدفع إلى ارتكاب أعمال تمرد. بفضل انتخابات مجلس الشيوخ المزدوجة في ولاية جورجيا، والتي أسفرت عن فوز مرشحيْ حزبه، يمكن لجو بايدن الآن الاعتماد على مجلسين بأغلبية ديمقراطية. لكنه سيتعين عليه قريبًا القيام بمهمة تبدو مستحيلة اليوم: التوفيق بين معسكرين يبدو أن كل شيء يفصلهما عن بعضهما البعض”.
لا تزال “ديمقراطية فاعلة”
صحيفة “نويه تسورخر تسايتونغ” (تصدر بالألمانية في زيورخ) بدت – وإن جزئيا – أقل تشاؤماً، وكتبترابط خارجي تقول: “إن فقدان السيطرة في مبنى الكابيتول هو علامة تحذير، لكنه لا يعني زوال الديمقراطية الأمريكية”.
وأضافت أن “المشاهد التي رأيناها من مبنى الكابيتول في الساعات الأخيرة مزعجة وصادمة وتاريخية. فقد استمر صحفيو التلفزيون الأمريكي، والرئيس المنتخب جو بايدن لاحقًا، في تكرار أن مثل هذه المشاهد يتم الإبلاغ عنها في بعض الأحيان من البلدان النامية، ولكن ليس من الولايات المتحدة، وليس من أمريكا، النموذج الذي يُحتذى به، وحارسة الديمقراطية في العالم الحديث”.
ولفتت إلى أنه “على الرغم من كل هذا الرعب”، كان من الضروري الإبقاء على وضع الأمور في نصابها، مشيرة إلى أن جو بايدن سيتولى منصبه في 20 يناير الجاري باعتباره الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة، حيث “تظل الولايات المتحدة ديمقراطية فاعلة تحترم إرادة الناخبين”.
المزيد
صحيفة “نويه تسورخر تسايتونغ” أقرّت بأن مشاهد الكابيتول كانت “فضيحة”، إلا أنها استدركت قائلة: “لكنها لا تعكس حالة الولايات المتحدة بقدر ما تعكس حالة رئيسها. لقد كان بضعة آلاف من المتطرفين، وليس الملايين، هم من احتلوا الكونجرس يوم الأربعاء”.
مع ذلك، اعترفت الصحيفة بأن ترامب لن يختفي ببساطة من المسرح السياسي الكبير.
“لقد منح حوالي 74 مليون ناخب – وهو أعلى رقم يُسجّل على الإطلاق (في الولايات المتحدة) لفائدة مُرشّح خاسر- أصواتهم للتوّ لصالحه. لذلك، سيتمثل التحدي لكلّ من الجمهوريين والديمقراطيين خلال السنوات المقبلة في النأي بأنفسهم عن دائرة نفوذ ترامب والعناصر المتطرفة من مؤيّديه مع الحفاظ على الغالبية العظمى من قاعدته الانتخابية، أي ملايين المواطنين الأمريكيين العاديين. إن تفكيك هذه المعضلة ليس أمرًا مفروغًا منه بأي حال من الأحوال”.
أعربت السلطات السويسرية عن اشغالها الشديد للأحداث الأخيرة التي شهدتها الولايات المتحدة. وكتب غي بارمولان، الذي يتولى الرئاسة الدورية لسويسرا هذا العام، أن الحكومة شعرت بالفزع من الأحداث التي أدت إلى مقتل عدد من الأشخاص.
لكن الحكومة أعربت عن ثقتها في قوة المؤسسات الأمريكية وهي موقنة بأن الانتقال السلمي للسلطة سيكون ممكنًا وفقًا للدستور، حسبما غرّد بارمولان على موقع تويتر مضيف أن “الديمقراطية الأمريكية قيّمة لبلدنا لأننا نشترك في نفس القيم”.
من جهته، ندد وزير الخارجية إينياتسيو كاسيس بالعنف. وكتب في تغريدة نشرها على تويتر أن “الحرية والديمقراطية والتماسك الوطني سلع عالية يجب أن يُتعامل معها بعناية فائقة”، مضيفا “إنني أدين أيّ اعتداء على هذه القيم”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.