تحويرات تشريعية تشمل السر المصرفي والعلامة السويسرية ونفقة الأطفال
كالمعتاد، دخلت سلسلة من القوانين ومجموعة من النصوص التشريعية المُحوّرة حيّز التطبيق في اليوم الأول من العام الجديد في سويسرا، وهي تمسّ مباشرة جزءا لا بأس به من السكان وخاصة الأزواج المنفصلين وأصحاب الكلاب والمصرفيين والصناعيين. فيما يلي استعراض لأبرزها.
حرص المشرعون السويسريون على أن يتلقى جميع أبناء الأزواج المنفصلين مبلغا ماليا يُسمّى “إسهامٌ في الإعاشة أو في الإنفاق” وذلك بغض النظر عما إذا سبق للأبوين أن اقترنا في إطار مؤسسة الزواج أم لا. وطبقا للقانون الجديد، سيحظى الدعم المالي المقدم للأبناء القُصّر بالأولوية على بقية الواجبات الأخرى المتعلقة بالإنفاق. إضافة إلى ذلك، سيتم إضفاء قدر أكبر من التوازن على عملية توزيع الرصيد المالي المتأتي من المعاشات المهنية (ما بين الزوجين) في حالة الطلاق.
في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، تتعمّد نساء الوقوع في الحمل من أجل تلقي مساهمات مالية
ألّن غوغنبوهل، طبيب نفساني
إحدى المشاكل التي سعى المشرعون السويسريون إلى معالجتها ترجمت عن نفسها بلغة الأرقام أثناء النقاشات التي شهدها البرلمان قبل التصديق على القانون الجديد. فقد اتضح حينها أن 16.9% من الأسر ذات العائل الوحيد كانت تتلقى في عام 2009 مساعدات اجتماعية، وأن الأمر كان يتعلق في 95% من الحالات بنساء لديهن أطفال.
في تصريحات خاصة إلى swissinfo.ch، أشار الطبيب النفساني ألّن غوغنبوهل، المتخصص في معالجة الأطفال إلى أن يعتبر أنه من الطبيعي أن يضع القانون الجديد جميع الأطفال على قدم المساواة، بقطع النظر عن الحالة المدنية لآبائهم، إلا أنه يرى فيه أيضا مشاكل محتملة للأطفال الذين وُلدوا في إطار علاقة غير مستقرة، وخاصة عندما لا يكون الأب راغبا في الطفل.
وقال غوغنبوهل: “دعنا نتخيل سيناريو يتمخض فيه طفل عن علاقة ليلة واحدة بين شابين في سن الثمانية عشر. إذا ما رفضت الأم الإجهاض، فقد تترتب عن العملية نتائج مالية جدية للشاب. لا نعلم بعدُ كيف سيتم تسوية وضعية من هذا القبيل من خلال الممارسة القانونية، لكننا نعرف الأمثلة القائمة في الولايات المتحدة وفي المملكة المتحدة حيث تتعمد نساء الوقوع في الحمل من أجل تلقي مساهمات مالية” (من طرف الرجل).
نهاية السرية المصرفية
الأول من يناير شهد أيضا بدء العمل بالإتفاقية الدولية المتعلقة باقتسام وتبادل المعلومات المصرفية. ومن المفترض أن يُتيح هذا الإجراء لسويسرا إمكانية إلغاء اعتبارها أو توصيفها بـ “جنة ضريبية”.
عمليا، تعني “المعاهدة المتعددة الأطراف المتعلقة بالمساعدة الإدارية المتبادلة في المجال الضريبي” التي قامت المنظمة الإقتصادية للتعاون والتنمية ببلورتها أن سويسرا تنضبط للمقاييس الدولية المعمول بها في المجال الضريبي. ذلك أن هذا الإتفاق الذي صادقت عليه أكثر من مائة دولة بعدُ، سيضمن تقاسم المعلومات الضريبية المتعلقة بالحسابات المصرفية المملوكة في سويسرا من جانب مُواطني عدد من الدول تلقائيا وبشكل سنوي.
ابتداء من السنة الجارية، ستنطلق سويسرا في تجميع هذا الصنف من المعطيات وسوف تتقاسمها مع عدد من البلدان التي سيتم اختيارها (وفقا لضوابط محددة) ابتداء من عام 2018. في المقابل، ستقوم هذه البلدان بنفس العملية مع الأصول المودعة من طرف سويسريين في مصارفها.
قدر أدنى من المكونات السويسرية
على صعيد آخر، لن تتحصل المنتجات الصناعية والخدمات مستقبلا على الصفة السويسرية بنفس القدر من السهولة. ذلك أن القانون المتعلق بـ “السوسرة” Swissness لا يسمح للمنتجات الصناعية بحمل الشارة السويسرية إلا إذا ما تم إنجاز 60% على الأقل من تكلفتها في سويسرا.
في الأثناء، ستكون نسبة 100% من “السوسرة” ضرورية للمنتجات الطبيعية كالنباتات أو اللحوم إضافة إلى الحليب والمنتجات المشتقة منه. أما بالنسبة للمواد الغذائية، فسيُشترط استخدام 80% على الأقل من المواد الأولية السويسرية. في المقابل، ستستمح بعض الإستثناءات للجعة والشوكولاتة والقهوة بالحصول على العلامة السويسرية حتى وإن تم استجلاب مادتها الأولية من خارج الكنفدرالية.
المزيد
«عبارة “صناعة سويسرية” تدرّ أرباحاً بمليارات الفرنكات على صناعة الساعات»
وهناك أيضا…
من بعض التنقيحات التشريعية الأخرى التي دخلت حيّز التطبيق في 1 يناير 2017، نذكر أيضا أنه سيكون مسموحا مجددا لرجال الإطفاء وأعوان الأمن أو رجال الجمارك قيادة السيارات أو العربات في حالات التدخل الطارئة حتى إذا ما شربوا شيئا من المسكرات. ذلك أن القانون الجديد سيسمح بنسبة كحول في الدم لا تزيد عن 0.5 في الألف في هذه الحالات في حين أنه لم يكن هناك أي تسامح من قبل في هذه الحالات. ونفس الشيء سيُطبق على الفلاحين لدى قيادتهم للجرارات.
من جهة أخرى، لن يتعيّن على أصحاب الكلاب بالضرورة متابعة دروس نظرية وعملية في المستقبل. فقد تم إلغاء الإجراء الفدرالي الذي اعتمد في عام 2008 إثر حدوث العديد من الهجمات الدموية في أماكن متفرقة لكن سيكون متاحا للكانتونات الراغبة في ذلك مواصلة فرض تكوين من هذا القبيل.
في مجال النقل، سيتمكن أصحاب السيارات من الإستفادة من شارة “تقييم طاقي” تتسم بقدر أكبر من الوضوح والصرامة لدى قيامهم بالإسترشاد عن استهلاك الوقود وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون في سيارة الأحلام. أما سائقو الشاحنات الثقيلة العابرة للأراضي السويسرية فسوف يتعيّن عليهم دفع رسوم بحوالي 298 فرنكا في المتوسط عوضا عن 271 فرنكا ما يعني تحصيل 190 مليون فرنك من الإيرادات الإضافية.
على صعيد آخر، ستكون الغابات مستغلة بشكل أفضل حيث سيتمكن القائمون عليها من الإستفادة من مساعدات فدرالية مُوجّهة ومن المفترض أن يتمكنوا من ترويج أخشابهم بشكل أفضل. وفي هذا الصدد، سيتوجّب على الكنفدرالية إظهار القدوة من خلال التشجيع على استخدام الخشب لفائدة المباني والمنشآت التابعة لها.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.