مُقاربات الأحزاب السويسرية الممثلة في البرلمان لقضايا البيئة
بعد أن بات لا يفصلنا عن الإنتخابات الفدرالية سوى أربعة أشهر، تحاول الأحزاب السياسية في سويسرا إظهار اهتمامها بقضايا البيئة. لذلك، أرادت قناة التلفزيون السويسري العمومي الناطقة بالفرنسية (RTS) التأكّد إن كان لهذا التوجه ما يؤكده على مستوى نشاط المؤسسة التشريعية.
هذا التوجّه أكّدته بيترا غوسي، رئيسة الحزب الليبرالي الراديكالي يوم الأحد 16 يونيو الجاري من على منبر التلفزيون السويسري حيث قالت: “القضايا البيئية متأصلة في جينات الليبراليين الراديكاليين”. حزب الشعب السويسري (يمين متشدد) يسعى هو الآخر إلى صياغة موقف في هذا الاتجاه. فقد نشر العديد من المقاربات والتصورات المتمحورة حول قضايا البيئة.
استثمارات عامة عارضها سياسيون يمينيون
هل يجب تخصيص المزيد من الموارد العامة لحماية البيئة وإدارة المساحات؟ كان هذا أحد الأسئلة التي طرحها موقع Smartvoteرابط خارجي على المترشحين والمترشحات للإنتخابات الفدرالية. وبينما نجد أن النواب المستقبليين من أحزاب اليسار ومن الخضر الليبراليين (يمين مدافع عن البيئة) يؤيّدون الترفيع في ميزانية حماية البيئة منذ عام 2011، نجد في المقابل، ردود فعل الاحزاب الأخرى (يمين ووسط) أكثر تحفظا.
لقد حاول أكثر من نائب من بين كل نائبيْن من الحزب الليبرالي الراديكالي تخفيض هذه الميزانية في عام 2015. وبالتالي كان النواب الراديكاليون الحاليون أقلّ حساسية لقضايا البيئة من نظرائهم في الدورة التشريعية السابقة. وللتذكير بدأت تلك الدورة في عام 2011، العام الذي شهد كارثة فوكوشيما. أربع سنوات بعد ذلك، بات الانشغال بحماية البيئة (أو الإيكولوجي) أضعف لدى الجمهور، وكذلك الدعم المقدّم له. فهل توجد فعلا علاقة سببية بين هاتيْن الظاهرتيْن؟
يرفض كريستيان لوشر، نائب رئيسة الحزب الليبرالي الراديكالي وصف مواقف الحزب تجاه البيئة بالانتهازية. لكنه يقرّ في المقابل بأن “جميع السياسيين يتكيّفون مع انشغالات السكان وفقا لموجات المرحلة”. وهي “عملية تكيّف لا تتمّ بسهولة دائما”، يضيف لوشر. و”لا يجب المراوغة في ذلك، لقد توجّب الأمر تغييرا عميقا داخل الحزب الليبرالي الراديكالي. لقد استفتينا قاعدة الحزب، وكان هناك وعي بأن المسألة البيئية باتت تشغل بالفعل السكان”.
أما حزب الشعب السويسري، فقد بقي وفيا لخطه السياسي التي اختطه لنفسه. ومنذ 2011. وطالب نواب الحزب بخفض الميزانية المخصصة لحفظ البيئة. ووفق ما ورد في مطبوعة وزّعها الحزب على جميع البيوت في سويسرا فإن “المشكلات المرتبطة بالبيئة لا يمكن معالجتها عن طريق الاستثمارات العامة”. ويشرح النائب البرلماني عن الحزب بمجلس النوابرابط خارجي، روجيه كوبّل هذا التمشي قائلا: “يجب على حزب الشعب محاربة الهستيريا الإيديولوجية للمناخ. أنا أؤيّد حماية البيئة، ولكنني لست ماركسيا أخضر”.
خمول برلماني
مؤشّر آخر مثير للاهتمام، هو ذلك الذي يتحدد وفق عدد التدخلات البرلمانية (الالتماسات، والاستجوابات، والمقترحات …) ذات العلاقة بالبيئة التي دعمها أو تقدّم بها كل حزب سياسي.
كما كان متوقعا، اتضح أن الأحزاب الأكثر نشاطا في هذا الباب هما حزبا الحضر والخضر الليبراليين . فما يقرب من واحدة من بين كل ثلاث مبادرات تقدّم بها هذان الحزبان تتعلق بالحفاظ عن البيئة. أما بالنسبة للإشتراكيين وأحزاب الوسط، فإن هذه النسبة لا تتجاوز الواحدة من بين كل عشر مبادرات. ورغم أن حزب الشعب السويسري ليس أكثر خمولا من غيره، لكن نشاط مشرّعيه في المجال البيئي لا يزيد عن 7% من جميع مبادراتهم.
أما الحزب الأقلّ مبادرة في هذا الباب فهو الحزب الليبرالي الراديكالي حيث أن مبادرة واحدة فقط من ضمن كل عشرين التماسا أو اقتراحا تقدم بها تخص موضوع البيئة. هذا المعطى لا يعتبره كريستيان لوشر محددا إلى هذه الدرجة. فمن وجهة نظره، فإن “السياسة السويسرية لا يُمكن تفسيرها بحسب عدد الالتماسات او الاستجوابات في البرلمان، بل من خلال عمليات الاستشارة ومن خلال عمل اللجان. أما المؤشّر الذي أشرتم إليه فيدخل ضمن سياسة الاستعراض التي لا يمارسها الحزب الليبرالي الراديكالي”. رغم ذلك، تقدم هذا الحزب في الفترة الفاصلة بين عامي 2015 و2018 بما يقرب عن 1000 التماس أو مبادرة برلمانية. صحيح هذا الرقم أدنى من مبادرات الحزب الاشتراكي أو حزب الشعب السويسري، ولكنه أكثر من بقية الاحزاب الأخرى. أما التبرير الذي تقدم به لوشر فهو لا يشرح لماذا لا تحضر قضايا البيئة في عمل البرلمانيين الليبراليين إلا نادرا.
(ترجمه من الفرنسية وعالجه: عبد الحفيظ العبدلي)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.