سويسرا تواجه أكبر تحديات الفساد المالي في القطاع الخاص
معدلات الفساد منخفضة في القطاع العام بسويسرا، وفقًا لأحدث تقرير من مؤشر الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية. ومع ذلك، تقول المنظمة غير الحكومية إن البلاد لا يزال أمامها عمل يتعين القيام به، وتحديداً في مجال الضغط السياسي وغسيل الأموال.
عادة ما تكون سويسرا من بين أفضل البلدان أداءً في التصنيف السنويرابط خارجي الذي يقيس المعدلات المتصورة لفساد القطاع العام في حوالي 180 دولة، ولا يعد تصنيف 2020 استثناءً في هذا الصدد.
فبعد أن تراجعت مرتبة واحدة في عام 2019، عادت سويسرا لتحتل المركز الثالث (للمرة الثالثة في أربع سنوات)، ولتتعادل مع فنلندا وسنغافورة والسويد بنتيجة 85 من أصل 100، في حين سجلت كل من نيوزيلندا والدنمارك 889 نقطة لتحتل الصدارة، بينما كان أداء الصومال وجنوب السودان الأسوأ برصيد 12 نقطة ليضعهما في المركز 179، خلف سوريا برصيد 14 نقطة.
ولقد نُشر المؤشر لأول مرة في عام 1995، وتم حسابه باستخدام 13 مصدرًا مختلفًا للبيانات التي توفر تصورات عن فساد القطاع العام من رجال الأعمال وخبراء الدول.
يقول مارتن هيلتي، مدير الفرع السويسري لمنظمة الشفافية الدوليةرابط خارجي: “تسجل سويسرا بانتظام نتائج جيدة، وهذه أخبار سارة”، إلّا أنّه يسارع إلى الإشارة إلى أن البلاد لا تزال تبعد 15 نقطة عن أفضل نتيجة.
ويشير هيلتي إلى أن الفساد لا يزال يمثل مشكلة في سويسرا مستشهدا بفضائح مختلفة في السنوات الأخيرة، بعضها يتضمن المكافأة على العقود العامة، كما أن بعض الممارسات الشائعة في القطاع العام تؤدي إلى تضارب في المصالح وبالتالي تزيد من مخاطر الفساد.
وقال لـ swissinfo.ch: “إن المحسوبية ممارسة منتشرة”، وتتمثل إحدى المشكلات أيضاً في السماح للبرلمانيين السويسريين بأن يكون لديهم تفويضات مختلفة مدفوعة الأجر خارج أنشطتهم السياسية، وهو ما يعتقد أنه يخلق صراعات معينة.
كما أشار مدير منظمة الشفافية السويسرية إلى الخلافات الأخيرة حيث يقبل الوزراء والموظفون رفيعو المستوى مناصب في القطاع الخاص بمجرد انتهاء ولاياتهم السياسية.
خارج القطاع العام
كما قال هيلتي إن الأداء الجيد لسويسرا في المؤشر “خطير، لأنه لا يظهر إلّا جزءًا من الحقيقة”.
وقال إن أكبر التحديات تتعلق بالقطاع الخاص غير المدرج في المؤشر، وقد يتعلق ذلك بغسيل الأموال في القطاع المالي أو التورط في تمويل الفساد في الخارج.
وجدت المنظمة غير الحكومية أن سويسرا لا تزال تفتقر إلى آليات فعالة للكشف عن حالات الفساد ومنع غسيل الأموال والقضاء عليه.
وأوضح هيلتي إن الأساس القانوني في سويسرا لمكافحة غسيل الأموال يحتوي على ثغرات كبيرة فيما يتعلق بالحد الأدنى من المعايير الدولية، ويجب توسيع نطاق تطبيقه.
وأضاف أن سويسرا يمكن أن تحقق أداءً أفضل بكثير فيما يتعلق بحماية كاشفي الفساد أو من يسمون بالمبلغين عن المخالفات.
هناك نقطة عمياء أخرى تتعلق بالمنظمات الرياضية الدولية الكبرى، مثل الفيفا، والتي تقع جميعها تقريبًا في سويسرا وتشكل خطرًا أكبر للفساد بسبب المبالغ الهائلة من الأموال التي تديرها.
قال هيلتي: “لأن مقرّها في سويسرا، فإن مسؤولية تنظيمها تقع على عاتق سويسرا”.
تأثير كوفيد – 19
كما تناولت نسخة 2020 من المؤشر الروابط بين الفساد واستجابة الحكومة لكوفيد – 19، مشيرة إلى أن الفساد “يقوض النظم الصحية ويسهم في تدهور الديمقراطية”.
يُظهر التقرير أن الدول الأقل فسادًا تستثمر أكثر في النظام الصحي، وهي قادرة بشكل أفضل على توفير تغطية صحية شاملة وأقل عرضة لانتهاك القواعد والمؤسسات الديمقراطية أو سيادة القانون.
وتستشهد منظمة الشفافية الدولية بمثال بنغلاديش (26 نقطة في المؤشر) حيث ينتشر الفساد في توفير الإمدادات الطبية؛ أو الفلبين (34 نقطة)، حيث ترافقت مكافحة فيروس كورونا بهجمات كبيرة على حقوق الإنسان وحرية الصحافة.
وأشارت المنظمة غير الحكومية إلى أنه حتى في نيوزيلندا، التي احتلت الصدارة وتمت الإشادة باستجابتها للجائحة، كان هناك مجال للتحسين. وكتبت المنظمة: “بينما تتواصل الحكومة بصراحة بشأن التدابير والسياسات التي تضعها، هناك حاجة إلى مزيد من الشفافية حول المشتريات العامة المتعلقة في مواجهة كوفيد – 19”.
وأوضح هيلتي أن “جائحة كوفيد – 19 سمحت بزيادة مركزية السلطة في أيدي الحكومات، وبالتالي زيادة خطر إساءة الاستخدام”.
وحتى لو لم تُلاحظ مثل هذه الانتهاكات في سويسرا، يقول هيلتي، إن الوباء قد سلط الضوء على بعض المشاكل، لا سيما “وزن مجموعات الضغط”.
وقال لـ swissinfo.ch: “لقد رأينا أن المنظمات التي لديها وصول جيد إلى الحكومة أو الإدارات الفدرالية لديها المزيد من الفرص لإسماع أصواتها خلال الأزمة”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.