من سيُسدّد فاتورة خطة الإنقاذ السويسرية؟
أموال طائلة من أجل التأمين ضد البطالة، وقروض وتسهيلات للشركات التي تعاني من ضائقة مالية، ومساعدات مادية شتى لقطاعات الثقافة والرياضة، وأموال لشراء أقنعة واقية ومستلزمات طبية.. وفيما يزداد حجم النفقات الإضافية الجديدة المترتبة عن أزمة فيروس كورونا المستجد يوما بعد يوم وترتفع التكلفة من أسبوع لآخر، يتساءل كثيرون: من الذي سيُسدّد الفاتورة في نهاية المطاف؟
علاوة على النفقات المرتبطة بجائحة كوفيد – 19، فإن وزارة المالية نفسها تتوقع إيرادات أقل من المعتاد هذا العام، لا سيما تلك المتأتية من الضريبة على القيمة المضافة والضريبة المقتطعة والضرائب الفدرالية المباشرة.
وعلى الرغم من حالة عدم اليقين الكبير التي تعيشها سويسرا في هذه المرحلة، فإن البلاد تُعتبر في وضع جيّد يسمح لها بالتعامل مع التأثير المالي المتفاقم للأزمة.
خصصت الوزارات الحكومية المختلفة إلى الآن أكثر من 65 مليار فرنك سويسري (66.8 مليار دولار) للتعامل مع تأثير الوباء وفقًا لوزارة المالية الفدراليةرابط خارجي. واتخذ جزء من تلك الأموال شكل قروض سيتم استردادها في فيا بعد.
في الأسبوع الأخير من شهر أبريل الماضي، قدّر وزير المالية أولي ماورر أن الحكومة السويسرية ستقدم ما بين 70 و80 مليار فرنك على شكل مساعدات مالية. بالإضافة إلى ذلك، ستساهم السلطات المحلية في الكانتونات الست والعشرين والبلديات في جهود الإغاثة تلك.
هذا الرقم يذكر بمبلغ 68 مليار فرنك الذي خصصته الحكومة الفدرالية لإنقاذ مصرف يو بي اس الرائد عندما كان يُعاني بشدة من تداعيات الأزمة المالية العالمية في عامي 2007 و2008.
ولكن رقما آخر قد يُوضّح السياق بشكل أفضل. ففي عام 2019، بلغ الناتج المحلي الإجمالي لسويسرا – وهو مؤشر اقتصادي رئيسي – 696.6 مليار فرنك. واليوم، يتوقع خبراء من وزارة الاقتصاد انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تقارب 7% هذه السنة.
على الرغم من آلية كبح جماح الديونرابط خارجي – التي تضع سقفا أعلى للنفقات – فمن الممكن إنفاق الأموال اللازمة. ووفقًا لوزارة المالية، فإن مستوى الدّيْن المنخفض نسبيًا والوضع المالي الجيّد يمنحان سويسرا مساحة كافية للزيادة في حجم الدّيْن.
من ناحية، هناك الكثير من الأموال المُتاحة الآن أو هناك سيولة عالية، كما يقول الخبراء. ولكن يمكن للحكومة أيضًا اقتراض الأموال من مصادر أخرى، لا سيما من الأسواق المالية. ولكن ذلك بدوره له تكلفة، إذ أنه يجلب المزيد من الديون.
في المقابل، لن يكون هناك رقم دقيق متاح قبل نهاية العام الجاري. ووفقا لوزارة المالية، فإن الشيء الوحيد الذي يُمكن قوله الآن هو أن حجم الدّين سيزداد. ومع ذلك، لا يمكن إعطاء رقم دقيق لأن الوضع متقلب للغاية.
وقد قدّر وزير المالية ماورر مؤخرًا أن الحسابات الفدرالية قد تتراجع إلى الحد الأدنى هذا العام وأن يتم تسجيل عجز في الميزانية يتراوح ما بين 30 و40 مليار فرنك، ولكن هذا سيحصل بعد عدة سنوات سِمان سجّلت فيها ميزانية الكنفدرالية فوائض معتبرة.
يبقى البرلمان الفدرالي السلطة العليا في كل ما يتعلق بالميزانية، لذلك يتعيّن عليه الموافقة على أيّ نفقات إضافية تقررها السلطة التنفيذية. أما الناخبون، فلا يملكون الكلمة الأخيرة إلا في حالة اقتراح تحوير للدستور، أو إذا ما تم الطعن في وإذا تم الطعن في قرار اتخذه البرلمان عن طريق الاستفتاء.
في الوقت الحالي، لا توجد خطط للترفيع في الرسوم أو للزيادة في الضرائب، وفقًا لسلطات الجباية الفدرالية. أما الكانتونات الست والعشرون، فهي التي تحدد معدلات الضرائب الخاصة بها.
لا يتمثل دور المصرف الوطني السويسري في طباعة النقود نيابة عن الحكومة، فهو مستقل، أما سياسته – التي يحددها القانون – فهي تهدف بالأساس إلى ضمان استقرار الأسعار.
وفي سويسرا، يُلزم القانون المصرف الوطني السويسري بإعادة توزيع جزء من أرباحه على الكنفدرالية والكانتونات. أما المبالغ المدفوعة سنويا فهي تخضع لاتفاقرابط خارجي تم التوصل إليه بين المصرف الوطني السويسري ووزارة المالية الفدرالية.
المزيد
كوفيد – 19: هذا هو الوضع في سويسرا
(ترجمه من الإنجليزية وعالجه: ثائر السعدي)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.