مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

ميانمار: هيئة الأمم المتحدة تتوسّع وتراقب

نيكولاس كومجيان، رئيس آلية التحقيق المستقلة في ميانمار
نيكولاس كومجيان، رئيس آلية التحقيق المستقلة في ميانمار، خلال الجلسة 42 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف في 9 سبتمبر 2019 UN PHOTO/Jean Marc Ferré / Jmf

أحدث هيئة تم إنشاؤها لجمع الأدلة في مدينة جنيف، هي هيئة لتتبع الوضع في ميانمار. إنها واحدة من "آليات التحقيق الدولية غير المتحيزة" التابعة للأمم المتحدة. كيف تسير وتيرة تقدّم هذه الهيئة الجديدة وما هي الآمال المعقودة عليها؟ هذا السؤال طرحه موقع "جاستيس إنفو" JusticeInfo على نيكولاس كومجيان، رئيس الهيئة.

 تسعى آلية التحقيق المستقلة في ميانماررابط خارجي (IIMM) إلى جمع الأدلة وحفظها، وإعداد الملفات للقضايا لتقديمها لاحقاً أمام المحاكم الجنائية. وقد أنشأتها الأمم المتحدة، حين كانت خيارات المساءلة الأخرى غير متوفّرة. لكن ميانمار تواجه اليوم، سلسلة من الضغوطات الخارجيةرابط خارجي لإجبارها على المثول أمام العدالة، بسبب المزاعم عن الإبادة الجماعية ضد  أقلية الروهينغا. وقد وافقت المحكمة الجنائية الدولية (ICC) في لاهاي على إجراء تحقيق، كما أن جماعات حقوقية في الأرجنتين قامت برفع دعوى بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية، وكذلك رفعت لتوّها دولة غامبيا الصغيرة في غرب إفريقيا، قضية بارزة أمام محكمة العدل الدولية (ICJ).رابط خارجي

 ويعتقد رئيس الآلية، نيكولاس كومجيانرابط خارجي أن مختلف الأنشطة القضائية الأخيرة ذات الصلة بميانمار “تزيد من أهمية هذه الآلية” وتفويضها المنصوص عليه في قرار مجلس حقوق الإنسانرابط خارجي التابع للأمم المتحدة، الصادر في 27 سبتمبر 2018 فيقول: “مهمتنا هي القيام بمشاركة ملفاتنا مع المحاكم الوطنية أو الإقليمية أو الدولية القادرة والمستعدّة لمحاسبة الأفراد من خلال الإجراءات التي تتوافق مع المعايير الدولية “.

 ويضيف قائلاً لـ  JusticeInfo: “إن قرار المجلس يعترف بأهمية حفظ الأدلة على ارتكاب جرائم دولية خطيرة، لا سيّما وأن التجربة السابقة علّمتنا أن الأمر مع هكذا قضايا قد يستغرق، في كثير من الأحيان، سنوات عديدة قبل البدء باتخاذ الإجراءات الجديّة.”

 ويركز القرار على المساءلة الجنائية الفردية، ويطلب من آلية التحقيق التعاون مع أي تحقيق تقوم به المحكمة الجنائية الدولية. وعلى صعيد آخر، فإن محكمة العدل الدولية، تتعامل مع النزاعات بين الدول، بدلاً من المسؤولية الجنائية للأفراد. ورداً على سؤال عما إذا كانت آلية التحقيق لا تزال قادرة على مساعدة محكمة العدل الدولية، يشدد كومجيان على أنه من المبكر الإجابة على هذا السؤال. ويستدرك قائلاً: ” ولكن في حين تركز ولايتنا على القضايا الجنائية، فإن الصلاحيات تسمح لآلية التحقيق بالنظر في طلبات استخدام معلوماتها لأغراض أخرى في حالة ما، بواسطة أساس القضية. وبناءً على ذلك، فإذا تلقينا طلباً من محكمة العدل الدولية للحصول على معلومات أو مساعدة، فسننظر بالتأكيد في هذا الأمر باهتمام. “

 كما يشير إلى أن التفويض لا يقتصر على الجرائم المزعومة ضد الأقلية المسلمة الروهينغا، بل يشمل الجرائم الدولية الخطيرة، وانتهاكات القانون الدولي المرتكبة في أي مكان في إقليم ميانمار، منذ عام 2011. وأشار إلى أن بعثة تقصّي الحقائق التابعة للأمم المتحدة وجدت أن نمط ما حدث للروهينغا في ولاية راخين في عام 2017 كان متسقاً مع نمط ما حدث في أجزاء أخرى من البلاد.

المزيد
عصي الخيزران لبناء بيت منها

المزيد

الحياة اليومية في مخيم للاجئين الروهينغا في بنغلاديش

تم نشر هذا المحتوى على “بالطبع يمكنني أن أعيش حياة أبسَط من هذه، لكن هل أريد ذلك حقاً”؟ تقول اليكسا ميكونين ضاحكة، وتجيب على سؤالها بالنفي. تبدأ الموظفة في برنامج المساعدات التي تبلغ الواحدة والثلاثين من العمر بتسلق أحد التلال، الذي يتواجد عليه المخيم الفرعي 8E لأكبر مخيم للاجئين في العالم. درجة الحرارة تصل إلى 35 درجة مائوية، ونسبة الرطوبة…

طالع المزيدالحياة اليومية في مخيم للاجئين الروهينغا في بنغلاديش

 المهمة الأولى في بنغلاديش

وعلى الرغم من أن إنشاء آلية التحقيق قد تمّ في سبتمبر من عام 2018، إلا أنها لم تقم بمهامها إلا منذ شهر أغسطس من عام 2019، مما دفع بعض المنظمات غير الحكومية إلى التعبير عن الإحباط من هذا التباطؤرابط خارجي.  في نوفمبر، قامت الآلية بقيادة كومجيان، بأول بعثةرابط خارجي لها لمخيمات اللاجئين في كوكس بازار في بنغلاديش، حيث فرّ حوالي 740000 من الروهينغا على إثر حملة اضطهاد قام بها جيش ميانمار في عام 2017. وفي هذا الصدد يصرّح كومجيان لـ JusticeInfo قائلاً:” أردت الاطلاع على الأوضاع ولقاء الضحايا وممثليهم وسماع مشاكلهم وتطلعاتهم، كما أردت أن أشرح لهم أيضاً ماهية تفويضنا وما يمكن توقعه منا لمساعدتهم في محنتهم، حتى لا يذهبوا بعيداً بآمال غير واقعية.

ويقول كومجيان: “لدينا الآن حوالي الثلث من موظفينا، والكثيرون الآخرون سينضمون لنا في الأسابيع الستة الأولى من عام 2020”. ويوضح أن آلية التحقيق تقوم بتحليل الأدلة التي تتلقاها من بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدةرابط خارجي بشأن ميانمار، و” بالتواصل مع مقدّمي الأدلة الآخرين، وإعداد بروتوكولات حول كيفية عملنا، وهذان الأمران يتمّان داخلياً، بالإضافة إلى تحديد كيفية تعاملنا مع الكيانات والأطراف الخارجية، والتواصل مع الحكومات التي سيكون التعاون معها ضرورياً لكي نتمكن من القيام بأنشطتنا”.

والجدير بالذكر هنا، أن حكومة ميانمار غير متعاونة.  “حتى الآن اختاروا عدم الانخراط في العمل معنا”، كما يوضح كومجيان.  ولكنه بضيف: ” بالتأكيد سنواصل المحاولة؛ والقيام بذلك يستدعي الإصرار والحزم من جهتنا، وسنقوم بذلك، وعندئذ يمكن للأمور أن تتغيّر”.

 بناء قاعدة للبيانات

 يقول كومجيان إن آلية التحقيق بدأت عملية “التواصل مع الجهات التي لديها أدلة فعلية، سواء أكانت منظمات غير حكومية أو شركات أو أنواع أخرى من الكيانات” ولكن الأمر “معقد إلى حد ما، لأنه يتطلب التفاوض على اتفاقات لجمع الأدلة لدى هذه الجهات، والوقوف عند مخاوفها حول كيفية استخدام هذه المواد، وما يمكننا اقتراحه للمحافظة على سرّية المصادر “. بعد ذلك، كما يشرح، “سيتم وضع جميع المواد التي تم جمعها في قاعدة للبيانات متطورة للغاية ما زالت طور الإنشاء، تتطلب بعض البرامج والأجهزة المتقدمة والمتطورة جداً، مما سيجعل تحليل هذه المعلومات أمراً سهلاً وسيضمن أنها في مأمن إزاء أي خطر يمكن أن يعرّضها للسرقة الإلكترونية “.

ويمثل التواجد في جنيف تحديات كبيرة نظراً لبعد المسافة من الشهود ومواقع الجرائم، لكن كومجيان يرى أيضاً بعض الإيجابيات؛ فيقول إن جنيف هي مقر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ومعظم الحكومات بما فيها ميانمار لديها ممثلون هناك.  “هناك العديد من المنظمات غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة التي تتخذ من جنيف مقرأ رئيسياً لها، لذلك فالتواجد في هذه المدينة له إيجابياته”. على حد قوله.

كما يرى أن الهيئة المتعلقة بميانمار يمكنها أن تأخذ بعض العبَر والدروس من الآليات الأخرى، مثل تلك المتعلقة بسوريا والعراق، ويقول لـ  JusticeInfo : “لقد تحدثت إلى رؤساء كلتا الآليتين، اللتين لم تبخلا علينا في مشاركتنا تجاربهما ونصائحهما. لا شك بأننا نتحدث أكثر مع زملاء من الآلية السورية كوننا معاً في نفس المدينة. ” ويضيف: “أعتقد أننا قد استفدنا في مرحلة الانطلاق من تجارب هؤلاء في بعض النواحي، لأننا تعلمنا بعض الدروس من خلال ما مرّوا به. ومن الدروس المستفادة، أهمية بناء نظام تكنولوجيا المعلومات أولاً. كما أننا استفدنا من خلال النظر في البروتوكولات الداخلية العديدة التي شاركونا بها “.

إدارة التوقعات

يقترح تقرير صدر حديثاً عن مبادرة فيرينتس للعدالة الدوليةرابط خارجي ، توصيات إلى منظمات المجتمع المدني التي ترغب في الانخراط في التعاون مع آلية التحقيق المستقلة في ميانمار.  ويقول هذا التقرير إن إدارة التوقعات المرجوّة أمر أساسي: “تمثل IIMM خطوة مهمة، في مسار العدالة والمساءلة من خلال إعداد ملفات الملاحقات القضائية المستقبلية؛ إن IIMM  ليست مكلفة بمقاضاة الجناة أنفسهم، وسوف تحتاج منظمات المجتمع المدني وغيرها من منظمات المدافعين عن العدالة إلى مواصلة العمل من أجل مناصرة محكمة (أو محاكم) مستقلة للنظر في هذه القضايا. سيكون العمل بفعالية مع الآلية مسعى طويل الأمد، وينبغي اعتباره فرصة جديدة إضافية للدفاع عن مبادئ حقوق الإنسان التي تكمل العمل المستمر في هذا الشأن ولا تحل محله.

ويعبّر التقرير عن مخاوف من عدم امتلاك آلية ميانمار موارد كافية لحماية الشهود: “نظراً لأن IIMM قد توفر موارد قليلة لحماية الأمن والشهود، يجب على منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية الدولية والحكومات، إنشاء البرامج والبنية التحتية الأمنية المناسبة لضمان أن التعاون مع IIMM لا يعرّض الشهود ومجتمعات الضحايا للخطر”، وفقاً لما جاء فيه.

 قياس مدى النجاح؟

ولدى سؤاله عن الطريقة التي يمكن بها قياس نجاح هذه الآلية، أجاب كومجيان لـ Justice Info أن هذا الأمر “سيكون بالتأكيد تحدياً”، لأن مسؤولية المقاضاة الفعلية ستكون في أيدي محاكم قادرة ومستعدة. ولكن بالنسبة له، يمكن قياس عمل الآلية، على أساس جودة الأدلة التي يتم جمعها وكيفية تحضير ملفات القضايا.

 ويضيف قائلاً: “على الأرجح، ليس من السهل قياس أهم ما نقوم به، والذي يكمن في شد الانتباه إلى ما يحدث. من المؤكد أن الناس في ميانمار، وخاصة من هم في السلطة، يدركون أن العالم يراقب ويتابع ما يفعلونه، وأن هناك العديد من الجهود المبذولة للمحاسبة؛ ومهمتنا مستمرة.  سيكون لدينا سلطة قضائية على أي شيء يمكن أن يحدث غداً، أو العام المقبل أثناء الانتخابات.  لذلك آمل أن نثني الجرائم الدولية، على الأقل إلى حدّ ما، عن الحدوث. ربما نكون بعملنا هذا قد أنقذنا فعلاً بعض الأرواح”.

تم نشر المقال أولاً على موقع  JusticeInfo.netرابط خارجي ​​​​​​​بتاريخ 19 ديسمبر 2019.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية