مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“نحن مُحاموهم إلى حد ما، وإن كان ذلك على سبيل المجاز”

في عام 2015، بلغ عدد الذين تقدموا بطلبات لجوء في سويسرا حوالي 40 ألف شخص. Keystone

يُلزم قانون اللجوء الجديد، الذي سيُصوّت عليه السويسريون يوم 5 يونيو 2016، بتعيين ممثل قانوني مجانا لكل طالب لجوء، وهذا الدور يقوم به في الوقت الحاضر، ولو بشكل جزئي وخلال جلسات التحقيق، مراقبون من طرف المنظمات الإنسانية. في الحوار التالي، يوضح لنا تيودور أدوتي، المراقب من منظمة المساعدة البروتستانتية السويسريةرابط خارجي (EPER) مدى أهمية هذه المهمة وحدودها.

swissinfo.ch: أنتم تتابعون جلسات التحقيق التي تجري في برن مع طالبي اللجوء، فهل لكم أن تُخبرونا عن تلك الحالات؟

تيودور أدوتي: يمكننا القول بأن نحو 60٪ من الطلبات يتم تسوية وضعيتها اليوم، في مراكز التسجيل الستة الموجودة على الحدود وفي المطارات وعقب الجلسة الأولية الرامية أساسا إلى جمع البيانات الشخصية عن طالب اللجوء، وهي في معظمها تدخل ضمن اتفاقية دبلن وضمن اختصاص بلد أوروبي آخر، أما بشأن جلسات الإستماع التي تجري في برن، فهي للحالات التي تدخل ضمن اختصاص سويسرا وتتطلب دراسة وتدقيقا متعمقين فيما يتعلّق بأسباب اللجوء، ولذلك تكون هناك جلسة ثانية، يُطلق عليها تسمية “الجلسة الفدرالية”، وهي التي يشترط لها القانون وجود مراقب مستقل. 

تيودور أدوتي، أصله من توغو، وحاصل على درجة الماجستير في القانون من جامعة فريبورغ، وصار له نحو ثلاث سنوات يعمل في إطار منظمة المساعدة البروتستانتية كمراقب في برن على حسن سير جلسات التحقيق مع طالبي اللجوء. zVg

swissinfo.ch: كيف تسير هذه الجلسات؟

تيودور أدوتي: يتم استجواب طالب اللجوء من قبل ممثل من كتابة (أو أمانة) الدولة للهجرة، وفي حضور مترجم وكاتب رسمي ومراقب من جانب المنظمات الإنسانية، والهدف من الجلسة هو التأكد من الأسباب الحقيقية لقدوم طالب اللجوء إلى سويسرا، ويقوم المحقق ممثل الوزارة بالتركيز من خلال الأسئلة على أسباب طلب اللجوء، لمعرفة التفاصيل وربما أيضا الشبهات والتناقضات، وتتراوح مدّة الجلسة ما بين ساعتين وثلاث ساعات، وأحيانا كامل النهار.

swissinfo.ch: ما هو دور المراقب الذي تُوفده المنظمات الإنسانية؟

تيودور أدوتي: نريد أن نطمئن إلى أن طالب اللجوء يُعبّر عن رأيه بحرية ومن دون أي ضغوط، فنحن نوعا ما محاموهم، وإن كان ذلك على سبيل المجاز، ونتدخل عندما نشعر بأن طالب اللجوء يتعرض لضغط ما أو أنه مُجهد أو عند وجود مشكلة في الترجمة، وإذا ما استنتجنا بأن الجلسة لم تتم بشكل سليم، فنستطيع أن نرفق بالمحضر تقريرا موقعا من قبل طالب اللجوء، وبناء على الملاحظات الواردة، يمكن لكتابة الدولة للهجرة أو للمحكمة الإدارية الفدرالية – وهي أعلى سلطة اختصاص بشأن اللجوء – طلب عقد جلسة جديدة.

swissinfo.ch: ألا تشكّل خطورة هذه الجلسة ضغطا على طالبي اللجوء، على كل حال؟

تيودور أدوتي: فعلا، فمعظمهم يكونون على أعصابهم، لعلمهم بأن مصيرهم قد يكون مرهونا بهذه السويعات، ولكني أؤكد لك على وجود التزام جاد بتهدئة روعهم وإعادتهم إلى المستوى النفسي اللائق، وهذا الإجراء ضروري لاستمرار التحقيق، ومن المفروض أن يحرص المُحقق تمام الحرص على نيل ثقة طالب اللجوء حتى يمكن للأخير أن يتحدّث عن معاناته من دون توتر.

swissinfo.ch: إلى أي مدى يتم الأخذ في الإعتبار لحقيقة أن البعض قد يجد حرجا أدبيا أو أخلاقيا في الحديث عن وضعيته وعن ما تعرّض له من إهانة وتعذيب وربما اغتصاب؟

التعديل المقترح بشأن القانون الفدرالي للجوء

يوم 5 يونيو 2016، سيكون الشعب السويسري على موعد مع الإستفتاء بشأن التعديلات الجديدة على قانون اللجوء، والتي تهدف في الأساس إلى تسريع إجراءات اللجوء، بحيث لا تزيد مدة التقرير في أغلب الحالات عن 140 يوما.

كما تهدف التعديلات المقترحة إلى ضمان إجراءات عادلة جنبا إلى جنب مع سرعة الإجراءات، ولذلك فقد نصّت على الإلتزام بتمكين كل طالب لجوء من الحصول على المساعدة القانونية المجانية.وقد أظهر اختبار تجريبي أجري في أحد مراكز اللجوء في زيورخ، كما تقول الحكومة، بأن طالبي اللجوء، حين يحصلون على المشورة القانونية، يكونون أكثر تفهما للقرارات السلبية وأقل تقديما للإستئنافات.

أشار استطلاع أجراه حزب الشعب السويسري (يمين شعبوي) إلى أن التعديلات المقترحة لن تتمكّن من اجتياز امتحان صناديق الإقتراع، ومن وجهة نظر الحزب، فإن المقترح الجديد سيُفاقم المشاكل وسيشجع طالبي اللجوء على القدوم إلى سويسرا.

تتركّز معارضة اللجنة التي أطلقت الإستفتاء، بوجه خاص، على موضوع توفير ممثل قانوني لكل طالب لجوء، باعتبار أن مثل هذا الإجراء سوف يفضي إلى سلسلة من الطعون والإستئنافات التي من شأنها أن تُثقِل كاهل المحاكم وميزانية الدولة، فضلا عن أنه يمنح طالبي اللجوء امتيازا لا يتوفّر للمواطنين السويسريين الذين لا يتمتعون بدورهم بمساعدة قانونية مجانية من دون قيد ولا شرط.

تيودور أدوتي: في العموم، كل ذلك يؤخذ بعين الإعتبار، سواء أكانت مسائل مرتبطة بالثقافة أو بالبيئة أو بما حصل من عنف، والمطلوب من كتابة الدولة للهجرة أن تراعي هذه الإعتبارات بأنواعها، وعلى سبيل المثال، لو ظهر من خلال الجلسة الأولية ما يدل على أن الشخص تعرض في بلده لعنف جنسي، فتتم إحالته إلى الجلسة الفدرالية في برن بحضرة نساء فقط أو رجال بحسب الحالة، ونسعى إلى طمأنة الشخص بأن نقول له بأننا مُعتادون على سماع مثل هذه القصص، ونوضح له بأن من مصلحته أن يذكر تفاصيل ما تعرّض له.

swissinfo.ch: بالرغم من كل تلك الإحتياطات، إلا أن كشف الصدق من الكذب في ساعات معدودة ليس بالأمر السهل، فما هو هامش الصواب والخطأ في التقييم؟ 

تيودور أدوتي: في بعض الحالات، يظهر بوضوح بأن القصة مكذوبة وأنه لا علاقة للشخص بالحكاية التي يرويها، وفي حالات أخرى، يكون من الواضح لنا بأن مقدّم الطلب قد تعرّض فعلا للإضطهاد وبأن له الحق في اللجوء، ولكن هناك أيضا بعض الحالات التي تكون بين بين، وتمثل نحو 20٪ من الحالات المُحالة إلى برن، وهي حالات تشتبه علينا حقيقتها، إذ أن فيها ما هو لصالح صاحب الطلب وفيها ما هو ضده، عند ذلك يحدث انقسام بين المسؤولين عن اتخاذ القرار ويكونون في موقف لا يُحسدون عليه، وقد يحصل انقسام أيضا على مستوى قضاة المحكمة الإدارية الفدرالية، ولذلك، قد يتم تشكيل لجنة قضائية مختصة للتقرير في الحالات المعقدة.

swissinfo.ch: وهل من الممكن، حين خروجكم من العمل، أن تخلفوا وراءكم ما سمعتموه مما قد تتفطر له الأكباد؟

تيودور أدوتي: عملنا ليس سهلا، وفي بادئ الأمر حصلت لي العديد من المشاكل، ولا أقول بأنني أصبحت غير مُبال ولكن حكّمت عقلي، وأدركت بأنه لا يُمكنني تغيير العالم، وعليّ أن أقدّم ما في وسعي، ومن ثم على كل شخص أن يتحمّل مسؤوليته.

swissinfo.ch: إذا انتهت الجلسات، هل ينتهي التواصل مع طالب اللجوء؟

تيودور أدوتي: لا، فبعد الجلسات، إذا جاءت إجابة كتابة الدولة للهجرة سلبية، فيمكن لمقدم الطلب أن يتصل بمكتب الخدمة الإستشارية القانونية في الكانتونات، إن كان يريد تقديم استئناف، لأنه لم يعد لنا الحق في متابعة الإجراءات، حيث يفرض القانون الحالي علينا أن نبقى كمُراقبين محايدين وأن لا نلتقي بطالب اللجوء إلا خلال الجلسة، وفي حالة ما إذا نجح مقترح تعديل القانون في التصويت الذي سينظم في شهر يونيو القادم، فسيتم إلغاء دور المراقب والإستعاضة عنه بممثل قانوني (محام).

swissinfo.ch: ما رأيكم في الإقتراح؟

تيودور أدوتي: أعتقد بأنه جيد، فهو يتيح لطالب اللجوء المتابعة والإستشارة من قبل ممثل قانوني قبل وأثناء وبعد الجلسة الفدرالية، أي أنه يكون بمثابة المحامي الذي يتعهّد موكّله منذ مرحلة التحقيق والنظر في القضية وحتى قبيل المحكمة، ومن شأن هذه الحماية القانونية أن تساعد في الحد من مخاطر حضور طالب اللجوء إلى الجلسة من غير استعداد، والأهمية الأكبر للمقترح الجديد للقانون أنه يتيح تسريع الإجراءات، إن أردنا ذلك، مع الحفاظ على حقوق طالبي اللجوء.

swissinfo.ch: إذا، سيُسبّب لك هذا القانون فقدان وظيفتك؟

تيودور أدوتي: نعم، ولكن المهم ليس كسب مال، بقدر ما هو مسألة تطبيق القانون بصورة مُثلى ولمصلحة الجميع، وحاليا، لا يمكن لطالب اللجوء أن يحصل على محام أثناء سير القضية إلا إذا كانت لديه الموارد المالية الكافية، وهي حالات نادرة جدا، بمعنى أننا نتسبب في وجود طالب لجوء درجة أولى وآخر درجة ثانية، وهذا ظلم.  

منظمة المساعدة البروتستانتية السويسرية (EPER)رابط خارجي

تأسست في عام 1946، وتمارس نشاطها الإنساني، في نحو ثلاثين دولة، لصالح الفئات والطبقات المحرومة في المجتمع، بغض النظر عن الجنس واللون، والدين أو المذهب.

تُركّز أنشطتها الخارجية في تنمية المناطق والمجتمعات الريفية، وفي تعزيز السلام ودرء النزاعات، وفي الإغاثة الإنسانية والتعاون مع الكنائس.

بينما تركّز في سويسرا، في المقام الأول، على الأنشطة التي تحقق الإندماج الإجتماعي وتدعم الفئات المحرومة اجتماعيا.

تُعتبر واحدة من أربع منظمات إنسانية تعترف بها الحكومة الفدرالية كشريك فيما يتعلّق بمجال اللجوء، ويُشارك ممثلوها بصفة مراقب مستقل ومُحايد في جلسات التحقيق مع طالبي اللجوء، من أجل ضمان سلامة سير الإجراءات.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية