هل تمتلك سويسرا فعلا أفضل قطاع عمومي في العالم؟
اعتبرت دوريس ليوتهارد وزيرة النقل والمواصلات والبيئة في الحكومة الفدرالية أنه لا يُمكن لأي بلد آخر في العالم أن يزعم امتلاكه لقطاع عمومي يتمتع بنفس الجودة المتوفرة في سويسرا. swissinfo.ch أخضعت تصريح الوزيرة لاختبار المعطيات ودققت في البيانات.
بيانات مُدققة من طرف swissinfo.ch
في دولة تعتمد نظاما متطورا للغاية من الديمقراطية المباشرة، يجب أن يكون الناخبون قادرين على الوثوق فيما يقوله الأشخاص المُنتخبون والشخصيات البارزة الأخرى على الساحة العامة.
نهدف إلى التثبت من البيانات والمعلومات التي يتم الإدلاء بها بشأن سويسرا والتوصل إلى استنتاج حول مدى دقتها. ونحن نقوم بذلك من خلال دراسة الوقائع ووضعها في السياق من خلال استخدام المعلومات والبيانات المتاحة للعموم.
نحرص في عمليات تدقيق البيانات التي نقوم بها على الموضوعية، كما أن اختياراتنا للتصريحات التي نتثبت منها غير منحازة لأي طرف.
إذا كنتم ترغبون في اقتراح تصريح مُعيّن يتطلب التدقيق، فلا تترددوا في الإتصال بنا (الرجاء إيراد التصريح كاملا مع ذكر متى ومن طرف مَنْ تم الإدلاء به، بالإضافة إلى أي روابط على الإنترنت)
“لدينا أفضل قطاع عمومي في العالم. فعلى سبيل المثال، يُمكن للناس الوصول إلى أي واد جبلي منعزل في سويسرا بواسطة القطارات أو الحافلات التابعة لمؤسسة البريد”! من الواضح أن دوريس ليوتهارد ابتعدت هذه المرة عن ممارسة التحفظ أو التواضع للتعريف بجودة الخدمة العمومية في سويسرا في سياق حوار صحفي رابط خارجيأجري معها ونُشر يوم الخميس 12 مايو 2016 في يومية “20minuten” (المجانية الناطقة بالألمانية).
ومن وجهة نظر الوزيرة المعنية بالبيئة والنقل والطاقة والإتصالات في الحكومة الفدرالية، فإن هذه الوضعية المُميّزة سوف تتغير إذا ما وافق الناخبون يوم 5 يونيو القادم على المبادرة المعروضة عليهم تحت مسمى “من أجل القطاع العمومي”. وشددت دوريس ليوتهارد على أن “هذه المبادرة مُضللة لأنها ستؤدي إلى إضعاف القطاع العمومي عوضا عن تقويته، كما أنها ستحفر ثقبا في خزائن الكنفدرالية”.
ولكن ما الذي يسمح للوزيرة بالتصريح أن سويسرا تتوفر على أفضل قطاع عمومي في العالم أجمع؟ في ظل غياب أي مؤشر دولي يسمح بقياس مستوى الخدمات المقدمة من طرف مؤسسات القطاع العمومي في بلدان مختلفة والمقارنة بينها، فإنه من غير الممكن التثبت من صحة ما ورد في تصريح دوريس ليوتهارد إلا جزئيا وحسب كل قطاع على حدة فحسب.
السكك الحديدية السويسرية في القمة
في شهر مارس 2015، نشرت مجموعة بوسطن الإستشارية تقريرا رابط خارجييُقيّم أداء شركات السكك الحديدية في عدد من البلدان الأوروبية. وفيه، أخذ الخبراء العاملون لدى الشركة المتعددة الجنسيات النشيطة في قطاع الإستشارات بعين الإعتبار ثلاثة عناصر شملت: كثافة استخدام القطارات وجودة الخدمة المُسداة (ومن ضمنها احترام دقة المواعيد) والسلامة والأمان. ومثلما توصلت إليه دراسة سابقة أنجزت سنة 2012، فقد أسفرت النتيجة عن احتلال سويسرا للمرتبة الأولى حيث تحصلت على تقييم إجمالي بـ 7.10 على 10 متقدمة بذلك على كل من السويد والدنمارك.
شبكة بريدية مترامية
في المقابل، يتسم تقييم أداء الخدمات البريدية بقدر أكبر من الصعوبة، لكن بعض البيانات التي يُعدّها الإتحاد البريدي العالمي تسمح بتوفير إطار يُساعد على تحديد حجم التغطية التي توفرها شبكة المكاتب البريدية في كل بلد.
ففي السنوات الخمس عشرة الأخيرة، أجرت مؤسسة البريد السويسرية إعادة هيكلة واسعة لشبكتها أدت إلى تراجع عدد المكاتب البريدية في الكنفدرالية من 3383 في عام 2000 إلى 2222 في عام 2014. وفي العديد من القرى، تم توفير خدمات بديلة تسمح بإجراء بعض العمليات البريدية المحدودة في المحلات التجارية أو الصيدليات.
وإذا ما كانت سويسرا تتوفر في عام 2000 على مكتب بريدي لكل 2146 ساكن، فقد تغيّرت النسبة في عام 2014 لتصبح مكتبا واحدا لكل 3500 ساكن. ومثلما يُمكن ملاحظته من خلال الرسم البياني التالي، فقد ظلت شبكة المكاتب البريدية واسعة الإنتشار على أي حال بالرغم من أن ترتيب سويسرا لم يكن ضمن المراكز الأولى.
على العكس من ذلك، تحتل مؤسسة البريد السويسرية فيما يتعلق بدقة مواعيد عملية التوزيع مرتبة متقدمة في الترتيب. ففي عام 2013، تم توزيع 97.6% من الرسائل التي أرسلها أصحابها بالبريد المسريع في يوم العمل المُوالي طبقا للجنة الفدرالية لمؤسسات البريد.رابط خارجي أما في الإتحاد الأوروبيرابط خارجي، وعلى الرغم من أن الفوارق بين البلدان ضئيلة جدا (حيث تجاوزت نفس النسبة في معظم الدول التسعين بالمائة)، إلا أن دوقية اللوكسمبورغ فحسب كانت تتوفر على نسبة مشابهة.
من المعطيات المهمة الأخرى، نجد متوسط المساحة المغطاة من طرف مكتب بريد واحد. وحتى في هذه الحالة، يُمكن أن تُوصف الشبكة البريدية السويسرية بأنها ممتازة. ففي المتوسط، يُوجد مكتب بريدي في كل 18.5 كلم مربع، وهو معدل لا تتفوق فيه على سويسرا إلا ألمانيا وهولندا.
تبعا لكل ما سبق، هل تتوفر سويسرا فعلا على أفضل قطاع عمومي في العالم مثلما تقول الوزيرة دوريس ليوتهارد؟
قد لا تكون إجابتنا بمثل هذه الوثوقية والإطلاقية، لكن نعم، يبدو أن سويسرا نتواجد ضمن كوكبة الأوائل.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.