هل يُمكن لبايدن إعادة انخراط الولايات المتحدة في الساحة الدولية؟
ماذا تخبئ السنوات الأربعة القادمة للولايات المتحدة بل ماذا تخبئ للعالم بأسره؟ من وجهة نظري، وحسب معطياتي في جنيف، فإن انتخاب جو بايدن لتولّي رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية يثير أسئلة حول مستقبل حقوق الإنسان والتعددية ومنظومة الأمم المتحدة بأكملها.
ما السر في أننا نولي – في سويسرا وفي معظم أنحاء العالم – الكثير من الاهتمام لانتخابات تجري على بعد آلاف الأميال منا؟
بالطبع، هناك إجابة بديهية على هذا السؤال: إنها الولايات المتحدة، أيتها الساذجة؛ فما تقوم به الولايات المتحدة، ومن يجلس في البيت الأبيض، يستمر في إحداث تأثيرات وتداعيات مهمة تترتّب عليها حياتنا برمتها. كما أن غياب الولايات المتحدة عن الساحة الدولية من شأنه أن يتركها للاعبين آخرين لا يتردّدون في استعراض عضلاتهم الجيوسياسية، على نحو ما شهدناه من التدخل الروسي في سوريا، على سبيل المثال.
وعندما يكون رئيس الولايات المتحدة شخصية متقلبة ومثيرة للُفرقة، كدونالد ترامب، يغدو ما يجري في البيت الأبيض مستحوذاً على اهتمامنا إلى حدّ كبير. فمن المؤتمرات الصحفية الصاخبة في وقت متأخر من الليل، إلى سيل من التغريدات على الإنترنت، تابعنا كل التفاصيل الصغيرة والكبيرة لهذه الإدارة، ليس لأنها مُبهرة فحسب، بل لأنها تؤثر أيضاً تأثيراً فعلياً كبيراً على العالم بأسره.
ومدينة جنيف تعرف هذه الحقيقة أكثر من غيرها؛ فقد أثارت إدارة ترامب الجزع والاستياء في هذه المدينة الدولية، بدءاً من رفض تعيين قضاة منظمة التجارة العالمية، واصطدام إمكانية حل النزاعات التجارية العالمية بأفق مسدود لتجد هذه النزاعات نفسها في مرحلة شبه جمود، إلى الانسحاب من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وتوجيه النقد اللاذع مؤخراً إلى منظمة الصحة العالمية. وكما يعلم مستمعونا وقراؤنا، فنحن، من خلال “بودكاست من داخل جنيف” (بالانجليزية) نُبرز بانتظام ما تعنيه عقيدة ترامب، إذا صحّت تسميتها كذلك، كما نبرز تداعياتها على التعددية، والمبادئ الأساسية التي تم تبنّيها بعد الحرب العالمية الثانية.
المزيد
الآن وقد غدا خروج ترامب من البيت الأبيض حتميا (وخاصة بعد النتيجة الواضحة التي أسفر عنها تصويت كبار الناخبين يوم 14 ديسمبر الجاري) هل ستنطلق عجلة الحياة السياسية لتأخذنا إلى المرتفعات التي تفيض بالضياء؟ هل سيضغط بايدن على زرّ ما لتصويب الأمور ليُعيدنا إلى حقبة ما قبل 2016؟
هذا هو الموضوع الذي تم التطرق إليه مؤخرا في بودكاست “من داخل جنيف”. ومن أجل مناقشة معمّقة حول ما قد تحمله السنوات الأربع المقبلة، بالنسبة لجنيف والولايات المتحدة والعالم كله، انضم إلينا ضيوفي البروفيسور جوسي هانهيماكي من معهد الدراسات العليا في جنيف، وبيغي هيكس، مديرة مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ومحللنا الدائم دانيال وارنر. اضغط على هذا الرابط لتستمع إلى البودكاست كاملا (بالانجليزية).
فيما يلي بعض الإضاءات الصغيرة عما ورد في مناقشاتنا:
تعلق بيغي هيكس آمالاً كبيرة على قدرة الولايات المتحدة في معاودة الانخراط في حقوق الإنسان، مشيرة إلى أن الأمر يتطلب مستوى معينّاً من التواضع. “إن دعم حقوق الإنسان يجب أن يبدأ من الداخل” على حد قولها.
لكن جوسي هانهيماكي يحذر من رفع سقف التوقّعات، مشيراً إلى أن فكرة “أمريكا أولاً” لم تكن يوماً خارج جدول أعمال أيّ إدارة أميركية”.
أما دانييل وارنر فيحذّر بدوره من أنه على الرغم من الوعود المتعلقة بمعالجة تغيّر المناخ ووباء كوفيد – 19، إلا أن الإدارة الجديدة تبقى صامتة إلى حد ما بشأن القضايا المهمة الأخرى التي تثيرها جنيف. “لم يُعرب بايدن ولا هاريس عن رغبتهما في المضي قدماً في دعم الأمم المتحدة كنظام”.
هل تعود تعددية الأطراف إلى مسارها؟
من المسلّم به أن السؤال الحقيقي المطروح للسنوات الأربع القادمة، لا يكمن فيما إذا كانت البلدان ستعيد التزامها بالتعاون على أساس تعددية الأطراف، ولكن فيما إذا كان هذا الالتزام يهدف فعلياً لخدمة العالم بأسره، وليس فقط لخدمة الدول الفردية التي تنخرط في التعاون والمشاركة.
إنها مناقشة مثيرة، وآمل أن تأخذوا الوقت الكافي للاستماع إلى ما أجمعنا عليه من آراء حول مستقبل تعددية الأطراف.
وهذا الأمر يقودنا إلى موضوع آخر. مع اقتراب عام 2021، يبحث فريق “من داخل جنيف” في القضايا الساخنة. وقد توصلنا بالفعل إلى قضيتيْن: سنبدأ سلسلة موسمية جديدة حول المعاهدات التي غيرت عالمنا، من خلال الحديث مع الأشخاص الذين شاركوا في المفاوضات لإبرامها، وأولئك الذين استفادوا وتحسنت حياتهم على إثرها. ونعتزم أن نبدأ هذه السلسلة ببودكاست عن اتفاقية الألغام الأرضية.
هناك المئات من المعاهدات، بعضها تم التوقيع عليه منذ آلاف السنين، والبعض الآخر منذ بداية هذا القرن. أيّ منها يثير اهتمامك؟ أهي اتفاقية بازل بشأن النفايات الخطرة؟ أم الاتفاقية الدولية لصيد الحيتان؟ ثم ماذا عن اتفاقية جنيف الأولى عام 1864؟ أخبرنا بالمعاهدة التي تثير اهتمامك، لنتمكّن من تضمينها في البودكاست.
ومع استمرار جائحة كوفيد 19 التي تبدو جائحة أبدية، فإننا مهتمون بالنظر في كيفية تأثير هذا الحدث المزلزل على العمل الإنساني، وبشكل أساسي على تمويله. إذا كنت تمثل منظمة غير حكومية تواجه تحديات مالية صعبة خلال الأشهر القليلة القادمة، فما عليك إلا أن تتواصل معنا، فنحن حريصون على سماع وجهة نظرك وعلى مشاركتك في البودكاست.
وبشكل عام، لا تتردد في إخبارنا بتعليقاتك واقتراحاتك حول “من داخل جنيف”. إنه بودكاست مصمم ليشمل جميع الآراء في جنيف الدولية والمجتمع الإنساني على مستوى العالم.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.