كيف يتعامل “ساعي البريد” السويسري مع الولايات المتحدة وإيران؟
مع تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، عاد الدور الذي تلعبه سويسرا كوسيط بين البلدين إلى دائرة الضوء. ولكن لماذا تتدخل سويسرا المُحايدة في مثل هذه المعامع؟
تم نشر هذا المحتوى على
6دقائق
ولد طوماس في لندن، وكان يعمل كصحفي في صحيفة "الإندبندنت" قبل انتقاله إلى برن في عام 2005. يتحدث جميع اللغات السويسرية الرسمية الثلاث، ويستمتع بالسفر في أنحاء البلاد وممارسة معارفه بها، لا سيما في الحانات والمطاعم ومحلات الآيس كريم.
يوم الأحد 5 يناير الجاري، استدعت السلطات الإيرانية المبعوث السويسري الذي يمثل المصالح الأمريكية في طهران احتجاجًا على تهديدات أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على موقع تويتر. فقد قال ترامب إن الولايات المتحدة ستستهدف مواقع إيرانية إذا ما هاجمت طهران مواطنين أو ممتلكات أمريكية ردا على مقتل القائد العسكري قاسم سليماني.
وكانت إيران قد هددت بالانتقام بعد أن أكدت الولايات المتحدة يوم الجمعة 3 يناير الجاري أن ترامب قد أمر بتنفيذ الضربة المُوجّهة ضد قائد فيلق القدس التابع لحرس الثورة الإيراني.
بالفعل، تقوم سويسرا بممارسة ما يُعرف بـ “تفويض سلطة الحماية” أو لعب دور “الدولة الحامية” لفائدة الولايات المتحدة في إيران منذ عام 1980 بعد أن قطعت واشنطن علاقاتها الدبلوماسية مع طهران في نفس السنة بسبب أزمة الرهائن التي أبقت على 52 دبلوماسيًا ومواطنًا أمريكيًا قيد الحصار داخل مقر سفارتها في إيران لمدة 444 يومًا.
المزيد
المزيد
مهامّ حميدة لسويسرا على مدى السنين
تم نشر هذا المحتوى على
على مدى العشريات الست الأخيرة، ارتفع عدد مهام الوساطة الحميدة أو رعاية المصالح التي اشتركت فيها سويسرا جزئيا أو كليا أو تراجع تبعا لتطور الأوضاع الجغرافية – السياسية في شتى بقاع العالم.
في عام 2013، قال فيليب فيلتي، وهو سفير سويسري سابق متقاعد لدى إيران: “عندما تعلن دولتان الحرب ضد بعضهما البعض، فإن أول ما يفعلانه هو قطع العلاقات الدبلوماسية. إنه أهون شيء يُمكنهما القيام به، لكن هذا هو ما يحدث دائمًا”.
“بمجرد قطع بلدين لعلاقاتهما الدبلوماسية، تصبح الحاجة إلى رعاية العلاقات أكثر إلحاحًا نظرا لأنك لا تفعل ذلك بنفسك. فأنت بحاجة إلى طرف ثالث للقيام بذلك وبما أن سويسرا لم تكن طرفًا في أي من المعارك في أربعينيات القرن الماضي، فقد اعتُبر أنه من المناسب بشكل خاص مطالبة السويسريين برعاية مصالح مختلفة”.
اليوم، لا زال الوضع على ما هو عليه، كما تشرح وزارة الخارجية على موقعها رابط خارجيبالتنويه إلى أنه “يُمكن لسويسرا بناء جسور حيث يُمنع الآخرون من القيام بذلك، لأنها لا تنتمي إلى أي كتلة قوة ولا تسعى لتنفيذ أي أجندة خفية”.
واقعيا، يتخذ بناء الجسور هذا شكل المساعي الحميدة والتفويضات الممنوحة للدولة الحامية التي تشمل – حسب الوزارة – “جميع المبادرات الدبلوماسية والإنسانية التي اتخذتها دولة ثالثة أو مؤسسة مُحايدة بهدف حل نزاع ثنائي أو دولي أو جلب الأطراف إلى طاولة المفاوضات”.
في الممارسة العملية، يعني هذا وجود قناة اتصال، أي توفر مبعوث بين الطرفين. في هذا الصدد، أشار السفير السابق فيلتي إلى أن هناك ثلاثة شروط ضرورية للنجاح في هذه المهمة: “يجب عليه أن يعمل بطريقة تقنية، بحيث يُمكن للرسائل أن تكون قادرة على المرور من خلاله على مدار ساعات الليل والنهار. إضافة إلى ذلك، يجب أن تكتنفها السرية التامة. ويجب أن تكون غير منحازة تمامًا وأمينة في نقل (محتوى) الرسالة، لأنه عندما تكون الرسالة شفهية، فهناك احتمال دائمًا أن يقوم الطرف الثالث بتغييرها. لا يجب أن يكون هناك أي شيء مِنّي (متضمّنا) في الرسالة ” المنقولة.
تقليد عريق
يُمكن القول بأن “الفترة الذهبية” لما يُعرف بولايات “الدولة الحامية” كانت خلال الحرب العالمية الثانية. ففي عامي 1943 و1944، كانت سويسرا تُدير 219 ولاية لـفائدة خمس وثلاثين دولة.
بدورها، أسفرت الحرب الباردة أيضًا عن المزيد من الطلب على الخدمات السويسرية، حيث بلغ عدد الولايات 24 في عام 1973، إلا أنه تراجع منذ ذلك الحين ليستقر – حسب وزارة الخارجيةرابط خارجي – في حدود سبعة: إيران في مصر والولايات المتحدة في إيران وروسيا في جورجيا وجورجيا في روسيا وإيران في المملكة العربية السعودية والمملكة العربية السعودية في إيران ومنذ يونيو 2019، تقوم سويسرا برعاية مصالح إيران في كندا..
عموما، يُمكن لسويسرا أن تُبادر بعرض التحرك كوسيط بين الطرفين من تلقاء نفسها كما يُمكنها القيام بهذه المهمة بناءً على طلب الأطراف المعنية، شريطة الحصول على موافقة جميع المعنيين.
المزيد
المزيد
دبلوماسية سويسرا تتكيُّـف مع الوجه المتغيِّـر للصِّـراعات
تم نشر هذا المحتوى على
سواءٌ في حالة العمل كمبعوثٍ بين دولتين متخاصمتين، انقطعت القنوات الدبلوماسية بينهما أو العمل بنشاطً كوسيط لإصدار قرار، فإن للمساعي الحميدة في سويسرا تُـراث طويل. وقد قامت دولة جبال الألب الصغيرة بلعِب دوْر القوّة الحامية للمصالح لأول مرة، في القرن التاسع عشر، حين رَعَت مصالح مملكة بافاريا ودوقية بادن في فرنسا خلال الحرب الفرنسية –…
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.
اقرأ أكثر
المزيد
الرئيس أولي ماورر وزياراته المثيرة للجدل
تم نشر هذا المحتوى على
رحلة ماورر إلى المملكة العربية السعودية في أكتوبر الماضي كانت محل جدل كبير. فقد تعرضت المملكة للكثير من الانتقادات، خاصة بعد مقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي. لكن زيارة الرئيس السويسري إلى الصين كانت أيضاً محل انتقادات بسبب الأوضاع المتدهورة لحقوق الإنسان في البلاد. تكشف هاتان الزيارتان ـ وكذلك الرحلة الأخيرة إلى موسكو ـ عن نهج…
مرجان البحر الأحمر يسلط الضوء على “الدبلوماسية العلمية لسويسرا”
تم نشر هذا المحتوى على
تتميز الشعاب المرجانية في البحر الأحمر بقدراتها الاستثنائية على تحمل الآثار الناتجة عن تغير المناخ، ولكن البلدان التي يمكن لعلمائها المساهمة في حماية هذه الشعاب ليست على وفاق دائم.
تم نشر هذا المحتوى على
بعد مرور سبعة وعشرين عاماً على انتهاء الحرب الأهلية في الدولة الواقعة شرق القارة الإفريقية، وقّع قادة الحكومة وممثلو المعارضة الرئيسية يوم الثلاثاء 6 أغسطس الجاري على اتفاق في العاصمة مابوتو، وهي المحاولة الثالثة من نوعها لإحلال سلام دائم في البلد. وقال وزير الخارجية السويسري إينياتسيو كاسيس، الذي حضر الاحتفال، إنه “يوم تاريخي” من شأنه أن…
تم نشر هذا المحتوى على
كيف يمكن لعدويّن لدودين أن يظلا على اتصال؟ في إطار تفويضها لحماية المصالح، تساعد سويسرا المُحايدة على عدم انقطاع حبل المباحثات وتُسهم في الإبقاء على "شعرة مُعاوية" بين السعودية وإيران مثلا. حوار خاص مع تيم غولديمان عن هذه المهمة التي عاينها مباشرة خلال شغله منصب سفير للكنفدرالية في طهران من خلال لعب دور قناة اتصال بين الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية إيران الإسلامية.
تم نشر هذا المحتوى على
هذه التفاصيل الجديدة كانت محور الملتقى الذي احتضنته مؤخرا جامعة فريبورغ، وهو ما سمح بإلقاء ضوء إضافي على الظروف التي دفعت سويسرا إلى لعب هذا الدور، وبالأخص قضية النائب العام الفدرالي “ديبوا”. بمبادرة من سفارة الجزائر في سويسرا وبمشاركة الساهرين على الأرشيف في كلٍّ من الكنفدرالية والجزائر، وبدعم نشِـط من جامعة فريبورغ، تمّ يوم 25 مارس…
تم نشر هذا المحتوى على
هذه الدبلوماسية الميدانية، تتحدث ثماني لغات، وأنجزت لحساب الأمم المتحدة، والإتحاد الأوروبي ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، 18 مهمة دولية على مدى ثلاثين عاما. وبمناسبة بلوغها سن التقاعد، دعت إلى حشد الجهود من أجل تحقيق السلام في جورجيا، التي عملت فيها لنحو عشر سنوات. swissinfo.ch: على مدار ثلاثين عاما من العطاء، أنجزتِ 18 مهمة، معظمها في بلدان…
تم نشر هذا المحتوى على
وستكون أول مرة يؤدي فيها رئيس دولة من روسيا (القيصرية أو السوفييتية أو الفدرالية) زيارة رسمية إلى سويسرا رغم أن البلدين يرتبطان بعلاقات وثيقة جدا ومنذ فترة طويلة مثلما يُذكّر السفير براتشيكوف. swissinfo.ch: عام 2009 سنة مهمة للعلاقات بين سويسرا وروسيا. ففي مايو فازت روسيا ببطولة العالم للهوكي على الجليد في برن مثلما حدث في…
تطوير المساعي الحميدة بالإنفتاح على المجتمع المدني
تم نشر هذا المحتوى على
لذلك تتجه سويسرا، الرائدة فيما يتعلق بالشراكة مع المنظمات غير الحكومية، لتجديد وتطوير سياستها التقليدية في مجال المساعي الحميدة. واقعيا، يُـمكن القول أن النزاعات المتعددة، التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط أو القارة الإفريقية، تقيم الدليل على أن مفاوضات السلام لم تعد ذات جدوى، لكن الأمر على خلاف ذلك. فخلال عشرية التسعينات، أمكن وضع حدٍّ لـ…
شارف على الإنتهاء... نحن بحاجة لتأكيد عنوان بريدك الألكتروني لإتمام عملية التسجيل، يرجى النقر على الرابط الموجود في الرسالة الألكترونية التي بعثناها لك للتو
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.