مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الناخبون يؤيدون تضمين الدستور نصا يكفل الأمن الغذائي

Selbstversorgung_Self-sufficiency_Landwirtschaft
أيّد 78.7% من الناخبين السويسريين اقتراح الامن الغذائي، كما فاز بأغلبية مريحة في جميع الكانتونات. Emanuel Ammon/AURA

صوّت الناخبون السويسريون بكثافة يوم الأحد 24 سبتمبر 2017 لصالح تعديل دستوري يهدف لحماية الإنتاج الغذائي المحلّي، ويعطي الأولوية لأصناف الزراعات المستدامة، حيث أيّد المقترح البرلماني 78.7% بينما لم يعارضه سوى 21.3%. ولكن كيف سيؤثّر هذا التعديل إذا ما أقرّ في النهاية على الواردلات الغذائية السويسرية؟

وقال جاك بورجوا، رئيس اتحاد المزارعين السويسريين، الجهة الأولى التي أطلقت مبادرة الامن الغذائي الوطني معلّقا على هذا التأييد الشعبي الكاسح: “إن الشعب السويسري يريد الحفاظ على زراعة محلية قوية، ويريدون أن يكون لهم الخيار فيما سينتهي به الامر في أوعية أكلهم”.

أما وزير الإقتصاد يوهان شنايدر أمان: “إنه قرار يتعلّق أيضا بالتجارة الحرة، دون الإضطرار إلى التضحية بجزء من الأإقتصاد”.

رغم أن نتيجة التصويت المحققة يوم الأحد 24 سبتمبر 2017 قد تجلب الإبتسامة لبعض الوجوه،  فإنها لن تؤدي إلى تغيير واقع القطاع الزراعي في سويسرا بين عشية وضحاها. فالفصل 104 أرابط خارجي الغامض  من الدستور السويسري، الذي ينص على “إمداد السكان بالمواد الغذائية بطريقة موثوقة”، سوف يُعدّل ليصبح أقلّ غموضا. ومن شأن النص الجديد الذي يتضمّن خمسة عناصر تعتبر أساسية أن يكفل توفير الغذاء لسكان سويسرا، ومواجهة حالة عدم اليقين سواء بسبب الوضع السياسي أو التغيرات المناخية. وهذه العناصر الخمسة هي: منع تآكل قاعدة الإنتاج الغذائي المحلّي، وجعل الإنتاج الغذائي أكثر كفاءة وقدرة على التكيّف، والحد من الإعتماد على الدعم، والحفاظ على التجارة عبر الحدود، والحد من النفايات.

محتويات خارجية

وسوف يحدد التعديل بشكل أفضل نوع الزراعة التي يرغب الشعب السويسري في الإستزادة منها: الزراعة المحلية وطرق الإنتاج المستدامة. ومع ذلك، ليس من المنتظر أن تُسنّ قوانين جديدة بشأن الأمن الغذائي، كما أن الحكومة الفدرالية أو الكانتونات غير ملزمة بإتخاذ أي تدابير جديدة من هذا القبيل.

ويشمل معسكر المؤيدين أغلبية الأحزاب السياسية والمنظمات البيئية، والمنظمات المدافعة عن مصالح المزارعين. أما الاصوات المعارضة فهي نادرة وقليلة، ووضعت من يدعمها في وضع غير مريح: حزب العمال السويسري ( المتشدد)، والإتحاد الديمقراطي الفدرالي (المحافظ جدا)، بالإضافة إلى الإتحاد من أجل السيادة الغذائية (يتكوّن من أكثر من 250 مجموعة زراعية ودينية). ومعسكر الرافضين غير راض على البند الذي ينص على أن “الزراعة السويسرية يجب أن تكون موجهة نحو السوق وأقلّ اعتمادا على الدعم”.

وقد أظهر آخر استطلاع للرأي أن حصول هذا التعديل على الأغلبية أمر وارد جدا.

محتويات خارجية

تأثير الإستيراد

يقرّ النص المعروض على التصويت بأن سويسرا لا يمكن أن تكون مكتفية ذاتيا من انتاج الأغذية. فالبلاد تنتج حاليا حوالي 60% من احتياجاتها المحلية.

محتويات خارجية

ويدعو بند واحد على الأقل في هذه المبادرة إلى أن تسهم الواردات في التنمية المستدامة للزراعة، وإلى استمرارية السلسلة الغذائية. ولكن بفرض شرط الإستدامة على الواردات أيضا، وأن لا يؤدي اقرار هذا الشرط إلى إلحاق الضرر بالمزارعين في البلدان النامية بفرض نوع من التعريفة الجمركية الخفية على منتوجاتهم التي تريد دخول السوق السويسرية. أمر يستبعده جوناثان هيبورن، كبير مديري البرامج في المجال الزراعي بالمركز الدولي للتجارة والتنمية المستدامة الذي يتخذ من جنيف مقرا له.

يقول هيبورن: “إن التعديل المقترح لا يطلب من سويسرا فرض تعريفات إضافية أو قيود جديدة على السوق، كما أنه لا يطلب من المصدّرين إلى سويسرا أن يثبتوا أن سلعهم الزراعية قد اُنتجت بشكل مستدام”.

والسويسريون ينفقون بالفعل على المنتجات العضوية ومنتجات التجارة العادلة التي تستورد سويسرا جزء كبير منها، أكثر من أي شعب آخر، وهم بهذه الطريقة إنما يكافؤن التعاطي السليم للمورّدين مع المنتجات الزراعية المستوردة. مع ذلك، يشير هيبورن إلى أنه إذا كانت سويسرا تريد فعلا المساعدة في تحقيق تنمية مستدامة في المجال الزراعي على المستوى العالمي، ينبغي أن تفتح أسواقها المحمية أمام الصادرات من البلدان الأكثر فقرا.

محتويات خارجية

يسعى واحد من بين أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، التي وقعت عليها سويسرا، إلى إنهاء الجوع بحلول عام 2030، من خلال تحقيق الامن الغذائي وتعزيز الزراعة المستدامة. وإحدى طرق تحقيق ذلك، وفقا لما يشير إليه النصرابط خارجي: “تصحيح القيود التجارية وتجنّبها، ووضع حدّ للتشوّهات التي يمكن أن تلحق بالأسواق الزراعية العالمية”.

لن تكون النهاية 

قد يعتقد المرء أنه بإقرار هذا التعديل سوف توضع مسألة الإستدامة في المجال الغذائي في سويسرا على الرف لبضع سنوات على الأقل. لكن الواقع يشير إلى أن مبادرتيْن من هذا القبيل هما قيد الإعداد، ومن المرجّح أن تعرضا على التصويت خلال العام المقبل: الأولى “من أجل غذاء عادل”، تقدّم بها حزب الخضر، والثانية “من أجل سيادة غذائية”، أطلقتها مؤسسة Uniterre، جمعية خاصة بصغار المزارعين.

اقترح اتحاد المزارعين السويسريين أوّلا مبادرة لتحسين امدادات المواد الغذائية المزروعة محليا من خلال وضع حد لفقدان الأراضي الزراعية، والحد من العبء الإداري على الزراعة وتعزيز الإستثمار في هذا القطاع. وهذه الأفكار الجيّدة نجحت في جمع العدد المطلوب من التوقيعات في وقت قياسي.

كذلك حظي هذا المقترح بقبول جيّد في البرلمان، لكن النواب رأوا أن تكون هذه المبادرة أقلّ حمائية، وأكثر ضبطا وتحديدا. ومن ثم طرحت فكرة المشروع المضاد ، حيث أضيفت إلى المبادرة الأصلية فقرات تهدف إلى إيجاد نظام انتاج غذائي أكثر كفاءة وأقلّ إهدارا. ولاحقا، سحب اتحاد المزارعين مبادرته ما سمح في النهاية للناخبين بالتصويت بنعم أم لا على المبادرة الوحيدة، والتي هي مبادرة البرلمان.

(نقله من الإنجليزية وعالجه: عبد الحفيظ العبدلي)

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية