“المساعدات الإنسانية يجب أن تكون مصحوبة بعملية سياسية”
أوضح السفير مانويل بيسلر- مفوض الحكومة السويسرية للمساعدات الإنسانية، أنه "لا توجد هناك حلولٌ إنسانية للمعضلات السياسية، فبقدر أهمية المساعدات الإنسانية والتنموية، يجب أن تكون تلك المساعدات مصحوبة بعملية سياسية"، مشيرًا إلى أن "أمل الشعوب يتحقق بالسلم والأمن".
وعلى هامش المؤتمر الدولي لإعادة إعمار غزة، الذي عُقِدَ في القاهرة يوم الأحد 12 أكتوبر الجاري، قال بيسلر، رئيس قسم المساعدات الإنسانية في الوكالة السويسرية للتنمية والتعاونرابط خارجي في حوار خاص لـ swissinfo.ch: “الشكر للحكومة المصرية المضيفة للمؤتمر، والحكومة (النرويجية) المشاركة في الاستضافة، على مبادرتهما للدعوة إلى هذا المؤتمر، الذي تشارك فيه سويسرا بمؤسساتها الحكومية، التي تعمل في المجالات الإنسانية والسياسية والتنموية”.
وأضاف أن: “سويسرا ترغب في تقديم المساعدة للاستثمار في إعادة إعمار غزة، إلا أن ذلك يجب أن يكون على أرضية آمنة، يمكن لجميع الأطراف أن يتفقوا عليها”، مضيفًا أنها ستعمل أيضًا على الترويج لأفكار السلام، وأن يكون هناك قدرٌ أكبر من الاحترام للقانون الإنساني الدولي”.
وأشار إلى أنه كان في غزة منذ أسبوعين، ورأى بنفسه حجم المعاناة الإنسانية، والدمار على نطاق واسع، وفقدان الأمل في عيون الناس، مشددًا على أنه “من المهم أن نقدم المساعدة الإنسانية ونرفع المعاناة، وأن نعمل مع شركائنا على الأرض من أجل تحسين الوضع المعيشي لأهالي غزة”.
مزيد من التفاصيل في الحوار التالي:
wissinfo.ch: بوصفكم مفوض الحكومة السويسرية للمساعدة الإنسانية، ما هي أهداف برن من المشاركة في مؤتمر إعادة إعمار غزة؟ وما هي أبرز وأهم المشروعات التي تخطط للمشاركة بها؟ وما هو حجمها؟
مانويل بيسلر: كنت في غزة منذ أسبوعين، ورأيت بنفسي في المقام الأول حجم المعاناة الإنسانية، والدمار على نطاق واسع، وفقدان الأمل في عيون الناس. لذا فبالنسبة لسويسرا، يأتي جميع ذلك في المقام الأول كبادرة للتضامن مع سكان غزة، والفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
وبالنسبة لنا — خاصة في الأيام الأولى — بل وخلال فترة الصراع أيضًا، من المهم أن نقدم المساعدة الإنسانية ونرفع المعاناة، وأن نعمل مع شركائنا على الأرض من أجل تحسين الوضع المعيشي لأهالي غزة.
swissinfo.ch: أعلن محمود الزهار، القيادي البارز في حركة «حماس»رابط خارجي مؤخرا أن جهات دولية ستدعم رواتِب موظفي حكومة غزة السابقة، ومنها سويسرا، مستدركا بقوله “لكنها تشترط صرف ميزانياتها لمصلحة الشؤون المدنية فقط”.. ما صحة هذا التصريح؟ وماذا يعني هذا الكلام؟
مانويل بيسلر: السفير مانويل بيسلر: تقوم سويسرا بتسهيل عملية إعادة إدماج حكومة الوفاق وتماسكها، ولدينا اهتمام كبير بأن يكون لدينا بالفعل حكومة فلسطينية موحدة في غزة، يمكننا العمل معها. ومن المؤكد أن هناك شروطًا مُسبقة، وتقوم سويسرا مع الآخرين بالمساعدة أيضًا في تحقيق بعض تلك الشروط المسبقة، بحيث يمكن لهذه الحكومة أن تتوحد. ودورنا في ذلك هو تيسير عملية جمع الأطراف مع بعضها البعض.
مؤتمر إعادة إعمار غزة في سطور
استضافت حكومتا مصر والنرويج، بمشاركة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، المؤتمر الدولي حول فلسطين وإعادة إعمار غزة، والذي عُقِدَ على مستوى وزراء الخارجية بالقاهرة يوم الأحد 12 أكتوبر 2014. بدءا من الساعة التاسعة صباحا وحتى السابعة إلا ربع مساءً.
حضر المؤتمر كرؤساء مشاركين؛ كلٌ من: بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة. جون كيري، وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية. كاثرين آشتون، الممثل الأعلى للسياسية الخارجية الأوروبية. نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية. فيدريكا موجيريني، وزيرة خارجية إيطاليا. لوران فابيوس، وزير خارجية فرنسا. توني بلير، مبعوث الرباعية الدولية للشرق الأوسط.
شارك في المؤتمر حوالي 30 وزير خارجية، إضافة إلى أكثر من 50 وفدا من دول مختلفة، وممثلي نحو 20 منظمة من المنظمات الإقليمية والدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة والأجهزة الرئيسية ووكالاتها المتخصصة، مثل وكالة الأمم المتحدة للاجئين “الأونروارابط خارجي” وصندوق الأمم المتحدة الإنمائي وصندوق الغذاء العالميرابط خارجي وصندوق النقد الدوليرابط خارجي والبنك الدوليرابط خارجي، فضلاً عن صناديق وبنوك التنمية العربية والإسلامية.
بدأ المؤتمر بالجلسة الافتتاحية التي تحدّثت فيها الرئاسة (مصرية – نرويجية) المشتركة، تلتها الجلسة الثانية تحت عنوان: “تحديد التحديات”، وتضمنت كلمات من الرئاسات المشتركة للمؤتمر، شملت كلاً من الأمين العام للأمم المتحدةرابط خارجي ووزير خارجية الولايات المتحدةرابط خارجي، وأمين عام جامعة الدول العربيةرابط خارجي، وممثلة السياسة الخارجية والأمنية للإتحاد الأوروبي، ثم تحدث نائب رئيس الوزراء الفلسطيني، فقدم متطلبات واحتياجات السلطة الفلسطينية فيما يتعلق بعملية إعادة الإعمار، تلتها مداخلات لوزراء خارجية فرنسا وإيطاليا والأردن ومبعوث اللجنة الرباعية الدولية توني بلير، ثم كلمات لجميع الوفود المشاركة.
انعقد بالتوازي مع انطلاق أعمال المؤتمر عددٌ من مجموعات العمل المتخصصة، لتناول قضايا بعينها، مثل: مجموعة العمل الخاصة بإدخال البضائع إلى قطاع غزة ومجموعة العمل الخاصة بآليات تحويل الأموال وكذا آلية الإنعاش المبكر، هذا إلى جانب إجراء عدد كبير من اللقاءات الثنائية بين وزراء الخارجية ورؤساء الوفود المشاركة في أعمال المؤتمر.
استهدف المؤتمر، تثبيت وتعزيز أسس اتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، الذي تم التوصل إليه بين الجانبين في شهر أغسطس 2014، إضافة إلى توفير الدعم الدولي لإعادة إعمار قطاع غزة، وذلك في إطار من تحقيق التنمية المستدامة في فلسطين، وتعزيز آلية الأمم المتحدة القائمة لاستيراد وتصدير البضائع والمواد من وإلى قطاع غزة، بما في ذلك مشروعات القطاع الخاص وتسهيل إزالة القيود وتوفير إمكانية الوصول لهذه البضائع، بما يُسهم في توفير المناخ السياسي المناسب للتوصل إلى حلّ إقامة الدولتين لإنهاء الصراع القائم.
صرح نبيل العربي، الأمين العام للجامعة العربية أن المَبالغ التي تم جمعها في مؤتمر إعادة إعمار غزة الذي استضافته القاهرة “تجاوزت الأربعة مليارات دولار”.
swissinfo.ch: استضافت مصر المؤتمر الدولي لإعادة إعمار غزّة يوم الأحد 12 أكتوبر 2014، بالمشاركة مع الحكومة النرويجية، فما هو على وجه التحديد دور الحكومة السويسرية فيه؟
مانويل بيسلر: في المقام الأول، نشكر الدولة المضيفة، الحكومة المصرية، والدولة المشاركة في الاستضافة (الحكومة النرويجية) على مبادرتهما للدعوة إلى هذا المؤتمر الذي تشارك فيه بالتأكيد سويسرا بمؤسساتها الحكومية التي تعمل في المجالات الإنسانية والسياسية والتنموية.
كما تلتزم سويسرا بشدة بمساعدة الأراضي الفلسطينية المحتلة. ومن خلال مكتبنا في القدس، ومكتبنا الفرعي في غزة، نقوم بتنفيذ المشاريع لمصلحة الشعب الفلسطيني، ولنكون جزءًا من المجتمع الدولي، الذي يجتمع هنا لإظهار تضامنه، وتقديم وعودنا هنا في القاهرة.
swissinfo.ch: يوم الأربعاء 10 سبتمبر المنقضي، عُقِدَ مؤتمرٌ تمهيدي مصغّر لإعادة إعمار غزة في زيورخ بسويسرا.. فماذا كان الهدف من عقد هذا المؤتمر الإستباقي لمؤتمر القاهرة؟ وإلى ما إنتهيتم فيه؟
مانويل بيسلر:كانت تلك أقرب ما تكون إلى كونها ورشة عمل، في الحقيقة جمعنا فيها مختلف الأطراف الفاعلة من أجل التحضير؛ أ) لهذا المؤتمر اليوم، ب) وإلى حد أكبر على المدى المتوسط والبعيد: كيف ترغب سويسرا في أن تضع نفسها ومع من ستعمل. لذا كان ذلك اجتماعًا تحضيريا لمؤتمر القاهرة.
swissinfo.ch: في الثلاثين من سبتمبر الماضي، قمتم بزيارة مَـيدانية إلى شمال قطاع غزة، لتقييم الأضرار الناجمة عن الحرب على غزة.. ما هو تقييمكم للوضع على الأرض هناك؟
مانويل بيسلر:في الحقيقة، كنت منذ أسبوعين في غزة لأرى الوضع بنفسي، وأقابل من مروا بأولئك الواحد والخمسين يومًا من الحرب، ولأرى لأي مدى يمضون في حياتهم. وأنا أعرف غزة من زيارات سابقة، وقد كان من المؤثر أن نرى من الناحية السلبية الدمار الذي لحق بها. فقد رأينا على سبيل المثال أحد خزانات المياة وقد دُمِرَ تمامًا، ومواقع صناعية لحقها الدمار أيضًا.
إلا أنه ومن الناحية الأخرى، نجد كيف يتعامل الناس مع هذا الدمار، فالحياة مستمرة، ورأينا بعض المحال تعمل بالفعل. كما رأينا مرونة أهل غزة والفلسطينيين، بالرغم من كل تلك الصعوبات والدمار، وهم مستمرون في حياتهم. كما زرنا أيضا بعض المُهَجَّرين، وكانت أمنيتهم الكبرى بالطبع هي أن يعودوا إلى منازلهم. لذا فقد شجعني ذلك على تقديم المساعدة، ليتمكن هؤلاء من العودة إلى منازلهم في أسرع وقت ممكن.
swissinfo.ch: أعلنتم في المؤتمر الصحفي الذي عُـقد في شمال غزة يوم 30 سبتمبر، أنكم تريدون ضمانات من طرفيْ النزاع.. فأي نوع من الضمانات تريدون على وجه التحديد؟ وكيف ستتصرفون إذا لم تحصلوا على هذه الضمانات؟
مانويل بيسلر: لسوء الحظ، لا تعتبر هذه المرة الأولى التي نعقد فيها مؤتمرًا لإعادة الإعمار، وتكون غزة بحاجة إلى ذلك. ومن المؤكد أن سويسرا ترغب في تقديم المساعدة للاستثمار في إعادة إعمار غزة، إلا أن ذلك يجب أن يكون على أرضية آمنة، يمكن لجميع الأطراف أن يتفقوا عليها.
ومن هذا المنطلق، فإن الضمانات التي ذكرتها في القدس كانت تتمثل في أنه وحتى نتمكن من المشاركة معًا، يجب أن تكون هناك آلية تبنى على أساسها عملية إعادة الإعمار، وأن يجري توصيل المواد المستخدمة في الإعمار إلى القطاع. وبالتأكيد يتمثل الجزء الأكثر أهمية من ذلك أن يكون هناك ترسيخ لوقف إطلاق النار التي نأمل– إن شاء الله– أن تؤدي إلى عملية سلام.
ومن المهم أن نؤكد مرارًا وتكرارًا على أنه لا توجد هناك حلول إنسانية للمعضلات السياسية، فبقدر أهمية المساعدات الإنسانية والتنموية، يجب أن تكون تلك المساعدات مصحوبة بعملية سياسية، وذلك ما نضع تأكيدنا عليه، فأمل الشعوب يتحقق بالسلم والأمن.
swissinfo.ch: أعلن الحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية في السويد مؤخرا، أنه سيعترف بفلسطين.. فهل تفكر سويسرا في الإقدام على خطوة مماثلة، خصوصا وأنها كانت من أول الدول الأوروبية التي اعترفت بحكومة حماس بعد فوزها في الانتخابات البرلمانية عام 2006؟
مانويل بيسلر: هذا السؤال سؤالٌ سياسي، وبما أنني هنا رئيس بعثة المساعدات الإنسانية، فعلينا إذن أن نسأل قياداتنا السياسية مثل هذه النوعية من الأسئلة.
swissinfo.ch: سبق لسويسرا أن اقترحت إشراف عدد من الدول الأوروبية – بينها سويسرا – على كافة المعابر في قطاع غزة، ألا ترون أنه قد آن الأوان لإعادة طرح هذا المقترح وبلورته في شكل جديد؟
مانويل بيسلر: من المهم للمجتمع الدولي أن يجتمع مع بعضه البعض لتقديم الدعم، بل والضمانات أيضًا لأن يكون هناك استمرارٌ لوقف إطلاق النار واستمرارٌ لعملية السلام. والآن فإن الشكليات التي نناقشها هنا، والتي من المنتظر أن يناقشها القادة السياسيون أيضًا، تتمثل في من سيتولى الإشراف على تلك المعابر، وأين وعند أي معبر سيجري ذلك.وإذا كان الوقت قد حان الآن ليكون هناك تواجد دولي عند الحدود، فيجب أن يكون ذلك واضحًا ما إذا كانت تلك هي العملية الملائمة، أو تجري بالطريقة الملائمة. فمن المهم بالنسبة لنا أن تكون هناك حدودٌ آمنة، وأن نكون مستعدين وسعداء لتقديم الدعم والتأييد الضروريين، من أجل تحقيق ذلك في أسرع وقت ممكن.
swissinfo.ch: يجتمع العالم للمرة الثالثة للتباحث حول سُبل إعادة إعمار غزة.. ألَـم يكن من الأجدى أن يتحرّك لحل الأزمة وتطبيق قرارات الأمم المتحدة، ورفع الحصار عن غزة.. بدلاً من الصمت حتى تنشب الحرب ثم تهدأ.. للاجتماع لبحث إعادة إعمار ما خرّبته الحرب؟!
مانويل بيسلر: لكن حتى يجري تنفيذ القرارات، يجب أن يكون لديك الاتفاق والتوافق من جميع الأطراف المعنية. وما قلته في السابق هو أن إقامة هذه النوعية من المؤتمرات أمرٌ مهم، أن نجمع المال من أجل [إعادة الإعمار]، وذلك أمر أتفق معه بدرجة كبيرة.
إلا أن الأمر الأكثر أهمية يتمثل في أن يكون هناك توافقٌ سياسي، وذلك هو التحدي الذي يواجه السياسييّن، لاتخاذ خطوة حقيقية حيال ذلك. ونأمل أن تكون هذه خطوة أولى هنا من شأنها تسهيل العمل السياسي.
swissinfo.ch: أعلنت سويسرا أنها غير مستعدة لإنفاق أموال دافعي الضرائب على منشآت قد تُهدم فيما بعد.. فهل ستتجهون لتركيز جهودكم على “تدريب وتأهيل الكوادر” و”نقل الخبرات” أم ستتحولون إلى بناء المنشآت؟ هل من توضيح؟
مانويل بيسلر: دعمنا وبرنامجنا له نواحٍ مختلفة، فهناك نظام الحكم، وهناك التعليم، وهناك دعم الهياكل الصحية، لذا فنحن نعمل على تغطية مختلف النواحي التي تتطلب المساعدة. ونحاول من خلال وسائلنا المحدودة تغطية المناطق الهامة بالنسبة للمدنيين.
وبالتأكيد فإننا نعمل أيضًا على الترويج للسلام، والترويج لأن يكون هناك قدرٌ أكبر من الاحترام للقانون الإنساني الدولي، أملاً منا أن يسهم ذلك في إقامة سلام دائم في المنطقة.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.