المستثمرون السويسريون في مصر: “إصلاحات أكثر وبيروقراطية أقل”
مثلما كان مُتوقعا، لم تتغيّب سويسرا الرّسمية والإقتصادية عن مؤتمر "دعم وتنمية الإقتصاد المصرى: مصر المستقبل"، الذي عقدته الحكومة المصرية من 13 إلى 15 مارس 2015 في منتجع شرم الشيخ جنوب البلاد. في المقابل، حثت الجهات السويسرية السلطات المصرية على تحسين مناخ الأعمال، وإجراء الإنتخابات البرلمانية، وتفعيل قانون الإستثمار الجديد.
المشاركة السويسرية في المؤتمر تمّـت من خلال وفدين؛ يمثل أحدهما السلطات الفدرالية، برئاسة السفيرة ليفيا لوي، الممثل الخاص بالحكومة السويسرية لاتفاقيات التجارة بوزارة الشؤون الإقتصادية، وبوفد من رجال الأعمال؛ مثّـلته جمعية “رجال وسيدات الأعمال المصرية السويسرية”رابط خارجي، إضافة إلى ممثلين عن 20 شركة سويسرية عاملة في مصر.
انتخابات النواب ركيزة لدعم الاقتصاد
رسميّون ورجال أعمال
شاركت سويسرا في مؤتمر شرم الشيخ الذي عقدته مصر في الفترة من 13 إلى 15 مارس 2015 بمدينة شرم الشيخ، بوفدين.
الأول رسمي، يمثل الحكومة الفدرالية، برئاسة السفيرة ليفيا لوي، الممثل الخاص بالحكومة السويسرية لاتفاقيات التجارة بوزارة الشؤون الإقتصادية والتعليم والبحوث، وباتريك مايور، نائب رئيس الوفد السويسري، والسفير ماركوس لايتنر سفير سويسرا بالقاهرة، والوزير المفوض، جون بيار ريموند، نائب رئيس البعثة بالقاهرة، ومديحة نصر، الملحق التجارى بالسفارة، ورومان دربيليه مدير مكتب التعاون الدولى والتنمية السويسرى بالقاهرة.
أما الثاني، فهو وفد من رجال الأعمال؛ مثلته جمعية “رجال وسيدات الأعمال المصرية السويسرية”رابط خارجي (SEBA)، وتكون من: نبيل نصار، رئيس مجلس الإدارة، ومحمود بزان، سكرتير الجمعية، والعضو المنتدب لشركى هيرو في أفريقيا والشرق الأوسط، ونبيل عطية، أمين الصندوق، ومدير شركة “فرانكى ايجيبت”، وسلوى مرقص، عضو مجلس الإدارة والمدير التنفيذي للمكتب التمثيلي لبنك “كريدي سويس” بالقاهرة، وزياد أوتي، عضو مجلس الإدارة ورئيس شركة “SGS”، وناجي ناجيري، رئيس شركة “ABB” لمنطقة مصر ووسط وشمال أفريقيا، وديميتري سجيو كيزاس، المدير التنفيذى لمكتب تمثيل مصرف “يو بى اس ايه جى” بالقاهرة، وماركو جروبي، مدير مكتب تمثيل بنك “يو بى اس ايه جى” بالقاهرة، وياسر عبد الملاك، رئيس شركة “نستله فوود”.
رئيسة الوفد السويسري، المشارك في المؤتمر، طالبت الحكومة المصرية بضرورة تقديم المساعدات اللازمة للشركات السويسرية العاملة في مصر، من خلال إزالة العقبات والتحديات التى تواجهها، بالإضافة إلى تشجيع البضائع المصرية لدخول السوق السويسري، والترويج لها.
وقالت ليفيا ليو، خلال إلقائها كلمة سويسرا أمام المشاركين في المؤتمر: “إن مصر لها دور كبير في المنطقة، وبلادنا ستدعم برامج التعاون معها، ونحن على يقين بأنها لا تدخر جهدًا لتنمية اقتصادها، وهو أمر جيّد بعد سنوات من عدم الوضوح، وسندعم بقوة الإجراءات التي تقدمها مصر لخلق مزيد من فرص العمل”، مؤكدة على أن “الإنتخابات النيابية المقبلة في مصر، ستكون ركيزة أخرى لدعم الإقتصاد المصري”.
بدوره، أكد السفير السويسري في القاهرة على أن “مصر شريك اقتصادي رئيس بالنسبة لسويسرا، وهي ثاني أكبر وجهة استثمارية للشركات السويسرية فى قارة أفريقيا، فضلا عن كونها أكبر سوق للصادرات فى القارة السمراء”، ولفت أيضا إلى أن “الصادرات السويسرية إلى مصر شهدت زيادة كبيرة فى عام 2014، وصلت إلى نسبة 10٫6٪ مقارنة بعام 2013”.
20 شركة سويسرية شاركت بالمؤتمر
السفير لايتنر أشار أيضا إلى أن “ما يقارب من 20 شركة سويسرية، من القطاع الخاص، شاركت بالمؤتمر، بعضها لديه وجود قوى فى مصر، مثل: آي بي بي (ABB)، وشندلر، ونوفارتيس، ومصرفي “يو بي اس” و”كريدى سويس”، فضلاً عن مشاركة شركات أخرى جديدة على السوق المصري”؛ معتبرًا أن المؤتمر سلط الضوء على فرص الإستثمار بمصر، كما “مثل فرصة للتواصل وخلق شبكة معارف”.
وأضاف أن “الكثير من الشركات مهتمة بفرص الإستثمار التي سيقدمها مشروع تنمية قناة السويس، خاصة في مجال الخدمات اللوجستية والآلات وقطاعات الطاقة، إضافة إلى قطاعات الخدمات المالية والتعدين والصناعات الغذائية”، وأكد أن “الإستثمارات السويسرية فى الصناعات الغذائية ارتفعت خلال الأربعة أعوام الماضية، وأن الشركات السويسرية نجحت في التكيّف مع التحديات”؛ معتبرًا أن “الوضع الأمنى المستقر، ومناخ الإستثمار الجيد، ضروريان للشركات الجديدة التى تحاول إثبات وجودها بمصر”.
في السياق، رحب سفير سويسرا بخطوات الإصلاح الإقتصادى الإيجابية، التى أُعلِنَت خلال الأشهر والأسابيع الماضية، وأبرزها قانون الإستثمار المُوحّد الجديد، وأضاف: “نحن على ثقة أن النمو الإقتصادى في مصر سيزيد فى حال تم تفعيل هذه المعايير بصورة كلية”، موضحًا أنه “إلى جانب الشركات متعددة الجنسيات المعروفة، فإن الإقتصاد السويسري يعتمد بصورة كبيرة على الشركات الصغرى والمتوسطة، والتى لا تزال البيروقراطية تمثل تحديًا فعليًا لدخولها ونجاحها فى السوق المصري”.
البيئة السياسية المستقرة ضرورة
السفير السويسري بالقاهرة أضاف أن هناك مسألتان تواجههما الشركات السويسرية في مصر، وهما: حماية حقوق الملكية الفكرية، خاصة فى مجال المستحضرات الطبية، إضافة إلى صعوبة الوصول إلى العملة الأجنبية، مؤكدًا ثقته في أن الحكومة المصرية ستعالجهما في القريب العاجل، وكاشفًا في الوقت ذاته عن أن الشركات السويسرية التي شاركت في مؤتمر شرم الشيخ كانت حريصة على معرفة المزيد عن الخطط المصرية لتعزيز الإستثمار الأجنبي، وتحسين الشروط الإطارية للقطاع الخاص فى مصر.
واختتم بقوله: “نحن واثقون أن النمو الاقتصادي من خلال الإستثمارات الأجنبية والمحلية سيرتفع، إذا ما تم تنفيذ التدابير التي أعلن عنها، مشيرًا إلى أن هناك شرطاً آخر مهماً، وضامناً للنمو المستدام، وهو ضرورة وجود بيئة سياسية مستقرة، تشمل سيادة القانون، والحصول على التعليم كحق للجميع، والعمل على توفير الخدمات والرعاية الصحية الأساسية، فضلاً عن إدراج سياسى واجتماعى لحماية الفقراء”.
من جانبها؛ شددت منار عبد العزيز، المدير التنفيذى لجمعية رجال وسيدات الأعمال المصرية السويسرية، على أهمية تفعيل اتفاقية التجارة الحرة بين مصر وسويسرا والدول الأعضاء في الرابطة ألأوروبية للتبادل التجاري الحر (EFTA)، حتى يمكن تصدير المنتجات المصرية إلى الأسواق الأوروبية، مشيرة إلى ضرورة تنظيم بعثات تجارية مصرية لسويسرا، لترويج المنتج المصري في سويسرا، ودول أوروبا.
100 شركة سويسرية تعمل بمصر
وعن عدد الشركات السويسرية العاملة في مصر، وأبرزها، ومجالات عملها؛ قالت مديحة نصر، الملحقة التجارية للسفارة السويسرية بالقاهرة: “هناك حوالي 100 شركة سويسرية موجودة في مصر، بينها عدد من الشركات متعددة الجنسيات، والتي تعمل في مصر منذ وقت طويل، أبرزها: شركة (ABB)، وشندلر، ونوفارتيس، ومصرفي “يو بي اس” و”كريدى سويس”، بالإضافة إلى شركات أخرى كثيرة تعمل في مختلف القطاعات الصناعية”.
وعن حجم الإستثمارات السويسرية في مصر، وهل تراجع أم ظل على حاله أم ارتفع، منذ اندلاع ثورة 25 يناير 2011، أوضحت نصر، في تصريحات خاصة لـ swissinfo.ch أن “حجم الإستثمارات السويسرية لم يتراجع منذ عام 2011، وطوال السنوات الأربع التي تلته، بل إنه ظل مستقرًا”؛ مشيرة إلى أنه “ليست هناك نوايا لسحب أية استثمارات، أو إغلاق أية شركات سويسرية في مصر”.
وعن مستقبل التبادل التجاري بين البلدين، وما إذا كانت الشركات السويسرية تعتزم تطوير استثماراتها بمصر في المدى المنظور؛ أشارت الملحقة التجارية للسفارة السويسرية بالقاهرة، إلى أن معظم الشركات السويسرية العاملة في مصر تتطلع للتوسع، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: “نستله” و “آي بي بي”.
السيدة مديحة نصر لم تنف أن المستثمرين السويسريين “يُواجهون العديد من المشكلات والتحديات منذ عام 2011″، ذكرت منها على سبيل المثال “الوصول إلى النقد الأجنبي، والإجراءات الجمركية، وتراخيص الأراضي”، إلا أنها تمنت أن يُساهم القانون الجديد للإستثمار الموحد، الذي صدر مؤخرًا بمصر، في “دعم وتسهيل كل ما يتعلق بإجراءات الاستثمار على الأراضي المصرية”، وهو ما من شأنه أن يصب بالتأكيد “في صالح المستثمر الأجنبي”.
على هامش مؤتمر شرم الشيخ الإقتصادي
عقد مؤتمر “دعم وتنمية الاقتصاد المصرى: مصر المستقبل”، في الفترة من 13 إلى 15 مارس 2015 بمدينة شرم الشيخ، وحضره قرابة 2500 مشارك، يمثلون نحو 90 دولة، و25 منظمة دولية وإقليمية وعربية، و20 وفدًا على المستوى الرئاسي.
الحصيلة الاقتصادية الرسمية للمؤتمر، وفق ما أعلن عنه وزير الإستثمار المصري، أشرف سالمان، تشمل: مذكرات تفاهم وُقعت مع شركات ومستثمرين بشأن مشروعات سيتم الإتفاق عليها لاحقًا، تقترب قيمتها من 100 مليار دولار. واتفاقات مع شركات ومستثمرين على مشروعات محددة، بلغت قيمتها ما بين 36 و38 مليار دولار، جزء كبير منها في قطاع الطاقة، والبقية في قطاعات أخرى. ومنح ومساعدات دولية تصل إلى 5 مليارات دولار، وخليجية بقيمة 12.5 مليار، تتفاوت ما بين ودائع في البنك المركزي لدعم وضع العملة المحلية، وتمويل صادرات وضمانات ائتمانية.
على هامش المؤتمر، عقد رؤساء مجالس إدارة الشركات السويسرية، وأعضاء جمعية رجال وسيدات الأعمال المصرية السويسرية (SEBA)، برئاسة الوفد السويسري، اجتماعًا تناول مدى اهتمام الشركات السويسرية بالمشاركة فى تنشيط الاقتصاد المصري، حضره مدراء كبريات الشركات السويسرية العاملة في مصر.
أبرز وأهم الشركات السويسرية العاملة في مصر التي شاركت في المؤتمر: “نستله” للأطعمة (تنتج على الأراضي المصرية منذ عام 1998. تحتضن في مصانعها المصرية أكثر من 3 آلاف عامل. تقدر قوتها المالية بأكثر من 160 مليون فرنك سويسري). شركة “أي بي بي” (ABB)، المتخصصة في قطاع تكنولوجيا إنتاج الطاقة (تحتضن حوالي 1600 موظف وعامل في مصانعها المصرية). شركة الأدوية السويسرية “نوفارتس” (قامت بتسريح عدد من العمال بها رغم تحقيقها أرباحًا مهمة فاقت 3.5 مليار دولار).
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.