“ديمقراطية بلا حدود” لتعزيز السلام والإستقرار
كجزء من فعاليات قسم "الأبواب المفتوحة" ضمن الدورة السابعة والستين لمهرجان لوكارنو السينمائي الدولي، أطلق الرئيس السويسري ديدييه بوركهالتر يوم الأحد 10 أغسطس 2014 مبادرة "ديمقراطية بلا حدود" التي تهدف إلى تعزيز الديمقراطية والسلام وحقوق الإنسان في العالم من خلال بعث ودعم مشاريع ملموسة في العديد من الأقاليم والبلدان.
وفي خطاب ألقاه بالمناسبة، أوضح بوركهالتر أن “تجسيد سويسرا لهذه القيم، يحمّلها مسؤولية الإسهام الفعال في رفع التحديات التي تواجه الإنسانية، وحلّ أزمات العالم المتفاقمة”، وفقا لما ورد في البيانرابط خارجي الصادر عن وزارة الخارجية السويسرية.
وبالنسبة لرئيس الكنفدرالية، فإن سويسرا “تتأثّر مباشرة من الأوضاع السائدة في العالم”. وحتى الأزمات التي تحدث بعيدا عن حدودها، “تكون لها تداعيات في داخلها على مستوى الهجرة والامن والاقتصاد”… ومن مصلحة سويسرا يضيف المسؤول السويسري: “الإسهام في تحقيق الإستقرار في العالم”.
لكن الأمور لا تتوقف عند هذا الحد، فالكنفدرالية “تحصل على الكثير من ثرواتها من التبادل التجاري مع الخارج، ومن انفتاحها على المناطق الاخرى، وهي من أكثر البلدان عولمة وتنافسية، ومن اكثرها اعتمادا على التجديد والابتكار”، وفقا لديدييه بوركهالتر. وإلى جانب كل هذه المصالح، “علينا أيضا واجب المساهمة في الإستقرار العالمي”، يضيف وزير الخارجية السويسري.
بحث عن الجدوى والإشعاع
الفكرة التي تتأسّس عليها هذه المبادرة بسيطة جدا، وتتلخص – وفقا لسونيا إيسيلاّ، الناطقة بإسم وزارة الخارجية – في “إشراك شخصيات سويسرية تحظى بالإشعاع والشهرة في الداخل والخارج في تنفيذ مشاريع تشرف عليها الوكالة السويسرية للتعاون والتنمية، وزيادة تأثيرها للفت الأنظار وجذب الإشعاع إليها”.
وفي الواقع، لا تهدف مشاركة هذه الشخصيات إلى توعية السكان السويسريين بأهمية هذه المشاريع فحسب، بل إلى “تحسيس السكان المحليين في البلدان المستفيدة أيضا بحجم التحديات وأهمية الرهانات التي تسعى إلى تحقيقها”.
الشخصيات التي وقع الإختيار عليها تنحدر من مجالات واختصاصات متنوعة، وتشمل سياسيين، وفنانين، وإعلاميين، ورجال أعمال،… ومع أن هذا التعدد والتنوّع يعزّز من فعاليات هذا المسعى، لكن ميزته تتمثل في “تعاون الجميع من أجل الجدوى والفعالية، وتحقيق النجاح المنشود”، على حد قول إيسيلاّ.
القائمة المؤقتةرابط خارجي التي نشرتها وزارة الخارجيةرابط خارجي للشخصيات التي قبلت حتى الآن القيام بهذا الدور اشتملت على أسماء لامعة من بينها أندرياس آور، الفقيه الدستوري، وديك مارتي، العضو السابق في مجلس الشيوخ، ونائب رئيس المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب (OMCT)، وكيارا سيمونيسكي النائبة البرلمانية السابقة، والرئيسة السابقة للجنة الفدرالية المعنية بقضايا المرأة، وفيرونيك بوليتو، السكرتيرة الأولى لإتحاد النقابات السويسرية….، أما المعيار الرئيسي لإختيار هذه الشخصيات فتمثل في “خبرة المترشحين ومعرفتهم بالمجالات ذات الصلة بالمشاريع التي اختيروا سفراء لها” بحسب الناطقة باسم وزارة الخارجية.
تعزيز الديمقراطية
أما المشروعات التي اختارت الوكالة السويسرية للتنمية والتعاونرابط خارجي، وقسم السلامة الإنسانية بوزارة الخارجية إدراجها ضمن هذه المبادرة حتى الآن فتشتمل على ثلاثة مشروعات طموحة.
يهدف الأوّل منها إلى دعم عملية الانتقال الديمقراطي في تونسرابط خارجي، إذ يشهد هذا البلد المغاربي منذ اندلاع ثورات الربيع العربي “عملية تحوّل مهمة وعميقة”. وتركّز سويسرا بحسب سونيا إيسلاّ جهودها ودعمها في هذا السياق على “تعزيز دور المرأة التونسية في الحياة السياسية، ودعم استقلالية وسائل الإعلام، والمساعدة في جهود إصلاح المؤسسات الأمنية والقضائية”.
وعن الدور المستقبلي لبرنامج “ديمقراطية بلا حدود” في تونس، تقول الموظفة الدبلوماسية السويسرية في حديث إلى swissinfo.ch: “حالما تنظم الانتخابات التشريعية المقبلة، ستكون المهمّة الرئيسية للبرلمان المنتخب تنزيل الدستور الجديد، ما سيتطلّب صياغة عدد كبير من القوانين والمراسيم ثم المصادقة عليها وتنفيذها. وفي بعض المجالات المحددة، ستوفّر شخصيات سويسرية مثل أساتذة القانون والمحامين، والمعنيين بقضايا حقوق الإنسان، وأعضاء سابقين في البرلمان السويسري، المشورة والنصح للبرلمانيين التونسيين المنتخبين حديثا”.
ضحايا العنف والإنتهاكات
البرنامج الثاني ضمن مبادرة “ديمقراطية بلا حدود”، يتمثّل في نجدة ومساعدة النساء اللاتي هن ضحايا العنف والاغتصاب في منطقة البحيرات الكبرى الفاصلة بين رواندا وبورندي والكونغو الديمقراطية. منطقة شهدت العديد من النزاعات المدمّرة في التسعينات، وتسببت في ويلات شديدة للسكان المحليين خاصة بالنسبة للنساء حيث تعرضن إلى العنف والاغتصاب، ممارسة انتشرت على نطاق واسع خلال نزاعات استمرت لعقد كامل. وتشير التقديرات السويسرية إلى أن عدد ضحايا الاغتصاب في تلك المنطقة يصل إلى 5000 حالة في السنة.
وللحد من هذه المعاناة، تموّل الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون برنامجا يشمل جنوب الكونغو الديمقراطية وبورندي ورواندا المجاورتيْن، ويقدّم الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية لهذه الفئة من النساء بالتعاون مع المؤسسات الاهلية هنا ومع مؤسسات المجتمع المدني السويسري المعنية بحقوق المرأة.
ولمعالجة ظاهرة العنف ضد النساء من جذورها، تعتمد الجهود السويسرية وفقا لتقريررابط خارجي على موقع الوكالة السويسرية للتعاون والتنمية مقاربة تشاركية تساهم فيها عائلات الضحايا والمجموعات السكانية المحلية في أفق إيجاد آليات دائمة تكون قادرة على رد الفعل والتحرّك لمواجهة أي خطر يهدد وحدة النسيج الاجتماعي في تلك المناطق.
التدريب المهني والتعليم
المشروع الثالث الذي أطلقته الوكالة السويسرية للتعاون والتنمية ضمن هذه المبادرة في العام الماضي يهدف إلى توفير فرص التدريب المهنيرابط خارجي للذين يقطنون في الأحياء الشعبية في ضواحي مدن كبيرة في الهندوراس، حيث تُسجل مستويات عالية من الإنحراف والعنف. إنها محاولة لإيجاد بديل لهؤلاء الشباب للوقاية من الوقوع في قبضة العصابات والجريمة المنظمة في بلد يشتهر بتوفره على أعلى معدلات القتل والجريمة في العالم.
في الواقع، لا يهدف المشروع إلى تحسين القدرات المهنية والتقنية للمستفيدين منه، بل إلى تمكينهم من مهارات وخبرات عامة تساعدهم على الإندماج في المجتمع وتجنبهم الوقوع في الإنحراف. وقد حدّد هذا البرنامج هدفا مرحليا له يتمثّل في تكوين 12.200 شابا إضافيا بحلول عام 2017، على أن يحصل 50% منهم على الأقل على فرص عمل خلال السنة التي تلي انتهاء تدريبهم، بما يُساعدهم على الخروج من الدائرة المفرغة للعنف والفقر.
ولئن كانت مبادرة “ديمقراطية بلا حدود” متجهة بالأساس إلى دعم مشاريع الوكالة السويسرية للتعاون والتنمية القائمة أصلا، فإنه من غير المستبعد – كما تقول سونيا أيسيلاّ – أن تقوم بدعم مشروعات أخرى في المستقبل، ودعوة المشاهير السويسريين للتعريف والترويج لها. وقد جاء هذا الرد في سياق إجابتها على سؤال طرحته swissinfo.ch حول إمكانية إطلاق جهود سويسرية لدعم الأقليات الدينية والعرقية التي تُواجه الخطر في العراق حاليا.
للسينما دور تلعبه أيضا
شهدت الدورة السابعة والستون لمهرجان لوكارنو السينمائي الدولي (6 – 16 أغسطس 2014) تنظيم حدث استثنائي وخاص بالتعاون مع الوكالة السويسرية للتعاون والتنمية ووزارة الخارجية.
فقد تم تقديم الفيلم الاثيوبي “ديفريت” (Difret) للمخرجة زيريزيناي برهان مهاري في عرض خاص وتبعه نقاش مع منتج الفيلم ميهرات مانديفرو، بمشاركة نافي بيلاي، مفوّضة الامم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، وفينانتي بيزينفاي نابينتي أمينة عام المنظمة الكونغولية غير الحكومية “شبكة النساء المدافعات عن حقوق الإنسان وعن السلام”، وجيانكارلو دي بيشياتو، رئيس مكتب الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون بمنطقة البحيرات الكبرى.
فيلم “ديفريت”، عمل روائي طويل يروي قصة محامية اثيوبية تقوم بالمرافعة والدفاع عن فتاة تبلغ من العمر 14 عاما متهمة بقتل رجل حاول اختطافها لإجبارها على الزواج به. وهذا هو الفيلم الرابع فقط الذي ينتج في أثيوبيا باللغة الامهرية الرسمية في اثيوبيا. ولعنوان الفيلم دلالتيْن: “الشجاعة” وأيضا “المغتصبة”.
يتساءل هذا الفيلم الذي يشارك في الدورة الحالية للمهرجان ضمن قسم “الأبواب المفتوحة” عن فرص اندماج مجموعات سكانية معينة في العالم الحديث، وعما يحدث عندما يتم التخلّي عن تقاليد استمرت لقرون، وما يواجه الأفراد عندما يتخلون عن نظم عقائدية معينة.
سبق لهذا الفيلم أن فاز بجائزة أفضل فيلم روائي في بانوراما جائزة الجمهور في مهرجان برلين السينمائي، كما حصل على جائزة الجمهور في مهرجان الفيلم السويدي.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.