عندما كان القصر الفدرالي هدفا للفوضويين!
تحكي سلسلة جديدة لـ swissinfo.ch عن الهجمات القليلة المعروفة التي نفذها الفوضويون وأنصار الأفكار التحررية على الأراضي السويسرية. وهي تقدم لمحة عامة عن أنواع الإرهاب المختلفة التي واجهتها الكنفدرالية في بداية القرن العشرين. ويتطرق الجزء الأول لهذه السلسلة، إلى الكيفية التي أصبح فيها القصر الفدرالي هدفاً إرهابياً.
عندما كان الرئيس السويسري كارل شينك رابط خارجي(1823 – 1895) يراجع بريده يوم 26 يناير 1885، أصيب بصدمة كبيرة: فكما جاء في رسالة تحذيرية وردته من مصدر مجهول، يعتزم بعض الفوضويين “تفجير القصر الفدرالي خلال إحدى الجلسات التي تضم كافة أعضاء الحكومة الفدرالية”.
وبحسب ما جاء في الرسالة، قام سبعة عشر رجلاً بالتطوع “لتنفيذ هذا العمل الرهيب”، كما ان الديناميت “الكافي لإبادة مدينة برن برمتها” وساعات توقيت الانفجار متواجدة في المدينة بالفعل.
احرصوا على حراسة القصر الفدرالي ليلاً ونهاراً، وامنعوا أي شخص غريب من دخول المبنى، ولكن بحذر، لأن جميع الرفاق مزودين بالأسلحة وحامض الكبريت
“رقم 5” مهاجم فوضوي تائب
كما يبدو فإن كاتب الرسالة الذي يسمي نفسه “الرقم 5” يشعر بالندم. وكما يؤكد: “أنا أرتجف من فكرة كوني عارفاً بهذه الجريمة الفظيعة ومُشاركاً بها، لذا فإنني أدلي بهذا الاعتراف نزولاً عند طلب زوجتي العزيزة”. وهو يختتم رسالته بنصيحة مفادها: “إحرصوا على حراسة القصر الفدرالي ليلاً ونهاراً، وامنعوا أي شخص غريب من الدخول، ولكن بحذر، لأن جميع الرفاق مزودين بأسلحة وبحامض الكبريتيك”.
تغيير المجتمع بالقوة
من جانبه، تعامل الرئيس السويسري مع هذا التهديد بمنتهى الجدّية، سيما مع ازدياد الهجمات ضد ممثلي الحكومات والرؤساء المُتَوَّجين في أوروبا خلال السنوات الأخيرة. وكان الجُناة في معظمهم من أنصار ما يسمى بـ “الدعاية عبر الفعل”، وهو تيار إيديولوجي داخل الحركة الفوضوية (أو الأناركية)، [يقوم على مبادئ اللاسلطوية وانتفاء السلطة، ويدعو إلى استخدام القوة لتغيير المجتمع]. وفي البداية، استخدم المهاجمون السكاكين والمسدسات، لكنهم لجأوا بعد ذلك بشكل متزايد إلى استخدام القنابل التي ملأوها بالديناميت، الذي حصل ألفريد نوبل على براءة اختراعه في عام 1867.
ففي شهر أكتوبر 1878، تم إطلاق النار على الملك الإسباني ألفونسو الثاني عشر. وبعد مرور شهر فقط، تعرض الملك الإيطالي أومبرتو الأول إلى إصابات طفيفة خلال هجوم بسكين. لكن القيصر ألكسندر الثاني [قيصر وإمبراطور روسيا السادس عشر] توفي بالفعل في عام 1881 إثر تعرضه إلى هجوم بالقنابل. أما حامل الرقم القياسي لهذه الهجمات، فهو القيصر فيلهلم الأول، الذي تعرض لثلاث عمليات اغتيال منذ عام 1878، كان آخرها هجوم بالمتفجرات، لم يَنجُ منه بحسب التقديرات، إلّا بسبب عدم انفجار القنبلة نتيجة فتيلها الرطب. وفي ضوء هذه التطورات، لم يكن بإمكان الرئيس السويسري شينك استبعاد تخطيط الفوضويين القيام بهجوم على القصر الفدرالي بالفعل.
ملاذ لإيواء الفوضويين الأجانب
على الرغم من نجاح سويسرا في تجنب الهجمات الارهابية حتى ذلك الوقت، إلا أن الدور الذي لعبته بالنسبة للهجمات التي نفذها الفوضويون ظل مهمأ. فبفضل السياسة الليبرالية التي كانت تتبعها في مجال اللجوء، أصبحت الكنفدرالية ملاذاً مهماً للمضطهدين السياسيين، الذين كانت أصول معظمهم تعود إلى ألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وروسيا، والذين كانوا يواصلون نضالهم من على الأراضي السويسرية المحايدة.
وكان هؤلاء ينظمون أنفسهم في دوائر تآمرية، ويقومون بطباعة المنشورات والمجلات في سويسرا ومن ثم تهريبها إلى بلادهم، بفضل حرية الصحافة التي تم تكريسها في الدستور السويسري منذ عام 1848.
طالما كانت لدينا طبقة من العاطلين عن العمل، الذين نتحملهم في عملنا بدعوى الحاجة إليهم لتوجيهنا، فسوف يبقى هؤلاء مغارة للطاعون بالنسبة للأخلاق العامة على الدوام
صحيفة “لافانت غارد” أو “الطليعة” (L’Avant-Garde) الفوضوية السويسرية
وهكذا، ليس من قبيل الصدفة أن يتم تأسيس أهم أبواق أنصار الحركة التحررية المتشددة، الا وهي صحيفتي «فرايهايت” (Freiheit) و”لافانت غارد” (L’Avant-Garde) على التراب السويسري.
وكانت كلتا الصحيفتين تنادي بـ “ضرورة الثورة”، وتُرَوِّج للعُنف كوسيلة مشروعة ضد الاستغلال والقمع والنفاق. “طالما كانت لدينا طبقة من العاطلين عن العمل الذين نتحملهم في عملنا بدعوى الحاجة إليهم لتوجيهنا، فسوف يبقى هؤلاء مغارة للطاعون بالنسبة للأخلاق العامة على الدوام”، كما كتبت صحيفة “لافانت غارد”. “ان الطاعون موجود في المنزل، وعلينا ألا نتردد في القضاء على أسبابه، حتى لو اضطررنا إلى استخدام الحديد والنار”، كما أضافت.
على الجانب الآخر، أدى هذا الموقف الليبرالي لسويسرا إلى تعرضها للمشاكل مراراً وتكراراً. وعلى سبيل المثال، ردَّت كل من إيطاليا، وألمانيا، وروسيا، وإسبانيا بمُمارسة ضغوط دبلوماسية على الكنفدرالية عندما نشرت صحيفة “لافانت -غارد” في عام 1878 ترنيمة تمتدح قتل الملك، وطالبت بِحَظر الصحيفة. وقد رضخت الحكومة السويسرية لهذه المطالب رغبة منها في عَدَم تعريض علاقاتها مع جيرانها الأوروبيين للخطر، كما أدانت إحدى المحاكم كاتب المقالة بتهمة الدعوة إلى العُنف ضد رؤساء الدول الأجنبية، وحكمت عليه بالسجن لمدة شهرين، والترحيل عن البلاد لمدة عشر سنوات.
“العمال يبنون القصور ويسكنون في أكواخ بائسة”
وكان الشيء الذي أثار قلق الرئيس شينك بشكل خاص، هو توقيت ذلك التحذير المجهول. فقبل شهر واحد فقط من ذلك الحَدَث، حُكِمَ على الأناركي الألماني فريدريش أوغست راينسدورف – العقل المدبّر لمحاولة لاغتيال فيلهلم الأول [قيصر ألماني في الرايخ الثاني]، بالإعدام. وفي معرض دفاعه عن نفسه أمام المحكمة قال راينسدوف مؤكدا: “العمال يبنون القصور ويسكنون في أكواخ بائسة، انهم ينتجون كل شيء ويحافظون على آلة الدولة بأكملها، ومع ذلك لا تفعل لهم الدولة شيئاً؛ انهم ينتجون جميع المنتجات الصناعية، لكن طعامهم قليل ورديء مع ذلك […]. هل يفُترَض أن يستمر ذلك إلى الأبد بالفعل؟ أليس من واجبنا ان نغير ذلك؟
وكان راينسدورف حينذاك يعيش في سويسرا منذ أعوام عديدة بالفعل، ويتوفر على اتصالات جيدة مع المشهد الفوضوي المحلي. وهكذا، لم يكن من المُستَبعد أن يقوم رفاقه بالثأر له وتفجير القصر الفدرالي.
في نفس الوقت، كان يمكن أن تكون لهذه الخطة الشيطانية علاقة بمصير الألماني هيرمان شتيلّماخر والنمساوي أنطون كاميرر، اللذان كانا يقيمان في سويسرا أيضاً قبل ارتكابهما العديد من جرائم القتل ذات الدوافع السياسية في الخارج، والحُكم عليهما بالإعدام من قبل محكمة في فيينا في سبتمبر 1884. ومنذ ذلك الوقت، كان رفاقهما يمجدانهما بصفتهما “شهداء الثورة الاجتماعية”.
من جانبها، دعت صحيفة “فرايهايت” (الحرية) صراحة إلى الإنتقام، حيث جاء فيها: “يجب، وسوف يتم التخلص من العديد من الأوغاد بواسطة خنجر أو مسدس الاناركيين، كما لن يُرحَم أولئك الذين قادوا شتيلماخَر إلى حبل المشنقة أيضاً، وسوف يراق الدم انتقاماً لموته”. وحيث كان شتيلّماخَر قد فرَّ من مقر إقامته في سانت غالن عندما سمع بخبر صدور مذكرة لتفتيش منزله، كان احتمال انتقام أصحابه من السلطات السويسرية وارداً جداً.
“لا يمكن لسويسرا الإفلات منّا”
ولم تمضِ سوى ستة أيام، حتى تلقى الرئيس السويسري رسالة مجهولة ثانية. ورغم أن الرسالة الأولى كانت قد ارسِلَت من سانت غالَّن، مقر الإقامة السابق لـ شتيلّماخَر، فقد تم استلام الثانية من مكتب بريد “فراوَنفيلد” (في كانتون تورغاو). بيد أنَّ الرسالة الثانية كُتِبَت بنفس خط اليَد، وكرَّرَت ذات التحذير.
وفي 4 فبراير، تبع ذلك رسالة من فينترتور (كانتون زيورخ) حملت تهديداً بتفجير القصر الفدرالي في وقت لاحق من هذا الشهر”بالتأكيد”،. كما تضمنت رسالة رابعة ملاحظة بوجود رسالة من المتآمرين في مكتب بريد بالقرب من برن. وبالفعل، عثرت الشرطة هناك على خريطة وتعليمات مُفَصَّلة حول كيفية تهريب الديناميت إلى القصر الفدرالي.
وأخيراً، وفي يوم 21 فبراير، نشرَت صحيفة “فرايهايت” التي باتت تُطبع في لندن الآن تحذيراً لجميع “قطاع الطرق الرفيعي المستوى في مختلف البلدان الأوروبية”. وكما جاء في الصحيفة: “الديناميت يتفجر في انجلترا بالفعل، وليس بإمكان سويسرا الإفلات منا […]. واحد من أجل الجميع والجميع من أجل واحد! ان وطننا هو العالم برمته”. وكما أضافت الصحيفة: “سوف يرَشُ الأناركيون قريباً الملح ويحرثون الأرض في موقع القصر الفدرالي”.
موجة من الاعتقالات
بعد ذلك بوقت قصير قررت الحكومة السويسرية فتح تحقيق جنائي “ضد أولئك الأفراد الذين دعوا من على الأراضي السويسرية إلى ارتكاب جرائم في داخل سويسرا و خارجها، أو حاولوا تعطيل النظام الدستوري والأمن الداخلي للبلاد بطرق أخرى”.
وفي فجر اليوم التالي، تم اعتقال 24 أناركياً أجنبياً في برن، و7 آخرين في سانت غالَّن، كما تم تفتيش منازلهم. وتَبِع ذلك تنفيذ المزيد من الاعتقالات في مدن أخرى. علاوة على ذلك، عمدت الحكومة إلى مصادرة كميات كبيرة من الصُحَف والنشرات والمراسلات الخاصة.
إشارة من نيويورك
لكن، وبالرغم من جميع هذه الاجراءات، إلّا أنَّ تدفق الرسائل المجهولة الهوية لم يتوقف. ففي البداية وردت رسالة تهديد من فينترتور، أعقبتها رسالة ثانية من باريس بعد فترة وجيزة جاء فيها: “قدا يحيط رئيسكم نفسه بالعديد من الحراس لفترة طويلة، لكنه سوف يموت ميتة الكلاب، لأننا سنقوم بتفجير قصره في الهواء!”
وفي 12 مارس، وردت رسالة أخرى من نيويورك، إدَّعى كاتبها المجهول بانه على علم باطلاع بتكليف “رجل ألماني حسن الهندام ذي بنية كبيرة وقوية، له لحية شقراء وشارب، بتفجير القصر الفدرالي. وكما أضاف، فسوف يحمل الجاني “آلة التفجير” في حقيبة صغيرة “أو ربما تحت قبعته”.
وفي اليوم التالي، أعلن كاتب مجهول الهوية، بأن إحدى جمعيات الأناركيين (الفوضويين) السويسريين قررت تفجير جميع أعضاء مجلس النواب ومجلس الشيوخ بالديناميت، وإرسالهم إلى الشيطان”.
هل أدين الجاني بالفعل؟
بالنتيجة، جاءت النصيحة الحاسمة التي أدَّت إلى توضيح ما يحدث من قبل أحد الصيادين في سانت غالَّن، الذي استطاع التعرف على الخط الذي كُتِبَت به بعض الرسائل، وتنسيبه إلى مصفف الشعر الألماني فيلهلم هوفت، الذي كان يكتب لصالح الصحافة الأناركية بين الحين والآخر.
غرور وغَدر وسفالة وغَطرَسة لا مُتناهية، وإدمان لا محدود على البحث عن الفضائح. زير نساء وحالم، يشعر بمتعة كبيرة في اختلاق القصص!
وصف شخصية فيلهلم هوفت من قبل قاضي التحقيق
في يوم 31 مارس، تَمَّ اعتقال هوفت واستجوابه. لكنه استمر في تأكيد براءته حتى في التحقيق الثاني والثالث. وبعد مرور 44 يوماً على احتجازه، أقدَم هوفت على شنق نفسه في زنزانته مستخدما منديله الحريري.
أما التقرير النهائي لقاضي التحقيق، فلا ينسب لـ هوفت أي خصلة جيدة. وهو ينعته بصفات الغدر والغرور، والسفالة، والغطرسة اللامُتناهية، والإدمان اللامحدود على البَحث عن الفضائح، ويصفه بزير النساء الحالم الذي يشعر بمتعة كبيرة في اختلاق القصص.
مع ذلك، لا يُقَدِّم تقرير قاضي التحقيق إجابة مُقنِعة على كيفية تمكن هوفت من إرسال الرسائل المجهولة من مدن سويسرية متعددة، هذا عدا عن إرسالها من باريس ونيويورك. من جانبها، قامت الحكومة الفدرالية بوضع نهاية للموضوع من خلال اقصائها 21 أناركياً، رغم أنها لم تتمكن من إثبات أي أعمال إجرامية ضدهم.
وفي الواقع، فإن من غير الواضح إلى يومنا هذا ما إذا كان بعض الأناركيين قد فكروا بتفجير القصر الفدرالي بصورة جدّية، أو ما إذا كانت القصة برمتها من محض خيال مُصَفِف شعرٍ فوضوي فقط.. ففي نهاية المطاف، ألهمت هذه القصة الغريبة كاتب الأغاني ماني ماتر لتأليف انعكاس موسيقي محبب جداً حول الديمقراطية السويسرية.
تظهر نظرة على التاريخ السويسري أن أعمال العُنف ذات الدوافع السياسية كانت أكثر شيوعاً في هذا البلد مما هو معروف بالنسبة إلينا اليوم. وقد وقع أول هجوم إرهابي على الأرض السويسرية ضد إمبراطورة النمسا أليزابيث، التي تم طَعنُها بِمبرد في عام 1898 على يد الفوضوي الإيطالي لويجي لوتشيني في جنيف. ورغم أنَّ إمبراطورة النمسا التي اشتهرت باسم “سيسي”، كانت أول ضحية للأرهاب الفوضوي في سويسرا، إلّا أنَّها لم تكن الوحيدة. ففي بداية القرن العشرين، شَهِدَت سويسرا موجة حقيقية من أعمال العُنف الإرهابية، مع قيام الفوضويين بمهاجمة البنوك وثكنات الشرطة في زيورخ، ومحاولتهم نَسف القطارات، وابتزاز الصناعيين، وتنفيذهم لهجمات بالقنابل وقتلهم للمعارضين السياسيين.
وفي معظم هذه الحالات، جاء الجُناة من خارج الحدود السويسرية، وكانوا من الروس والإيطاليين والألمان والنمساويين، الذين منحوا حق اللجوء السياسي في سويسرا. ولم تكن سوى قلة قليلة من الجناة من السويسريين، الذين كان معظمهم على اتصال وثيق بالفوضويين الأجانب. وفي العادة، كان الرُعب الذي تَسَبَّب به هؤلاء الجُناة أكبر حجماً من الضرر الذي تسببوا به. وفي بعض الأحيان كان تصرفهم أخرق إلى درجة قيامهم بتفجير أنفسهم عن غير قصد أثناء تصنيع قنابلهم.
وبالنسبة لسويسرا، كانت أعمال العُنف الذي نفذها الأناركيون تمثل تحدياً سياسياً، حيث ردَّت البلاد على هذه الأفعال من خلال تشديد قوانينها، ولجوئها لعمليات الترحيل. ومن خلال ما يُسمّى بالقانون الأناركي، تم في عام 1894 تشديد العقاب على جميع الجرائم التي ترتكب باستخدام المتفجرات، والأعمال التحضيرية المرتبطة بها. لكن سويسرا رفضت في الوقت نفسه تشديد قوانين اللجوء التي كانت تسهم بسخاء في حماية المُضطهدين السياسيين.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.