مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

المجال الاقتصادي الأوروبي: ذلك الصّدْع التاريخي الذي لا يَزال قائِماً منذ ثلاثين عاماً

صوزرة بالأبيض والأسود لحوار بين رجال ونساء داخل استوديو تلفزيوني
كريستوف بلوخر المُعارض لانضمام سويسرا إلى المجال الاقتصادي الأوروبي (على اليسار) يتحدث، فيما يُنصت إليه مؤيّدو الانضمام إلى المجال الاقتصادي الأوروبي، من بينهم فريني شبورّي (الثالثة من اليمين). Keystone / Str

أحدَثَ النقاش الذي دار حول انضمام سويسرا إلى المَجال الاقتصادي الأوروبي في عام 1991 انقسامات عَميقة في سويسرا، مع اختلاف مَواقف أعضاء الحكومة الفدرالية السَبعة. في المقال التالي، نَتَعَرَّف على وُجهَة نَظَر ثلاثة أشخاص صَوَّتوا بـ "نعم" في الاقتراع التاريخي الذي شارك فيه عدد قياسي من الناخبين.

في بداية تسعينيات القَرن الماضي، استَحوَذَت روح التفاؤل الأوروبية على العديد من ‘مُحاربي الحَرب الباردة’ حتى في سويسرا. وهكذا، وفي يوم 1 أغسطس 1991، وبِمُناسَبة الاحتفال بالعيد الوطني السويسري، وَقَفَ أولريخ بريمي (Ulrich Bremi)، الرئيس السويسري آنذاك، وهو رَجُلُ اقتصاد يَنتَمي إلى الحزب الليبرالي الراديكالي، على سَهل غروتلي الأسطوري الذي شَهِد تأسيس الكنفدرالية السويسرية وقال: “أنتم تنظرون اليوم إلى مَرج غروتلي أعزائي السويسريين والسويسريات، لأنكم تريدون أن تعرفوا إلى أين نحن ذاهبون. إلى أين سَنَتَجه؟ والجواب لا يُمكِن إلّا أن يكون: إلى أوروبا”.

لكن، وكما اتَّضح سريعاً، لم يشُاطره الجميع هذا الرأي؛ حيث لَمْ يَتَسَبَّب الجَدَل الدائِر حَول التَصويت على انضِمام سويسرا إلى المَجال الاقتصادي الأوروبي في ظُهور خُطوط صَدْعٍ جديدة فَحَسب، ولكن في تعميقها أيضاً.

المجال الاقتصادي الأوروبي (اختصارا: EEA بالانجليزية أو EEE بالفرنسية) هي منطقة تجارة حُرّة شامِلة تُنَظِّم اتفاقياتها أيضاً التعاون في المجالات البيئية والاجتماعية والبَحثية. وقد خاضَت سويسرا مُناقشات حادّة بشأن مسألة الانضمام للمنطقة استَمَرَّت لمدة ثلاثة عشر شهراً، وهي فترة طويلة بشكل استثنائي.

وفي يوم 6 ديسمبر 1992، رَفَضَ الناخبون السويسريون على إثر حَملة انتخابية ضارية الانضِمام إلى المَجموعة الاقتصادية الأوروبية بأغلبية طَفيفة بَلَغَت 50,3% و18 كانتوناً من أصل 26. وقد بَلَغَت نِسبة الناخبين المُشاركين في الاقتراع حينها 78,7% – وهي أعلى نسبة مُشاركة منذ إقرار حَقّ المرأة في التصويت على المستوى الفدرالي. وكان 13% من الناخبين لا يزال مُتَرَدِّداً في حَسْم خَيارِه بشأن هذا الموضوع حتى نهاية نوفمبر 1992. وقد خَصَّصَ التلفزيون العمومي السويسري بَرنامجاً لـمُخاطبة “حيرَة السويسريين أمام المَجال الاقتصادي الأوروبي”، قالت فيه امرأة سويسرية – من بين أمور أخرى – انها شَعَرَت انه يتم “التَلاعُب” بِها من خلال “فَيض المعلومات المُنهَمِر من قبل أحزاب اليسار واليمين”، وإلى دَرَجة تَوَقُّفَها عن الاستماع.

في الأنحاء الغَربية من سويسرا الناطِقة بالفرنسية، كان غالبية الناخبين تقريباً يؤيدون اتفاق العُضوية في المجال الإقتصادي الأوروبي. على العَكس من ذلك، ظَلَّ المزاج المُتَشَكِّك هو السائد في المناطق المتحدثة بالألمانية، وكذلك في كانتون تيتشينو الذي يَتَحَدَّث سُكانه الإيطالية. وكانت الأوساط الريفية والمُحافِظة على وَجْه الخُصوص تَخشى من تأثير الإنضمام على الديمقراطية المُباشرة في البلاد وعلى حيادها.

كان خَط الصراع يَمُر عَبرَ جَميع الاحزاب والفِئات الاجتِماعية. وبغية تَسليط المَزيد من الضوء على الاجواء السائدة آنذاك، تحدثت SWI Swissinfo.ch إلى ثلاثة أشخاص صَوّتوا لِصالح الإنضمام. وكان اثنان من هؤلاء هما روَيدي باومانّ من حزب الخُضر، وفريني شبورّي من الحزب الليبرالي الراديكالي، [الذي اندَمَج في 1 يناير 2009 مع الحزب الليبرالي السويسري ليكونا الحزب الليبرالي الراديكالي] سياسييَن على المَسرح الوطني في عام 1992، حيث ظَهَر كلاهما مِراراً وتِكراراً في حَلقات نقاش تعارَضَت فيها أفكارُهما مع زملائِهم في الحِزب. أمّا ماركوس سومّ، العضو في الحزب الليبرالي الراديكالي اليوم، فكان طالباً يَسارياً قبل ثلاثين عاماً.

فريني شبورّي: مَنع الانضِمام إلى الاتحاد الأوروبي من خِلال المَجال الاقتصادي الأوروبي

امرأة تتحدث
السيدة فريني شبورّي في صورة من تسعينيات القرن الماضي. Keystone / Yoshiko Kusano

تَتَذَكَّر فريني شبورّي، العُضوة في مجلس النواب السويسري آنذاك، مُشاركتَها في المُناقشات المُتَعَلِّقة بالانضِمام للمجال الاقتصادي الأوروبي ليلة تِلو الأخرى في أماكن مُختلفة. وغالباً ما كانت هذه المُناقشات تَدور أمام جُمهورٍ من الرافِضين، بِسَبب حَشْد هذا المُعسكر لِجُهوده على نحوٍ أفضَل. “كان الشيء المُلفِت للنَظَر في هذه الحَملة هو تَعارُض آراء الناس تماماً حتى داخل العائِلة الواحِدة ودوائِر الأصدقاء والحِزب الواحد”، كما تَتَذَكَّر. وقد أوجدت مَسألة الانضِمام إلى المَجال الاقتصادي الأوروبي شقوقاً مُضافة إلى خُطوط الصَدْع السابقة.

“لم يَحدث لي وأن واجهتُ ظَرفاً كهذا مَرّة أخرى”، كما تقول. وبِحَسب العُضوة السابقة في الغرفة السفلي للبرلمان الفدرالي، تَمَّ تَداول الكَثير من المَعلومات المُضلِّلة آنذاك. وهكذا مثلاً زَعمَ أحد الأصدقاء بِقوة أنه ستكون هناك امتحانات وقيود على الوصول إلى جَميع الدورات الدراسية في حال انضمام سويسرا إلى المجال الاقتصادي الأوروبي.

عندما اتَّضحت النَتيجة مَساء يوم 6 ديسمبر 1992، شَعَرَت شبورّي بالسَعادة كما تَتَذَكَّر. وبالفِعل، بَدَتْ أصيلة كانتون زيورخ هادِئة عندما ظَهَرت على شاسة التلفزيون السويسري في البرنامج المُخَصَّص للتصويت حينذاك وقالت: “لقد قَرَّرَ الشعب، وسوف نَمضي مَعاً في الطريق الصَعب الذي يَتَعَيَّن علينا أن نَسلكه الآن”.

أدّى المَسار الذي اختارته سويسرا إلى إبرام الاتفاقيات الثُنائية التي مَكَّنَت البِلاد من تَنظيم علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي لِفترة طويلة. وكما تقول شبورّي، التي كانت أيضاً عضوة في مجلس إدارة شركة “سويس إير” (Swissair) حتى انهيارها، إن شركة الطيران الوَطنية شَعَرَت بِعَواقِب رَفض الانضمام للمجال الاقتصادي الأوروبي “على نطاق واسعٍ جدا” لِعِدّة سنوات. وكما توضح: “لم تَعُد الشركة تَتَمَتَّع بِحُرية التَحليق في سماء أوروبا. كانت طائرات الشركة هي الوحيدة التي لم يَعُد يُؤذن لها بالإقلاع من لندن، والهبوط في باريس لإنزال رُكّابها واستقبال مُسافرين جُدُد، ثم التوجّه إلى فيينا”.

وتروي سبوري كيف دُعيَت ذات مرّة إلى فِنلندا لتَوضيح سَبَب رَفض سويسرا الانضِمام للمجال الاقتصادي الأوروبي. وحينَها، أخبَرَها أحَد الفنلَنديين أن الوَضع في الاتحاد الأوروبي هو أسوأ مِمّا كان عليه في زَمن القيصر. من جانِبها، لم تَكُن شبورّي راغِبة أبداً في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لكنَّها اعتَقَدَت في عام 1992 أن المجال الاقتصادي الأوروبي كان ضروريا لِتَجَّنب الاضطِرار إلى الانضِمام للاتحاد الأوروبي.

أثناء وجودها في فنلندا، أوضحت شبورّي ما تقوله الآن مرة أخرى لـ SWI swissinfo.ch، وهو أن سلوك الحكومة السويسرية كانت حاسمِاً، وبأن الوزير الفدرالي السابق أدولف أوغي كان يرى أن “المنطقة الاقتصادية الأوروبية انما هي مُعسْكَرٌ تدريبي للحصول على العُضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي، وأن الحكومة السويسرية قَدَّمَت طَلَباً للعُضوية قَبل التصويت بِفَترة قَصيرة”.  وتضيف شبورّي أنها كثيراً ما كَرَّرَت في حَملة التَصويت أن البَعض كان مشاركا في مُعسكر التدريب لكنه لم يذهب إلى الألعاب الأولمبية لاحقاً.

مع ذلك، كانت الغالبية تُعارض الانضِمام.

رويدي باومان: المُزارِعُ المُتَحَمِّس لأوروبا 

رجلان يضحكان ويتبادلان هدية في شكل كيس
رئيس حزب الخضر رودي باومان في حفل أقيم لتوديعه في عام 2001. Keystone / Michele Limina

“متى كان ذلك؟ 1992؟”، يَسأَل المهندس الزراعي والعُضو السابِق في مَجلس النواب رويدي باومانّ. “لقد مَرَّ على ذلك 30 عاماً إذن”.

مَثَّلَت حَملة الاستِفتاء على عُضوية المَجال الاقتصادي الأوروبي بِداية الحياة السياسية الوَطنية لأصيل كانتون بَرن المُنتَمي إلى حِزب الُخضر، والذي أصبَحَ فيما بَعد رَئيساً لِحِزب الخُضر السويسري. وقد هاجَر المُزارع السويسري مع أسرته إلى جنوب غَرب فرنسا منذ أكثر من عشرين عاماً، حيث يُديرُ اليوم مَزرعة عضوية، وهي خطوة يَصِفها بـ “الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي”.

“كانت هناك جِدالات عَنيفة بين الكُتل البرلمانية منذ البداية”، يقول باومانّ مُستَذكِراً الفَترة التي أعقَبَت انتخابه لِمَجلس النواب (الغرفة السفلى في البرلمان الفدرالي) في عام 1991. وسُرعان ما أصبَحَت المُناقشات جَدلية، حيث قيل مَثَلاً، انه سيتم تنظيم حتى مقدار إنحِناءة الخيارة فيما لو تَمَّ الانضِمام.

رجال ونساء يجلسون وراء مائدة استعدادا لعقد ندوة صحفية
مؤتمر صحفي عقدته مجموعة “من أجل سويسرا اجتماعية في أوروبا اجتماعية” في شهر أكتوبر 1992. يومها، كان رويدي باومان (الثاني من اليمين) مُعارضا لانضمام سويسرا إلى المجال الاقتصادي الأوروبي. ويُرى الكاتب المشهور بيتر بيشسل وهو يجلس في أقصى اليمين. Keystone / Str

“كنت ُعلى إلمام تام بِخطابات مُفَوَّض الاتحاد الأوروبي – الذي كان يُريد تَدمير الزِراعة والاحتِفاظ فَقَط بالمَزارع العِملاقة على شاكِلة المزارع الجماعية السوفياتية – منذ فترة تدريبي المِهني كَمُزارِع”، يقول باومان بانزِعاج. وهو يقول إنه خَبِرَ كيفية عَمَل الدول الأوروبية مَعاً في حقبة الثمانينيات، عندما كان مُتَدَرِّباً في أحدى المَزارع في بريطانيا، وعندما كان يَتَنَقَّل عن طريق “الأوتوستوب”.

ما يزال باومان مؤيداً صَريحاً للاتحاد الأوروبي حتى يومنا هذا. وهو يقول عن نفسه: “أنا مُزارِع في الاتحاد الأوروبي منذ اثنين وعشرين عاماً” وبرأيه، فإن الظروف الإطارية للزِراعة ليست أسوأ ولو بِمِثقال ذرة مِمّا هي عليه في سويسرا. “بالعكس، هناك أشياء كثيرة أكثر تَقدُّماً لا سيما في مجال البيئة”. وبينما كان يتحدث بأريحية عن المناقشات التي دارت قبل ثلاثين عاماً، فإنه يبدو أكثر مرارة حينما يقول: “من النادِر أن يَتَحَدَّث الناس في فرنسا عن سويسرا، ولو فعلوا، فليس بصفتها نموذج يُحتَذى به”. وكما يوضح، فإن الفرنسيين ينظرون إلى سويسرا كبلدٍ يَسعى إلى التَرَبُّح فقط من خلال السرّية المَصرفية، وتَبييض الأموال، والثَغرات الضريبية وأموال الأوليغارشية الروسية.

وكما يقول عضو البرلمان السابق، لم يَتَحَوَّل حزب الخُضر إلى حِزب مُؤيّد للاتحاد الأوروبي إلّا من خلال المجال الاقتصادي الأوروبي، وأيضاً “لأنهم أدرَكوا أن التَصويت بِرَفض الانضمام للمَجال الاقتصادي الأوروبي خَلَقَ حَرَكة جَديدة للملياردير كريستوف بلوخر، الأب المُؤَسّس لِحِزب الشعب السويسري (يَمين مُحافظ)”. وكانت أجواء من الشَك تسود مناطق سويسرا المتحدثة بالألمانية أثناء الحملة التي سبقت التصويت على الإتفاقية [الأمر الذي ساهَم لاحِقاً في الصعود السياسي السريع لـ بلوخر]. وبالنسبة للخُضر، كانت الحِجّة الرَئيسية المُناهضة للتَكامل الأوروبي هي “عَدَم امتلاك الفَرد لِحُرّية الرأي في الاتحاد الأوروبي”. لكن، أليس هذا صحيحاً؟

“لم يَكُن لِيَتم تَحديد ما كان سَيَتَوَجَّب على سويسرا التَخَلّي عنه من ديمقراطيتها المُباشِرة إلّا في طَلَب الإنضمام المُفَصَّل. وحيث لَمْ يحدث هذا أبداً، كان بالإمكان ادّعاء أي شيء من وَحي الخيال”، كما يرى باومانّ.

في الدوائر اليسارية البَديلة، لم يَشَكِّك الناس بِشأن التَقارُب الشديد من أوروبا بِدافع التميّز السويسري، ولكن بسبب رغبتهم في”تكامل أوروبي أكثر ديمقراطية وتوَجّهاً نحو القيَم الاجتماعية”، على حَد تعبير أحد الفاعلين. ووفقاً لتحليل لاحق، كان 2% من هؤلاء الناخبين سيؤيّدون الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في نهاية المطاف، ولكن ليس إلى المجال الاقتصادي الأوروبي. وبِحَسب هذا التحليل أيضاً، صَوَّت 53% من أنصار حزب الخضر لصالِح الانضمام إلى المجال الاقتصادي الأوروبي. وهذه، وإن كانت أغلبية، إلّا أنَّها لا تزال ضئيلة.

من جانبه، كتب الكاتب السويسري أوتو فريدريش فالتر قبل شهر من التصويت في صحيفة “فوخنتسايتونغ” (Wochenzeitung) اليسارية الصادِرة بالألمانية في زيورخ، أن القرارات الخاصة بالإقتصاد، والشؤون الاجتماعية والبيئة سوف تُتَّخَذ مُستقبلاً من قبل “رجالٍ مَجهولين” في بروكسل، وبأن هذه القرارات ستكون “نهائية وتُتَّخِذ خَلف أبواب مغلقة”. وكما أضاف: “لن تحتاج الحكومة السويسرية والبرلمان الفدرالي بعد الآن إلى الخَوف من اعتراض الشَعب” لأنهم بِبَساطة لَنْ يعودوا مسؤولين. وكان فالتَر، الذي توفي في عام 1994، يَعتقَد أن الانضمام إلى المَجال الاقتصادي الأوروبي سيؤدي إلى “هَيمنة قوى السوق الحُرّة”، وإلى “تفكيك حقوق الشعب”.

ماركوس سومّ: في صفٍّ واحدٍ مع الأب

رجل يقف ناظرا إلى عدسة المصور واضعا يديه في وسطه
ماركوس سُومّ في مكاتب تحرير بوابته الإخبارية الالكترونية Nebelspalter.ch. © Keystone / Gaetan Bally

مع ذلك، يُمكن القَول بشكل عام، ان أغلبية واضحة مِمَن اعتبروا أنفسهم يَساريين صَوَّتَت لِصالح الانضمام إلى المجال الاقتصادي الأوروبي – كما فَعَلَت الغالبية العُظمى من أولئك الذين شَعروا بأنهم يَنتَمون إلى الحزب الليبرالي الراديكالي.

وبالنسبة للطالب اليساري ماركوس سومّ، كان الاتفاق مع والده، أدوين سومّ، الرئيس التنفيذي للمجموعة الصناعية “آ بي بي” (ABB) بشأن التصويت للمجال الاقتصادي الأوروبي عام 1992 يُشكِّل تَجربة جديدة. “كان التصويت بـ ‘نعم’ على الانضمام  للمجال الاقتصادي الأوروبي مُهماً بالنسبة لنا. كانت هذه أول مسألة كبيرة أتفق عليها مع والدي”.

كان سومّ مُنخرطاً في حملة التصويت إلى جانب والدِه: “لقد قُمْتُ بِتَدريبِه وكَتَبتُ له العديد من الخطابات”، كما يقول. اليوم، يعمل ماركوس سومّ كصحفي ورجل أعمال يميني. أما مِنَصَتَه التي تحمل عنوان “نيبيلسبلاتَررابط خارجي” Nebelspalter فتُمَوَّل بِشَكل مُشتَرَك من قبل رجالِ أعمالٍ يُعارضون الاتفاقية الإطارية مَع الاتحاد الأوروبي.

يَصِف سومّ المَزاج العام في الفترة السابقة للتصويت بـالقول: “كان شعوراً هستيرياً بين الذُعر والأمَل: بالنسبة للبَعض، كان كلُ شيء سَيَتَغَيَّر بعد عام 1989، وبالنسبة للمُنضَوين تحت جناح بلوخر في حزب الشعب السويسري، لم يكن هناك سوى الماضي”. وفي ظل هذا الوضع، كان الطَرَفان “يُهوّلان” مسألة انضمام سويسرا إلى المجال الاقتصادي الأوروبي من عَدَمَها “بِشكل كبير”. وفي وقت لاحق، أعطُيِت النَتيجة قوة رَمزية أكبر، بِسَبب قَرار الحكومة عَدَم سَحْب طلبها للإنضمام إلى الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي أكسَبَ حزب الشعب السويسري اليَميني المَزيد من الزَخم. [جدير بالذكر أن سويسرا سحَبَت طلب انضمامها للاتحاد الأوروبي في عام 2016].

اقرأ أيضًا تقريرنا حول كيف يُستذكر التصويت المتعلق بالمجال الاقتصادي الأوروبي داخل أوساط حزب الشعب السويسري اليوم:

المزيد
فنيغر ستورن

المزيد

الحزب الذي خطف الأضواء بمعارضة الآخرين ومناهضة الاتحاد الأوروبي

تم نشر هذا المحتوى على بعد ثلاثين عاما، كيف يتذكر حزب الشعب السويسري التصويت بلا للانضمام إلى المجال الاقتصادي الأوروبي؟ تحقيق ميداني.

طالع المزيدالحزب الذي خطف الأضواء بمعارضة الآخرين ومناهضة الاتحاد الأوروبي

من خلال عَمَلِه كصَحفي، رافَقَ سومّ عملية تَطَوّر الحزب الديمقراطي المسيحي (الكاثوليكي) منذ مُنتصف تسعينيات القرن الماضي. وقد كانت المخاوف بشأن المجال الاقتصادي الأوروبي مُرتَفِعة بشكل خاص في العديد من مَعاقل هذا الحزب. “كان السُكّان في وَسَط سويسرا وَطَنيين ومُحافظين للغاية، ويؤمنون بالكنفدرالية بِشِدّة”. في نفس الوَقت، لم يؤسِّس حزب الشعب السويسري فروعه هناك إلّا في أعوام التسعينيات. ووفقاً لـ سومّ: “لم يكن هناك وجود لهذا الحزب في كانتون شفيتس”. وبالُمقارنة، صَّوت 36.9% من الناخبين في هذا الكانتون لصالح حزب الشعب السويسري في الانتخابات العامة الأخيرة. وبِحَسب سومّ، فإن الحِزب الليبرالي الراديكالي الذي ينتمي إلى عضويته “لم يتعافَ” تماماً من الخلاف حول أوروبا، مما أدّى إلى “فقدانه لجزءٍ من النُخبة الاقتصادية”.

على الرغم من الآثار الدائِمة التي خَلَّفتها على المَشهَد السياسي السويسري، إلا أن سومّ ينظر إلى مسألة الإنضمام إلى المَجال الإقتصادي الأوروبي باعتبارها “جزءً من التاريخ”. ووفقاَ لـرجل الأعمال والصحفي اليميني، فإنه من غير المُتَوَقَّع حدوث مُحاولة جديدة للتكامل بين سويسرا وأوروبا. وبرأيه، فإن فُرَص نجاح مشروع مثل الاتفاق الإطاري في صورة عرضه على استفتاء شعبي “ربما تُقارب 30%”.

وبالفعل، فإن النسبة المئوية للأشخاص المؤيدين لانضِمام سويسرا إلى الاتحاد الأوروبي هي في أدنى مُستوياتها على الإطلاق حالياً. مع ذلك، تَحتَلّ العلاقة مع الاتحاد الأوروبي في سياق أزمة الطاقة، والوَضع العالمي، مَكانة عالية بين السكان بِشكل مُلفِت للنَظَر. وعلى سبيل المثال، تأتي “العلاقة مع أوروبا” بالمَرتَبة الرابِعة في مؤشر القلَق لعام 2022 الصادر عن مصرف ‘كريدي سويس’، والذي يُغطي القضايا الأكثر إلحاحاً للناخبين في سويسرا. ووفقاً لهذا المؤَشِّر، فإن تَقَدُّم المُفاوضات مع الاتحاد الأوروبي بَعدَ فَشَل الاتفاق الإطاري المؤسساتي مُهِمٌ جدا لـ 66% من الناخبين. مع ذلك، فإن الأغلبية ليسَت واثِقة من نَجاح مثل هذا “الاختراق” المَأمول.

تحرير: ديفيد أوغستر

ترجمة: ياسمين كنونة

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية