قانون كوفيد يجتاز عقبة صناديق الاقتراع بسهولة
بينما تحاول أوروبا حماية نفسها من متحورة "أوميكرون" السريعة الانتشار في خضم الموجة الخامسة من جائحة كوفيد – 19، منحت سويسرا، البلد الأقل تطعيما في أوروبا الغربية، دعمها لجواز كوفيد وللعاملين والعاملات في قطاع التمريض والرعاية الصحية.
للمرة الثانية في هذا العام، صوّت السويسريون بخصوص قانون كوفيد حيث كان الجواز الصحي على المحك هذه المرة. ووفقًا لنتائج نهائية، أيّد 62% من الناخبين التعديلات التي أدخلت على قانون كوفيد – 19 الصادر في 19 مارس 2021، والذي وفّـر الأساس القانوني لاستخدام الجواز الصحي، لكن إجراءات المساعدة الاقتصادية للمتضررين من الجائحة مشمولة بالقانون أيضا.
تبعا لذلك، تشير هذه النتيجة إلى أن الاحتجاجات التي دأب المعارضون للجواز الصحي على تنظيمها كل أسبوع لا تحظى بتأييد شعبي حقيقي.
المزيد
نتائج اقتراعات 28 نوفمبر 2021
جواز كوفيد أو شهادة كوفيد بنسختيها الورقية أو الإلكترونية تثبت لمدة عام واحد أن الشخص الذي يمتلكها قد تم علاجه أو تطعيمه بالكامل ضد وباء كوفيد – 19. كما يمكن للشخص الحصول عليها لفترة لا تزيد عن 72 ساعة إذا قدم للجهات المعنية اختبار بي سي ار سلبي أو لمدة 48 ساعة إذا كان لديه اختبار مستضد سريع سلبي.
غالبًا ما تكون هذه الوثيقة ضرورية لعبور الحدود بل هي شرط أساسي لامتطاء الطائرة. أما داخل الحدود السويسرية، فهي إلزامية في ظروف معينة. إذ يجب تقديمها بشكل خاص لدخول مطعم أو حضور تظاهرات كبرى تضم أكثر من ألف شخص أو المشاركة في الأنشطة الرياضية أو الثقافية التي تجمع أكثر من ثلاثين شخصًا.
في حالات أخرى، يكون استخدام هذه الوثيقة اختياريًا، على سبيل المثال في المعاهد التقنية الفدرالية العليا في كل من لوزان وزيورخ، أو في الشرفات الخارجية للمطاعم أو في مواقع العمل. في المقابل، لا يشترط الاستظهار بها حين الذهاب للتسوق أو استخدام وسائل النقل العام. وأيّا كان الأمر، يبدو أن هذه الشهادة تحولت إلى مفتاح أساسي تقريبًا لكي يتسنى للمرء ممارسة حياة اجتماعية خلال الجائحة.
استفتاء
هنا تحديدا، تكمُن المشكلة بالنسبة لخصوم هذه الوثيقة، الذين يعتبرون أن الاستخدام المتزايد للجواز الصحي على نطاق واسع يُهمّش الجزء من السكان الذين لا يملكونها. ومن أجل تجنب هذا التمييز، فإنه من الضروري الحصول على الشهادة إما عن طريق التطعيم أو عن طريق إجراء اختبارات الفحص التي لم تعد مدعومة ماليًا من قبل الكنفدرالية.
تبعا لذلك، يرى المُعارضون، أن هذا الوضع يرقى إلى إجبار غير مباشر للأشخاص المعنيين على القيام بالتطعيم. كما يشعرون بالقلق من المراقبة الإلكترونية الهائلة التي يُزعم أنها قد تنتج عن التتبع الإلكتروني للاتصال (مع الأشخاص الآخرين) الذي تم ترسيخه في نص القانون. وبالفعل، تمكنت مجموعات من المواطنين غير المنتمين سياسيا من جمع التوقيعات اللازمة لفرض إجراء الاستفتاء على المستوى الوطني، ولذلك تمت دعوة الناخبين والناخبات مرة أخرى للتصويت على قانون كوفيد. وفي شهر يونيو الماضي، وافق 60.2٪ من السويسريين بالفعل على المسودة الأولى لهذا التشريع، الذي يُستخدم من طرف السلطات كأداة للتعاطي مع الجائحة الصحية والتعامل مع تداعياتها.
ردود فعل متناقضة
بالنظر إلى التوتر الذي شهدته سويسرا في الأسابيع القليلة الماضية، يمكن اعتبار حصول القانون على موافقة أكثر من 60٪ من الأصوات “نتيجة جيدة جدًا”. على أي حال، أعربت معظم الأحزاب عن ارتياحها لنتيجة التصويت، بل ذهب حزب الخضر المدافعين عن البيئة في سويسرا إلى حد وصف النتيجة بأنها “نجاح حقيقي”.
في تغريدة نشرها على موقع تويتر، اعتبر ماتياس راينارد، العضو في الحزب الاشتراكي وعضو حكومة كانتون فاليه والمدافع الشرس عن قانون كوفيد – 19، إلى أن التصويت بـ “نعم” لفائدة القانون وكذلك القبول بالمبادرة الداعية إلى رعاية تمريضية قوية يشكل “انتصارًا للتضامن ودعمًا واضحًا للكيفية التي أدارت بها السلطات الأزمة” التي نجمت عن الجائحة الصحية.
نفس التقييم تقريبا صدر عن الأحزاب اليمينية الداعمة للقانون. فعلى سبيل المثال، رحبت النائبة البرلمانية إيزابيل موراي، عن الحزب الليبرالي الراديكالي بالنتيجة في تصريحات أدلت بها إلى قناة الإذاعة والتلفزيون العمومي السويسري الناطقة بالفرنسية RTS، وقالت: “لقد أظهر الشعب أنه يوافق على مسار الاعتدال الذي اختارت الحكومة الفدرالية السير فيه لمكافحة الوباء”.
في المقابل، أقـرّ حزب الشعب السويسري (يمين محافظ)، وهو الحزب الرئيسي الوحيد الذي رفض القانون، بهزيمته. وقالت سيلين أمودرو، نائبة رئيس الحزب: “السكان يتبعون استراتيجية الحكومة الفدرالية، ويتعلق الأمر الآن بالقبول باختيارهم”. لكن العضوة في مجلس النواب أشارت إلى أنه “لا يزال هناك نسبة 37٪ من الرافضين (للقانون) الذين يجب أن يُؤخذوا بعين الاعتبار”، ولفتت إلى أنه يجب على الحكومة “ألاّ تنظر إلى قرار الشعب على أنه شيك على بياض”.
أما من جانب حركة “أصدقاء الدستور”، التي عارضت القانون بشدة، فقد بدت اللهجة أقل تصالحية. وفي معرض تعليقه، قال رئيسها المشارك فيرنر بوكسلر: “حتى في حالة التصويت بنعم، فإن حركتنا ماضية في طريقها ولن تتوقف الليلة”.
دعم شعبي للنداء الذي أطلقه الطاقم التمريضي
بعد أن صفقوا لهم على الشرفات أثناء فترات الحجز، دعمت غالبية السويسريين والسويسريات الممرضين والممرضات والعاملين في مجال الرعاية الصحية بشكل عام في صناديق الاقتراع، حيث منحوا المبادرة الشعبية التي تحمل اسم “من أجل رعاية تمريضية قوية” 61% من الأصوات وفقًا للنتائج النهائية.
ومثلما يُطالب بذلك، النص الذي طرحته الرابطة السويسرية للممرضات والممرضين، سيتعيّن على الكنفدرالية والكانتونات ضمان وجود عدد كافٍ من الخريجين. كما سيتوجّب عليهم الاهتمام بتحسين ظروف العمل في القطاع، لا سيما من خلال تحديد مقادير الأجور ومنح المزيد من الصلاحيات للطاقم التمريضي.
في سياق متصل، سلطت الجائحة الضوء أيضا على الحياة اليومية للممرضات والممرضين الذين يُعانون من نقص مزمن في عدد العاملين ومن التوتر ومن الأجور المنخفضة. وخلال المعركة التي تم خوضها ضد وباء كوفيد – 19، أصبحت الصورة المؤلمة التي رسمناها من خلال تحقيقنا حول ظروف عمل مقدمي الرعاية الصحية أكثر قتامة. وهي وضعية أسهمت في التأثير إيجابيا وتعزيز حظوظ الموافقة على المبادرة.
خاتمة لصراع طويل
على مدى حوالي عشرين عاما، حاول المهنيون تنبيه الطبقة السياسية إلى إشكالية النقص الفادح في عدد العاملين. وسبق لغُرفتي البرلمان الفدرالي أن ناقشتا ولكن بدون جدوى مبادرة برلمانية ترمي لمعالجة المشكلة تقدم بها نائب من اليمين المحافظ سنة 2011. وهذا هو السبب في أن الرابطة السويسرية للممرضات والممرضين، التجأت في نهاية المطاف إلى استخدام الأداة التي تتيحها الديمقراطية المباشرة لمعالجة المشكلة، وطرحت مبادرتها الشعبية في عام 2017.
واليوم، التحق النص الذي عرضته الرابطة بتلك الدائرة الضيقة من المبادرات الشعبية التي نجحت في اجتياز عقبة صندوق الاقتراع الكأداء على المستوى الوطني (في المعدل، واحدة من كل عشرة).
لن يتم تعيين قضاة عن طريق القرعة
يوم الأحد أيضا، أطاح الناخبون السويسريون عبر صناديق الاقتراع (68.1% مُعارضون وفقًا للنتائج النهائية) بمُبادرة شعبية قال أصحابها إنهم يُريدون منح المزيد من الاستقلالية للسلطة القضائية. فقد فضل السويسريون والسويسريات الوضع الراهن على نظام يعتمد على القرعة ولا يُمارس في أي مكان آخر في العالم.
إجمالا، هدفت “مبادرة العدالة” كما تُسمّى إلى نزع الطابع السياسي عن انتخاب قضاة وقاضيات المحكمة الفدرالية(أعلى هيئة قضائية في سويسرا). فقد دعت إلى أن يتم تعيين القضاة الفدراليين من قبل لجنة من الخبراء على أساس مؤهلاتهم، وإثر ذلك يتم سحب الأسماء عن طريق القرعة. في الوقت الحاضر، يكون القضاة أعضاء في حزب سياسي ويتم انتخابهم من قبل أعضاء البرلمان الفدرالي (بغرفتيه)، حيث تقوم السلطة التشريعية بإسناد مناصب القضاة الفدراليين بما يتناسب مع القوة التمثيلية للأحزاب.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.