اتهامات للجنة الأولمبية الدولية بالركوع أمام روسيا بوتين
رفضت اللجنة الأولمبية الدولية تعليق مشاركة روسيا في أولمبياد ريو، وتركت للفدراليات الدولية مهمة تحديد الرياضيين الروس الذين لم يتلوثوا بـما وُصف "نظام تعاطي المنشطات تحت إشراف الدولة". هذا القرار قُوبل بالشجب والإستنكار من طرف كل الصحف السويسرية الصادرة يوم الإثنين 25 يوليو 2016.
“في مواجهة نظام لتعاطي المنشطات تحت إشراف الدولة ثبت حصوله من 2011 إلى 2015، فوّتت اللجنة التنفيذية للجنة الأولمبية الدولية بسبب ضعفها لحظة تاريخية في حربها المُعلنة على تناول المنشطات”.. على غرار هذا التعليق الذي ورد في “لاتريبون دو جنيف” (تصدر بالفرنسية في جنيف)، وجّهت العديد من اليوميات السويسرية سهام انتقاداتها هذا الإثنين إلى اللجنة الأولمبية الدولية وإلى رئيسها توماس باخ، المتهمين بقلة الشجاعة وبالتهاون مع روسيا.
في هذا الإطار، أشارت لا تريبون دو جنيف إلى أن “حوالي خمسة عشر وكالة لمكافحة استهلاك المنشطات أوصت باستبعاد روسيا، كما أن العديد من الفدراليات الوطنية والدولية للعديد من الرياضات كانت تنتظر صدور إشارة قوية. واليوم، لا تشعر كلها سوى بالمرارة بسبب غياب قرار، لأسباب سياسية أكثر منها رياضية بلا ريب”.
من جهتها، تشير “لوتون” (تصدر بالفرنسية في لوزان) إلى أن المنظمة، التي تتخذ من لوزان مقرا لها منذ قرن ونيف، تظل حبيسة مقتضياتها السياسية والإقتصادية، إذ أن “استبعاد روسيا كان يعني استعداء واحدة من أكبر الأمم الرياضية، وقاعدتها الزبونية في الفدراليات الرياضية الدولية. وكان يعني أيضا بالتأكيد مزيد تعميق الهوة التي ترتسم بين موسكو والغرب، في وقت يجري البحث فيه بالأحرى عن بناء الجسور”.
قرار “جبان ومُميت”
من ناحيته، نشر ماسيمو لورينزي، رئيس القسم الرياضي في قناة التلفزيون العمومي السويسري الناطق بالفرنسية (RTS) تغريدة على موقع تويتر قال فيها: “بعد أن منحت ألعابَ سوتشي الأولمبية في 2014 إلى بوتين لأغراضه القومية الشخصية، تُواصل اللجنة الأولمبية الدولية سياستها المُراعية (له)”.
Après avoir donné les JO de Sotchi2014 à Poutine pour son business nationaliste personnel, le CIO poursuit dans sa politique de complaisance
— Massimo Lorenzi (@Mass_Lorenzi) 24 juillet 2016رابط خارجي
نفس الرأي عبّرت عنه صحيفة نويه لوتسرنر تسايتونغ (تصدر بالألمانية في لوتسرن)، وكتبت تقول: “لقد أغمضت اللجنة الأولمبية الدولية عينا وغمزت بالعين الأخرى. (…) لقد أصغت اللجنة إلى الصوت الرسمي لروسيا أكثر مما أنصتت إلى الوكالة الدولية لمكافحة المنشطاترابط خارجي. لذا يُمكن لبوتين أن يهنّئ نفسه وأن يُهنّئ الذين يُسمّيهم “أصدقاؤه في اللجنة الأولمبية الدولية”، وأولهم توماس باخ”.
“قرار اللجنة الأولمبية الدولية رسالة إيجابية وُجّهت للمُحتالين” صحيفة تاغس أنتسايغر
بدورها، انتقدت صحيفة “تاغس أنتسايغر” (تصدر بالألمانية في زيورخ) المنظمة التي تتخذ من لوزان مقرا لها، ولم تتردد في الحديث عن قرار “جبان وقاتل”.. جبانٌ، لأن اللجنة الأولمبية الدولية فوّضت المسؤولية إلى الفدراليات الدولية لتحديد هوية من سيتمكن من المشاركة في ألعاب ريو أم لا.. وهو قاتلٌ، لأن (ذلك يعني تحديدا) أنه سيتعيّن على فدراليات قوية كان ينشط في إطارها أبطال روس كبار ثبّت تعاطيهم للمنشطات أن تُصبح في ظرف وجيز جدا ذات مصداقية و(تقوم) بتطهير مجالها الرياضي. لذلك اعتبرت الصحيفة أن “قرار اللجنة الأولمبية الدولية رسالة إيجابية للمُحتالين لكنها تمثل فشلا مدويا لأنصار مكافحة تعاطي المنشطات”.
الميثاق الأولمبي في سلة المُهملات
بنفس اللهجة الحادة، تحدثت صحيفة “بليك” الشعبية الواسعة الإنتشار عن “يوم أسود” في تاريخ الرياضة، واعتبرت أن “الميثاق الأولمبي لم يعُد – منذ القرار الذي اتخذ يوم الأحد 24 يوليو – سوى قطعة بسيطة من الورق عديمة الفائدة يُمكن لأي شخص أن يُفسّرها على هواه”.
من جهتها، اعتبرت صحيفة “برنر تسايتونغ” أن اللجنة الأولمبية الدولية خسرت “آخر أوقية من المصداقية التي كانت متبقية لها”. وذكّرت اليومية التي تصدر بالألمانية في العاصمة برن، أن رياضيين تعاطوا المنشطات بناء على أوامر صادرة من الدولة، أما الأخطر، فهو أنهم استغلوا ميزة لعبهم فوق أرضهم خلال دورة ألعاب سوتشي الشتوية لعام 2014 لإخفاء عيّنات إيجابية. لذلك فإنه “من غير العقول – ببساطة – أن يتمكّن علم أمة تدوس بقدميها منذ عامين ونصف على القيم الأولمبية من أن يُرفرف في ريو”.
في الأثناء، عبّرت صحيفة “نويه تسورخر تسايتونغ” عن أسفها لعدم تمكّن اللجنة الأولمبية الدولية من اغتنام الفرصة “للبروز كمؤسسة قوية ذات رؤية عالمية وتُعاقب بشدة الإنتهاكات الخطيرة المرتكبة بحق الرياضات الأولمبية”. وتضيف الصحيفة الرصينة أن اللجنة الأولمبية الدولية بقيادة توماس باخ تُمارس توازن مصالح جغرافي – رياضي تجنبا لعداوة الشركاء الروس الأقوياء.
اللجنة الأولمبية السويسرية غاضبة
“ما هي قيمة الميثاق إذا لم تتحرك اللجنة الأولمبية الدولية الآن؟” يورغ شيلد، رئيس اللجنة الأولمبية السويسرية
بدورها، تطرقت العديد من الصحف الصادرة بالفرنسية، من بينها “لاكسبريس” (تصدر في نوشاتيل) و”لونوفيليست” (تصدر في كانتون فالي)، إلى رد فعل يورغ شيلد، رئيس اللجنة الأولمبية السويسرية الذي امتزجت فيه مشاعر الدهشة بالغضب إثر الإعلان عن قرار اللجنة الأولمبية الدولية. “لقد كانت عملية تم التخطيط لها من طرف الدولة، والمخابرات واللجنة الوطنية الأولمبية بوجه خاص. إنني مندهش ومُصاب بخيبة أمل وغاضب من قرار اللجنة الأولمبية الدولية. أنا مندهش لأن القرار النهائي لم يعد فجأة بيد اللجنة الأولمبية الدولية، بل أسند إلى الفدراليات الرياضية. أنا مُصاب بخيبة أمل لأن اللجنة الأولمبية الدولية أضاعت فرصة لإقامة الدليل على قدراتها القيادية. ثم أنا غاضب لأن اللجنة الأولمبية الدولية لا تقوم بشيء بنفسها في حين أن روسيا خانت كل اللجان الأولمبية الوطنية الأخرى”.
ويواصل يورغ شيلد قائلا: “تتحدث اللجنة الأولمبية الدولية باستمرار عن العائلة الأولمبية. في هذه الحالة، ارتكب أحد أفراد هذه العائلة خيانة بحق الآخرين جميعا، وبطريقة لا تُصدّق. ما هي قيمة الميثاق (الأولمبي) إذا ما لم تتحرك اللجنة الآن؟ إنها صفعة لجميع اللجان الأولمبية الوطنية ولكافة الرياضيات والرياضيين”.
عموما، لا يبدو أن أول ألعاب أولمبية تدور فعالياتها فوق تراب أمريكا اللاتينية ستنطلق على أسس جيدة، “ففي 5 أغسطس، ستُفتتح ألعاب ريو في أجواء مُثقلة بعدُ بالمخاطر الإرهابية وبالتاخر المُسجّل على مستوى التنظيم. ومن الصعب تصور استقبال حار للوفد الروسي، فكل تتويج روسي سيُنظر إليه بتوجس.. في انتظار فضائح جديدة”، مثلما تقول صحيفة “كورييري ديل تيتشينو” التي تصدر في بيلينزونا جنوب سويسرا بالإيطالية.
هل ترى أن اللجنة الأولمبية الدولية مُحقّة في التأكيد على ما أسمته “الحق في العدالة الفردية” لتبرير قرارها القاضي بعدم استبعاد روسيا من ألعاب ريو؟ رأيك يهمنا وشكرا على مساهمتك في الحوار.
(ترجمه من الفرنسية وعالجه: كمال الضيف)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.