كيف يؤثّر التصويت الفاشل بشأن الهجرة إلى سويسرا على علاقتها بأوروبا
لماذا فشلت المبادرة الأخيرة المطالبة بالحد من الهجرة من بلدان الاتحاد الأوروبي إلى سويسرا؟ وماذا يعني ذلك بالنسبة للعلاقات المستقبلية بين الكنفدرالية والمجموعة الأوروبية؟ ردود فعل السياسيين في برن وبروكسل وعواصم الاتحاد، وكذلك المحلل السياسي السويسري كلود لونشون تقدم بعض الإجابات.
بعد تصويت يوم الأحد 27 سبتمبر 2020 على خمس قضايا، بما في ذلك الحد من الهجرة من بلدان الاتحاد الأوروبي إلى سويسرا، أبلغت وزيرة العدل والشرطة، كارين كيلّر-سوتّر وسائل الإعلام أن نتيجة الاقتراع مثلت تأييدا آخر من قبل الناخبين لسياسة الحكومة الفدرالية وللاتفاقيات الثنائية المبرمة مع الشريك التجاري الرئيسي لسويسرا.
وقالت: “إنها أيضا أخبار سارة لشركائنا الأوروبيين حيث صوّت الناخبون السويسريون لصالح علاقات مستقرة مع الإتحاد الأوروبي”، مضيفة أن الاتفاقيات الثنائية هي أفضل حل ممكن للسياسة الخارجية. وقالت كيلّر- سوتّر إن الحكومة ستحدّد موقفها في الأسابيع القليلة المقبلة من مشروع الاتفاق الإطاري لتنظيم أكثر من 120 اتفاقية ثنائية يجري العمل بها حاليا بين سويسرا والاتحاد الأوروبي.
وفي أوّل ردّ فعل، رحّب مسؤولو الاتحاد الأوروبي بنتيجة التصويت. وقال باولو جينتيلوني، المفوّض الأوروبي في المجال الاقتصادي: “إنه يوم سعيد بالنسبة للديمقراطية ولأوروبا”. وغرّدت أورسولا فان دير لاين، رئيسة المفوّضية الأوروبية، عبر حسابها على موقع تويتر، واصفة نتيجة التصويت السويسري بأنها “إشارة إيجابية” للعلاقات المستقبلية بين سويسرا والاتحاد الأوروبي.
The vote of the citizens of Switzerland upholds one of the core pillars of our relationship: the mutual freedom to move, live and work in Switzerland and the EU.
— Ursula von der Leyen (@vonderleyen) September 27, 2020رابط خارجي
I welcome this outcome and see it as a positive signal to continue to consolidate and deepen our relationship pic.twitter.com/yWYCzjtY7Mرابط خارجي
وقد أطلق هذه المبادرة حزب الشعب السويسري اليميني المناهض للاتحاد الأوروبي، والذي يشغل أكبر عدد من المقاعد في البرلمان الفدرالي. وفيما أنحى ماركو كيازا، رئيس الحزب باللائمة على أزمة كوفيد- 19 في الهزيمة التي مُني بها حزبه في صناديق الاقتراع، قال: “إن الفيروس وتداعياته طغت على الحملة، لكننا سنواصل النضال من أجل البلاد واستعادة السيطرة على الهجرة”.
إذن ماذا تعني هذه الخسارة بالنسبة للحزب اليميني المحافظ، بعد ست سنوات من فوزه بفارق ضئيل بمبادرة مماثلة أطلقها للحد من الهجرة الوافدة من بلدان الاتحاد الأوروبي؟ وكذلك بالنسبة للعلاقات المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي؟ نطرح هذيْن السؤاليْن على المحلل السياسي البارز كلود لونشان.
swissinfo.ch: في فبراير 2014، أيّد الناخبون مبادرة حزب الشعب السويسري المناهضة للهجرة الجماعية وإن بنسبة ضعيفة. وهذه المرة فشلت مبادرة مماثلة بشكل واضح. ما الذي هو مختلف اليوم؟
كلود لونشان: في عام 2014 لم تكن هذه المبادرة واضحة بما فيه الكفاية حتى بالنسبة للحكومة وللبرلمان. أما هذه المرة، فالمبادرة كانت أكثر صرامة وراديكالية، وكان من الواضح بالنسبة للجميع أن التصويت بنعم “ستكون له عواقب: الانسحاب من الحزمة الأولى من الاتفاقيات الثنائية المبرمة مع الاتحاد الأوروبي التي تنظم حرية تنقل الأشخاص، ومن السوق الداخلية مع الاتحاد.
وفي عام 2014، كان حزب الشعب السويسري في أوج قوّته وكان زعيمه كريستوف بلوخر مُهيمنا على المشهد الاتصالي بلا منازع. أما اليوم فقد تغيّر الوضع تماما، على الرغم من أن حزب الشعب لايزال الحزب الأقوى في البلاد.
في ذلك الوقت أيضا، كان عدد الأشخاص الوافدين على سويسرا من بلدان أخرى أعلى بكثير. أما اليوم، لم تعد الهجرة على رأس قائمة القضايا التي تثير قلق السويسريين (وفقا لدراسة سنوية تحدد مؤشر أسباب قلق المواطنين في سويسرا)، بل ينصب الاهتمام أكثر على كيفية امتلاك أكثر ما يمكن من المال لتمويل معاشات التقاعد وارتفاع التكاليف الصحية وأقساط التأمين الصحي.
swissinfo.ch: اعتبرت مبادرة الحد من الهجرة لعام 2020 بمثابة المؤشّر الهام فيما يتعلّق بالاتفاق الإطاري المؤسسي الذي طال انتظاره مع الاتحاد الأوروبي. هل الطريق الآن واضحة للمضي قدما في هذا الاتفاق؟
كلود لونشان: لوأيّدت أغلبية الناخبين هذه المبادرة لكان الاتفاق الإطاري الآن غير مطروح بالمرة. لكن “لا” التي خرجت من الصندوق لا تعني أيضا “نعم بشكل آلي” للاتفاق الإطاري. فالحكومة لا تؤيد المقترح المعروض، وهناك أيضا قدر كبير من الشك في البرلمان. والنقابات العمالية معارضة للمشروع، مثلما أوضحت قبل يوميْن فقط (من خلال رسالة وجهتها في منتص أغسطس الماضي إلى الحكومة الفدرالية).
سيكون المخرج هو اتفاق أبسط مع ملحق يحتوي فقط على أهم ثلاث نقاط شائكة (إجراءات حماية سوق العمل، والقواعد المنظمة لتجنيس المهاجرين الأوروبيين، ومساعدات الدولة). ربما بهذه الطريق يصبح ممكنا التوصّل إلى اتفاق. من ناحية أخرى، إذا سادت الشكوك، فستواجه سويسرا نقاشا حول المبادئ، خاصة حول الولاية القضائية وحماية الأجور في البلاد.
(نقله من الإنجليزية وعالجه: عبد الحفيظ العبدلي)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
اكتب تعليقا