مركزٌ للسلامة الحيوية في سويسرا لمواجهة الأوبئة في المُستقبل
تقول إحدى الخبيرات في علم الأحياء والعاملة في موقع مركز السلامة الحيوية (BioHub) المُستقبلي في بلدة ‘شبيتس’، إن إنشاء مستودع عالمي في سويسرا لتخزين الفيروسات ومُسببات الأمراض، وتحليلها ومشاركتها بُسرعة بين المختبرات في مختلف أنحاء العالم، سوف يساعدنا على إعداد أنفسنا على نحو أفضل لمواجهة الوباء القادم.
في يوم 24 مايو المنقضي، وَقَّعَت مُنظمة الصحة العالمية(WHO) والحكومة السويسرية مذكرة تفاهم لإطلاق أول مرفق تابع للمنظمة من مرافق مركز السلامة الحيوية (BioHub) كجزء من نظام المنظمة لمراكز الاختبار الحيوية الذي أُعلن عنه في نوفمبر 2020. من جانبها، ستوفر سويسرا للمنظمة مختبر ‘شبيتس’ للإحتواء البيولوجيرابط خارجي (Spiez Biocontainment Laboratory) الذي يقع مقره في بلدة ‘شبيتس’ في كانتون برن، ليكون بمثابة مستودع عالمي للفيروسات وغيرها من العوامل المُمرضة الأخرى التي قد تتسبب بحدوث أوبئة أو جوائح، مثل فيروس كورونا-سارس-2 المسبب لكوفيد-19 الحالي. وهناك، سوف يتم تخزين، ودراسة، وإعداد هذه الفيروسات وغيرها من مُسببات الأمراض الأخرى بشكل آمن لمشاركتها مع مختبرات في دول أخرى، بغية إثراء تقييمات المخاطر، وإدامة التأهُب لِمُواجهة مثل هذه العوامل المُمرضة على الصعيد العالمي.
SWI swissinfo.ch تحدثت إلى إيزابيل هونغر-غلاسررابط خارجي، رئيسة قسم الأحياء في مختبر ‘شبيتس’ بكانتون برن لمعرفة المزيد عن مركز السلامة الحيوية هذا، والعمل الذي سيتم القيام به هناك.
SWI swissinfo.ch : لماذا كان من الضروري إنشاء مثل هذا المركز للسلامة الحيوية؟
إيزابيل هونغر-غلاسر: يُعَدّ التحليل الفوري لمُسببات الأمراض الجديدة خطوة أساسية نحو احتواء المرض في وقت مُبَكر خلال الأوبئة أو الجوائح في المستقبل، والحيلولة دون زيادة انتشاره. ومع اتباع مثل هذا النَهج، من المُحتمل أن لا ينتشر المرض بهذه الصورة الفجائية، كما حدث مع انتشار فيروس كورونا المُستجد.
لقد جاءت فكرة نظام مركز السلامة الحيوية من الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الذي دعا إلى عهد جديد من التعاون الدولي، مؤكداً على الحاجة إلى الاستعداد بشكل أفضل للوباء القادم.
في الوقت الراهن، تجرى غالبية عمليات تبادل المعلومات حول مُسببات الأمراض بين البلدان بناءً على اتفاقيات ثنائية، وهذا يستغرق الكثير من الوقت الإضافي الذي يَضيع في التَغَلُّب على الحواجز الإدارية. ومع وجود نظام مَركَز السلامة الحيوية، تَعتَزِم منظمة الصحة العالمية اشراك الدول الاعضاء في تبادل المواد الحيوية المُسببة للأمراض بشكل أسرع بكثير لِضمان الاستجابة السريعة للتدخل وتطوير التشخيص أو العلاجات. كما تؤمن المنظمة أيضاً أن الوضع الراهن [حيث تتمتع بعض البلدان بإمكانية الوصول إلى المعلومات بشأن مسببات الأمراض أكثر من غيرها] ليس عادلاً. وبرأيها، يجب أن يكون أحد مبادئ نظام مركز السلامة الحيوية هو العدالة والمُساواة.
SWI swissinfo.ch: كيف سيعمل مركز السلامة الحيويةعلى وَجْه التحديد، وما مدى تأثير سويسرا نفسها على ما سيتم تخزينه وتحليله ومُشاركته في مختبر‘ شبيتس’؟
إيزابيل هونغر-غلاسر: في ‘شبيتس’ سوف نقوم بزراعة مُسببات الأمراض وإجراء التحاليل، مثل تحليل تسلسل الحمض النووي. هذا مُهم لغرض مراقبة الجودة. سوف تتولى منظمة الصحة العالمية مسؤولية تبادل النتائج مع البلدان الأخرى، كما ستأخذ على عاتقها مهمة التواصل مع المختبرات المهتمة بتلقي مُتغيرات مُعينة. ولن تشارك منظمة الصحة العالمية مُسببات الأمراض هذه إلا مع الكيانات المؤهلة التي تلبي اللوائح والمعايير ذات الصلة. من ثمَّ، سوف تقوم بإبلاغنا لتجهيز مُتغير معين لإرساله إلى هذا الكيان المؤهل.
نحن نعمل الآن على إنشاء لجنة استشارية تضم خبراء من مستشفيات جامعة جنيف (HUG) والمعهد السويسري لعلم الفيروسات والمناعة (IVI) بالإضافة إلى مختبرنا. وسوف تقرر هذه اللجنة ما إذا كان يتعين تخزين سلالة متحورة جديدة من فيروس معين في مركز السلامة الحيوية. ومن الواضح أننا لن نحتاج إلى قبول المتغيرات الموجودة لدينا بالفعل.
SWI swissinfo.ch: لماذا تم اختيار مختبر ‘شبيتس’ دون المختبرات الأخرى كمركز رئيسي؟
إيزابيل هونغر-غلاسر: بدأت منظمة الصحة العالمية المرحلة الأولى لنظامها الخاص بمراكز السلامة الحيوية من خلال مختبر واحد. هناك عدة أسباب لاختيار مختبر ‘شبيتس’ لِبَدء هذا النظام، مثل موقعه الجغرافي بالقرب من جنيف [حيث يقع المقر الرئيسي لمنظمة الصحة العالمية]، ومعاييره العالية، وسمعته الممتازة. كما يقدم مختبرنا للعلماء والخبراء بُنية تحتية للإحتواء على أعلى مستوى من السلامة والأمن البيولوجي. إن ‘شبيتس’ هو المختبر الوحيد في سويسرا حيث يمكن زراعة مُسببات الأمراض شديدة الخطورة من المجموعة الرابعة [التي عادة ما تسبب أمراضا تهدد الحياة ويمكن نقلها بسهولة]. وبغية وَصْف هذه الُمسببات ومشاركتها [مع الآخرين]، من المهم زراعتها لإجراء التحاليل عليها لاحقاً.
لدينا بالفعل مستودع لسويسرا في ‘شبيتس’ يحتوي على حوالي 40 مُسبب لأمراض مختلفة، مثل العوامل المسببة للإيبولا وأنواع أخرى من الحمى النزفية. وقد تم بالفعل زراعة عدة سلالات متحورة من فيروس كورونا-سارس-2 وتحليلها، وتخزينها في منشأتنا.
المزيد
خطة جديدة لمنظمة الصحة العالمية يُمكن أن تُسهم بتحرك سريع إزاء الأزمات الصحية الدولية
SWI swissinfo.ch: تتمثل الخطة في إطلاق مرحلة تجريبية للمركز استناداً إلى فيروس كورونا-سارس-2 ومتحوراته قبل توسيع المشروع ليشمل مسببات أخرى للأمراض. كيف سيتطور العمل برأيك خلال الأشهر الإثني عشر القادمة ؟
إيزابيل هونغر-غلاسر: يجب أن يبدأ العمل في شهر يوليو المقبل. إن فكرة المرحلة التجريبية هي تحسين العمليات القائمة بالفعل واكتساب بعض الخبرة الجديدة. لا يمكن التنبؤ بكيفية تطور الأشياء. نحن نعلم ان بعض البلدان ترغب بتقديم متحورات الفيروس الموجودة لديها إلى منظمة الصحة العالمية. لدي شعور بأننا يمكن أن نحصل على العديد من السلالات من إفريقيا أو أمريكا الجنوبية. الوضع في إفريقيا مثلاً يشير إلى عدد متزايد من المتغيرات الجديدة للفيروس التي تحتوي على طفرات قد تكون مثيرة للقلق.
المزيد
هل يُمكن لـ “كوفاكس” مساعدة البلدان الفقيرة على اللحاق بالركب؟
SWI swissinfo.ch: يعتمد نظام مراكز السلامة الحيوية (BioHub) على العمل التطوعي. لكن، وبالنظر إلى الإحجام الواضح للدول الرائدة عن التعاون خلال الجائحة بشأن قضايا مثل اللقاحات، هل يمكننا أن نتوقع منها تبادل مسببات الأمراض بفعالية ؟
إيزابيل هونغر-غلاسر: لقد أثبتت تجربة الوباء الحالي مدى أهمية القُدرة على الاستجابة السريعة وتبادل الخبرات والعمل المُشترك. لو أن جميع هذه الاليات عملت بشكل أسرع في البداية، لربما كان بإمكاننا وَقْف انتشار كوفيد -19 في مرحلة مُبكرة، ولربما كان الوضع سيكون أفضل الآن. لقد أعلَنَت بعض الدول بالفعل عن استعدادها لمشاركة متغيراتها من الفيروس.
SWI swissinfo.ch: هناك ضغط دولي مُتنامي لمعرفة المزيد عن أصول الوباء. هناك نظريتان متنافستان؛ ترى الأولى إن الفيروس نشأ لدى خفافيش ثم انتقل إلى الإنسان، ربما عن طريق فصائل وسيطة، وترى الثانية انه قد تسرب من مختبر الفيروسات في مدينة ووهان الصينية. أي الفرضيات تغلبين؟
إيزابيل هونغر-غلاسر: نحن نُجري البحوث ونساهم بنشاط في حل مُشكلة الجائحة الحالية. لكننا لا نتعامل مع أصل الفيروس. لا يسعني إلا أن أقول ما أعرفه عن مختبر ‘شبيتس’. هذا المختبر يُلبي جميع المتطلبات القانونية، ونحن نتوفر بالتالي على جميع الإجراءات الأمنية والحماية اللازمة.
SWI swissinfo.ch: لكن ها قد مرَّ أكثر من عامٍ، ولا زلنا لا نعرف شيئاً عن مَصدر جائحة كوفيد ـ 19. ألا يثير ذلك استغرابكِ؟
إيزابيل هونغر-غلاسر: طالما يستمر كوفيد، وطالما أننا لم نُسيطر عليه، فإن من الأهم أن نركز كل طاقتنا على القضاء على المَرض وليس على معرفة مصدره.
المزيد
منظمة الصحة العالمية مدعوة إلى تعزيز الاستثمار في إدارة المعلومات وتبادلها
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.