رغم التأزّم الشديد للعلاقات بين الولايات المتحدة وإيران هذا الأسبوع، تبادل الطرفان المتنازعان رسائل عبر السفارة السويسرية في طهران، ممثلة بسفيرها ماركوس لايتنر. إنه الرجل المسؤول عن تنفيذ تفويضات "قوة الحماية" السويسرية لمصالح البلديْن المتنازعيْن.
لدى سويسرا العديد من الوجوه، وكل منها يُطلِعُنا على حكايات لا تُحصى. أنا أهتم بالبلاد بكل تنوعها. أحب التحدث عن الزراعة والبنوك، والدبلوماسيين والمصارعين، كما يهمني تسليط الضوء على الامتياز الصناعي وأبرَز المعالم الثقافية في البلاد.
وظل السفير ماركوس لايتنر في منصبه لأكثر من عاميْن، وهو في وضع جيّد لضمان الحفاظ على الاحتراف الدبلوماسي في المناخ الحالي المتوتّر.
إن عمل سويسرا كوسيط حميد بين واشنطن وطهران يتم في سرية تامّة من أجل الحفاظ على ثقة الجانبيْن. واكتفت وزارة الخارجية في برن هذا الأسبوع بتأكيد تبادل للرسائل بين البلدين، من دون أي إضافة.
وقال لايتنر لصحيفة نويه تسوخر تسايتونغ في شهر سبتمبر 2019 إنه منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية النووية في عام 2018، أدى تفويض سويسرا بحماية مصالح البلديْن المتنازعيْن إلى تكثّف الأعمال الواجب الاضطلاع بها، مضيفا بأن الأمر استغرق ما يصل إلى 50% من وقت عمله، وربما تزيد هذه النسبة حاليا.
24 عاما في الخارجية
التحق لايتنر البالغ من العمر 53 سنة بوزارة الخارجية منذ 24 عاما وهو يحظى “بسمعة طيبة جدا”، وفق ما ذكره دبلوماسي سابق. ومن خلال حسابه على تويتر، أحيانا، يقدم السفير السويسري الذي هو أب لطفليْن صورة دينامية غير رسمية، ويرتدي بنطال جينز، وقميصا مفتوحا.
ومن قبل، درس لايتنر الاقتصاد في زيورخ، وعمل في بداية مشواره المهني في المجال التجاري والمالي. ثم التحق في عام 1996 بوزارة الخارجية، حيث كانت احدى مهامه الأولى تحرير سويسرا من دورها كمركز للألماس النفيس.
وتلى ذلك توليه لوظائف خارج سويسرا في كل من جنوب إفريقيا وتشيلي.
عيّن لايتنر سفيرا لأوّل مرة في مصر سنة 2013، في أوج أزمة داخلية عرفها ذلك البلد. وقال في وقت لاحق: “سلمت أوراق اعتمادي آنذاك إلى الرئيس محمد مرسي، وبعد أسبوعيْن تم الإنقلاب عليه”، وأثناء موجة المظاهرات حينها، كان لايتنر يبيت في مقر السفارة مستخدما كيسا للنوم، خوفا من استحالة امكانية وصوله لمقرّ السفارة صباحا لو غادرها.
أعصاب متماسكة
وفي مصر، تحلى لايتنر برباطة جأش تعتبر ضرورية خلال الأزمات. كما يجب أن يكون الوصول إلى السفراء ممكنا ليلا ونهارا. ومن خلال عمله في طهران، كان يتعين أن يصدر عنه إلى العالم الخارجي ما يشير إلى أن الحياة طبيعية في إيران، لأن سفارة سويسرا هي مؤشّر بالنسبة للسكان في طهران: إذا كانت هناك مغادرة لموظفين أو مظاهر ذعر ما، فهذا يمكن أن يُفهم على أنه علامة على احتمال حدوث هجوم أمريكي وشيك. في الوقت نفسه، غالبا ما تكون هناك مظاهرات عنيفة مناهضة للولايات المتحدة أمام مقر السفارة.
رباطة الجأش وتمالك الاعصاب، ميزتان لدى لايتنر هما أيضا ضروريتان في المفاوضات التي أدّت إلى تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وإيران في شهر ديسمبر الماضي. فقد عمل السفير “بلا كلل أو ملل” من أجل إطلاق سراح الأسرى وفقا لما أدلى به أحد أعضاء الحكومة الامريكية.
كل الأنظار تتجه إلى دافوس
وفي العام الماضي، تحدث لايتنر إلى إذاعة محلية في زيورخ قائلا: “الحياة في إيران طبيعية أكثر مما قد يتصوّر المرء في الخارج. في المساء، يمكنك الذهاب إلى المطاعم والمقاهي، وخاصة في طهران، كما يمكنك التنقل بسهولة”.
وفي الوقت الحالي، لا يمكن الوصول إلى لايتنر لإجراء مقابلة معه. وربما هو يقضي حاليا وقتا أقل في المقاهي. فالوضع لايزال متوتّرا، وقد أعلن كل من الرئيس الامريكي، ووزير الخارجية الإيراني أنهما سيحضران المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس الذي سينعقد في غضون أسبوعيْن. وهذا يعني أنهما ربما يحتاجان إلى مساعي سويسرا الحميدة.
المزيد
المزيد
كيف يتعامل “ساعي البريد” السويسري مع الولايات المتحدة وإيران؟
تم نشر هذا المحتوى على
يوم الأحد 5 يناير الجاري، استدعت السلطات الإيرانية المبعوث السويسري الذي يمثل المصالح الأمريكية في طهران احتجاجًا على تهديدات أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على موقع تويتر. فقد قال ترامب إن الولايات المتحدة ستستهدف مواقع إيرانية إذا ما هاجمت طهران مواطنين أو ممتلكات أمريكية ردا على مقتل القائد العسكري قاسم سليماني. وكانت إيران قد هددت…
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.
اقرأ أكثر
المزيد
مهامّ حميدة لسويسرا على مدى السنين
تم نشر هذا المحتوى على
على مدى العشريات الست الأخيرة، ارتفع عدد مهام الوساطة الحميدة أو رعاية المصالح التي اشتركت فيها سويسرا جزئيا أو كليا أو تراجع تبعا لتطور الأوضاع الجغرافية - السياسية في شتى بقاع العالم.
ترامب سيشارك في المنتدى الاقتصادي العالمي في سويسرا
تم نشر هذا المحتوى على
يعتزم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حضور الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في منتجع دافوس الجبلي السويسري هذا الشهر ، لتعويض غيابه العام الماضي بسبب إغلاق الحكومة الأمريكية. فقد أكدت المتحدثة اسم البيت الأبيض ستيفاني غريشام يوم الأربعاء 8 يناير الجاري أن ترامب سيحضر المنتدى السنوي، الذي يستقطب شخصيات سياسية ورجال وسيدات أعمال رفيعة المستوى، إلى جانب أكاديميين…
تم نشر هذا المحتوى على
في عام 2013، صرّح سفير سويسرا السابق لدى إيران فيليب فيلتي في حوار مع swissinfo.ch أنّه “عندما تعلن دولتان الحرب ضد بعضهما البعض، فإن أول ما تفعلان يكون قطع العلاقات الدبلوماسية بينها، ولكنّ ذلك أغبى ما يمكن القيام به في هذه الحالة، إلّا أنّ ذلك ما يحدث دائمًا.” و”بمجرد قطع البلدين للعلاقات الدبلوماسية، تصبح الحاجة إلى…
المفارقة الإيرانية: قوة إقليمية لكنها ضعيفة داخليا
تم نشر هذا المحتوى على
مبدئيا، يمكن القول أن القرار الذي اتخذه الرئيس دونالد ترامب بالقضاء على الجنرال الإيراني قاسم سليماني لم يُلحق ضررا بالغا بقوة إيران الإقليمية. ويضيف محمد رضا جليلي، الأستاذ الفخري في معهد جنيف للدراسات الدولية العليا والتنمية أن خلَفَه، إسماعيل قاآني، يبدو قادرًا على مواصلة سياسة النفوذ التي يُمارسها نظام الملالي في المنطقة. مع ذلك، فإن…
دبلوماسية سويسرا تتكيُّـف مع الوجه المتغيِّـر للصِّـراعات
تم نشر هذا المحتوى على
سواءٌ في حالة العمل كمبعوثٍ بين دولتين متخاصمتين، انقطعت القنوات الدبلوماسية بينهما أو العمل بنشاطً كوسيط لإصدار قرار، فإن للمساعي الحميدة في سويسرا تُـراث طويل. وقد قامت دولة جبال الألب الصغيرة بلعِب دوْر القوّة الحامية للمصالح لأول مرة، في القرن التاسع عشر، حين رَعَت مصالح مملكة بافاريا ودوقية بادن في فرنسا خلال الحرب الفرنسية –…
تطوير المساعي الحميدة بالإنفتاح على المجتمع المدني
تم نشر هذا المحتوى على
لذلك تتجه سويسرا، الرائدة فيما يتعلق بالشراكة مع المنظمات غير الحكومية، لتجديد وتطوير سياستها التقليدية في مجال المساعي الحميدة. واقعيا، يُـمكن القول أن النزاعات المتعددة، التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط أو القارة الإفريقية، تقيم الدليل على أن مفاوضات السلام لم تعد ذات جدوى، لكن الأمر على خلاف ذلك. فخلال عشرية التسعينات، أمكن وضع حدٍّ لـ…
سويسرا تطلب من الولايات المتحدة تخفيف الحظر على مساعدات الإغاثة إلى إيران
تم نشر هذا المحتوى على
وقال كاسيس إنه يأمل في أن تسمح الولايات المتحدة لإيران بتسديد صفقات الغذاء والدواء عبر المعاملات المالية، وذلك على الرغم من العقوبات الاقتصادية التي فرضت على طهران العام الماضي في سياق خلاف بشأن الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه في عهد الرئيس باراك أوباما. ونقل بيان صادر عن وزارة الخارجية السويسرية رابط خارجيعن كاسيس قوله:…
استدعاء دبلوماسي سويسري في طهران إلى وزارة الخارجية بعد مقتل جنرال إيراني
تم نشر هذا المحتوى على
وكانت إيران هددت بـ “الانتقام” في أعقاب مقتل قاسم سليماني في العراق في وقت مبكر من يوم الجمعة. وقد أكدت الولايات المتحدة أن الرئيس دونالد ترامب قد أمر بضرب قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني. وفي تغريدةرابط خارجي نشرها المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، جاء أن الوزارة استدعت مسؤولين من السفارة السويسرية للتعبير عن…
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.