“على المجرمين الأجانب مغادرة سويسرا”
السطو، والسرقة والإغتصاب والطعن بالسلاح الأبيض. كل يوم، تطلعنا الصحف على المزيد من أعمال العنف. العديد من السويسريين لم يعودوا يشعرون بالأمان في بلادهم. وأغلبية الجناة من الأجانب. وبفضل مبادرة "فرض التنفيذ"، سيصبح بالإمكان طردهم من سويسرا فعليا. وتحاول هذه المبادرة إصلاح الصياغة القانونية المخففة التي أقرّها البرلمان تنفيذا لمبادرة الطرد.
بقلم: أدريان فوترخ، رئيس منظمة “Travail.Suisse” العمالية المستقلة
الإحصاءات المتعلقة بالعمليات الإجرامية تكشف معطيات مهمّة حول هذه الجرائم، والتي جزء منها هي جرائم عنيفة: وبالنسبة للسرقات، تصل نسبة مرتكبيها من أصول أجنبية إلى 73%، و61% بالنسبة لجريمة الاغتصاب، و58% بالنسبة لجرائم القتل. وفي 2014، بلغت نسبة المسجونين الذين لا يملكون جوازا سويسريا 73%. وللتذكير، تبلغ نسبة الأجانب في سويسرا 24% من إجمالي عدد السكان.
الطرد من البلاد: نتيجة ملزمة
ركّز حزب الشعب (يمين متشدد) اهتمامه على هذا الملف من خلال مبادرته الشعبية الداعية إلى طرد المجرمين الأجانب. وهدفت هذه الأخيرة إلى تشديد الإجراءات، وسعى الحزب إلى الوصول إلى إجبار الاجانب الذين يدانون في ارتكاب بعض الجرائم على مغادرة البلاد ومنعهم من دخول سويسرا مرة أخرى.
هذه المبادرة التي أُطلقت في عام 2007 أيّدتها الغالبية من الناخبين ومن الكانتونات، في الوقت الذي رُفض فيه المشروع المضاد الداعي إلى إدراج بند في القانون ينص على الحد الأدنى من الأحكام الموجبة للطرد، وعلى صنف محدد من الجرائم في جميع الكانتونات. لقد اختار الشعب وكذلك الكانتونات دعم وتأييد سياسة حاسمة وواضحة في هذا المجال.
التفويض إذن لا لبس فيه: السكان يريدون تطبيقا حاسما لنظامنا القانوني. الأجانب المجرمون الذين ارتكبوا جرائم كبرى، والذين يهددون النظام والامن العام في بلادنا لابد من ترحيلهم إلى خارج البلاد.
سلسلة “وجهات نظر”
تستضيف swissinfo.ch من حين لآخر بعض المُساهمات الخارجية المختارة. وسوف ننشر بانتظام نصوصا مُختارة لخبراء وصانعي قرار ومراقبين متميّزين، لتقديم وجهات نظر تتسم بالعمق والجدّة والطرافة حول سويسرا أو بعض القضايا المثيرة ذات العلاقة بهذا البلد. ويبقى الهدف في نهاية المطاف تفعيل الحوار ومزيد إثراء النقاش العام.
اليوم تتكفّل بتنفيذ عملية الترحيل شرطة الأجانب، وفقا للقانون المنظّم لإقامة المهاجرين. هذا الوضع نتج عنه تطبيق تختلف درجته من كانتون إلى آخر، ويترك مجالا واسعا امام القضاة لتقدير الموقف. هذا الوضع يجب أن يتغيّر نهائيا بفضل المبادرة الجديدة الداعية إلى “فرض التنفيذ”: الترحيل لا يجب أن يظل مجرد تدبير تتكفّل به شرطة الاجانب، بل سيتوقف في المستقبل على طبيعة الجرم المرتكب. يجب تشديد الإجراءات المتبعة، والإنتهاء من أي شكل من أشكال التسامح.
وبإختصار: مبادرة الطرد – التي أصبحت في الوقت الحالي تمتلك قوة دستورية- تسعى إلى احداث تغيير على مستوى الممارسة، إذ ينبغي تطبيق نفس المعايير في جميع أنحاء سويسرا. إذا أدين شخص على أساس من الجرائم المحدّدة في القانون، يجب ان يصبح الترحيل من البلاد نتيجة ملزمة، من دون أن يكون بإمكان القاضي الإلتفاف على ذلك.
مبادرة الترحيل: تفويض من الشعب
يظل السبب الذي من أجله وافق كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ، في خلاف تام مع إرادة الشعب، على قانون يتضمّن بندا خاصا بحالات العسر، لغزا غير قابل للفهم. هذا رغم أن النائبة روث هومبل من الحزب الديمقراطي المسيحي، قد وفّقت في صياغة الموقف بعناية خلال النقاشات داخل مجلس النواب في شهر مارس 2015 حيث أشارت إلى أن طرد المجرمين الاجانب “لم يعد مطلبا خاصا بحزب الشعب، بل قاعدة دستورية نافذة وتفويضا من الشعب”. قبل أن تضيف: “هو للتنفيذ أحبّ البرلمانيون ذلك ام لا”.
بعد بضعة أشهر، غيّر كل من الحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الليبرالي الراديكالي موقفهما، وأيّدا إلى جانب الحزب الإشتراكي مشروع قانون مخفّف. والنتيجة: من خلال بند حالات العسر، الذي يقرّ استثناءات في كل حالة، يصبح الغرض الأساسي من تنفيذ الاحكام على أساس من نص مبادرة الترحيل موضع استفهام، ويصبح من الصعب تشديد الممارسة كما تطلب المبادرة.
لقد أطلقت مبادرة “فرض التنفيذ” لمبادرة الترحيل الأولى حين بدأ هذا السيناريو يطفو على السطح.
كاتالوج متدرّج للجرائم
تريد مبادرة “فرض التنفيذ” تدارك نقاط الضعف في قانون التنفيذ الذي أقرّه البرلمان. فهي تقترح أحكام تنفيذ مستنسخة من نص مبادرة طرد المجرمين الأجانب. والبنود التي تتضمنها مبادرة “فرض التنفيذ” هي للتنفيذ وليس فيها مجال للتأويل. وسوف تنضاف إلى الأحكام الانتقالية من الدستور الفدرالي. فإذا ما أقرّ الناخبون مبادرة التنفيذ، لن تكون غرفتا البرلمان في حاجة إلى صياغة قانون تنفيذ.
كاتالوج الجرائم المنصوص عليه في المبادرة هو متدرّج بشكل دقيق: بالنسبة للمخالفات الخطيرة جدا مثل القتل والإيذاء البدني الشديد والاغتصاب والسطو المسلّح يكون الترحيل فوريا. بالإضافة إلى ذلك هناك الجرائم التي لا ينجرّ عنها الترحيل إلا في حالة التكرار، ومن ضمن هذه الجرائم الإيذاء البدني البسيط أو الاختطاف أو أي شكل آخر من أشكال الحرمان من الحرية، واستهلاك المواد الإباحية، والإستغلال الجنسي للقصّر، أو العنف والتهديد ضد المسؤولين. كل هذه الجرائم، تؤدي حتما، في حالة الإدانة، إلى ترحيل الاجنبي من البلاد بعد أن يكون قد قضى عقوبته. ويتضمّن قانون العقوبات السابق بالفعل مثل هذا الإجراء على سبيل المثال، بالنسبة لممتهني الوساطة في مجال البغاء.
تضاف إلى ذلك جريمة جديدة، ويتعلّق الأمر بسوء استغلال “الإعانات الإجتماعية”، التي يجب أن تضمّن في المستقبل القريب في قانون العقوبات. في الحالات الخطيرة، ينتج عن الإدانة في هذا المجال كذلك ترحيل المدان. وبذلك يصبح بالإمكان مكافحة السياحة المتزايدة لأجل الحصول على الإعانات الإجتماعية.
ارتفاع عدد المخالفين
بينما كان يعتقد أن عدد الأجانب المطرودين سنويا يتراوح بين 500 و1500 شخص عندما انطلقت حملة الإستفتاء في عام 2010، فإن تقرير لجنة الخبراء (تابعة لوزارة العدل والشرطة الفدرالية) اكّد لاحقا وبشكل واضح أن العدد الحقيقي للمجرمين الاجانب هو أعلى من ذلك بكثير. وإذا استندنا إلى قائمة الجرائم التي يشير إليها أصحاب المبادرة في المستقبل، فإن المجرمين الاجانب الذين سيكون عليهم مغادرة البلاد سيبلغ حوالي 16.000 مدان سنويا. نصف هؤلاء تقريبا، أي حوالي 8.000 سيكونون من ضمن المقيمين في البلاد بشكل غير قانوني.
المزيد
“مبادرة ‘فَرض التنفيذ’ تُهدد بزَعزعة استقرار سويسرا وعَزلها دوليا”
هذا المعدّل المرتفع للجريمة يبيّن على أي حدّ هناك حاجة ملحة إلى هذه المبادرة. في عام 2014، حافظت هذه الأرقام على مستواها المرتفع: إذا جمّعنا كل الإدانات في الجرائم التي تنص عليها المبادرة الداعية إلى التنفيذ الآلي للمبادرة الاولى، سيتوجّب على أزيد من 10.000 أجنبي مغادرة سويسرا سنويا. هذا الرقم المرتفع بإضطراد يبرهن مرة أخرى على أهمية هذه المبادرة.
خلق بيئة آمنة
من شأن مبادرة التنفيذ خلق بيئة آمنة يسودها احترام القانون ونظام الدولة من خلال مكافحة الجريمة ومنع تكرارها. والمبادرة من هذه الناحية ذات أهمية بالنسبة للإقتصاد. فجاذبية الساحة الإقتصادية لا تتوقّف فقط على اليقين القانوني، والمناخ الإستثماري الملائم او البنية التحتية الجيدة، ولكن أيضا من خلال ضمان السلامة العامة.
وفي النهاية مبادرة التنفيذ الآلي مهمّة لسياسة الهجرة كذلك. فأي شخص يعيش في سويسرا يجب أن يحترم قواعدنا. وكل المهاجرين الذين يريدون القدوم إلى سويسرا يجب أن يعوا هذه الرسالة الواضحة. بهذا ينتج عن مبادرة التنفيذ تأثير وقائي في مجال الهجرة: يجب ألا تصبح سويسرا وجهة سياحية للجريمة.
الأفكار الواردة في هذا المقال لا تعبّر سوى عن آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر swissinfo.ch. أما العناوين الفرعية فقد تمت إضافتها من طرف swissinfo.ch
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.