مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

هل سيكون المستقبل للطب التكـميلي في سويسرا؟

Keystone

"الطب الحديث والطب البديل: تكامل وتوفير أكثر فاعلية".. تحت هذا الشعار، أطلقت لجنة أنصار الحملة "نعم للطب التكميلي" فعالياتها استعداداً للتّـصويت المُـرتقب يوم 17 مايو القادم.

في التصريح الذي أدلى به رولف بوتّيكر، عضو مجلس الشيوخ (من الحزب الراديكالي اليميني، في كانتون سولوتورن) يوم الجمعة 27 مارس الماضي في مؤتمر صحفي بالعاصمة برن، بوصفه مروِّجا للنصّ الذي اعتمده البرلمان، قال: “إن الاقتراح الذي سيُـعرض للتصويت، ليس من شأنه التّـرويج للطب البديل، كبديل عن الطبّ الحديث، بل على العكس من ذلك، إذ أن الاقتراح يطمَـح إلى تعزيز مكانة كلّ المذاهب أو الطُّـرق العِـلاجية واعتبارها تُـكمِّـل بعضها بعضا”.

وأضاف: أن “كِـلا المنهجين – الحديث والبديل – لهما مِـيزاتهما وعُـيوبهما، فاعتماد نِـقاط القوّة في كلّ منهما، يزيد من نسبة نجاعة العلاج”.

“حتى لا يفوتنا القطار”..

من جانبه، أبدى الدكتور برونو فِرّوني موافقته، مُـعتبِـرا – من خلال خِـبرة ثلاثين سنة قضَّـاها في مجال الطبّ العام والطب المثلي أو التجانسي “homeopathy” – أن الجمع بين المنهجين يُـحقِّـق الأمثل، وقال في هذا السياق: “إن الطبّ التكاملي هو الحل الأمثل للمستقبل، لأنه يتناول كامل الحالة التشخيصية لكل فرد”.

وألمح إلى أنه: “لا يمكن لسويسرا – البلد المشهود له بمُـستواه الطبِّـي عالي التخصّص – أن يتأخّـر في هذا المجال”، وساق أمثلة واقعية تُـبيِّـن نجاعة العِـلاج بطريقة الدّمج التكاملي الموفّـق.

وشدد على أن الوقت قد حان للدّمج والتّـكامل بين الطبّ الحديث والطب التقليدي، وعلى ضرورة تشجيعه والاستفادة منه وجعله مُـيَـسرا ومُـتاحا للجميع في سويسرا، كما لابدّ من تأمين دراسته على المستوى الجامعي وتدعيمه بالتدريب والبحث العلمي. وجدير بالذكر أن في سويسرا اليوم حوالي 250 صرحا عِـلميا للطب. ويأسف برونو فِرّوني أنه ليس من بينها إلا اثنين فقط للطبّ التكميلي، رغم الحاجة لـ 11 صرحا عِـلميا على الأقل.

وفي معرض الردّ على المعارضين، يرى أنصار مقترح الدّمج بأن تضمين الدستور الفدرالي الاعتراف بالطب التكميلي لا يعني فتح الأبواب على مِـصراعيها أمام عدد لا حصْـر له من أنواع العلاجات البديلة التي يقوم بها معالجون ليسو أطباء.

دمج خمسة أنواع من الطبّ

وفي هذا السياق، ذكرت سيمونيتا سوماروغا، عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الاشتراكي (في كانتون برن)، بأن المناقشات البرلمانية بخصوص هذا الموضوع لا تدَع مجالا للشكّ من كون المقصود بالمقترح، هو دمج أو تضمين التأمين الصحّي الإلزامي الأنماط الخمسة من العلاج البديل، والتي سبق لوزير الصحة باسكال كوشبان استثناءها عام 2005، وهي: الطبّ المثلي أو التجانسي “homeopathy” والعلاج بالأعشاب والنباتات “phytotherapy” والعلاج بالتخدير الموضعي “Neural therapy” والطب الصيني الشعبي “Traditional Chinese Medicine”، والطب الأنتروبوصوفي الروحاني “Anthroposophy”، ويجب أن تكون ممارستها من قِـبل أطبّـاء متخرّجين.

وأشارت سيمونيتا أيضا إلى أن هذه الأنواع الخمسة من العلاج البديل، التي يدور حولها الحديث، تلبِّـي المعايير الثلاثة التي حدّدها القانون الخاص بنظام التأمين الصحي الأساسي الإلزامي، وهي أن يكون العلاج: ملائما وناجعا وتكلفته معقولة.

وأضافت بأن برنامج التّـقييم العِـلمي الذي جرى سابقا بتفويضٍ من الحكومة الفدرالية، توصَّـل لاستنتاجات سلبية بسبب اقتصاره على معايير الطب الحديث، وهذا أمر يتعارض مع الحُـكم الصادر عن المحكمة الفدرالية لعام 1997 والقاضي بعدم جواز تقييم النجاعة، بناءً على معايير مُـقتصرة على الطب الحديث أو على وجهة نظر علمية محدّدة.

ومن ناحية أخرى، أكّـد برونو فِرّوني على أن إدماج هذه الأنواع الخمسة من العلاج ليشملها نظام التأمين الصحي الأساسي الإلزامي، يمثِّـل جانبا من جوانب “العدالة الاجتماعية”، وأنه بناءً على تجربته الخاصة كطبيب من كانتون غروابوندن، يمارس عمله في كانتون “فو” لاحظ بأنه – تقريبا – من بين كل خمسة مرضى يوجَـد مريض واحد تخلّـى عن متابعة العلاج بإحدى هذه الطُّـرق منذ أن تمّ استثناؤها من نظام التأمين الإلزامي، وسبب ذلك يعود إمّـا لعدم القُـدرة على تحمل التكاليف، وإما لأنها لم تعُـد مشمولة ضِـمن التأمين الإلزامي، وأن هؤلاء عادةً ما يكونون من فئة كِـبار السن أو من ذوي الأمراض الخَلقية أو المُـزمنة.

مواقف متباينة بين الحكومة والبرلمان

أبدى العديد من المتحدِّثين استغرابهم من موقف الحكومة المتشنّـج من هذا الموضوع، وبالأخص عضو مجلس الشيوخ الليبرالي الراديكالي (عن كانتون سولوتورن) رولف بوتّيكر، الذي ألقى باللائمة على الحكومة متّـهما إيّـاها بالاعتماد على معلومات مغلوطة وعدم احترامها لإرادة البرلمان، لاسيما وأن هذا الموضوع قد حظِـي بتأييد حوالي 80٪ من أعضاء البرلمان الفدرالي، ممّـا يعني أن غالبية من الأطياف الحزبية المختلفة تقِـف معه وتدعمه.

وفي المقابل، تبدي الحكومة الفدرالية معارضتها للاقتراح وتميل على جمهور الناخبين معلِّـلة موقفها قائلة بأن: “هذا الاقتراح يقرّر مبدأً عاما ولا يحدِّد طُـرق التنفيذ”، وإذا نجح من خلال التصويت، فإنه سيحتاج إلى: “إنشاء آليات وتدابير تشريعية كفيلة بتأمين دمْـج الطب التكميلي ضِـمن النظام الصحي العام”، وهذا ما رفضه بوتّيكر بنَـبرة حادّة، قائلا: “هذا غير صحيح”! وأن الأمر لا يحتاج لا إلى قوانين ولا إلى لوائح جديدة لكي يُطبّـق، ويكفينا ما هو موجود حاليا وما هو معمول به ومطبَّـق بشأن الطب القائم.

أما كريستيان فوغل، رئيس الجمعية السويسرية لطب الطبيعة “Naturopathy” وعضو رئاسة لجنة المناصرة لحملة “نعم للدّمج والتكامل بين الطب الحديث والطب التكميلي” فقد قال: “إن كل ما نفتقر إليه هو الإرادة السياسية”.

وأمام انعِـدام هذه الإرادة السياسية الحقيقية، فإن أعضاء الحملة المؤيِّـدة للاقتراح، اضطروا – بحسب قولهم – إلى اللجوء إلى الدستور من أجل الحصول على الاعتراف بالطبّ التكميلي. رغم أن الطبّ الحديث – كما يقول بوتيكر – غير مُـندرج ضمن بنود الدستور الفدرالي، لأنه وبكل بساطة لا يحتاج لذلك، فهو مُـعترف به فعليا ولا مِـن مُـعترض عليه.

سويس انفو – سونيا فيناتزي

في عام 1999، أدخِـلت بشكل مؤقت ضمن نظام التأمين الصحي الإلزامي، خمسة أنواع من الطب التكميلي وهي: الطب المثلي أو التجانسي “homeopathy” والعلاج بالأعشاب والنباتات “phytotherapy” والعلاج بالتخدير الموضعي “Neural therapy” والطب الصيني الشعبي “Traditional Chinese Medicine” والطب الأنثروبوصوفي (الروحاني) “Anthroposophy”، بشرط أن يكون المعالِـج طبيبا.

بعد فترة تجريبية، كانت مدّتها 5 سنوات بُـغية تحديد ما إذا كانت تتوافق مع المعايير الثلاثة التي حدّدها قانون نظام التأمين الصحي الأساسي، وهي أن يكون العلاج: ملائما وناجعا وتكلفته معقولة.

خلص برنامج التقييم إلى أن نجاعتها لم تُـثبت علميا، ولذلك، قام وزير الصحة باسكال كوشبان باستثنائها من نظام التأمين الصحي الإلزامي عام 2005.

في غضون ذلك، أطلق مؤيِّـدوها مبادرة شعبية تتضمّـن اقتراحا دستوريا لصالح الاعتراف “الكامل” بالطبّ التكميلي، سواء على مستوى الكانتونات أو المستوى الوطني، وقد جمعت هذه المبادرة نحو 140 ألف توقيع.

في المقابل، قام البرلمان باقتراح صيغة جديدة، أبقى فيها على الصيغة الأصلية، ولكنه حذف منها كلمة “الكامل”. على إثرها، عمد المروجون للمشروع إلى سحْـب الصيغة التي تقدّموا بها، لذلك، سيتعيّـن على الناخبين التصويت يوم 17 مايو القادم على الصيغة التي اقترحها البرلمان.

من بين أعضائها 36 سيناتورا (نواب في مجلس الشيوخ) و100 برلمانيا (من مجلس النواب)، من جميع الأطياف الحزبية الممثلة في البرلمان الفدرالي دون استثناء، فضلا عن المجموعات المِـهنية والمجموعات المهتمّـة في شأن الطب التكميلي.

تطالب: بتعزيز الطب المتكامل وإدراج أنواع الطب التكميلي ضمن نظام التأمين الصحي الإلزامي، واستحداث مؤهِّـلات علمية وشهادات فدرالية لأنواع العلاجات من غير فئة الأطباء وضمان صناعة الأدوية الخاصة بهذا الشأن وتأمين التعليم والبحث في مجال الطب التكميلي.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية