أرقام قياسية في الدورة 40 لمعرض الإختراعات في جنيف
سجل معرض الاختراعات الدولي في جنيف ارقاما قياسية في دورته الأربعين رغم الأزمة الاقتصادية والمالية. ومن حيث المشاركة العربية سجلت المملكة العربية السعودية رقما قياسيا ايضا بمشاركتها بأكثر من اربعين اختراع في شتى المجالات.
يبدي الساهرون على معرض الاختراعات الدولي في جنيف في دورته الأربعين التي انطلقت من 18 الى 22 ابريل اندهاشا لحجم المشاركة رغم تأثيرات الأزمة الاقتصادية والمالية. إذ تم تسجيل 1000 اختراع لحوالي 789 مشارك من 46 بلدا.
وهذا ما دفع مؤسس المعرض ورئيسه جون لوك فانسون للتصريح ” بأن جنيف ستتحول خلال هذه الأيام الخمسة الى عاصمة عالمية للاختراع، وملتقى أكبر سوق عالمية للإبداع والاختراع”.
السعودية تراهن على الاقتصاد المعرفي
إذا كانت المشاركة العربية ، وبالأخص الخليجية متنوعه في السنوات الماضية فإنها في هذا العام، باستثناء مشاركة 5 مخترعين من مصر، و2 من الجزائر ، و1 من كل من الكويت والسودان والمغرب، تكاد تقتصر على مشاركة سعودية ولكن بأرقام قياسية.
إذ شاركت المملكة بأكثر من اربعين اختراعا مقسمة بشكل غير متساوي بين كل من مؤسسة موهبة، ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا، وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وجامعة الملك سعود.
وإذا كانت المشاركة السعودية بأكثر من اربعين اختراعا فإن جامعة الملك سعود تشارك لوحدها بحوالي عشرين اختراع يقول عنها الدكتور نايف بن عبد الرحمن العجلان المسئول عن الجناح “تشمل اختراعات في عدة مجالات مثل الطب، وطب الأسنان، والزراعة، والهندسة، والصيدلة، وتقنية المعلومات. وهي مشاريع من ابتكار الطلبة او هيئة التدريس في الجامعة”.
ويرى الدكتور نايف ان هذا الاهتمام بالاختراعات والمخترعين في المملكة وتأطيرهم والسماح لهم بالمشاركة في مثل هذه المعارض الدولية” يعود الى اتخاذ حكومة المملكة العربية السعودية لقرار استراتيجي منذ عدة سنوات بالتحول الى الاقتصاد المعرفي بدل الاعتماد على البترول. وهي بذلك تدرك أنه على المدى الطويل لا بد من أن يكون هناك تنويعا في مداخيل الدولة، وهو ما جعل الانفاق على البحث العلمي يبلغ منذ العام 2007 حوالي 25% من الناتج القومي، وأن عدد الجامعات الذي كان في 2004 ثماني جامعات، أصبح اليوم 33 جامعة. وهو ما يهيئ للتحول نحو تحقيق الاقتصاد المعرفي”.
طالبة تخترع كرة إطفاء الحرائق
حرص جناح المملكة ليس فقط على تقديم مخترعين بل ايضا مخترعات. وما يستوقف الزائر بالدرجة الأولى في الجناح السعودي، اختراع الطالبة وفاء الدوات التي شاركت بكرة إطفاء تساعد على إطفاء الحرائق بدون تعريض رجال الإطفاء للخطر.
إذ تقول في حديثها لسويس إنفو ” إن هذا الاختراع يختلف عن باقي وسائل الاطفاء ويتميز بكونه آمنا وسليما بالنسبة للاستخدام الشخصي”. إذ يكفي أن تقذف الكرة المزودة بخزان في اتجاه مكان الحريق. ويتم تحسس الحرارة بواسطة جهاز “سينسور الزئبق ” الموجود في الكرة، مما يسمح بفتح الصمامات لإفراغ مادة الإطفاء الموجودة في الكرة. ويمكن إعادة استخدام هذه الكرة عدة مرات.
وتوضح وفاء الدوات بقولها “كما يمكن تكييف مادة الإطفاء مع طبيعة النار المشتعلة بحيث ان الاحتياجات تختلف من نار مشتعلة في حقل نفط عن حريق في مدرسة او بيت أو معمل مواد بلاستيكية. كما أن الكرة بأحجام مختلفة صغيرة وكبيرة. ويمكن استخدام الكرات الصغيرة في داخل انابيب البترول لإطفائها بدل فتحها وإعادة لحمها من جديد. كما أن حرائق الغابات لا يستطيع رجال الإطفاء الوصول الى قلب بؤرة النار بينما يمكن إسقاط كرة كبيرة بواسطة طائرة هليكوبتر في قلب بؤرة الحريق”.
ومن خصائص هذا الاختراع كما تقول وفاء ” أن هذه الكرة لا تتطلب تعليما كبيرا بل يكفي أن نقذفها في اتجاه النار وهي تقوم بالمهام لوحدها. وثانيا أنه يمكن اعادة استخدامها مرات عديدة وتعبئتها بالمواد المطابقة لطبيعة النار المشتعلة”.
مادة عازلة من نباتات المنطقة
الأستاذ محمد السيد علي من قسم الهندسة الميكانيكية بجامعة الملك سعود يشارك باختراع يتمثل في مادة عازلة مستخرجة من الياف نبات ” العُشار” الذي ينمو في المملكة العربية السعودية في منطقة الخرمة بناحية الطائف، وفي منطقة اخرى بالرياض، كما ينمو في مناطق حارة بجهات جغرافية في الكاريبي وافريقيا.
من ملاحظة الاستاذ محمد السيد علي لمحيطه، تفطنه لثمرة هذه الشجرة التي تطلق أليافا دقيقة جدا وكيف يمكن الاستفادة منها خصوصا وان الشائع عنها أنها غير مفيدة وتفرز مادة حارقة تدفع الحيوانات الى تجنبها.
الطريقة التي اهتدى إليها في الاستفادة من هذا النبات، هي خلط هذه الألياف بنشا الذرة وتكوين صفحات مضغوطة بالسُّمك المطلوب وتمرير الكل في فرن من أجل تبخر الماء والحصول على المادة العازلة التي تستخدم إما لعزل المساحات عزلا حراريا او صوتيا، او الآلات مثل الثلاجات وغيرها، او لتغليف مواسير المياه لحمايتها من التجمد او من فقدان الحرارة.
ويقول الأستاذ محمد السيد علي “الخاصية التي تتميز بها هذه المادة العازلة بعد تجربتها المخبرية، أنها في مستوى المواد التجارية المستعملة في ميدان العزل الصوتي والحراري، ولكنها بالإضافة الى ذلك أنها كلها طبيعية وليست بها أعراض جانبية مضرة ، لأن المواد العازلة التجارية تستخدم مادة كيماوية للحم الألياف لها أضرارا جانبية سيئة على الصحة العامة”.
قرحة المعدة والعلاج الطبيعي
شاركت الدكتورة أماني شفيق عواد الأستاذة في العقاقير بكلية الكيمياء بجامعة الملك سعود باختراع يتمثل في علاج قرحة المعدة بمستحضرات من نبات طبيعي.
إذ تقول الدكتورة أماني ” إن النبات المستعمل في علاج القرحة المعدية، والمتوفر بكثرة في الصحراء، فعال بالنسبة لكل أنواع القرحة إما الناتجة عن الإدمان على الأدوية، او الكحول، او بسبب تواجد بكتيريا هليكوباكتر بيلوري. وأن مفعوله أحسن حتى مما هو موجود في السوق من ادوية كيماوية والتي لها تأثيرات جانبية كثيرة”.
وعن ظروف الاكتشاف تقول ” لاحظنا بأن الناس يستخدمون هذه النبتة لعلاج الجهاز الهضمي بحكم التجربة . وقلنا أنه لا بد من وجود تفسير علمي لذلك. وبعد التجارب المخبرية ،جربناها على أناس كثيرين فكانت أكثر سلامة من الأدوية الكيماوية.”
أما مساهمتها الثانية فهي عبارة عن مضادات حيوية مستخرجة من فطر من التربة. إذ أن الخليط من أنواع الفطر سمح بتشكيل مضاد حيوي تقول عنه الدكتورة أماني شفيق عواد ” أنه يتمتع بنفس قوة المضادات الحيوية التجارية ولكنه لا يشتمل على اية اعراض جانبية مضرة بالصحة وهذا ما يتوجه له الجميع اليوم أي نحو دواء طبيعي ليست له أعراض جانبية مضرة”.
الاختراع الأول اجريت له التجارب المخبرية وينتظر التحول الى مرحلة التصنيع إذا وجد من يمول المشروع . والاختراع الثاني في طور إجراء التجارب المخبرية.
وقد سبق للدكتورة أماني ان ساهمت في معرض بماليزيا باختراع لعلاج البواسير بنباتات طبيعية هو الآن في طور التجربة على متطوعين، تقول عنه “أنه يستطيع علاج البواسير في غضون 14 يوما من العلاج في الوقت الذي لا توجد في السوق سوى مسكنات كيماوية”. وأن لها اختراعا يتعلق بمادة جيلاتين غذائي من اصل نباتي للحلول محل الجيلاتين الذي عادة ما يستخدم في 80% منه من بعض أجزاء الخنزير وهو ما ابدى الماليزيون اهتماما بتصنيعه.
وعن تجاوب الجمهور في المعرض مع هاذين الاختراعين الأخيرين تقول الدكتورة أماني أن هناك العديد من الزوار الذين اهتموا بالاختراعين من باب أن الجميع يتوجه اليوم نحو استخدام مواد طبيعية في العلاج”.
تقول الطالبة السعودية وفاء الدوات عن تشجيع المرأة في المملكة في مجال الاختراع ” بأن النظرة اليوم تختلف عما كانت عليه في الماضي وأن المرأة صارت مثل الرجل تماما، وأن الساهرين على الاختراعات في مركز البحث العلمي بالجامعة يدعمون المخترع بغض النظر عن جنسه. والكل في جامعة الملك سعود يعمل من أجل دعم ذلك.
يقول الأستاذ محمد السيد علي مخترع المادة العازلة من ألياف ثمر شجرة ” العُكاش” أن اهتمام مسئولي جامعة الملك سعود بالاختراع تمثل في تشكيل لجنة لدراسة الجدوى الاقتصادية بغرض تطوير العملة الانتاجية بحيث يتم إنشاء مصنع وتبدأ عملية الانتاج على نطاق أكبر”.
وإذا كان هذا الاختراع قد سبق أن تم عرضه في معرض لندن، فإنه في جنيف حصل على اهتمام من يرغب في الإسهام إما في عملية التسويق على المستوى الأوربي بل حتى من يرغب في الإسهام في تمويله، حسب الاستاذ محمد السيد علي.
الملاحظ في العالمين العربي والإسلامي أن هناك عودة أكثر اليوم الى الطب الطبيعي والى العشابين والى استرجاع نصائح الطب النبوي. من منظور العلم كيف يتم الحكم على هذه الصحوة في العالم العربي والإسلامي اليوم والى هذه العودة الى الأصالة في هذا الميدان؟
سؤال طرحناه على الدكتورة أماني شفيق عواد من كلية العلوم بجامعة الملك سعود فقالت “سبحان الله الرسول صلى الله عليه وسلم لم ينطق من الهوى وقال ما خلق الله من داء الا وخلق له الدواء علِمه من علِمه وجهَله من جهَله. فالعلم الحديث هو اليوم بصدد التأكد من صحة أشياء كان الرسول قد تحدث عنها قبل 1400 سنة. فما قاله الرسول عن النباتات وما ذكر في القرآن له فوائد خيالية ، بل نحن الذين لم نكن ندرك ذلك”.
وتورد الدكتورة قول الرسول بخصوص الريحان” من أهدي له ريحانة فلا يردها فإنها خفيفة الملمس طيبة الرائحة “. وتضيف ” لما تنظر الى الفائدة الطبية للريحان إكتشفنا أنه دواء رائع جدا للقولون العصبي وبدون تأثيرات جانبية”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.