أول ولادة لطفل بعملية إخصاب داخل الرّحِـم في سويسرا
أعلن باحثون سويسريون عن أول ولادة لطفل تخلق كاملا في رحم أمه، بعد عملية إخصاب مساعد تمّـت داخل الرّحم لا خارجه.
ويأمل هؤلاء العلماء أن تساعد هذه التقنية الجديدة – الأكثر طبيعية – الأزواج من الشباب الذين يُـعانون من “وباء” العقم المُـتزايد، الذي يُـشكو منه زوجان من بين كل ستة أزواج في سويسرا.
وقد صرّح باسكال موك، الطبيب المختَـص الذي اخترع التّـقنية الجديدة، واصِـفا العملية قائلا: “إنها الأولى عالميا”. وأضاف: “وهذه هي أول مرة يُـولد فيها طفل من بُـويْـضة يتِـم إخصابها داخل الرّحم، دونما استخدام لأي حاضنة خارجية، بينما تمّ، بدلا من ذلك، وضْـع جهاز في تجويف رحِـم الأم”.
ووِفقا للتجارب العِـلمية، تمّـت يوم 30 أكتوبر في جنيف ولادة مولود ذكَـر كنتاج لهذه التقنية المُـستحدَثة، ومن المنتظر ولادة طفلة أنثى في فبراير من هذا العام في جنيف أيضا، بالإضافة إلى مولوديْـن في مدينة لوزان.
وجدير بالذكر أن عمليات الإخصاب المساعد بقِـيت لغاية مجِـيء هذا الاختراع، تعتمِـد على تقنية استخراج البُـويْـضات وتخصيبها خارج الجِـسم في أنابيب مخبرية مخصّـصة لهذا الشأن، ويتبع ذلك فترة حضانة مدّتها ما بين يومين إلى خمسة أيام، وبعد ذلك، يتم نقل البويضات المخصَّـبة إلى داخل تجويف رحِـم الأم.
أما في التقنية الجديدة، التي طوّرتها شركة “Anecova”، التي يوجد مقرّها في مدينة لوزان، فإن لقاء الحيوانات المنوية بالبويضات يحصل أيضا في أنابيب اختبار، ولكن بعد الإخصاب بساعتين، توضع الأمشاج في جهاز “سيليكوني” أسطواني دقيق الحجم، ويتِـم إدخاله إلى رحِـم الأم.
وبعد مرور ثمانية عشر ساعة على هذه العملية، يُجرى فحْـص طبِّـي للزوجيْـن وينزع الجهاز، وبسرعة، يتم فحْـص البويضات الملقَّـحة، ثم تتِـم إعادة اثنين أو ثلاثة أجنة على الفور إلى الأم، وأما باقي الأجنة، فيُـحتفظ بها تحت التجميد.
أكثر طبيعي
ويرى موك أن هذا النّـهج العِـلمي الجديد طبيعي أكثر وأقل إرهاقا، حيث: “يكون اتِّـصال الجنين لأقل فترة مُـمكنة بالجو الخارجي وضوئه وضغطه ودرجة حرارته”.
ثم إن هذه الأجنّـة المبكّـرة تبدأ في عملية التخلق وهي باتصال تامّ ووثيق مع الأم، كما تكون منذ المراحل الأولى من نموِّها في تبادُل مزْدَوج للسوائل مع الأم. كما أنها – كما يقول موك، الذي يعمل في عيادة “Grangettes” بجنيف – تبدأ في وقت مبكّـر في عملية تبادُل المشاعر والأحاسيس العاطفية مع الأبويْـن اللذين يتشاطرا الفحْـص الطبّـي.
وأضاف موك قائلا: “إنهما يقدِّمان البويضة والحيوانات المنوية ثم يغادِران بعد ساعتيْـن، وقد استقر الجنين في رحِـم أمه، وبذلك يكون الزوجان قد انخرطا في التكوين العاطِـفي والتفاعُـل النفسي وتبادل المشاعر”. وتابع: “إنهما سيرتاحان، لأنهما سيحتاجان لأقل قدْر من المساعدة، وبالتالي، سيشعران بقدْر أكبَـر من الاعتزاز بالنفس”.
ويُـشار إلى أن طول الجهاز المساعد، الذي يتم إدخاله إلى رحم الأم، لا يبلغ سوى عشرة ميليمترات، أما عرضه فلا يتجاوز ميليمترا واحدا، وهو عبارة عن أنبوب صغير فيه ما يقرب من 300 ثُـقب دقيق جدّا، لتسهيل الاتصال بين الجنين والرّحم، وقد تمّ تصميم هذا الجهاز بالتعاون مع المعهد التقني الفدرالي العالي في لوزان.
دراسات
ووِفقا لدراسة أولية أجْـرِيت في بلجيكا ونُشرت في مارس 2009 في الدورية الطبِّـية “التكاثر البشري” “Human Reproduction”، فإن من شأن هذه الطريقة الجديدة أن توفِّـر أجنّـة أكثر جَـوْدة من تلك التي تنتج وِفقا للطريقة التقليدية، التي يتم فيها التخصيب مخبريا، أي خارج الجسم، كما في أطفال الأنابيب أو الإخصاب المجهري.
ومن جانبه، قال مارك جيرموند، الطبيب في مركز المساعدة على الإنجاب في لوزان، وهو من المراكز السويسرية الرائدة في مجال التلقيح الاصطناعي: “يمكن لهذه الطريقة، باعتبار أنها أكثر طبيعية، أن تُـصبح منهجا معتمدا في حالة ما إذا تأكّـدت نتائجها”.
ومن المتوقع، أن يتِـم في مايو – يونيو 2010 صدور نتائج التجارب التي تجريها شركة “Anecova” على 50 مريضا موزّعين على خمسة مراكز في أوروبا.
وفي تصريح لصحيفة لوتون، الصادرة بالفرنسية في جنيف، قال ألكسندر ميغالو، أخصائي أمراض النساء في لوزان: “الفكرة رائعة جدا، إلا أنه لا يوجد حاليا زيادة في معدّلات الحمل”.
وعلى ذات الصعيد قال مارتن فيلاسكو، مدير “Anecova” إن شركته: “تلقّـت بالفعل الضوء الأخضر من السلطات الصحية الأوروبية المعنِـية، لكنها تخطِّـط لمواصلة التجارب، وسيبدأ تسويق المنتج في نهاية العام المقبل”.
وباء العقم
وتشير المصادر إلى وجود تزايُـد في عدد الأزواج السويسريين، الذين يرغبون كليا أو جزئيا، في وسائل الإنجاب الاصطناعي، ويقدّر أن واحدا من كل ستة أزواج يُـعاني من مشاكل في الخصوبة.
أما على الصعيد العالمي، فهناك نحو مليون عملية تلقيح اصطناعي تتِـم كل سنة. ووِفقا لمكتب الإحصاء الفدرالي، فإن هناك نحو 5400 من الأزواج السويسريين الذين لجؤوا في عام 2007 إلى الاستفادة من وسيلة أو أخرى من الوسائل التقنية المساعدة على الإنجاب، أي بزيادة 13٪ عن عام 2006.
وبحسب تقنيات التلقيح الاصطناعي التقليدية، فإن العملية يلزمها من دورتيْـن إلى خمس دورات، تكلفة كل منها 10 آلاف فرنك سويسري (9620 دولار)، وتتوفر على نسبة نجاح قدرها 70٪.
وأخيرا، يصِـف موك مشكلة تزايُـد العقم، بأنها وباء ينجم عن التقدّم في سن المرأة والضغوط النفسية للحياة العصرية، بالإضافة إلى التلوُّث وسُـوء التغذية.
سايمون برادلي – swissinfo.ch
استفاد نحو 6 آلاف من الأزواج في عام 2008 من تكنولوجيا الوسائل الإنجابية المساعدة بزيادة 9٪ عما كان في عام 2007، والمنحنى يزداد يوما بعد يوم.
بلغ عدد الحالات التي بدأت دورات علاجية نحوا من 9600 حالة وأسفرت عن بلوغ الحمل لأكثر من ثلث النساء.
أغلب حالات العلاج سببها العقم عند الأزواج ونسبتها (49٪)، تليها الحالات التي تعود لأسباب مجتمعة بين الأزواج والزوجات ونسبتها (24٪) ثم (16٪) من الحالات ناتجة عن عقم عند الزوجات وهناك (9٪) من الحالات مجهولة الأسباب.
متوسط أعمار الزوجات عند البدء بالعلاج هو 35,9 سنة، أما متوسط أعمار الأزواج فهو 39,1 سنة.
حوالي ربع النساء اللاتي خضعن للعلاج في سويسرا قدِمن من خارج البلاد.
عدد الأطفال لكل امرأة في سويسرا (عام 2006):
1,44 (بينما كان في عام 1964: 2,7)
حاليا، عدد الأطفال للمرأة الأجنبية (1,9 طفلا) أكثر مما للمرأة السويسرية (1,3 طفلا)
متوسط سن الإنجاب هو (30,4 سنة)
سجل عام 2007 ارتفاعا طفيفا في معدل المواليد (74500 طفل، أي ما يعادل 1,1٪)
1977: المرّة الأولى في التاريخ التي نجح فيها الثنائي روبرت إدواردز وباتريك ستيبتو في استِـخلاص جنين ملقّـح صناعيا وزرعِـه في رحم امرأة، ثم كانت في 25 يوليو 1978 ولادة أول طفل أنابيب، وهو “لويز براون”.
1982: بنك المني في كاليفورنيا يضع الحيوانات المنوية الممنوحة في خدمة العازبات والمثليين.
1983: حصول أول حمل نتيجة زراعة جنين مجمّـد.
1989: أول نجاح لعمليات تشخيص الأمراض الوراثية في الأجنّـة قبل زرعها.
1992: حصول أول حمل عن طريق تقنية الحقن المجهري للحيوانات المنوية داخل سيتوبلازم الخلية.
1996: ولادة النعجة دوللي، وهي أول حيوان ثديي مُـستنسخ.
2000: الفك الجزئي لكود الجينوم البشري.
2003: تم إنتاج خلايا شبيهة بالبويضات من خلال الخلايا الجذعية.
2004: تم في اليابان إنتاج الفأرة كاجيوا، بواسطة تقنية التّـوالد العذري، أي بين الأجناس المتماثلة، وبدون حيوانات منوية.
2005: وضعت امرأة عمرها 66 سنة أول مولود لها، جاء بواسطة سائل منوي وبويضة ممنوحين.
2006: ولادة فئران من أجنّـة ملقّـحة بواسطة حيوانات منوية، أنتجت مخبريا.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.