القمر الاصطناعي “سويسكوب” ينطلق إلى الفضاء من الهند
تمّ صباح يوم الأربعاء 23 سبتمبر 2009 عند الساعة 8:23 بتوقيت سويسرا، إطلاق أول قمر اصطناعي سويسري، من منصّـة مركز ساتيش داوان الفضائي، جنوب شرق الهند، وقد وصل إلى مداره بنجاح على ظهر صاروخ هندي الصّـنع.
ويُـشار إلى أن هذا القمر الصناعي أو الساتل ذو شكل مكعّـب، صغير الحجم (10 سم مكعب) ووزنه 820 غراما، وهو إنتاج سويسري 100٪، وقد تمّ تصميمه كاملا من قِـبل مجموعة من طلاّب الهندسة في الجامعات والمعاهِـد السويسرية (نحو 200 طالب) وبمشاركة بعض الأطراف من القطاع الصناعي الخاص وتحت إشراف المعهد التقني الفدرالي العالي في لوزان.
أما مهمّـة هذا المكعّـب الصغير، فهي رصدُ والتقاطُ الصوّر لظاهِـرة التوهج الهوائي “airglow”، تلك الظاهرة التي تبدو على شكل شريط متوهّـج أو شُـعاع أخضر أرجواني خافت، ويُرجِّـع العلماء سببها إلى اصطدام أشعّـة الشمس، ذات الطاقة العالية، بذرات وجزيئات الطبقة العليا من الغِـلاف الجوي.
ومن المفروض أن يقوم القمر الصناعي “سويسكوب” بالدّوران حول الأرض في مدار قُـطبي على ارتفاع يتراوح بين 400 و1000 كيلومترا، على أن يكمل دورة واحدة حول الأرض كل 90 دقيقة، وسيمكُـث في الفضاء مدّةً تتراوح بين 3 أشهر و12 شهرا.
وبالنظر إلى صِـغر حجم الساتل “سويسكوب” “SwissCube” ومحدودية طاقته، حيث أن اللوح الشمسي المثبّـت عليه يولد 1,5 واط، أي أكثر بقليل من الهاتف النقّـال، فلن يكون بمقدوره منافسة الأقمار الصناعية كبيرة الحجم، رغم أنه يتمتّـع بنظام تشغيل مُـشابه لأنظمتها.
ومن أبرز ما يَـمتاز به، قلّـة تكلفته، حيث أن المشروع من دون مصاريف الإطلاق، تبلغ حوالي 425 ألف فرنك سويسري (حوالي 410 ألف دولار)، عِـلما بأن الساتل يتركّـب من نحو 1000 من المكوِّنات والأجزاء، كلّـها مُـتاحة في الأسواق، بما في ذلك تليسكوب صغير و16 بطاقة إلكترونية وعدد 357 من الأسلاك والقُـضبان المختلفة.
طال الانتظار
لم يكُـن أمام “سويسكوب” “SwissCube” بدّ من الانتظار طويلا قبل أن يتمّ إطلاقه، فقبل أن يمتطي صهوة الصاروخ الهندي، ذو الأربعة مراحل، كان يُتوقع له أن يغادر عبر وكالة الفضاء الأوروبية (إيسا).
ففي يونيو 2008، كان القمر الصناعي السويسري واحدا من تسعة سواتل مكعّـبة “CubeSats”، تمّـت الموافقة عليها من قِـبل وكالة الفضاء الأوروبية لتكون ضِـمن أول رحلة تنطلِـق على متْـن الصاروخ الأوروبي “فيغا”، إلا أنه حصل تأخير كبير للرِّحلة. فبعد أن كان من المقرّر أن تنطلق لأول مرّة في شهر ديسمبر 2008، هناك حديث الآن أنه سينطلق في حدود عام 2010.
أما بالنسبة للرّوس، فبالرغم من أن لديهم مستوى تكنولوجي مرموق عالميا، إلا أن برامجهم الفضائية تُـعاني من التأخير الشديد منذ أن حصل انفجار للصّـاروخ الروسي “دنيبر” في يوليو 2006 وتدمير 14 ساتلا مكعّـبا “CubeSats” كان يحملها، ومنذ ذلك الحين، لم تفلِـح محاولاتهم في الانطلاق.
ولم تكن مطية الصواريخ الأمريكية أحسن خيارا، ذلك أن استيراد وتصدير مواد الفضاء، يخضع لتدابير صارمة ويدخُـل ضِـمن القوانين الدولية المتعلِّـقة بتجارة الأسلحة. ومنذ هجمات 11 سبتمبر 2001، والولايات المتحدة تتّـخذ إجراءات مشددة.
وتقول مورييل نوكا، من المعهد التقني الفدرالي العالي في لوزان: “كل ذلك أثَّـر بشكل كبير على التّـعاون بيننا وبين الولايات المتحدة”.
وجدير بالذِّكر أن مورييل نوكا، هي مديرة المشروع “سويسكوب” “SwissCube”، وقد عمِـلت لمدّة 12 سنة في مختبر الدّفع النفاث “JetPropulsion Laboratory- JPL”، التابع لوكالة ناسا “Nasa” الأمريكية للفضاء، والذي يقوم بتصنيع ومُـعاينة كل المركبات الفضائية غير المأهولة، التي تُـرسلها ناسا إلى الفضاء.
بيروقراطية الولايات المتحدة
وتُـضيف نوكا قائلة: “نعم، لدينا زملاء في الولايات المتحدة، ولكنهم ومنذ زمن لا يُـسمح لهم أن ينقلوا إلينا ماذا يضعون في أقمارهم الصناعية المكعّـبة”، وألحظت إلى أن: “الأمريكيين في إشكال، وأصبحت بلادهم مُـغلقة، بحيث لو أرَدنا أن نضع قمرا صِـناعيا على مَـتن أحدِ صواريخهم، فإننا سنُـواجه إشكالات بيروقراطية، نحن بغنىً عن مجرّد التفكير فيها”.
وفي نهاية المطاف، وقع الاختيار على الهِـند، حيث أن مجموعة من خِـرّيجي المعهد التقني الفدرالي العالي في لوزان، ممّـن صنعوا ساتلا مكعّـبا خاصا بهم، قاموا مؤخّـرا بتأسيس شركة حملت اسم “Innovation Solutions inSpace – ISIS”، أي “الحلول المُـبتكرة في مجال الفضاء”، تساعد في تأمين قاذفات صواريخ لمشاريع الأقمار الصناعية، التي هي على شاكلة “سويسكوب” “SwissCube”.
وتقول نوكا عن الدّور الذي كان لهذه الشركة: “لقد سهّـلت علينا الأمر كثيرا. فبمجرّد أن اتّـصلنا بهم، أشاروا علينا بالتوجّـه إلى الهند”.
ولعلّـه من المناسب، التّـنويه إلى أن القمر الاصطناعي السويسري الصغير، لم يكن بمفرده على متْـن الرحلة، التي انطلقت يوم الأربعاء من الهند، بل كان يُـرافقه على متْـن الرحلة أيضا، القمر الصناعي “Indian OceanSat II”، الذي يزِن طنّـا، ومهمّـته البحث في المُـحيطات عن مناطق جديدة لصيْـد الأسماك، كما كان على متْـن نفس الرحلة ثلاثة أقمار صناعية أخرى من السواتل المكعّـبة الصغيرة “CubeSats”، اثنان منها من ألمانيا والثالث من تركيا.
مارك – أندري ميزري – swissinfo.ch
السواتل المكعبة (Cubesats) هي أقمار صناعية تزن كيلوغراما واحدا بأبعاد لا تتجاوز 10 سنتيمترا. ولها بالضبط حجم ووزن علبة لتر من الحليب.
نشأت فكرة هذه السواتل في الولايات المتحدة بهدف “تمكين المدارس العليا، المصدر الدائم للمعرفة والابتكار، من لعب دور في غزو الفضاء”.
أطلقَ 33 ساتلا مكعبا منذ عام 2003، فُقد منها 14 على إثر حادث تحطم صاروخ روسي في عام 2006. ومن بين السواتل الـ 19 الباقية، نفّذت 15 مهامها بينما لم تنجح 4 منها في إقامة الاتصال مع الأرض.
سيتِـم وضع كوب سات السويسري أو سويسكيوب في مدار حول الأرض على ارتفاع يتراوح ما بين 400 و1000 كيلومترا، وستبلغ سُـرعته دورة واحدة لكل 90 دقيقة.
سيقوم برصد وتصوير ظاهِـرة التوهّـج الهوائي “airglow”، التي تبدو على شكل شريط من الإشعاع، أعلى الغلاف الجوّي، يشاهده رواد الفضاء على ارتفاع حوالي 100 كلم.
هناك نحو 80 جامعة حول العالم، منها 25 جامعة في أوروبا، تهتم بمشاريع تصنيع الكوب سات أو سات كوب.
بالرغم ممّـا للتكنولوجيا السويسرية من مشاركة واسعة في مجالات غزو الفضاء، إلا أن “SwissCube”، هو أول قمر صناعي يُصمَّم ويصنّع كاملا في سويسرا.
شارك في المشروع حوالي 180 طالبا وطالبة من المعهد التقني الفدرالي العالي في لوزان ومن جامعة نوشاتل ومن المعاهد العليا للعلوم التطبيقية في كل من ايفيردون وفريبورغ وسيون وسانت إميي، بالإضافة إلى العديد من شركات ومصانع القِـطاع الخاص والعام وريادة الفضاء.
بلغت كامل تكاليف المشروع حوالي 500 ألف فرنك سويسري، منها حوالي 75 ألف فرنك لعملية الإطلاق.
تم تمويل المشروع من قِـبل الجامعات وبعض القطاعات الصناعية ومن الميزانيات المخصّـصة لأبحاث الفضاء، بالإضافة إلى مؤسسة اليانصيب الخاصة بالمناطق الناطقة بالفرنسية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.