باحثة سعودية تُـسْهـم في أكبر تجربة علمية في “سيرن”
ساهمت ابتسام باظريس، وهي باحثة سعودية وطالبة بقسم فيزياء الجزيئات بجامعة جنيف، في أحد المشاريع الأربعة التي سمحت بانطلاق تجربة "مصادم الهادرونات الكبير LHC" في المركز الأوروبي للأبحاث النووية "سيرن" على الحدود السويسرية الفرنسية.
وفي حديث خصت به سويس إنفو، أعربت الباحثة عن اعتزازها بأن تكون أول سعودية تشارك في هذه التجربة، وطمأنت المتخوفين من نتائج التجربة الحالية بأن العلماء أخضعوا كل القطع المستعملة فيها لاختبارات متعددة.
شارك عدد كبير من الباحثين من شتى بلدان العالم وأسهموا وتابعوا التحضيرات التي سمحت بانطلاق مُصادم الهادرونات الكبير LHC في أضخم تجربة علمية يشهدها العالم وأنجزها المركز الأوروبي للأبحاث النووية “سيرن” المتواجد على الحدود السويسرية الفرنسية بالقرب من مدينة جنيف.
ومن بين هذا الحشد العلمي، تواجد البعض من العرب ومن بينهم الباحثة السعودية إبتسام باظريس التي تُعد حاليا شهادة دكتوراه في قسم فيزياء الجزيئات بجامعة جنيف، والتي ساهمت في برنامج “أطلس” الذي يعتبر أحد البرامج الأربعة التي أتاحت الانطلاقة الناجحة للتجربة المثيرة يوم الأربعاء 10 سبتمبر 2008.
سويس انفو التقتها يوم 10 سبتمبر 2008 في جنيف وأجرت معها الحوار التالي.
سويس إنفو: السيدة ابتسام باظريس، بأية صفة كانت مشاركتك في هذه التجربة لمصادم الهادرونات الكبير LHC بالمركز الأوروبي للأبحاث النووية؟
ابتسام باظريس: أتابع هذه التجارب كطالبة دكتوراه وباحثة في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية في جنيف. فقد وقّعت المملكة العربية السعودية، والحمد لله، إتفاقا مع المركز الأوروبي للأبحاث النووية “سيرن” لإرسال طلبة وأساتذة للتدريب خلال فترة الصيف. وأنا فخورة بكوني سعودية تشارك في أشغال السيرن كطالبة بجامعة جنيف.
وهذه التجربة تجربة عظيمة فهي من أكبر التجارب في العالم الآن، سواء إذا تكلمنا عن المُسرّع أي LHC، أو الكاشف أطلس Detector Atlas اللذان يعدان من بين أربعة برامج تشتمل عليها التجربة ككل، والتي تبحث في أسئلة فيزيائية مهمة أتوقع أنها ستكون انطلاقة مهمة بالنسبة للعلماء في كل أنحاء العالم.
سويس إنفو: هذه التجربة تحدثت عنها وسائل الإعلام بشكل مستفيض مشيرة الى مخاطر الذهاب نحو المجهول. كباحثة وعالمة هل لديك ثقة في ثوابت هذه التجربة؟
ابتسام باظريس: أكيد، يعني إنشاء الله أن التجربة ستعود علينا بردود على أسئلة كثيرة كما أشرت إلى ذلك سابقا.
وبالطبع أي بحث يبدأ بسؤال وبعلامة استفهام. ولكن إذا وجدنا الإجابة فالحمد لله. وإذا لم يجد العلماء الإجابة، فهناك تحدّ آخر للبحث من جديد. وأتوقع أن يكون في ذلك بحث مستمر.
سويس إنفو: لكن ما هو الاحتمال الأكثر توقعا، وما هو الجديد الذي يمكن ان تجلبه تجربة مصادم الهادرونات الكبير LHC؟
ابتسام باظريس: هناك كما أسلفت العديد من الأسئلة، منها: هل توجد محاور أخرى غير المحاور المعروفة حاليا أو ما يسميه العلماء بأبعاد أخرى Extra Dimensions؟ والبحث أيضا عن جُسيم جديد معروف بـ”جسيم هيغز”، وهو ما سيعطينا معنى للكتلة أو لاختلاف الكتل بين الجُسيمات. ومن خلال أبعاد هذا الجسيم يمكننا معرفة مركز كتلة الأرض. والفائدة من معرفة مركز كتلة الأرض تسمح لنا بمعرفة عُمر الكون.
سويس إنفو: يعني نشأة الكون ككل؟
ابتسام باظريس: يمكن أن نقول عمر الكون بشكل عام.
سويس إنفو: لكن هناك عالم ألماني هو البروفسور روسلير، الذي شكك في التجربة تخوفا من احتمال إفلات التجارب من التحكم، خصوصا فيما يتعلق بمخاطر الثقب الأسود. ما رأيك بذلك؟
ابتسام باظريس: هذه التجربة أخذت عدة سنين من الإعداد وساهم فيها الكثير من العلماء والمهندسين والتقنيين من مختلف الدول. وكل قطعة تُركب، سواء في المسرّع أو في الكاشف، تخضع لدراسة دقيقة جدا، وتُختبر عدة مرات في المعمل وفي مكان التجربة. فأتوقع أن نسبة الخطر ستكون ضئيلة جدا إن لم تكن منعدمة.
سويس إنفو: نحن الذين نوجد بالقرب من “سيرن” المركز الأوربي للأبحاث النووية في جنيف إذن يمكن أن ننام مطمئنين؟
ابتسام باظريس: إنشاء الله وأنا معكم، فأنا قريبة وعلى محيط دائرة المعجّل.
سويس إنفو: كسعودية وكسيدة أتيحت لك المشاركة في هذه التجربة عن قرب، ما هو شعورك بهذه المناسبة؟
ابتسام باظريس: والله أنا لما جئت وأردت الالتحاق بالتجربة، اعتراني شعور عظيم كونك تشارك مع الناس وترى أنهم وصلوا إلى مرحلة متطورة من العلم. فلِم لا نضع نحن أيضا أيدينا معهم ونتعلم. فبالنسبة لي كسعودية وكامرأة، وبعد أن عرفت أنني أول سعودية في هذا المجال، كان عندي شعور جد رائع. وإنشاء الله سيكون الشعور أجمل إن استطعت أن آخذ من هذا العلم وأعود إلى بلدي بفائدة إن شاء الله.
سويس إنفو: هل هناك أطراف عربية أخرى مشاركة في تجربة مصادم الهادرونات الكبير هنا في جنيف؟
ابتسام باظريس: والله مع الكم الهائل من الشغل الذي من المفروض أن ننجزه خلال هذه الفترة لم تتح لي الفرصة للتعرف، لأن الكل سرعان ما يحضر الاجتماعات ويعود إلى مكتبه لمواصلة الأبحاث. لكن أتوقع أن هناك أطرافا عربية أخرى مشاركة. ويوجد باحث سعودي مشارك في مجال المـعـجّـلات، وهذا فخر لنا.
أعادت المملكة العربية السعودية في 22 مايو 2008 توقيع بروتوكول تعاون كانت قد أبرمته مع المركز الأوروبي للأبحاث النووية “سيرن” في عام 2006.
البروتوكول الذي وقعه عن الجانب السعودي رئيس جامعة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية محمد السويل، يهدف إلى تمكين المملكة من تكوين خبراء في فيزياء الجزيئات العالية الطاقة.
وقد اعتبر المدير العام للمركز الأوربي للأبحاث النووية روبير ايمار أن ذلك “بمثابة خطوة حاسمة لتعزيز لقدرات البحث العلمي الأساسي في منطقة الشرق الأوسط”.
وكان المركز الأوروبي للأبحاث النووية قد وقع بروتوكولات تعاون مماثلة مع عدد من دول المشرق العربي وشمال إفريقيا وهي الجزائر ومصر والإمارات العربية المتحدة وإيران والأردن والمغرب وباكستان.
من جهة أخرى، أشارت وسائل إعلام من بينها صحيفة “الجزيرة” السعودية في موقعها على الإنترنت، إلى أن الباحث السعودي نادر بن صالح الحربي المتخصص في فيزياء المعجلات من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية أدخل تحسينات على أحد الأجزاء المهمة في تصميم معجل الجسيمات الخطي الحاقن لأكبر جهاز صنعه الإنسان حتى الآن، والواقع على الحدود السويسرية الفرنسية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.