تطور في استخدام الأدوية الجنيسة في سويسرا.. لكن المشوار لا زال طويلا!
قطعت سويسرا شوطاً في استخدام الأدوية "الجنيسة"، إلا أنها لا تزال أقلّ بكثير عمّـا هو موجود في الدول الأخرى. وقد طالب أحد كِـبار المنتجين السويسريين بمزيد من الحوافز المشجِّـعة للأطباء، لكن هؤلاء يرفضون، أما شركات التأمين فلا تزال ينْـتابُـها التوجّـس من الملف برمته.
وجدير بالذِّكر أن هنالك أعدادا كبيرة من السويسريين جرّبوا هذه الأدوية، حيث أدّى الصيادلة مهمّـتهم وقاموا بدورهم، بينما بقِـي الأطباء لوقت طويل لا يكادون يصِـفون بالمُـطلق هذه الأدوية لمَـرضاهم، ولكنهم اليوم يقومون – هم بأنفسهم – بالتّـنبيه إلى توفّـر مثل هذه الأدوية في خِـدمة المرضى.
وفي نفس السياق، يقول ماكس غيغر، عضو اللجنة المركزية لاتِّـحاد الأطباء السويسريين (FMH): “لقد حدث تغيير جِـذري في عام 2006، إذ تمّ تخفيض المُـساهمة التي يتكفّـلها المريض – المُؤمِّن صحيا – من 20٪ إلى 10٪ من قيمة الدواء، إذا كان هذا الدواء من الأدوية الجنيسة، وبعد مرور ثلاثة أشهر، أمكن سواء للأطباء أم للصيادلة، معايَـنة هذا التغيير”.
ويعترف غيغر، المسؤول عن قِـسم التّـدريب بعد التخرّج في اتحاد الأطباء السويسريين (FMH)، بأن الأطباء كان ينقصهم شيء من الوعْـي بإمكانية وصْـف هذه الأدوية لمَـرضاهم، لكنه استدرك بالقول: “المسؤولية مُـشتركة، فينبغي على المريض أيضا أن يسأل من جانبه ما إذا كان هناك دواء بديل”.
“ليست مجرّد نسخة”
وعلى ذات الصعيد، أكّـد مُـنتِـجو الأدوية والعقاقير، أن الأطباء أصبحوا أكثر تأييدا لاستخدام الأدوية الجنيسة. وفي المؤتمر الصحفي الذي عقدته يوم الثلاثاء 19 يناير 2010 في زيورخ شركة ميفا فارما “Mepha Pharma”، التي تُـعتبر المُـنتج الأول للأدوية الجنيسة في سويسرا، أرجعت الشركة الفضل في تطوّر موقِـف الأطباء إلى الخدمات التي تقوم هي بها، ولفتت إلى أنها وضعت كِـميات من الأدلة والكُـتيبات تحت تصرّف المهتمِّـين، كما أنها خصّـصت خطّـا هاتفيا ساخِـنا لحالات الطوارئ.
ومن جانب آخر، دافع اندريا بوشار، المدير العام لشركة ميفا فارما “Mepha Pharma” عن الأدوية الجنيسة قائلا: “إنها ليست مجرّد نسخة من الأدوية الأصلية، بل نحن نقدّم أيضا – وعلى سبيل المثال – جُـرعات أكثر تنوّعا وأصناف أدوية أكثر قابلية للهضم”.
ولا يزال أمام الأدوية والعقاقير العامة في سويسرا مِـشوار عسير، حيث تتحدّث الأرقام الواردة عن شركة ميفا فارما “Mepha Pharma بأن سوق الأدوية الجنيسة يستحوِذ على حصّـة قارّة يبلغ معدّلها 12٪ من مُـجمل سوق الأدوية في سويسرا، على خلاف السوق الفرنسية، حيث بلغ المعدل هناك 20٪، مقابل 53٪ في ألمانيا و 56٪ في بريطانيا.
الأمر بتخفيض الأسعار
ويوضِّـح أندريا بوشار: “لا يزال هناك متّـسع كبير للتّـحسين، ولست أقول بأنه علينا بلوغ المعدّل الذي بلغته السوق البريطانية، لكن ثلثي العقاقير والأدوية لا تزال تتمتّـع بحصانة براءة الاختِـراع و20٪ منها انتهت مدّة حصانتها. فهذا الوضع فيه مُـبالغه”.
ولاشك بأن خضوع مصانِـع الأدوية التي تملِـك براءات اختِـراع للمنافسة المستعرة فيما بينها من ناحية، ووجود ضغوط حكومية عليها من ناحية أخرى، أدّيا إلى تخفيض الأسعار. وبناءً على قرار المكتب الفدرالي للصحة العمومية، فإن التخفيض سيصِـل نحوا من 100 مليون خلال عام 2010، الأمر الذي سيجعل مصانِـع الأدوية الجنيسة تتوقّـع انخِـفاضا في حجم المبيعات لهذا العام.
كما تخشى شركة ميفا فارما (Mepha Pharma) أن يكون لمبدإ المُـغايرة في قيمة المساهمة في تكاليف الأدوية، بين ما هو عام وما هو غير عام، أثر عكسي، أي أن يضرّ بسوق الأدوية الجنيسة لا أن يفيدها.
فقد أكّـد أندريا بوشار قائلا: “هذه الطريقة دفعت جميع الأسعار للانخِـفاض، مما يعطي انطباعا خاطئا بأن الفرْق في السِّـعر بين الأدوية الجنيسة وتلك الأصلية، ليس بذي بال”، بينما هو يرى أن الفرق يتراوح دوْما بين 25٪ و30٪.
“نتائج عكسية”
وتذهب شركة ميفا فارما (Mepha Pharma) إلى أبعد من ذلك، حين تقول: “في المحصلة، فإن مبدأ المُـغايرة يأتي بنتائج عكسية، لأنه بعد تجاوُز حدٍّ معيَّـن، يُـصبح تخفيض السِّـعر بنِـسبة كبيرة مبْـعث تشكيك في جوْدة الدواء أو جوْدة الخِـدمة. من أجل ذلك، طالبنا بإلغاء هذا المبدأ”.
إلا أن كلا من اتحاد الأطباء السويسريين (FMH) ومؤسسة الصحة السويسرية “santésuisse”، التي هي عبارة عن اتحاد لشركات التأمين الصحي في الكنفدرالية، يُـعارضان هذا التفسير وتتناغم تصريحات المسؤولين في كليْـهما، مؤكِّـدة بأن “المبدأ جيِّـد جدا وقد أدّى إلى زيادة في حصّـة الأدوية الجنيسة”.
ولكن ميفا فارما (Mepha Pharma) واتحاد مُـنتجي الأدوية الجنيسة “Intergenerika” يذهبان إلى أبعد من ذلك ويقرِّران أنه: “يلزم حتْـما البحث عن أساليب جديدة لتحفيز الأطباء على إيلاء استخدام الأدوية العمومية اهتماما أكبر، كأن تقوم شركات التأمين بمُـكافأة الأطباء الأكثر وصْـفا للأدوية الجنيسة”.
مكافأة الأطباء؟
في المقابل، لا يُخفي اتحاد الأطباء امتِـعاضه من هذه المقترحات ويقرِّر على لسان ماكس غيغر موقِـفه قائلا: “إن الأطباء ليسو في حاجة إلى حوافِـز جديدة، لأن اعتماد مبدأ المُـغايرة في قيمة حصّـة المساهمة، قد أثبت جدْواه”. وأما منظمة الصحة، فقد كان موقِـفها أقلّ تصلُّـبا وأظهرت قدرا كبيرا من ضبْـط النفس.
وقال مايكل رايشنباخ، نائب مفوِّض العلاقات العامة لسويسرا الروماندية (المنطقة الناطقة بالفرنسية في سويسرا): “نحن في الأساس مؤيِّـدون لكلّ الحوافز التي من شأنها خفْـض الأسعار، لكن ينبغي أن لا تستهلك المُـكافأة التي سنقدِّمها لطبيب عام ما نوفِّـره من أموال، نتيجة زيادة استخدامنا للأدوية الجنيسة، وعليه، يجب أن تكون هذه المسألة واضحة وأن يتِـم ضبْـطها”.
وعلى أية حال، ليست الأدوية الجنيسة إلا إحدى جوانب المُـشكلة المتواصلة لارتِـفاع تكاليف الرعاية الصحية. فقد اعتبر مايكل رايشنباخ من جهته أن: “الأدوية الجنيسة قد تتقدّم من ناحية، لكن من ناحية أخرى، لا تلبث أن تخرج أدوية جديدة ذات غلاء فاحِـش، لاسيما في مجال مكافحة السرطان وغيره”.
وتبقى نقطة أخيرة عالِـقة فيما يخصّ العقاقير والأدوية، تتمثّـل في أن منظمة الصحة تدعم المشروع الجاري مُـناقشته في البرلمان السويسري حاليا، ويقضي بأن لا تقوم شركات التأمين الصحي بتعويض غير الأدوية الجنيسة الرّخيصة. بينما تُـعارض شركة “ميفا فارما” ذلك بشدّة بحجّـة أن إرغام المريض على تغيير الأدوية التي اعتاد عليها وألِـفها، سوف يسبِّـب له الكثير من الآثار الجانبية والقلق، خاصة فيما يتعلّـق بالمرضى المسِـنِّـين.
كما تُـعارض رابطة الأطباء المشروع بدافع سلامة العلاج، كذلك عارض مجلس النواب المشروع الذي هو الآن في انتظار أن يصوِّت عليه مجلس الشيوخ في دورته الربيعية التي ستُـعقد في شهر مارس القادم.
آريان جيغون – swissinfo.ch – زيورخ
تُـعرف مجموعة ميفا فارما بشعارها الذي هو عبارة عن قوس قُـزح، وقد احتفلت الشركة بالذكرى الـ 60 في عام 2009.
حقّـقت حجم مبيعات في الخارج، بلغ 191 مليونا في عام 2009 (أي زيادة قدرها 2,7٪)، بينما بلغ حجم مبيعاتها في سويسرا 176 مليونا (أي بزيادة 5,4٪)، وحقّـقت حجم مبيعات بلغ 41 مليونا في التصنيع للآخرين (نسبة زيادة قدرها 57٪).
وتُـعتبر أكبر منتج للأدوية الجنيسة في سويسرا، بواقع 38٪ من حجم السوق مقابل 33٪ لشركة ساندوز (Sandoz) و11٪ لشركة سبيريغ (Spirig)، بينما تحتلّ المصانع الأخرى للأدوية حصّـة من السوق تقل عن 10٪.
تعود مِـلكية الشركة لعائلة ميركل، إلا أنها قرّرت التنازل عن هذه المِـلكية، وسيمكن التعرف من هنا وحتى حلول منتصف يناير المقبل على هوية المُـتنافسين على شرف حيازة هذه المِـلكية. وتعتقد المجموعة بأن يكون الحظّ الأكبر، من نصيب أياد سويسرية.
حقق سوق العقاقير والأدوية الجنيسة في سويسرا، زيادة مطّـردة في السنوات الأخيرة، ولكنه تراجع تراجُـعا طفيفا في عام 2009. وفيما يلي حِـصص الأدوية الجنيسة بالنسبة لسوق الأدوية بعمومه:
2002: 3,9٪
2003: 5٪
2004: 6,2٪
2005: 8,3٪
2006: 11,7٪
2007: 11,7٪
2008: 12٪
2009: 11,9٪
لا تزال العقاقير والأدوية، التي لديها حصانة براءة الاختراع، تحتل 69٪ من السوق السويسرية، وهناك نحو 20٪ منها مشمولة بحَـصانة براءة اختراع انتهت صلاحيتها.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.