جامعيات سعوديات يقتحمن عوالم الإبتكار
جاءت المشاركة السعودية في الدورة الأخيرة للمعرض الدولي للإختراعات في جنيف، للتذكير بأنها البلد العربي المثابر على الحضور بأعداد محترمة من المبدعين منذ سنوات، وبأنها تشجّع المخترعين من الجنسين حيث بلغ عدد المشاركات تسعة هذه المرة.
تميّزت الدورة الحادية والأربعين للمعرض الدولي للإختراعات في جنيف، التي انتظمت ما بين 10 و 14 أبريل 2013، بعرض مبتكرين من شتّى أنحاء العالم لأكثر من ألف اختراع، كما أثارت الإنتباه مشاركة المملكة العربية السعودية بحوالي 54 اختراع من جامعة أم القرى وجامعة الملك سعود وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن وجامعة المجمعة.
أما المُـلفت أكثر، فهو أن هذا الميدان الذي عادة ما يكون مقصورا على الرجال، حتى في أكثر المجتمعات تقدما، أصبح يستهوي عددا من المخترعات السعوديات اللواتي استطاعت تسعة منهن المشاركة في هذا المعرض، سبعة من جامعة أم القرى واثنتان من جامعة الملك سعود.
في العديد من الأحيان، يُعاني الكثير من المخترعين في البلدان العربية من غياب الدعم للمخترع في مراحل تجسيد فكرته، وعدم السماح له بالمشاركة في مثل هذه المعارض الدولية، وهو ما يؤدّي إلى مشاركات غير مُنتظمة أو خوض بعضهم لتجارب منفردة لا تتكرر عادة بسبب التكلفة العالية للمشاركة.
يرتبط ارتفاع عدد المخترعين السعوديين المشاركين، بوجود سياسة دعم مُنتهجة من قِـبل مختلف المؤسسات في المملكة، حيث “يحصل المبتكر على دعم من الجامعة في مختلف مراحل تطوير الإختراع ويتم إمداده بالمستشارين، وتتحمل الجامعة مصاريف تسجيل براءات الإختراع، التي قد تكلف حوالي 10 آلاف دولار”، مثلما يشرح الدكتور خالد المترفي، رئيس جناح جامعة أم القرى في معرض جنيف.
ولدى سؤاله عن مشاركة هذا العدد الكبير من المخترعين، وخاصة من النساء، يجيب الدكتور المترفي بأن “هذه رسالة للعالم كله بأن المبدعات موجُودات في كل مكان. وبأن أم القرى ومكة، وهي القلب النابض للعالم الإسلامي، تحتوي على الكثير من المُبتكرات”، وأشار إلى أن ما يُوجد في الجناح السعودي ليس سوى “عيِّـنة من بين مئات المشاركات”، مضيفا بأنه “لا يخفى عليكم بأن الكثير من الإعلام ينظر إلى المرأة في المملكة، على أنها لم تأخذ حقها من التعليم، وهذا كلام مغالط تماما، بحيث يمكن أن نثبت بالأرقام بأن النساء السعوديات حاصلات على درجات الدكتوراه منذ حوالي 50 عاما من أرقى الجامعات العالمية”، على حد قوله.
من جهته، يؤكد الدكتور نايف عبد الرحمن العجلان، رئيس جناح جامعة الملك سعود في معرض الإختراعات بجنيف أن “المرأة تشارك في جامعة الملك سعود إلى جانب الرجل في جميع مجالات الجامعة، كما أن عدد الطالبات في بعض الصفوف، يصل في بعض الأحيان إلى أكثر من 51%”.
ولدى سؤاله عن كيفية اختيار المشاركات في المعرض، أجاب الدكتور نايف: “نحن لا ننظر للمخترع هل هو رجل أو سيدة، بل ننظر للإختراع نفسه، هل هو واعدٌ أم لا، ولا يرتكز الإختيار على مبدإ انتقائي أو حصص معينة”.
سـوار.. لكنه ليس للزينة فقط!
اختراع الطالبتين في جامعة أم القرى شهاد حسين الحليفي وإسراء محمد السليمي، قد يزيل بعض قلق الأمهات على الأوضاع الصحية لأطفالهن، عندما يكونون في أماكن بعيدة عنهن، إذ تقول إسراء: “إن الاختراع عبارة عن إسورة توضع على يد الطفل، بها حساسات تقوم بقياس درجة الحرارة والنبض، وحساس لقياس الصدمات في حالة وقوع الطفل. وترسل تلك المعلومات بإشارة جي بي إس إلى برنامج تطبيقي في الهاتف الجوال للأم”. والنتيجة، هي إمكانية إطلاع الأم في أي وقت عن الأوضاع الصحية لطفلها أو طفلتها، حتى وإن كانت على مسافة بعيدة منها.
ويعود أصل هذه الفكرة، إلى زميلتها شهاد، التي كما تقول “أتت من ملاحظة أسورة شركة “نايك” المُستعملة من قِـبل الرياضيين، والتي تستطيع قياس السّعرات الحرارية وما إلى ذلك من أشياء ترفيهية. لذلك، فكّـرنا في تطوير ذلك إلى جهاز عملي لمساعدة الأمهات والأطفال على تجاوز هذه المشكلة”.
وفي تظافر لجهود الطالبتين، يجري الآن تطوير البرنامج التطبيقي المُستعمل من قِبل الهاتف النقال. وتقول إسراء: “إن إحدى شركات الاتصالات رحّبت بالفكرة “، بينما تشدِّد شهاد على أن “الإختراع سهل الإستعمال، ولا يتطلّب قدرا من الإحترافية”.
جهاز يضبط احتياجاتك الحرارية
طورت المخترعة السعودية فادية رزيق القتامي، جهازا الكترونيا يسمح للأفراد بقياس احتياجاتهم الحرارية اليومية.
تقول السيدة فادية أنه بعد “إدخال وزن الشخص وقامته وسنه وجنسه ومستوى نشاطاته الرياضية، يمكن للجهاز إصدار بيان بمدى احتياجاته الحرارية اليومية. كما يسمح بقياس وتسجيل نسبة الدهون والسكريات والبروتينات في أي وجبة وبقياس الحريرات المستهلكة يوميا”.
الطريف في هذا الإختراع، عدم تسامحه مع أي تجاوزات، حيث يقوم بإصدار إنذار صوتي في حال تجاوز المتطلّبات اليومية.
مُكعب من مُستخلصات الفِطر
في زمن الإنتشار الدوري لأمراض من قبيل انفلونزا الطيور أو جنون البقر، قد يجد ابتكار الطالبة السعودية فاطمة موصيد محمد الصبحي، صدى جيدا لدى الذين يخشون الإصابة بأمراض مُعدية، بسبب تناول اللحوم أو في صفوف الذين اختاروا طواعية التخلي عن تناول اللحوم.
الإختراع عبارة عن مكعّـب مرق مصنوع من خليط من مسحوق الفطر أو “المشروم Mushroom” المُجفف، مُضافا إليه ما يدخل في تركيبة مكعب المرق من مواد دهنية نباتية وسكر وملح وتوابل ودقيق وخميرة.
وتقول السيدة فاطمة: “إن تكاثر بعض الأمراض من انفلونزا الطيور إلى جنون البقر، مرورا بالأمراض المعدية، دفعني الى استخدام الفطر في صناعة مكعّب سهْـل الإستعمال والتخزين، وبه فوائد صحية ومحافظ على البيئة ويمكن أن يستخدمه النباتيون أو من تخلّوا عن أكل اللحوم”.
وتراهن السيدة فاطمة على أن يجد اختراعها استقبالا جيدا من طرف الأوروبيين عموما، نظرا للتكاثر المسجل في السنوات الأخيرة في أعداد النباتيين أي المُمتنعين عن تناول اللحوم.
علبة أدوية ذكية
الإختراع الذي شاركت به الطالبة السعودية ضحى حامد نواب علي، عبارة عن علبة أدوية ذكية، يمكن أن تساعد في تجنب الكثير من المآسي الناجمة عن تناول أدوية تمّ تجاوز مدة صلاحيتها أو تم نسيان طريقة وشروط تناولها أو بالنسبة لمَن لا يُجيد القراءة أو لا يستطيعها.
وتشير السيدة ضحى إلى أن هذا الإختراع قد يساعد على تجنّب حالات الأطفال الذين يُدخلون للمستشفيات بسبب تناول أدوية أو حبوب تجذبهم أشكالها أو ألوانها أو الأشخاص المُسنّـين الذين يعيشون بمفردهم ولا يتذكرون الدواء الذي عليهم تناوله أو الكمية التي يجب تناولها، وهو ما قد يؤدي الى تناول جرعة زائدة عن الحد”.
تعتمد طريقة عمل الجهاز، على توفير إمكانية تسمح بتخزين الأدوية بشكل سليم، بعضها في القطاع المخصّص للأدوية التي تتطلب درجات حرارة معيّنة. ولعل أجمل ما فيه – بعد أن يتم إدخال كل معطيات الأدوية في ذاكرته عن طريق قراءة ضوئية للبار كود، بما في ذلك تاريخ انتهاء مدة الصلاحية وطريقة التناول والأعراض الجانبية وما إلى ذلك – قدرته على إظهار كل هذه البيانات بمجرّد الضغط على صورة الدواء.
الجهاز يسمح أيضا للطبيب المعالج أن يتابع استشفاء المريض عن بُعد، كما أنه قادر على التخلّص من الأدوية بطريقة محافِـظة على البيئة بمجرد انتهاء مدة صلاحيتها. ومن أجل الحفاظ على سلامة المعلومات المخزنة في الجهاز، هناك اسم مستخدم وكلمة سر يجب إستعمالها للدخول لذاكرته الألكترونية.
إضافة إلى كل ما سبق، عند بلوغ موعد تناول دواء ما، يظهر الدواء المُحدد على شاشة الجهاز، مرفوقا بشروح حول الجرعة المسموح بها وطريقة التناول، ويصدر إنذارا بذلك. وهنا تشير السيدة ضحى إلى أن “هذا التطبيق قد يساعد حتى ذوي الإحتياجات الخاصة في التغلب على بعض العوائق، سواء بالصوت أو بالصورة أو عن طريق الضوء”.
ومن بين الأسباب التي شجعت الطالبة ضحى على تطوير هذا الجهاز حِرصها على “تعزيز الثقافة الدوائية لدى الأشخاص، بعد أن اتضح أنه لا يتم الإلتزام بشكل مضبوط بالتوصيات والتحذيرات المرافِقة للدواء في 50% من الحالات”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.