الطفولة المحرومة تؤثر على الصحة حتى سن الشيخوخة
كشفت دراسة حديثة أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية السيئة في فترة الطفولة تؤثر سلبا على حياة الشخص البالغ ولا سيما النساء، حتى لو تحسنت الظروف المعيشية في وقت لاحق من الحياة.
النتائج الصادرة عن جامعة جنيف اعتمدت على دراسة آلاف الأشخاص المتراوح أعمارهم ما بين 50 إلى 96 عاما في 14 بلدا أوروبيا، وذلك لتحديد “الأثر المباشر والبيولوجي والمستدام” للحرمان الاجتماعي والاقتصادي خلال مرحلة الطفولة على قوة العضلات، والتي تعد مؤشرا رئيسيا على الصحة.
وأظهرت الدراسة، التي ترأسها ستيفان كولاتي وبوريس شيفال من جامعة جنيف (UNIGE) والممولة من برنامج المركز الوطني السويسري للكفاءة في الأبحاث (NCCR))، أنه حتى لو تحسنت الظروف المعيشية في وقت لاحق من الحياة، فإن “الظروف الاجتماعية والاقتصادية غير المواتية” في سن الطفولة تؤثر سلبا على صحة الشخص البالغ.
وقد تم الحصول على النتائج رابط خارجيمن خلال تحليل حوالي 100 ألف نقطة بيانات من 24 ألف مشارك، نصفهم من النساء وتمت مقابلتهم ست مرات بين عامي 2004 و2016 كجزء من مشروع الاتحاد الأوروبي “SHARE ” (مسح الصحة والشيخوخة والتقاعد في أوروبارابط خارجي).
الكتب وغرف النوم والمعيل
الدراسة حددت الظروف الاجتماعية والاقتصادية على أساس أربعة جوانب مختلفة للحياة العائلية في سن العاشرة: مهنة المعيل الرئيسي للأسرة وعدد الكتب في المنزل ونوعية السكن وعدد أفراد الأسرة في المنزل مقارنة مع عدد غرف النوم.
هذا وتم تقييم صحة المشاركين في الدراسة باستخدام العديد من المؤشرات، ولا سيما قوة العضلات وهي دلالة بيولوجية رئيسية للصحة. ومن العوامل الأخرى التي تناولها الباحثون الوضع الصحي حسب تقييم الشخص ذاته وقدرة الرئة ونوعية النوم ومؤشر كتلة الجسم ووجود اضطرابات إدراكية أو اكتئاب.
من جهته أعلن الباحث بوريس شوفال فى بيان صحفي أصدره يوم الثلاثاء أن “النتائج أظهرت أن الأشخاص الذين واجهوا ظروفا اجتماعية واقتصادية سيئة في مرحلة الطفولة كان لديهم في المتوسط قوة عضلية اقل من الذين كانوا أفضل حالا في سنواتهم الأولى”.
وأوضح “حتى مع تعديل الدراسة بمراعاة العوامل الاجتماعية والاقتصادية، بالإضافة إلى السلوكيات الصحية (النشاط البدني والتدخين وشرب الكحول وطبيعة النظام الغذائي) في مرحلة البلوغ، فقد ظلت العلاقة قوية جدا، ولا سيما لدى النساء، اللاتي غالبا ما يكن أقل عرضة للاستفادة من الحراك الاجتماعي”.
ويفترض الباحثون أن الإجهاد المزمن الناجم عن الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة يمكن أن يضعف الآليات التنظيمية للجسم، مثل الاستجابة المناعية ويحد من القدرة على الحفاظ على صحة جيدة على مدى العمر.
ويعتقد الباحثون أن النتائج تتطلب التدخل المبكر عندما يتعلق الأمر بمنع الأمراض. هذا ومن المقرر إجراء دراسة آثار النظم الاجتماعية الاقتصادية الوطنية على العلاقة بين الفقر والصحة في سن الشيخوخة.
جدير بالذكر أن “الإسكندنافيين عموما يتمتعون بصحة أفضل، بغض النظر عن مستواهم الاجتماعي والاقتصادي ويتصدرون قائمة الدول من حيث المساواة في الحصول على الرعاية الصحية والتعليم”، وذلك وفق الدراسة.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.