سويسرا اختارت شنغهاي لاستضافة قـُنصليتها العلمية الرابعة
بعد المراكز العلمية التي افتتحتها في كل من بوسطن وسان فرانسيسكو وسنغافورة، عززت سويسرا مؤخرا شبكة تبادلاتها العلمية والتكنولوجية بتدشين قنصلية علمية جديدة في شنغهاي، وذلك في انتظار القيام بخطوة ممثالة في بنغالور في الهند.
ويفترض أن يشجع مركز “سويس نيكس – شنغهاي” التعاون بين سويسرا والصين أيضا في المجال الثقافي من خلال إنشاء فرع لمؤسسة الثقافة السويسرية “بروهلفيتسا”.
تشهد الصين تقدما يُخول لها أن تـُصبح قُوة عظمى حتى في مجالات العلوم والأبحاث، لذلك تُوجه المعاهد العليا السويسرية أنظارها بشكل متزايد نـحو امبراطورية الوسط.
وقد باشرت القنصلية العلمية السويسرية نشاطها في مدينة شنغهاي الصينية منذ شهر أكتوبر الماضي، ولكن عملية الافتتاح الرسمي تمت في السابع من أغسطس الجاري في غياب الرئيس السويسري باسكال كوشبان الذي كان من المفروض أن يحضر مراسيم الافتتاح، ولكن سوء الأحوال الجوية في فيتنام حال دون حضوره في الوقت المناسب.
وبهذه الخطوة، تكون سويسرا قد أقامت رابع مركز لها من هذا النوع في العالم، بعد بوسطن وسان فرانسيسكو وسنغافورة، على أن تضاف لها في بداية العام القادم قنصلية علمية جديدة في بنغالور بالهند.
ويعزز مركز شانغهاي مساعي كتابة الدولة للتكوين والبحث العلمي لتكثيف الحضور السويسري في المناطق التي تحفل بالبحث العلمي، من خلال مراكز تـخضع لإشراف مشترك لوزارتي الداخلية والخارجية.
وتتميز قطاعات البحث العلمي في الصين بالتركيز في المقام الأول على الأبحاث في مجالات التقنية البيولوجية وتقنية الجينات، والتقنيات متناهية الصغر “النانو تقنية”، والطاقة، والبيئة. وسيعمل التواجد في عين المكان على تعزيز التعاون مع قطاع البحث العلمي القوي في سويسرا.
مركز هام
وفي تصريح لسويس انفو، قال رئيس قسم التعاون الثنائي في كتابة الدولة للتكوين والبحث العلمي ماورو موروزي: “إن سويس نيكس-شنغهاي ستساعد معاهد البحث العلمي والعلماء في سويسرا على إيجاد الشركاء الملائمين في الصين وإقامة العلاقات معهم”، وهذا ما سينتج عنه تعاون وثيق يؤدي إلى الإبتكار في شتى المجالات. ويضيف موروزي “إن الهدف من وراء ذلك هو تعزيز تبادل العلماء والبحاثة وطلبة الدكتوراه في الاتجاهين”.
وسيقوم الفريق الساهر على نشاط “سويس نيكس”، المكون من سبعة أشخاص، بالعمل على تحضير شبكة اتصالات في عين المكان، على أن تترك مبادرة مشاريع التعاون والتبادل للجامعات، والمعاهد العليا ومراكز البحث العلمي والقطاع الخاص.
وبالإضافة إلى قيامها بدور المنسق في مجال التعاون العلمي بين البلدين، ستتولى القنصلية العلمية أيضا عملية تمويل المشاريع. وستتوفر سنويا على نحو 3 مليون فرنك لتمويل المشاريع المخبرية المشتركة، على أن تساهم الصين بنفس الحصة من التمويل. وستتكلف جامعة زيورخ والمعهد التقني الفدرالي العالي بزيورخ بالإشراف على وإدارة المشاريع التي تتم في سويسرا.
صعوبة الاهتداء للشريك المناسب
قد يُشبه البحث عن الشريك المناسب في “السوق” العلمية الصينية الواسعة عملية البحث عن إبرة في كوم من التبن. ولكن لحسن الحظ أن القنصلية العلمية “سويس نيكس” سوف لن تبدأ من الصفر بما أن السفارة السويسرية في بكين تتوفر بعد على مُلحق علمي، كما أن لسويسرا اتصالات وعلاقات ومعارف جيدة، حسب السيد موروزي.
ولبناء هذه الشبكة من المعارف والاتصالات، إلى جانب تعزيز نشاط القنصلية العلمية، تملك سويسرا نخبة من الخبراء في عين المكان كـمُمثلة المعهد التقني الفدرالي العالي بزيورخ والمسؤولة عن مشاريع التعاون في شنغهاي، التي تتوفر، بحكم حيازتها على الجنسية السويسرية والصينية، على شبكة اتصالات مباشرة جيدة، مثلما أوضح السيد موروزي.
ولكن هذا وحده سوف لن يكفي لتمكين الشركاء السويسريين من العثور على النخبة في مراكز البحث العديدة وغير المعروفة بما فيه الكفاية في الصين. ويقول موروزي في هذا السياق: “بالنظر إلى حجم الصين وكثافتها السكانية، سيتطلب ذلك بعض الوقت”.
إهتمام كبير
ولن يتوقف نجاح شبكة الاتصالات “سويس نيكس” على عدد المشاريع العملية الناجمة عن التعاون الفكري والبحثي الصيني السويسري، إذ يرى ماورو موروزي أن “سويس نيكس ستكون قد أدت عملا جيدا إذا نجحت في ترك انطباع جيد لدى الزبائن، وإذا توصلنا منهم بارتسامات مفادها أن سويس نيكس قدمت خدمة جليلة في مجال ربط الاتصالات وتعزيزها”.
وستُقاس نسبة النجاح مدى الإقبال على خدمات سويس نيكس، وهذا لن يترك مجالا للفريق العامل بالشروع في نشاطه تدريجيا، لأن عملية لسبر للآراء تمت في المعاهد العليا السويسرية أظهرت بأن الصين تأتي في المرتبة الأولى من حيث الاهتمام بإقامة مشاريع بحث علمي مشتركة.
ولكن ماورو موروزي يقلل من كثرة التفاؤل ويحث على التريث بقوله “ليست الصين مجرد بلد كبير، بل تتميز أيضا بنظام وتنظيم سياسي مختلف، وهذا ما يتطلب عدة أشهر لكي يتم إنهاء إجراءات تأسيس القنصلية العلمية سوسي نيكس”.
سويس انفو – اعتمادا على مقال بالألمانية لرينات كونزي
تعاني الصين، التي يبلغ تعدادها السكاني 1،3 مليار نسمة، من مشاكل عديدة، لا سيما في مجال البيئة والنقل (تلوث الهواء، وتسمم المجاري المائية، وتعطل حركة المرور في المدن).
كما أن النمو الاقتصادي الذي عرفته البلاد خلال السنوات العشرين الأخيرة أدى إلى خلق تناقضات اجتماعية كبرى، فقد أصبحت الصين تأوي العديد من المليونيرات والمليارديرات، في الوقت الذي لم يستفد فيه ملايين الأشخاص من الطفرة الاقتصادية.
يكلف مجال البحث العلمي في الصين حوالي 46 مليار فرنك، أي 1،2 % من إجمالي الناتج الداخلي، وهي نسبة تأتي بعد الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد حددت الصين هدفا برفع ميزانية البحث العلمي حتى عام 2010 بحوالي 2% من إجمالي الناتج الداخلي لكي تتحول إلى قوة علمية أولى في العالم.
تسهر الجامعات الصينية على تخرج أكثر من مليون خبير، يغادر الكثير منهم الصين للخارج لمواصلة الدراسة في أحسن الجامعات.
وقد في عام 2007 حوالي 20 ألف من هؤلاء الباحثين للصين، الأمر الذي يعتبر مهما بالنسبة للبلد.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.