ليزر عالي الطاقة ينجح في حرف مسارات الصواعق

استخدم باحثون نبضات ليزر قوية وعالية الطاقة وجّهوها إلى سحب رعدية في السماء شمال شرق سويسرا لتحويل مسارات الصواعق، وهم يزعمون أن الانجاز يمثل تقدما كبيرا في تكنولوجيا الحماية من الصواعق.
هذا الأسبوع، أعلنت عدد من العلماء عن نجاحهم في استخدام تقنية الليزر وتوجيهها إلى السماء من أعلى جبل سانتيس الكائن في سلسلة جبال الألب العابرة لكانتون أبنزل شمال شرق سويسرا لتحويل مسارات الصواعق.
وقال العلماء إن “ليزر مانع الصواعق” (Laser Lightning Rod) الذي قاموا بتطويره قد يُساهم في حماية البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك محطات الطاقة والمطارات ومزارع الرياح ومنصات الإطلاق، حيث يتسبّب البرق والصواعق في إلحاق أضرار بمليارات الدولارات على المباني وأنظمة الاتصالات وخطوط الطاقة والمعدات الكهربائية سنويًا، بالإضافة إلى التسبب في مقتل آلاف الأشخاص.
لإجراء التجربة على هذه التقنية، قام العلماء بنقل معداتهم إلى قمة الجبل الكائنة على ارتفاع 2500 متر باستخدام مصعد جبلي وطائرة مروحية. وتم توجيه جهاز إطلاق الليزر إلى السماء من فوق برج إرسال يبلغ ارتفاعه 124 مترًا وتابع لشركة سويس كوم “Swisscom” للاتصالات.
في سياق التجارب التي أجريت على مدار شهرين في عام 2021، تم إطلاق نبضات ليزر مكثفة – ألف نبضة في الثانية الواحدة – لإعادة توجيه ضربات الصواعق. وتم اعتراض جميع الضربات الأربعة أثناء تشغيل النظام بنجاح. وفي المرحلة الأولى، استخدم الباحثون جهازي تصوير (كاميرا) عاليتي السرعة لتسجيل إعادة توجيه مسار البرق بأكثر من 50 مترًا. وفي المراحل التالية، تم توثيق ثلاثة آخرين ببيانات مختلفة.
قال علم الفيزياء أورالين هوارد من مختبر البصريات التطبيقية في المدرسة المتعددة التقنيات (بوليتكنيك) الفرنسية، ومنسق المشروع والمؤلف الرئيسي للبحث المنشور في مجلة “نيتشر فوتونيك” (Nature Photonics)رابط خارجي: “لقد أثبتنا لأول مرة أنه يُمكن استخدام الليزر لتوجيه البرق الطبيعي”.
وأضاف هوارد: “يُمكن لليزر عالي الطاقة أن يولد في مساره أعمدة طويلة من البلازما في الغلاف الجوي مع الإلكترونات والأيونات وجزيئات الهواء الساخن”، مشيرًا إلى جسيمات موجبة الشحنة تسمى الأيونات (ions) وجُسيمات سالبة الشحنة تسمى الإلكترونات (electrons).
وتابع قائلاً: “لقد أظهرنا هنا أن أعمدة البلازما هذه يُمكن أن تعمل كمُوجّه للصواعق. إنها مهمة لأنها الخطوة الأولى نحو (ابتكار) طريقة حماية من الصواعق قائمة على تقنية الليزر والتي يُمكن أن تصل فعليًا إلى مئات الأمتار أو إلى كيلومتر في حال توفر طاقة ليزر كافية”.

المزيد
جامعة سويسرية تكتشف طريقة للتنبؤ بالصواعق قبل وقوعها
يصل حجم جهاز الليزر المستخدم في التجربة إلى حجم سيارة كبيرة ويزن أكثر من ثلاثة أطنان. أما بالنسبة لأشعة الليزر فهي تُستخدم من قبل شركة ترامبف غروب (Trumpf Group) الألمانية لتصنيع الآلات الصناعية. ويلعب علماء جامعة جنيف أيضًا دورًا رئيسيًا في هذه التجارب.
من جانبه، قال جان بيير وولف من جامعة جنيف لصحيفة فاينانشيال تايمز: “يمثل عملنا خطوة مهمة إلى الأمام في تطوير حماية من الصواعق قائمة على تقنية الليزر للبنية التحتية الحيوية مثل المطارات ومنصات الإطلاق ومحطات الطاقة”.
للتذكير، تم اقتراح هذا المفهوم لأول مرة في سبعينيات القرن الماضي، وقد نجح في ظروف معملية، ولكنه لم يُجرّب فعليا حتى الآن على أرض الواقع.
أما موانع الصواعق، التي يعود تاريخ ابتكارها إلى زمن بنجامين فرانكلين (1706 – 1790) أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة ، فهي عبارة عن قضبان معدنية تركّب فوق المباني، ويتم توصيلها بالأرض بسلك، توصل الشحنات الكهربائية القادمة من الصواعق إلى الأرض دون التسبب بأي أذى، وينحصر مجال الحماية التي تقدمه في مساحات محدودة فقط.
أخيرا، يقول هوارد إنه ستكون هناك حاجة إلى المزيد من العمل من 10 إلى 15 عامًا قبل أن يتم استخدام “ليزر مانع الصواعق” على نطاق أوسع. بينما يظل أحد مصادر القلق متمثلا في تجنب التداخل مع الطائرات أثناء تحليقها.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.