مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

كـوابـحُ قانونية تُعرقل انتشار السيارات بدون سائق

Keystone

تخيّل نفسك جالسا في مقعد السائق تتأمل المناظر الطبيعية من حولك أو تتفقد رسائلك الإلكترونية بينما تسير سيارتك لوحدها بثبات على الطريق السريع. هذا المسعى يتقدم بفضل أبحاث عملاق شركات التكنولوجيا "غوغل" وقطاع صناعة السيارات. ولكن التشريعات الأوروبية لا تساير هذا التطور.

لن تكون السيارات بدون سائق ميزة حفل افتتاح معرض جنيف للسيارات يوم الخميس 7 مارس 2013. وأوضحت المتحدثة باسم المعرض، سيلفي بلاتنر في تصريحاتها لـ swissinfo.ch: “لا نشعر بأن [السيارات ذاتية القيادة] تمثل الاتجاه السائد في الوقت الراهن، لذلك فإن التركيز هذا العام سيكون أكثر على المركبات ذات الاستهلاك القليل والانبعاثات المنخفضة”.

 وكان المؤسس المشارك لـ “غوغل” قد جازف بالإعلان في العام الماضي أن الشركة تخطط لطرح السيارات الذاتية القيادة في السوق في غضون خمس سنوات فقط.

 من جانبه، توقع كارلوس غصن، الرئيس التنفيذي لشركة “نيسان” أن تُتاح السيارات بدون سائق في صالات العرض بحلول عام 2020.

ومنذ عام 2005، تخوض غوغل بسيارة “تويوتا برايوس الهجينة” ؟ تجربة القيادة الذاتية. وحتى الآن، جال أسطولها المتكون من 12 سيارة من هذا النوع أزيد من 500000 كيلومتر بدون سائق في اختبارات تمت على طرق ولاية كاليفورنيا.

في الأثناء، تقوم فرق أبحاث في جامعة أكسفورد البريطانية، وجامعة برلين الحرة بألمانيا، وجامعة بارما في إيطاليا،  بتطوير نماذجها الخاصة من المركبات ذاتية القيادة.

وبعيدا عن أضواء وسائل الإعلام، تمضي العديد من شركات صناعة السيارات، بما فيها “أودي”، و”مرسيدس-بنز”، و”بي إم دبليو”، و”فولفو”، و”نيسان”، في اختبار هذا النوع من المركبات وتزويدها بأنظمة الذكاء الاصطناعي بحيث تدخل عليها بانتظام  وظائف مستقلة مثل تقنية التحكم بالتطواف المتكيف (Adaptive cruise control) مع نظام التوجيه المساعد، وتقنية الإبقاء على المسار، وتوجيه عملية رَكن السيارة.

المزيد

المزيد

لماذا تختار النساء هذه السيارة بدل تلك؟

تم نشر هذا المحتوى على swissinfo.ch ألقت نظرة على العوامل التي تؤثر في قرار النساء عند التوجه لاقتناء سيارة، وزارت بعض محلات بيع السيارات في العاصمة الفدرالية برن للتعرف على أكثر الموديلات مبيعا هذه الأيام. (جولي هانت، swissinfo.ch/SRF)

طالع المزيدلماذا تختار النساء هذه السيارة بدل تلك؟

الافتقار لقوانين سير واضحة

وبينما تتقدّم هذه التكنولوجيا، لا تُـوجد بعد قوانين سير واضحة لاستخدام المركبات ذاتية القيادة، كما تسود مخاوف بشأن تحديد المسؤولية في حال وقوع حوادث، ما يُهدّد بوقف عملية تطوير مشاريع السياقة الذكية.

وحتى الآن، اعتمدت ثلاث ولايات أمريكية قوانين تسمح باستخدام السيارات بدون سائق – وهي نيفادا، وفلوريدا، وكاليفورنيا. ولازالت تنكب جميعها على تحضير قواعد تتسم بقدر أكبر من الدقة. أما في أوروبا، فلا توجد أي قوانين تُنظٍّم استخدام السيارات ذاتية القيادة، ولا أيّ مخططات لاقتراح تشريعات من هذا القبيل.

ويشرح سيم كالاس، نائب رئيس المفوضية الأوروبية والمفوض المسؤول عن النقل، أن ذلك يتطلّب تكييف اتفاقية فيينا بشأن حركة  المرور على الطرقات، لأن المادة 8 من هذه المعاهدة التي وُقعت عام 1968 تنص بصراحة على أن “كلّ مركبة متنقلة أو مجموعة من المركبات [المترابطة مع بعضها البعض] يجب أن يكون فيها سائق”. 

وتفتقر سويسرا أيضا لمبادئ توجيهية واضحة بخصوص السيارات الذكية. وضمن هذا السياق، أشار غيدو بيلمان، المتحدث باسم المكتب الفدرالي للطرق، إلى أن المادة 8 من اتفاقية فيينا أصبحت “مبدأ أساسيا من مبادئ التشريع السويسري”، مضيفا أنه لدى تأمل قوانين السياقة السويسرية الأخرى، سرعان ما يستنتج المرء بوضوح أن أيّ مركبة تحتاج لسائق.

لذلك فإن رودولف بليسينغ، العضو في جمعية “أوتو سويس” المُستورِدة للسيارات، يشك بجدية في ظهور السيارات الذكية على الطرق السويسرية قريبا. ويقول بهذا الصدد: “إن المشاكل ليست تكنولوجية بل هي مرتبطة أكثر بالجانب التشريعي تحديدا. وستكون سويسرا مُضطرّة للانتظار ورؤية ما سيحدُث على المستوى الأوروبي”.

ولكن رياح التغيير آتية على ما يبدو إذ أبلغ كالاس البرلمان الأوروبي في شهر أكتوبر الماضي أن المحادثات بشأن هذه القضايا انطلقت مؤخرا مع فريق العمل الساهر على سلامة بقسم النقل باللّجنة الاقتصادية للأمم المتحدة الخاصة بأوروبا (UNECE).

اختبار مكوك في لوزان

وعلى الرغم من الغموض القانوني والعقبات المُحتملة، شقّـت المركبات المستقلة طريقها إلى سويسرا، بحيث يختبر حاليا المعهد التقني الفدرالي العالي بلوزان (EPFL) وشركة “Induct” الفرنسية للتكنولوجيا العالية مكوكا كهربائيا بدون سائق يتجول في الحرم الجامعي الذي يمتد على 55 هكتارا.

المكوك الذي يحمل اسم “Navia” مُزود بليزر القياس عن بعد، ونظام تحديد المواقع، وكاميرات ثلاثية الأبعاد، وأجهزة استشعار لتحديد وجود أجسام على بعد يصلُ إلى 200 متر. ويمكن أن يركب على متنه ما يصل إلى 8 ركاب بسرعة قصوى تبلغ 20 كيلومترا في الساعة.

ويوضح الرئيس التنفيذي للشركة الفرنسية، بيير لوفيفر، قائلا: “عندما تكون المسافة الفاصلة تقل عن 50 مترا، يعرف الكمبيوتر إذا ما كانت تقابله عقبة ثابتة أو متحركة، ويحسب بالتالي سرعتها ويتوقع النهج الذي سيسلكه”. وعندما يواجه حركة مفاجئة غير عقلانية، يتوقّف المكوك في مساره.

ويُخطط معهد لوزان لإحداث نظام نقل عمومي بدون سائق في المُركب المترامي الاطراف الذي يمتد إلى قرية “سانت سوبليس” القريبة، معتمدا في ذلك على أسطول يضم ما يصل إلى ستة مكاكيك “Navia” تتّـبع مسارات مُحددة. لكنه لايزال في انتظار موافقة المكتب الفدرالي للطرقات الذي أبدى “اهتماما” بالمشروع.

  

وبالتوازي،  يأمل المعهد أن يتم اختيار المشروع العام القادم كأحد المواقع الخمسة التي ستستفيد من دعم الاتحاد الأوروبي لفترة تجريبية تستغرق ثمانية إلى عشرة أشهر كجزء من مباردة المركبات بدون سائق  European City Mobil 2″.

تتواصل الدورة 83 لمعرض السيارات الدولي بجنيف من 7 إلى 17 مارس 2013، بمشاركة حوالي 260 عارضا من 30 بلدا.

يتوقع أن يتجاوز عدد الزوار 700000 بما فيهم 10000 ممثلا عن وسائل الإعلام.

أعلن المنظمون أن قاعات العرض ستزخر بحوالي 130 سيارة سيكتشفها الجمهور للمرة الأولى على المستوى العالمي والأوروبي.

للسنة الثانية على التوالي، سيُعلن عن الفائز بجائزة السيارة الأوروبية للعام خلال المعرض.

حوالي 40% من الزوار يقدمون من خارج سويسرا، ويأتي العديد منهم من ثلاثة بلدان مجاورة، هي ألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا.

يزعم المنظمون بأن معرض جنيف للسيارات هو أحد أهم معارض السيارات الخمسة في العالم، إلى جانب فرانكفورت (بألمانيا)، وديترويت (أكبر مدن ولاية ميشيغان الأمريكية)، وباريس (العاصمة الفرنسية)، وطوكيو (عاصمة اليابان).

يعتقد أن هذه الفعالية تُولّد إيرادات مباشرة وغير مباشرة تناهز 300 مليون فرنك (254,3 مليون دولار).

هل ستكون أذكى من البشر؟

يقول العملاق “غوغل” إن المركبات ذاتية السياقة لديها “القدرة على تغيير حياة [الناس]”، إذ يعتقد أن تجهيز هذا النوع من السيارات ببرمجيات ذكية وأجهزة الاستشعار، وبقوة حواسيب بقوة تتضاعف كل سنتين، سيجعلها أكثر أمانا من السيارات التي يقودها البشر، وبات الأمر مُجرد مسألة وقت.

ويزعم دعاة التحول إلى عصر السيارات الآلية بأن المركبات المستقلة ستُقلص معدل أخطاء السائق وستحد من عدد الوفيات على الطرقات – علما أن أكثر من 1,2 مليون شخص يلحقون حتفهم كل عام في حوادث السير ويصاب ما لا يقل عن 50 مليون آخرين، وفقا لمعطيات منظمة الصحة العالمية.

وينوه أنصار السيارة الذكية إلى أن أجهزة الاستشعار المدمجة في حاسوبها ستساعد على تدفق حركة السير بسلاسة أكبر، وأن ملكية السيارات ستصبح متاحة لمجموعات جديدة من الناس الذين لم يكن باستطاعتهم في السابق امتلاك مركبة، مثل كبار السن أو المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة.

فهل ستكون هذه السيارات مستقلة تماما؟ بعض المسؤولين التنفيذيين في قطاع صناعة السيارات يقولون إن السائق قد يحتاج إلى الاحتفاظ بالسيطرة حتى إن كانت السيارة تتخذ معظم القرارات. وهل يمكن تلقين السيارة كيفية رد الفعل في حالات الطوارئ: كيف ستتصرف مثلا إذا ما تدحرجت كرة وسط الطريق يركض وراءها طفل صغير؟ أسئلة لا زالت في انتظار إجابات مقنعة.

(ترجمته من الإنجليزية وعالجته: إصلاح بخات)

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية