التطعيم ضد كوفيد ـ 19: لماذا سيتعيّن علينا انتظار اللقاح مدة طويلة؟
بدأت بعدُ حملات التلقيح ضد وباء كوفيد-19 في بعض البلدان، ولكن من المحتمل أن يستغرق الأمر سنوات لتصنيع الجرعات اللازمة لإجراء اللقاح على نطاق واسع في سويسرا ومعظم أنحاء العالم.
بدا بصيص من النور في نهاية نفق الوباء عندما تلقت مُسنّة بريطانية في التسعين من عمرها أول جرعة في العالم من لقاح كوفيد-19 من شركات فايزر/ بيونتيك خارج تجربة سريرية، في الثامن من شهر ديسمبر الجاري. وبالفعل، تمكنت الشركات المعنية في غضون عشرة شهور من إنجاز ما لم يكن يتم تحقيقه عادةفي أقل من أربع سنوات.
من المتوقع أن تبدأ التطعيمات في كامل أنحاء سويسرا في شهر يناير المقبل إذا سارت عملية الموافقة وفقًا لمخطط لقاح موديرنا أو فايزر. ومع ذلك، فإن توفير هذه اللقاحات على نطاق واسع لن يتم على الفور.
تتوقع الحكومة السويسرية أن يتم تطعيم ثلاثة أرباع السكان بحلول صيف 2021، لكن وفقاً لإسقاط محسوب قدمته شركة التحليلات العلمية إيرفينيتي، ومقرها لندن، بناءً على طلب swissinfo.ch، فإنه قد لا يتم التوصل إلى مناعة القطيع الناجمة عن التطعيم الشامل في سويسرا قبل حلول ربيع 2022.
المزيد
سويسرا تعتزم تطعيم 70% من السكان ضد فيروس كورونا بحلول الصيف
وكان توماس كويني، المدير العام للاتحاد الدولي لصناعة الأدويةرابط خارجي، قد قال في وقت سابق من شهر ديسمبر الجاري في مؤتمر صحفي: “تجاوزت نتائج التجارب السريرية من موديرنا وفايزر/ بيونتيك التوقعات ولكن يجب أن نكون واقعيين. ستكون هناك عقبات على طول الطريق”.
وأضاف: “خلال الأشهر القليلة المقبلة ستظل الحياة صعبة في معظم البلدان. حتى لو تمت الموافقة على اللقاحات من قبل السلطات في الأشهر القادمة، فإن إنتاجها وتوزيعها بأمان على نطاق واسع سيستغرق وقتًا أطول”.
فيما يلي، نستعرض بعض الأسباب الكامنة وراء هذا الجدول الزمني المتوقع.
لا توجد قدرة كافية لتلبية الطلب
أنفقت الدول مليارات الدولارات لطلب التزود بأكثر من 11 مليار جرعة من اللقاحات – وقد يثبت في نهاية المطاف أنَّ بعضها غير فعّال ويتم وضعه جانباً.
وكانت الولايات المتحدة قد طلبت أكبر عدد منها مُسبقًا مع 800 مليون جرعة مُؤَمّنَة وخيار بإضافة 1.6 مليار جرعة أخرى. أما العدد الفعلي للأشخاص الذين ستُغطيهم هذه الجرعات فهو أقل، وذلك لأنَّ المرشّحَيْن الرئيسيين للقاح يقدمان لقاحاً يحتاج إلى تناول جرعتين منه.
تستند تقديرات وإسقاطات البيانات في تقريرنا هذا إلى مصادر مختلفة. أحد المصادر الرئيسية هو “إيرفينيتي”، وهي شركة تحليلات ومعلومات علمية خاصة مقرها لندن تأسست عام 2015. وهي توفر معلومات علمية بشكل آني إلى قطاع الرعاية الصحية والحكومات والمنظمات غير الحكومية والأكاديميين والمستثمرين. وبدلاً من الاعتماد على مصدر واحد، تدمج الشركة جميع مصادر البيانات الرئيسية في عرض واحد موحد وقابل للمقارنة. تم استخدام بيانات كوفيد – 19 من إيرفينيتي من قبل وسائل الإعلام الرئيسية مثل مجلة “ناتشور” ونيويورك تايمز وبي بي سي وووكالة بلومبرغ.
تأخذ توقعات المناعة القائمة على اللقاح من إيرفينيتي في الاعتبار عوامل مثل صفقات التوريد الحالية، والجدول الزمني المتوقع لإنتاج اللقاح، ومواقع التصنيع، والإمداد لكل بلد، وفعالية اللقاح، بالإضافة إلى أوقات الموافقة المحتملة. في حين لا تأخذ بعين الاعتبار المناعة الطبيعية الناجمة عن الإصابة بوباء كوفيد ـ 19 في صفوف السكان.
المصدر الرئيسي الآخر لهذه المقالة هو أداة التنبؤ القائمة على الاحتمالات التي طورها مركز التنمية العالميةرابط خارجي. تقدر الأداة أن الأمر قد يستغرق عامين لإنتاج لقاحات كافية لتحصين 50% من سكان العالم من غير “ذوي الأولوية”، ويجب انتظار منتصف عام 2023 لكي يتم تطعيم ثلاثة أرباع السكان على نطاق عالمي.
وقّعت سويسرا عقود شراء مع شركات اللقاحات الثلاثة الأكثر تقدمًا فايزر وموديرنا وأسترازينيكا لتأمين أكثر من 15.8 مليون جرعة لسكانها الذين يبلغ عددهم 8.5 مليون نسمة. وبما أنَّ سويسرا عضوة في “كوفاكس” (COVAX)رابط خارجي ـ وهي مبادرة متعددة الأطراف تعمل من أجل إتاحة لقاحات كوفيد-19 على الصعيد العالمي بشكل منصف – فستوفر هذه الأخيرة جرعات لـعشرين في المائة من سكان سويسرا. ومقارنة بعدد سكانها، يتضح أن الكنفدرالية توجد في قائمة البلدان العشرة الأولى من حيث عدد جرعات اللقاح المحجوزة.
ونظرًا لأن الطلبات تمَّ إجراؤها من قبل عدد قليل من الدول الغنية رابط خارجيعلى الغالب، فإنها لا تعكس الطلب العالمي الفعلي لأكثر من 7.8 مليار شخص يعيشون على هذا الكوكب.
بحسب أحدث البيانات الصادرة عن إيرفينيتي، يتوقع مصنعو اللقاحات أن يتمكنوا من إنتاج حوالي 14 مليار جرعة.
في سبتمبر 2020، صرح أدار بوناوالا، المدير العام لمعهد سيروم في الهند، لصحيفة فاينانشال تايمزرابط خارجي أنَّ شركات الأدوية لا تزيد من طاقتها الإنتاجية بالسرعة الكافية وأنه لن يكون هناك لقاح لجميع الناس قبل عام 2024 على أقرب تقدير. وللعلم، يُعتبر هذا المعهد أكبر مصنع للقاحات في العالم، حيث ينتج حوالي 1.5 مليار جرعة من التطعيمات المختلفة سنوياً.
وتُقدّر كل من أسترازينيكا وفايزر وموديرنا أنَّ بإمكانها مجتمعةً إنتاج 5.2 مليار جرعة بحلول نهاية عام 2021، وبالتالي، يمكن أن تغطي احتياجات التطعيم لحوالي ثلث سكان العالم. وبالنسبة لبعض شركات اللقاح المُرشّحة مثل أسترازينيكا، فإن عدد الجرعات المطلوبة مُسبقاً يفوق الطاقة الانتاجية المتوقعة.
يخضع قسم كبير من الجرعات التي تخطط الشركات لإنتاجها إلى عقود شراء وبالتالي لن يتم توزيعها بالتساوي في جميع أنحاء العالم. ونحن لا نعرف معايير الشركات لإعطاء الأولوية للدول التي تتلقى الجرعات المطلوبة.
بحسب هذه البيانات، فإن اللقاحات المرشحة التي لديها أكبر قدرة على الانتاج ليست بالضرورة الأقرب لتكون مُعتَمَدة أو الأسرع في الإنتاج. تستخدم اللقاحات الأكثر تقدمًا، مثل لقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال التي يُرمز لها اختصاراً بـ mRNA من شركة فايزر وموديرنا، تقنيات جديدة تتطلب بناء أو تطوير المصانع وخطوط الإنتاج الموجودة.
في السياق، استنتجت دراسة استقصائيةرابط خارجي أُجريت في ربيع 2020 وشملت 100 مُصنّع ونُشرت في يونيو الماضي من قبل “الائتلاف المعني بابتكارات التأهب لمواجهة الأوبئة” (CEPI)رابط خارجي، عدم وجود أي قدرة على إنتاج لقاح mRNA تقريبًا في العالم. ولهذا السبب لا يُتَوَقَّع أن تصل تلك اللقاحات إلى عامة الناس بسرعة رغم أنهم كانوا أول من وصل إلى السوق.
من جهته، يركّز معهد سيروم رابط خارجيفي الهند على اللقاحات الفيروسية التقليدية وأفاد أنه لن يكون قادرًا على تصنيع لقاحات mRNA قبل العام المقبلرابط خارجي. وقد التزم بالفعل بتصنيع لقاحيْن مرشحيْن من أسترازينيكا ونوفوفاكس، مما يفسر مستويات الإنتاج المرتفعة المتوقعة لديهما. كما وقَّع المعهد عقوداً مع كوفاكس لتصنيع 200 مليون جرعة لقاح ضد وباء كوفيد-19 للبلدان قليلة ومتوسطة الدخل، وبسعر لا يتجاوز ثلاث دولارات للجرعة الواحدة.
تعتمد موديرنا وبيونتيك على شركات الأدوية الكبيرة لدعم التصنيع. وتدخلت شركة لونزا السويسرية لبناء أربعة خطوط إنتاج للقاح موديرنا، تقع ثلاثة منها في مدينة فييج (Viége) بكانتون فاليه (جنوب غرب سويسرا)، والرابع في الولايات المتحدة. ستقوم هذه المواقع الأربعة بتصنيع مادة تكفي لإنتاج 400 مليون جرعة.
تنتج لونزا المكونات النشطة، والتي تعد الجزء الأكثر تعقيدًا في العملية، ولكن سيتم بعد ذلك شحن اللقاح إلى شركاء “التعبئة والإنهاء” الذين تختارهم شركة موديرنا. ومن بين الشركاء “كاتالانت” في الولايات المتحدة و”روفي” في إسبانيا. علماً بأنَّ قدرة “التعبئة والإنهاء” غير معروفة بدقة.
في هذا السياق، أخبرت شركة إيرفينيتي swissinfo.ch بأنَّ الآلات تملأ السائل في ملايين القوارير والحقن ثم يتم فحص كل منها يدويًا للتأكد من جودة نوعيتها. حالياً، يمكن للعديد من المصانع ملء عشرات الآلاف من جرعات اللقاح في الساعة، ولكن عندما تصل الحاجة المُلحة إلى مليارات الجرعات، فإن أسرع ذراع تعبئة روبوتية ستكون بطيئة جدًا لتلبية الطلب.
ويشارك الفرع السويسري لشركة جونسون وجونسون، جانسين فاكسينز أيضًا في التعبئة المعقمة للقاح وتسليمه للمرحلة الأولى والمرحلة الثالثة من التجارب. ووفقاً لمتحدث باسم الشركة، سيتم إجراء المزيد من التجارب السريرية، في إطار عملية التوافق مع عينات قادمة من موقع الشركة في برن.
وقد يستغرق بناء بنية تحتية لإنتاج لقاح جديد من خمس إلى عشر سنوات وقد تبلغ تكلفته مليارات الدولارات.
وحثَّ عاملون في قطاع الصحة العامة الشركات على استخدام تراخيص مفتوحة للسماح للآخرين، لا سيما في الدول قليلة الدخل، باستخدام تقنياتهم من أجل إنتاج اللقاحات وزيادة القدرات.
بالإضافة إلى ذلك، تراهن بلدان وشركات أيضًا على عدة مرشحين، لأنَّ لقاحات الجيل الثاني غالبًا ما تكون أكثر فعالية من لقاحات الجيل الأول بحسب ما أشار مركز التنمية العالمية.
وكتب المركز في تقريررابط خارجي له: “يجب الانتباه إلى عدم تكريس جميع القدرات الإنتاجية الموجودة للمرشحين الأوائل. ففي حين يمكن للعديد من المصانع تصنيع لقاحات مختلفة، إلا أنَّ التبديل من لقاح إلى آخر يمكن أن يكون بطيئًا ومعقدًا”.
وخلال حديثه مع swissinfo.ch، أوضح راينهارد غلوك، الذي عمل في تطوير اللقاحات لمدة ثلاثين عامًا ولا سيما في الشركة السويسرية السابقة بيرنا بيوتيك، أنه من المعروف في قطاع الصيدلة أنه بمجرد طرح منتج عالي الجودة في السوق، يتوقف استخدام نسخته الأقل فعالية.
إنتاج اللقاح يستغرق وقتًا طويلاً
تستغرق عملية الإنتاج بحد ذاتها وقتاً طويلاً. وتختلف المدة بحسب نوع اللقاح وتعتمد أيضًا على سرعة السلطات في إجراء ضوابط السلامة، التي تستغرق 70% من مدة التصنيع، وفقاً لبعض التقديرات.
إنَّ صنع لقاح mRNA أسرع وأرخص من اللقاح الجيني DNA الموجه للفيروس الغدي مثل لقاحات أسترازينيكا أو اللقاحات المكونة من البروتين المؤتلف مثل تلك التي يتم تطويرها بواسطة Sanofi / GSK. ووفقًا للخبراء الذين قابلتهم swissinfo.ch، قد يستغرق إنتاج مجموعة من هذه الأخيرة ستة أشهر.
تعتمد لقاحات mRNA المتقدمة حاليًا على نظام حقن جرعتين. في المقابل، قالت شركة جونسون وجونسون لـ swissinfo.ch إنه على الرغم من أن تصنيع اللقاح قد يكون أكثر تعقيدًا، إلا أن ميزته الكبيرة هي أنه قد يتطلب جرعة واحدة فقط. وقد تمَّ استخدام هذه التكنولوجيا بالفعل لتطوير لقاحات ضد وبائيْ “إيبولا” و “زيكا”.
تعد سويسرا مركزًا رئيسيًا للأدوية والتكنولوجيا الحيوية، ولكن يتم إجراء القليل جدًا من أبحاث اللقاحات وإنتاجها في البلاد. لم يكن هذا هو الحال دائمًا. ففي التسعينيات، كان يتلقى شخص كل بضع ثوانٍ حقنة لقاح من شركة بيرنا للتكنولوجيا الحيوية. يعود تأسيس الشركة إلى أكثر من مائة عام، عندما كانت تحمل اسم معهد المصل واللقاح السويسري.
في عام 2006، تمَّ شراء شركة بيرنا بيوتك من قبل شركة كروسيل الهولندية، التي اشترتها فيما بعد شركة جونسون وجونسون. ويتم استخدام قسم من الموقع السابق لشركة بيرنا بيوتيك في برن من قبل شركة جانسن، إحدى فروع شركة جونسون وجونسون (J&J) لإجراء بحوث حول لقاح كوفيد-19.
إن مجال اللقاحات معقد ولا يدر الكثير من الأرباح، ولهذا السبب انتقلت شركات صيدلانية كبرى مثل نوفارتيس من العمل في مجال اللقاحات إلى مجالات تدر أرباحاً أكبر مثل علاجات أمراض السرطان.
حذر خبراء الصحة في سويسرا من أنَّ ضعف القدرة الإنتاجية في سويسرا يضعها أمام مشاكل الامدادات في اللقاحات. وفي مقابلة معه على قناة التلفزيون العمومي السويسري الناطقة بالألأمانية SRF، قال خبير الاقتصاد الصحي تيلمان سليمبيك من جامعة زيورخ للعلوم التطبيقية: “إنه من الوهم التام أن تعتقد أنك تتمكن من الحصول على كل شيء من الخارج في الأزمات. فكل بلد ينظر إلى نفسه أولاً عندما يتعلق الأمر باللقاح”.
قد تحتاج كل مرحلة من مراحل التصنيع إلى 450 اختبار نوعية. وقد تؤدي أية مشكلة ممكنة في المستحضر، في أي مرحلة كانت، إلى التخلص من الدفعة بأكملها. وينص القانون السويسري الخاص بالمنتجات العلاجية على أنَّه يجب اختبار جميع اللقاحات التي يتم تسويقها في سويسرا من قبل مختبر معتمد قبل بيعها. والجدير بالذكر أنَّ الوكالة السويسرية للمُنتجات العلاجية “سويس ميديك” (Swissmedic) تقوم بتحديث قائمة الدفعات المعتمدة كل شهررابط خارجي.
هذه العملية دقيقة للغاية لدرجة أن اللقاحات عادة ما يتم إنتاجها في مصنع واحد فقط، ويجب التعامل مع دفعة كل منشأة على أنها منتج جديد حسب القواعد التنظيمية. وقد قارن فيليب باروز، عالم الأحياء الدقيقة الذي عمل في مجال سلامة اللقاحات، لا سيما في بيرنا بيوتك، العملية بالطهي عندما قال: “إذا كنت تُحضّر المايونيز في المنزل، هذا لا يعني أن نفس الوصفة ستنجح في مطبخ جارك. وينطبق الأمر نفسه على اللقاحات”.
هناك نقص في المواد والفنيين
يمكن أن تحدث العوائق أيضًا في مراحل مختلفة. وقد ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال مؤخرًا أن شركة فايزر خفضت أهدافها الإنتاجية للقاح كوفيد-19 بسبب نقص المواد الأولية لسلسلة التوريد الخاصة بها.
بعد هذا التقرير، قال ألبرت بورلا، المدير العام لشركة فايزر في مؤتمر صحفي: “لو أنَّ هناك المزيد من الآلات، والمزيد من التكنولوجيا والمزيد من المواد الخام، فلن ننتج 1.3 مليار جرعة، بل كنا سننتج 2 أو 3 مليارات. في الوقت الحالي، نحن نستنفذ قدرتنا وقدرة مُوَرّدينا بعد أن بحثنا في جميع أنحاء العالم للعثور على الأشخاص الذين يعرفون ما هو عملنا”.
بدورها، كتبت سانا فاولر، المتحدثة باسم لونزا، في رسالة الكترونية لـ swissinfo.ch: “إنَّ العراقيل المحتملة من جانبنا تتمثل في توفير المعدات والمواد الأولية بالإضافة إلى الوصول إلى المقاولين وتوظيف وتدريب موظفين جدد”، لكنها أضافت فيما بعد أنَّ الشركة تسير على الطريق الصحيح لتحقيق أهدافها وتتوقع بدء الإنتاج في منشأة “فييج” قبل نهاية العام الجاري.
يمكن أن تشمل المواد الخام والمعدات العديد من العناصر: مثل المفاعلات الحيوية ومعدات الترشيح والكروماتوغرافيا بالإضافة إلى آلات التعبئة والقوارير الزجاجية. وليس لدينا الكثير من المعطيات عن الحجم العالمي لهذه الموارد، لكن من المعروف أنَّ معظم قوارير الزجاج يتم إنتاجها في الصين.
قد تكون اليد العاملة في التصنيع بمثابة عنق الزجاجة، ويمكن أن يتطلب الأمر أكثر من خمسين تقنيًا مدربًا لمراقبة الجودة عند تصنيع اللقاحات البيولوجية، بينما لا يلزم سوى تقني واحد فقط للأدوية.
التوزيع حول العالم يُمثل تحديًا لوجستيًا
بمجرد أن تصبح اللقاحات جاهزة، فإن نقلها إلى المستشفيات وعيادات الأطباء في البلدان ذات البنية التحتية والظروف المناخية المختلفة للغاية يطرح مجموعة من التحديات.
إن لقاحات mRNA أسهل من حيث التطوير والتصنيع السريع ولكنها أصعب في النقل والإدارة لأنه يجب حفظها في درجات حرارة شديدة البرودة. يجب الاحتفاظ بلقاح فايزر في درجة حرارة – 70 درجة مئوية تحت الصفر أو أقل.و تقدر منظمة الصحة العالمية أن حوالي نصف اللقاحات تُهدر كل عام، غالبًا بسبب عدم كفاية التحكم في درجة الحرارة في سلاسل الإمدادات.
تؤكد الشركات أنَّ لديها موازين حرارة بالإضافة إلى تكنولوجيا الاستشعار والتتبع للتأكد من بقاء اللقاحات في درجات حرارة ثابتة. وعلى سبيل المثال، قامت شركة سكاي سيل السويسرية بتطوير حاويات لوجستية تراقب درجة الحرارة وتتحكم فيها لضمان الحفاظ على اللقاحات.
لكن مسألة درجة الحرارة لا تزال تشغل راينهارد غلوك الذي ينصح سبيكونا بشأن لقاح كوفيد-19 فيقول: “نحن بحاجة إلى لقاح مستقر حتى في درجات حرارة مرتفعة”. ويتابع مؤكداً: “اللقاح الذي يجب حفظه في درجة حرارة -20 تحت الصفر ليس لقاحًا يمكن أن يصل إلى الجميع”.
تقول شركة جونسون وجونسون أنها تخطط لاستخدام نفس تقنيات سلسلة التبريد التي تستخدمها لنقل علاجات السرطان والاضطرابات المناعية.
ولكن كيف ستلقح البلدان على نطاق واسع لدى وصول اللقاحات إليها؟
تنشئ الحكومة السويسرية مراكز وتطمح بتطعيم 70 ألف شخص يوميًا، بدءًا بالفئات المعرضة للخطر. كما أعلنت أنَّ اللقاح سيكون مجانيًا. وفي أنحاء العالم، أعلنت بعض الشركات أنها ستحدد أسعارًا مختلفة للقاح بحسب مستوى إجمالي الناتج المحلي للبلد.
في السياق، قال المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإفريقيارابط خارجي مؤخرًا إنَّ البلدان في تلك القارة بعيدة كل البعد عن الاستعداد للتلقيح لأنها لم تحدد بعد الفئات السكانية ذات الأولوية ولم تضع أية أدوات لمتابعة ونقل النتائج.
وبما أنه ينبغي تلقيح 60% على الأقل من السكان لتحقيق المناعة الجماعية، يخشى البعض من أن يُشكّل “الشك في اللقاح” عائقاً لانتشاره في بعض أنحاء العالم.
لا تزال هناك العديد من الأسئلة دون إجابة
حجم وسرعة نشر اللقاح يترك العديد من الأسئلة دون إجابة. حتى وإن اجتاز اللقاح اختبارات السلامة، فإن التجربة مع لقاحات جديدة أخرى تظهر أنه سيتم التعرف على تأثيرات اللقاح على المجموعات السكانية المختلفة شيئاً فشيئاً مع مرور الوقت.
كما انتقد بعض الخبراء رابط خارجيأيضًا نهج التجارب، وذلك لعدم التحقيق فيما إذا كانت اللقاحات تمنع مرض كوفيد الحاد أو نقل العدوى.
بدورها، تؤكد الشركات والسلطات بأنها لم تُساوم على أي جانب من جوانب السلامة، لكن لا توجد دراسات شاملة ومُقيّمة من قبل الأقران حول لقاحات كوفيد-19 المتوفرة. في أول شهر ديسمبر الجاري، قالت “سويس ميديك” إنها تفتقر إلى المعلومات اللازمة للموافقة على لقاحات فيروس كورونا الثلاثة المختلفة التي طلبتها الحكومة.
يمكن أيضًا التساؤل فيما إن كانت اللقاحات فعّالة ضد طفرات الفيروس، التي تم الإبلاغ عن بعضها في مناطق مختلفة من أوروبا. كما أننا لا نعرف كم من الوقت ستستمر المناعة، ولا ندري ما إذا كان الناس سيحتاجون إلى جرعة مُنشطة ومتى.
من جهته، يقول أنطوني ماكدونيل، المحلل السياسي في الفريق الصحي التابع لمركز التنمية العالمية: “هناك الكثير من الأشياء التي يمكن أن تسوء، وليس لدى الشركات المُصنعة ما يحفزها للتحدث عنها”.
في حين يُعرب راينهارد غلوك عن قلقه أيضًا بسبب الاستثمار الكبير في هذه اللقاحات المرشحة التي أصبحت “أكبر من أن تفشل”. وينهي حديثه بالقول: “لقد استثمر دافعو الضرائب الكثير، ولدينا شعور بأنه يتعين علينا الاستمرار مهما كلّف الأمر. هذه هي مخاوفي”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
اكتب تعليقا