نحو تحوّل “لــّين” من الـطّـرق البرية إلى السكك الحديدية
صادق مجلس النواب السويسري على قرض بمبلغ 19,2 مليار فرنك من أجل إنهاء بناء خط سكك الحديد الجديد العابر لجبال الألب تحت نفق الغوتهارد. ورغم موافقتهم على إجراءات جديدة، لم يرغب النواب في التسريع بتحويل نقل البضائع من الطرق إلى سكك الحديد.
“تؤثر سياسة النقل لدينا، بحكم موقع سويسرا في قلب أوروبا وتواجدها على مفترق الطرق، لا محالة على سياسة النقل في أوروبا. إننا نقوم بدور ريادي ونحن مُدركون لذلك”. جاء هذا التذكير على لسان نائب حزب الشعب (يمين مُتشدد) نوربيرت هوخرويتنر أثناء النقاش الذي استغرق يومين الأسبوع الماضي حول موضوع النقل العمومي في إطار الدورة الخريفية للبرلمان الفدرالي.
وهذا الموقف تشاطره، ولو جزئيا على الأقل، أغلبية أعضاء البرلمان، إذ بعد موافقة مجلس الشيوخ، قبِل مجلس النواب يوم الثلاثاء 23 سبتمبر، وبأغلبية تكاد تكون ساحقة، زيادة بقيمة 3،5 مليار فرنك في القرض الأولي المخول من طرف الكنفدرالية لبناء خطي سكك الحديد الجديدن العابرين لجبال الألب.
فهذان المشروعان، اللذان يعتبران من المشاريع التاريخية – أي نفق لوتشبيرغ الذي يبلغ طوله 34 كلم والذي تم افتتاحه في عام 2007، ونفق الغوتهارد الذي يمتد إلى 57 كلم، والذي لن تنتهي منه الأشغال قبل عام 2017 – سوف لن يسمحا بتقليص مدة عبور جبال الألب فحسب، بل أيضا بتجسيد السياسة السويسرية في مجال النقل، وهي السياسة التي تهدف إلى تحويل نقل البضائع من الطرق إلى سكك الحديد.
تجاوز جديد لنـفـقات الإنجـاز
وكان حزب الشعب السويسري هو الحزب الوحيد الذي عارض زيادة حجم القرض الإجمالي إلى 19,2 مليار فرنك، مُنتقدا ما وصفه بقلة الشفافية في الخطاب الموجه من قبل الحكومة بهذا الخصوص والتجاوزات المتراكمة في نفقات الإنجاز.
وقد عبر النائب كريستوف فون روتس، من هذا الحزب، عن أسفه لهذا الوضع قائلا: “خلال التصويت الفدرالي لعام 1998، تم “بيع” خطي السكك الحديدية الجديدين العابرين لجبال الألب للناخبين بتكلفة 13,6 مليار فرنك. واليوم، وبسبب التراكمات المتتالية على مستوى ارتفاع نفقات الإنتاج، لم تعد مصادر التمويل كافية لتغطية نفقات مشاريع أخرى مثل مشروع سكك الحديد لعام 2000، ومشاريع ربط شبكة السكك الحديدية السويسرية بشبكات القطارات ذات السرعة العالية TGV، أو لتطوير البنية التحتية للخطوط الحديدية”.
لذلك طلب حزب الشعب تأجيل الملف وإعادته للحكومة لكي تراجع تصوراتها، وتعيد تقييم كافة المشاريع الكبرى المخططة في سويسرا في قطاع السكك الحديدية. غير أن نواب برلمانيين آخرين ردوا على ذلك بالتنويه إلى أن تأجيل منح القرض قد يعرقل الأشغال ويؤدي إلى تراكم نفقات إضافية. وهذا ما سمح في نهاية المطاف بالموافقة على منح القرض بأغلبية 172 صوتا مقابل 7.
التدابير الحالية غير كافية
وحتى بعد الانتهاء من إنجاز الخطين الجديدين لسكك الحديد العابرة لجبال الألب، فإنهما سوف لن يكفيا لوحدهما لتحويل نقل البضائع من الطرق إلى الشبكة الحديدية. ولكن هذا ما كانت تطالب به مبادرة جبال الألب التي وافق الشعب عليها في استفتاء عام 2004. فقد تم إدخال بعض التدابير خلال السنوات الأخيرة من أجل حث أصحاب شركات نقل البضائع للتحول من الطرق المعبدة إلى السكك الحديدة، ومن بين هذه التدابير الرسوم التي فرضت على نقل البضائع والتي عملت على زيادة نفقات نقل البضائع عبر المحور شمال – جنوب.
ولكن هذه الإجراءات لن تكفي لتحقيق الأهداف التي حدّدها البرلمان في قانون عام 2001 والخاصة بتحويل النقل من الطرق المعبدة إلى السكة الحديدية، أي تحديد عدد شاحنات النقل الثقيل التي تعبر جبال الألب ابتداء من عام 2009 في حدود 650 ألف شاحنة في السنة.
وعلى الرغم من تسجيل انخفاض طفيف في عام 2000، فإن عدد الشاحنات التي تعبر سنويا جبال الألب تقدر بـ 1,2 مليون شاحنة.
هدف يمكن تحقيقه
وقد كافح كل من ممثلي اليسار والخضر وبعض أنصار الحزب الديمقراطي المسيحي (وسط يمين) من أجل إدخال ذلك الحد الأقصى ابتداء من عام 2012 على أبعد تقدير. وهو ما قالت عنه النائبة الاشتراكية من كانتون زيورخ جاكلين فيهر: “إنه هدف طموح، ولكن علينا التمسك بالوعود التي قطعناها أمام الشعب والقيام بكل ما في وسعنا من أجل تحقيق ذلك”.
أما النائبة عن حزب الخضر، فرنسيسكا تويشر، فترى من جهتها أن “المناخ الملوث على طول محاور العبور يتسبب في أضرار صحية، ويكلف نفقات طبية تقدر بملايير الفرنكات”، مُضيفة أن “هذه الإجراءات تسمح لنا أيضا بالإسهام في حماية البيئة، لأن أي شاحنة تعبر جبال الألب على متن خط السكك الحديدية، تسهم في التخفيض من استهلاك الطاقة ومن إصدارات غاز ثاني أكسيد الكربون”.
وقد اتبع مجلس النواب، بأغلبية بسيطة، رأي الحكومة التي تعتقد بأنه لا يمكن تحقيق هذا الهدف خلال السنوات القادمة؛ لذلك سيتم تحديد عدد الشاحنات التي تعبر جبال الألب والمقدر بـ 650 ألف شاحنة سنويا بعد سنتين من افتتاح نفق الغوتهارد.
نعم لبورصة العبور
كما وافق مجلس النواب على إدخال نظام بورصة العبور، وهي آلية ستسمح بتنظيم مرور الشاحنات عبر بلدان جبال الألب بطريقة أنجع، من خلال تنظيم مناقصات بين الناقلين للحصول على حقوق نقل البضائع عبر الطرق.
وفي هذه القضية أيضا، لم يرغب النواب في تحديد آجال قصيرة، بل طلبوا من الحكومة فتح مفاوضات بهذا الشأن مع الاتحاد الأوروبي. وفي صورة التوصل إلى افتقا محتمل، سيتوجب أن يحصل على موافقة البرلمان.
وهو أمر علق عليه النائب الاشتراكي فابيو بيدرينا في نهاية النقاش وبنبرة يائسة، قائلا: “بهذه الوتيرة، قد يطول انتظار حتى بورصة العبور هذه عبر جبال الألب”.
سويس انفو – اعتمادا على تقرير بالإيطالية لأرماندو مومبيللي
1992: وافق الشعب السويسري على بناء خطي سكك الحديد الجديدين العابرين لجبال الألب.
1994: وافق الناخبون على مبادرة جبال الألب، التي تفرض تخفيضا في كثافة مرور الشاحنات عبر منطقة جبال الألب.
في نفس السنة، قبل السويسريون فرض رسوم على نقل البضائع بالشاحنات عبر جبال الألب.
1998: وافق الناخبون في استفتاء شعبي على ميزانية بناء خطي لوتشبيرغ وغوتهارد.
2001: صادق السويسريون على سبع اتفاقات ثنائية مع دول الاتحاد الأوروبي، من ضمنها الاتفاق حول النقل البري الذي ينص على تحويل تدريجي لهذا النقل نحو خطوط السكك الحديدية.
2004: رفض الناخبون المشروع المضاد لمبادرة “AVANTI” التي تقترح فتح ممر إضافي في نفق الغوتهارد العابر لجبال الألب.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.