“من أجل مكافحة العنف ضد المرأة، يجب توفير الأموال”
في سويسرا، يؤدي العنف المنزلي وداخل الأسر إلى سقوط قتيل كل نصف شهر، وغالباً ما تكون امرأة. وفيما يُنتظر أن يسمح تفعيل البنود الواردة في اتفاقية اسطنبول بمكافحة هذه الآفة على نحو أكثر فعالية، لكن المنظمات غير الحكومية الناشطة في هذا المجال ترى أن سويسرا لا تزال لديها العديد من الثغرات التي تحتاج لسدّها في هذا المجال.
في العام الماضي، وفرت بعض الوسوم التي شهدت رواجا كبيرا على شبكات التواصل الاجتماعي مثل #MeTooرابط خارجي (#أنا_أيضا) أو #BalanceTonPorcرابط خارجي (#أبلغي_عن_خنزيرك) فرصة جيّدة لتسليط الضوء على حجم المشكلة. ومع أن العنف المسلط على المرأة ليس ظاهرة جديدة، إلا أنه يظل واحدا من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشاراً واستمراراً، كما ذكرت الأمم المتحدة بذلك يوم 25 نوفمبر الجاري، في مناسبة اليوم الدولي المكرّس لهذه الإشكالية.
المنظمات غير الحكومية التي تكافح هذه الآفة تضع آمالها في اتفاقية مجلس أوروبا لمنع ومكافحة العنف ضد المرأة والعنف المنزلي (اتفاقية اسطنبولرابط خارجي، المُبرمة في 11 مايو 2011 في مدينة إسطنبول التركية)، التي دخلت حيز التنفيذ في سويسرا في شهر أبريل 2018. ومن أجل أن يُؤتي النص ثماره المرجوة، فلا زال من الضروري أن تتمكن الكنفدرالية والكانتونات من منح نفسها وسائل التحرك، كما ترى سيمون إيغلر، ممثلة شبكة المجتمع المدني العاملة من أجل تنفيذ اتفاقية اسطنبول.
swissinfo.ch: ما هي أشكال العنف المنزلي والعنف ضد المرأة التي تواجهها المنظمات غير الحكومية في سويسرا؟
سيمون إيغلر: إنها مختلفة جدا، هناك عنف جسدي، ونفساني، واجتماعي، واقتصادي، ويمكن أن يحصل في المنزل أو في الفضاء العام. من ناحية، يكون من الصعب في بعض الأحيان التفريق بينها. ومن ناحية أخرى، هناك فجوة على المستوى الإحصائي. هناك فعلا العديد من الأرقام حول العنف المنزلي. ومع ذلك، لا يتم تسجيل أعمال العنف الممارسة ضد المرأة بصفتها تلك. لذلك، فإن أحد مطالبنا، وهو ما تشترطه أيضا اتفاقية اسطنبول، هو تحسين طريقة جمع البيانات وإضفاء مزيد من الدقة عليها. بدون هذا، لا يمكننا متابعة تطور الوضع وتقييم فعالية التدابير المتخذة. إنها أساس كل شيء.
swissinfo.ch: إلى أي مدى سيؤدي تنفيذ بنود اتفاقية اسطنبول إلى تحسين مكافحة العنف؟
سيمون إيغلر: يتطلب النص من سويسرا الوفاء بالتزامات محددة للغاية. كما أنه تنفيذه من الألف إلى الياء أمر أساسي، لأن العديد من الثغرات لا زالت قائمة. فعلى سبيل المثال، لدينا العديد من هياكل الدعم والمُرافقة، لكنها غير مُتاحة للجميع. فاللاجئون الذين يقعون ضحايا للعنف أثناء رحلة هروبهم أو الأشخاص الذين لم يكونوا مقيمين في البلد وقت وقوع الأحداث غير مؤهلين للحصول على المساعدة المقدمة للضحايا في سويسرا. هنا يتعلق الأمر بخلل خطير في القانون.
لا زلنا نُواجه أيضا وباستمرار مشكلة النساء اللواتي لهن حق الإقامة هنا بسبب الزواج. ففي حالة تعرضهن لأعمال عنف، لا يُردن الإنفصال عن أزواجهم حتى لا يفقدن هذا الحق. بعض الكانتونات اعتمدت إجراءات خاصة من أجل السماح لهن بالبقاء، ولكن ذلك لا ينطبق على جميعها مع الأسف. ومن المفترض أن يسمح تطبيق الإتفاقية بسدّ هذه الثغرات.
“لا، ليست هناك صورة نمطية لا للضحية ولا للجاني” سيمون إيغلر
swissinfo.ch: ما هي الأدوات الإضافية التي تحتاجها المنظمات غير الحكومية لتحسين عملها؟
سيمون إيغلر: كما هو مطلوب في اتفاقية اسطنبول، يجب على سويسرا توفير خدمة مساعدة هاتفية احترافية متخصصة في ممارسات العنف المنزلي وتُجاه النساء، يمكن الوصول إليها على مدار 24 ساعة في اليوم. في بعض ساعات اليوم، يتمثل الخيار الوحيد حاليا في التوجّه إلى الشرطة. هذا أمر ضروري أحيانا، ولكنه يكون في بعض الحالات عقبة كبيرة للغاية بالنسبة للضحايا. في حالات أخرى، ليس هذا هو الحل الأفضل. يجب تهيئة نظام يتصف بالجودة يسمح بتوفير مساعدة يُمكن للجميع الوصول إليها في أي وقت.
swissinfo.ch: من بين مطالبكم أيضًا، هناك تحسين العمل مع مُرتكبي أعمال العنف. هل هناك صورة نموذجية للأشخاص الأكثر عرضة لارتكاب مثل هذه الأفعال؟
سيمون إيغلر: لا، ليست هناك صورة نمطية لا للضحية أو الجاني. العنف موجود في جميع الطبقات الاجتماعية. ولهذا السبب، يجب أن تكون عروض الدعم متاحة للجميع وبدون تمييز. في سويسرا، هناك اختلافات مهمة بين الكانتونات، التي لا تملك دائما نفس الموارد. هذا الأمر يحتاج إلى التنسيق من أجل منح الجميع نفس الفرص، سواء كان ذلك في مجال الوقاية أو الحماية أو العمل مع الجناة.
swissinfo.ch: هل أوجدت حركة #MeToo الدولية التي تم إطلاقها على شبكة الإنترنت في عام 2017 للتنديد بالإعتداءات والعنف الجنسي، إطاراً مؤاتياً لمكافحة أعمال العنف بشكل أكثر فعالية؟
سيمون إيغلر: نلاحظ وجود وعي أفضل بما يشكل العنف، أيضًا من طرف الأشخاص المعنيّين. كما أن الموضوع أصبح الآن أكثر حضورا في وسائل الإعلام. ومع ذلك، فإنه من المهم عدم التوجّه إلى اختيار الحلول المتعجلة والعاطفية ولكن إلى اعتماد حلول على المدى الطويل. كثيرا ما نسمع: “يجب علينا ببساطة أن نسلّط على الجناة عقوبات أشد”، ومع ذلك، فإن التحرك على مستوى العقوبات فقط لا يحل أي شيء، يجب علينا أيضا أن نستثمر في تحسين الهياكل المخصصة للمساعدة وفي القيام بالبحوث المتعلقة بالإشكالية، إلا أن هذا يظل مُكلفا. ولكن إذا كنا نريد مكافحة أشكال العنف الممارس ضد المرأة، يجب استثمار الأموال، وإلا فإننا لن نقوم سوى بالتغطية على المشكلة.
“أشد أشكال التمييز“
تُعرّف الأمم المتحدةرابط خارجي العنف ضد المرأة بأنه “أشد أشكال التمييز”. ووفقًا للبيانات التي تم جمعها من 87 دولة من عام 2005 إلى عام 2016، أفادت 19٪ من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و 49 عامًا بأنهن تعرضن للعنف الجسدي أو الجنسي من قبل شريك حميم خلال الشهور الإثني عشرة السابقة لتاريخ الإستبيان. وفي الحالات الأشدّ قسوة، يُمكن أن تؤدي أعمال العنف هذه إلى الموت. ففي عام 2012، قُتل حوالي نصف ضحايا جرائم القتل العمد من النساء في العالم على يد شريك حميم أو أحد أفراد الأسرة، مقارنة بنسبة % في صفوف الرجال.
بدورها، يُعتبر تشويه الأعضاء التناسلية للإناث حالة أخرى من حالات العنف الشديد. ولا يزال انتشاره مرتفعا في بعض البلدان الثلاثين التي لديها بيانات تمثيلية عن هذه الظاهرة. أخيراً، فإن أكثر من نصف النساء (52%) اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و 49 سنة، سواء كنّ متزوجات أو لديهن علاقات حرة، يتخذن قراراتهن الخاصة بخصوص الجنس، ووسائل منع الحمل، والخدمات الصحية.
(المصدر: الأمم المتحدةرابط خارجي)
(ترجمه من الفرنسية وعالجه: كمال الضيف)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.