التزلج السويسري يتربع مجددا على القمة بعد عشرين عاما من الغياب
انتهت بطولة العالم للتزلج الألبي في محطة فال ديزير الفرنسية يوم الأحد 15 فبرايـر الجاري بفوز النمساوي مانفريد براجير في سباق التزلج المتعرج. أما سويسرا التي احتلت صدارة ترتيب الأمم في هذه البطولة، فقد استعادت بريقها بفضل الثلاثي ديدييه كوش وكارلو يانكا والشابة لارا غوت.
للمرة الأولى منذ عام 1997، فقدت النمسا المرتبة الأولى في بطولة العالم للتزلج بعد أن هيمنت على المنافسات خلال السنوات العشر الماضية، لتنتزع سويسرا منها الصدارة وتعتلي عرش التزلج الألبي العالمي مجددا بعد فوزها بميداليتين ذهبتين وثلاث فضيات وبرونزية واحدة.
وقد انتظر التزلج السويسري عشرين سنة قبل أن يتمكن من العودة إلى المكانة التي كان يحتلها في عقد الثمانيات. ففي بطولة “فيل” (Vail) عام 1989 (بولاية كولورادو الأمريكية)، كان الأبطال السويسريون يُدعون بيرمين تسوبريغن وفريني شنايدير وماريا فاليزير وبول أكولا. أما اليوم فيحملون أسماء ديدييه كوش (34 عاما) وكارلو يانكا (22) ولارا غوت (17).
ويعود الفضل إلى حدّ كبير في هذا التتويج – الذي يـُعدّ ثمرة مسيرة العمل الطويلة التي بدأها الاتحاد السويسري للتزلج بعد “كارثة” بطولة بورميو بإيطاليا عام 2005 حيث لم تفز سويسرا بأية ميدالية – لمزيج “انفجاري” بين التجربة الطويلة للمُتزلج المُحنك ديدييه كوش ولظهور المواهب الشابة الاستثنائية في شخصي كارلو يانكا ولارا غوت.
كوش يقوم بدوره على أكمل وجه
لكن لا يجب أن ننسى أن دانييل ألبريشت هو الذي كان قد أعاد للتزلج السويسري قدرا من بريقه قبل عامين في السويد بفوزه باثنتين من الميداليات الفردية في بطولة آر (Ara) العالمية. لكنه تغيـّب عن بطولة فال ديزير بسبب حادث سقوط خطير قبل ثلاثة أسابيع في كيتسبوهيل (Kitzbühel) بالنمسا. وقد خرج ألبريشت (26 عاما) يوم 12 فبراير الجاري من الغيبوبة الاصطناعية ويُرجّح الأطباء أن لا يعاني من آثار خطيرة إثر هذا الحادث.
وفي غياب ألبريشت، قام ديدييه كوش بامتياز بدور الرائد الذي اتضح أنه يناسبه جيدا منذ بضعة سنوات. وبفوزه بسباق التزلج المتعرج الطويل “سوبير جي”، أول سباق للذكور في البطولة العالمية، اختط كوش لزملائه طريق النجاح الذي يجب سلوكه. وكاد أن يفوز بلقب سباق الانحدار ويحقق فوزا مزدوجا تاريخيا لولا تقدم الكندي جون كوسيرا عليه بأربعة أجزاء من الثانية.
كارلو يانكا.. القوة الهادئة
أما كارلو يانكا، فقد استجاب للتوقعات وحذا حذو كوش. فهذا الشاب الذي يتميز بقلة الكلام توسـّع في التعبير عن مواهبه على ساحات التزلج، مُكتفيا بما قل ودلّ خلال المقابلات الصحفية. وسجل عودة مجيدة إلى ساحة “بلفارد” في فال ديزير حيث كان قد ظهر للعالم قبل شهرين. وتمكن من انتزاع اللقب العالمي في نفس التخصص، أي منافسات التزلج الألبي المتعرج العملاق.
وتكتسي الميدالية البرونزية التي أحرزها في سباق التزلج على المنحدرات طابعا خاصا، حيث أنه انطلق في خوض المنافسة بعد أن بدأ الضباب يكسو أعالي الساحة، ولم يكن الفارق بين من يُلقب بـ “آيسمان” (رجل الجليد) وانتزاع لقب هذا السباق سوى 17 جزء من الثانية، وربما لم يكن لينتزعه منه أحد لو كان جميع المتزلجين قد خاضوا المنافسة في ظروف جوية مماثلة.
وقد كان الأداء استثنائيا عموما في فريق الذكور، ولو حالف الحظ قليلا سيلفان تسوبريغن في سباق التزلج المزدوج الممتاز لكانت حصيلة الميداليات السويسرية أثرى.
وفي سجل خيبات الأمل، يمكن ذكر ديدييه ديفاغو الذي عُلقت عليه آمال كبرى بعد فوزه المزدوج في فينغن-كيتسبوهيل (Wengen-Kitzbühel) – المحطة الأولى في النمسا والثانية في سويسرا. لكن نجمه لم يسطع في فال ديزير، لا سيما بعد أن كان ضحية لسقوط مُحبط في سباق الانحدار.
لارا غوت.. شابة مُدهشة واسم واعد
وضمن فريق الإناث السويسري الذي حـُرم من الميداليات خلال بطولتي العالم الأخيرتين، لعبت لارا غوت دور البطولة، بحيث أحرزت ميداليتين فضيتين في السباق المزدوج وفي منافسات الانحدار، لتغمر السعادة ملامح هذه “الطفلة” (17 ربيعا) التي دخلت ساحة الكبار بتلقائية مُدهشة.
فهذه الشابة المعجزة، القادمة من كانتون تيتشينو الجنوبي، أوشكت على إحراز ميدالية ثالثة في سباق التزلج المتعرج الطويل. وقد اندهش المراقبون للطريقة التي تمكنت بها لارا غوت من التخلص من الضغوط الهائلة التي كانت ترزح تحتها. فمنذ وصولها إلى محطة فال ديزير وهي تحت الأضواء. وقد صرحت بعد إقصائها من السباق العملاق: “كانت تتعقبني الكاميرات في كل مكان منذ وصولي إلى فال ديزير. وهذا أمر مُرهق في بعض الأحيان. لا يزال يتعين علي تعلم كيفية إدارة جميع جوانب البطولات العالمية”.
لا ميداليات نسائية بدون لارا غوت
وبدون لارا غوت، لعاد فريق الإناث السويسري خالي الوفاض من البطولة العالمية. فالنجاح لم يكن حليف دومينيك غيزين، التي انتظرها جمهور التزلج بفارغ الصبر بعد انتصاريها المتتالين في سباق الانحدار في حلقة كأس العالم، شأنها شأن فابيين سوتر التي لم تتمكن من التميز في محطة سولاز المخصصة للتقنيات الاستثنائية. ويذكر أن سولاز المخصصة للنساء هي إحدى قمتي التزلج في فال ديزير.
وفي التخصصات التقنية (السباق العملاق والتزلج المتعرج)، مازالت الفجوة ثابتة مع أفضل الأمم رغم التقدم الذي أحرزه الفريق السويسري خلال السنوات القليلة الماضية. ويدرك هوغ أنسيرموز، رئيس التزلج النسائي، تماما الجهود التي مازال يتعين القيام بها للمضي قدما. وهو يريد أن يتجنب بأي ثمن اعتماد فريقه في المستقبل على متزلجة موهوبة واحدة، أي لارا غوت، والتي تتوفر على تأطيرها الرياضي الخاص.
استقرار واستمرارية
وقد أكد التزلج السويسري في فال ديزير بأسلوب لامع عودته إلى الواجهة، فمنذ بضعة سنوات، أدرك قادة الإتحاد السويسري للتزلج أهمية الاعتماد على تأطير مستقر وعلى مـُدربين ذوي جودة يعملون على المدى الطويل.
وسمحت هذه الاستمرارية لمتزلجين مثل ديدييه كوش وديدييه ديفاغو بالكشف عن كامل إمكاناتهما تحت إشراف مدربهما باتريس موريزو.
وبين جيل الشباب، تتوفر سويسرا، في شخصي لارا غوت وكارلو يانكا، على رياضييـْن أصيلين يتوقع أن يجلبا السعادة لمحبي التزلج السويسري خلال الأعوام القادمة. لكن حذاري من الوقوع في أخطاء الماضي.
فإذا تم بالفعل تحقيق تقدم كبير لتهيئة الشباب الذين سيحملون المشعل، من خلال إنشاء شُعب تمزج بين الرياضة والدراسة، لا زالت البراعم نادرة ويجب الحرص جيدا على نموها.
تحديات أورس ليمان
وثمة تحد آخر بالنسبة للتزلج السويسري يتمثل في التمويل. فإذا كان رئيسا تخصص التزلج الألبي، مارتان روفنير وهوغ أنسيرموز غالبا ما حققا المعجزات وعثرا بنفسهما على الجهات الراعية لتدريب الفريق في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية خلال فصل الصيف، فإن الأزمة الاقتصادية الراهنة من شأنها تعقيد الوضع.
وقد كرّر وزير الرياضة الجديد، أولي ماورر، في بداية هذا العام أن رياضة النخبة يجب أن تظل مسألة خاصة في سويسرا ما يعني أنه يتعين أن يراهن التزلج على الثلج على إشعاعه لضمان دعم المؤسسات الشريكة والراعية.
ولا شك أن بطل العالم السابق في التزلج على المنحدرات، أورس ليمان، الذي يترأس الفدرالية السويسرية للتزلج منذ الصيف الماضي، لن يستريح خلال السنوات القادمة، لكن العمل يكون دائما أسهل عندما تغمر الفريق نشوة النصر.
سويس انفو – سامويل يابيرغ
سويسرا – 6 ميداليات: ذهبيتان، 3 فضيات وبونزية واحدة.
النمسا – 5 ميداليات: ذهبيتان، وفضية وبرونزيتان.
الولايات المتحدة: ذهبيتان وبرونزية.
ألمانيا: ذهبيتان.
النرويج وكندا: ذهبية وبرونزية لكل واحدة منهما.
فرنسا: ثلاث ميداليات فضية.
إيطاليا: فضية وبرونزية.
سلوفينيا وجمهورية تشيكيا: فضية لكل واحدة منهما.
فنلندا: برونزيتان.
كرواتيا: برونزية واحدة.
الذهب : ديدييه كوش (في التزلج المتعرج الطويل) وكارلو يانكا (في السباق العملاق)
الفضة : لارا غوت (في السباق المزدوج والانحدار) وديدييه كوش في الانحدار.
البرونز: كارلو يانكا (في السباق على المنحدرات).
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.