المواقف من الأقليات في سويسرا “تزداد سُـوءا”
أكّـدت خبيرة لـ swissinfo.ch أن الأجواء السياسية بخصوص الأقليات في سويسرا، أصبحت أكثر صعوبة. وتقول غولكان أكّـايا، نائبة رئيس اللجنة الفدرالية لمكافحة العنصرية: "إن سويسرا تحتاج إلى سياسة تُـدمِـج وتعترف بكل شخص يعيش هنا".
وتأتي تصريحات السيدة أكّـايا بعد حوالي 9 أشهر من تصويت الناخبين لفائدة مبادرة حظر المآذن، المثيرة للجدل في نوفمبر 2009، وفي الوقت الذي يستعدّ فيه السويسريون للتصويت على مبادرة أخرى تدعو إلى طرد المجرمين الأجانب من البلاد. في الأثناء، يستمر النقاش في سويسرا حول ارتداء النقاب والبرقع والحجاب أيضا.
وفي الوقت الحاضر، تعمل السيدة أكّـايا مشرفة على إدارة مشاريع بحثية وتُـدرِّس في معهد التطوير الاجتماعي الثقافي، التابع لجامعة لوتسرن.
swissinfo.ch: لقد كانت الأقليات كبش فِـداء على مدى آلاف السنين. لماذا؟
غولكان أكّـايا: عموما، تشعُـر المجموعات بالحاجة إلى وضْـع نفسها جانبا، عبْـر استخدام عدد هائل من المقاييس المتنوعة. والمسألة الأهم، هي أن هذه الحدود لا تمسّ من حق المجموعات الأخرى في الوجود. أما الأفكار المُـسبقة، فيُـمكن أن تكون خطيرة، من قبيل التعليقات التي تقول بأن “جميع الأجانب يقتنصون المِـنح الاجتماعية أو كلهم مجرمون”.
هذه الأفكار النمطية، لا تظهر في الإشكالات اليومية فحسب، بل في وسائل الإعلام والكتابات أيضا. فإذا أردنا أن نضع حدّا لهذه الإساءات، نحتاج إلى أن نستبدلها بصُـوَر غير تمييزية. ومن بين الأمثلة (التي يُـمكن إيرادها)، الكيفية التي تغيّـرت بها صورة السُّـود في كتبِـنا المدرسية على مدى العشريات الأخيرة.
في الوقت نفسه، يستمر التمييز الاجتماعي على مستويات عدّة، وهذا يؤدّي إلى التمييز في سوق الشغل وفي وسائل الإعلام وفي المجال السياسي وفي التشريعات.
التمييز لا يمَـسّ أقليات عريضة مثل الغجر والتاميل والأتراك واليهود والمسلمين فحسب، بل يشمل أولئك الذين لا يتطابقون مع مقاييس المجتمع، كالمصابين بداء السِّـمنة أو أصحاب الشعور الحمراء أو الذين لا يتقيَّـدون بالموضة…
غولكان أكّـايا: صحيح أن التمييز لا يمَـسّ المجموعات الإثنية والعِـرقية فحسب، بل مجموعات أخرى لا تتقيَّـدُ بالمقاييس (المجتمعية) المتعارف عليها، لكن في كل الأحوال، يُـوفِّـر الترويج للتسامح والتربية على حقوق الإنسان، عاملا مساعِـدا (على تجاوز الإشكالات).
إن سويسرا بحاجة إلى سياسة تُـدمِـج وتعترف بكل شخص يعيش هنا. إن هذا يُـعتبر مطلبا هاما من أجل ضمان الوئام الاجتماعي والتضامن.
هل تريْـن أن التمييز تجاه المختلفين، يُـمثل جزءً من الطبيعة الإنسانية؟
غولكان أكّـايا: الواضح أن هذا الأمر كثير الحدوث، عندما تحاول مجموعة بلوَرة هويتها الخاصة. مع ذلك، يُـمكن القول بهذا الخصوص، أن الناس يتأقلمون أيضا. وكمثال على ذلك، يُـمكن ذِكْـر التطوّر الذي شهدته حقوق الإنسان ونُـمُـوّ ثقافة تحي الأقليات.
رغم كل شيء، يظل مفهوم العدُوّ مجسّـدا في إثنيات أخرى، أمرا شائعا في مجتمعنا..
غولكان أكّـايا: نعم، بل يُـمكنني القول أن المناخ السياسي المتعلِّـق بالأقليات – سواء كانوا سودا أو مسلمين أو طالبي لجوء – أصبح أسوأ من ذي قبل خلال السنوات القليلة الماضية. كما أن الأحزاب اليمينية – وإلى حدٍّ ما – وسائل الإعلام، تميل إلى هذا التصنيف المعادي للأجانب.
هل يُـمكن العثور على هذه الآلية في أوساط ثقافية أخرى أيضا؟
غولكان أكّـايا: لا شك بأن الصورة المُـعوجّـة عن الآخرين (أو الأجانب)، موجودة داخل جميع الإثنيات، كما أن الأفكار المُـسبقة، موجودة في كل المجتمعات.
هل نحن عاجزون عن التعلُّـم والإستفادة من الأخطاء السابقة؟
غولكان أكّـايا: إلى حدٍّ ما، نعم. فعلى سبيل المثال، تعلَّـمت أوروبا بعد قرون من الحروب، أن السلام مُـمكن. من جهة أخرى، تتكرّر ممارسات التمييز والإقصاء نفسها على مدى الأجيال.
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، كان الشعار المرفوع “لا حرب بعد اليوم”، في الوقت نفسه، نحن نعرف أن الواقع على خلاف ذلك. فلا زالت العديد من النزاعات الشبيهة بالحروب قائمة.
في الوقت نفسه، تزداد الحروب وحشية، كما أن العديد من الأطراف المتحاربة، لا تُـراعي اتفاقيات جنيف، التي تفرِض توفير الحماية للسكان المدنيين..
غولكان أكّـايا: لقد كانت الحروب وحشية على الدوام، والعنف الممارس اليوم، يمَـسّ السكان المدنيين بالدرجة الأولى. مع ذلك، يظل من المهمّ جدا ضمان عدم انتهاك حقوق الإنسان للمدنيين في مناطق الحرب. في المقابل، فإن الدفاع عن حقوق الإنسان يبقى مهمّـا، ليس في الحالات القُـصوى فحسب، بل أيضا في أوضاع السِّـلم، وإلاّ، فإنها ستكون أرضية خِـصبة للنزاعات والعنف.
هل تُـشيرين بهذا إلى مبادرتيْ حظر المآذن وطرد المجرمين الأجانب؟
غولكان أكّـايا: بالضبط. ومن بين الأمثلة الأخرى، التي تندرج في سياقها مبادئ مهمّـة من حقوق الإنسان، هناك النقاشات الحالية حول ارتداء الحجاب والبرقُـع، التي تلعب فيها الأفكار المُـسبقة دورا كبيرا. فمن المهمّ جدا أن يعثُـر المجتمع في سياق هذه النقاشات، على حلول تحترم التنوّع وتقوم أمثلة للعيْـش المشترك في سلام.
أجرى الحديث إيتيين شتريبل – swissinfo.ch
(ترجمه من الإنجليزية وعالجه كمال الضيف)
السيدة أكّـايا متحصِّـلة على شهادة الماجستير في العمل الاجتماعي، وهي مُـشرفة على مشاريع بحثية وأستاذة في معهد التطوير الاجتماعي الثقافي، التابع لجامعة لوتسرن، حيث تُـدرِّس المسائل المرتبطة بحقوق الإنسان وتدخّـل المجموعة.
تشتغل أيضا على قضايا أخرى مثل الهجرة والاندماج، وهي تتوفّـر على تجارب ملموسة فوق الميدان.
منذ 2003، أشرفت على مشروع أطلقه الفرع السويسري لمنظمة كاريتاس، لدعم الحوار بين الإثنيات واندماج الأقليات في كوسوفو.
في عام 2008، انتُـخبت نائبة لرئيس اللجنة الفدرالية لمكافحة العنصرية.
في موفى 2009، بلغ عدد الأجانب المقيمين بصفة شرعية في سويسرا 1.680.197 شخصا.
من بين هؤلاء، يقدُم 1.066.086 شخصا من بلدان الاتحاد الأوروبي (27) والرابطة الأوروبية للتبادل التجاري الحُـر (3).
يحمل ربُـع الأشخاص العاملين في سويسرا، جواز سفر أجنبي.
في عام 2009، تحصّـل 44948 شخصا على الجنسية السويسرية، ويقدُم معظمهم من كوسوفو وإيطاليا وألمانيا وتركيا، مثلما كان الحال في السنوات الأخيرة.
في عام 2009، تقدّم 16005 شخصا بطلب لجوء إلى سويسرا. ويقدُم معظمهم من نيجيريا وإريتريا وسريلانكا والعراق والصومال وأفغانستان وكوسوفو وجورجيا وصربيا وتركيا.
يُـشكِّـل طالبو اللجوء 2،5% من إجمالي الأجانب المقيمين بصفة شرعية في سويسرا.
منذ الحرب العالمية الثانية، بلغ عدد المهاجرين إلى سويسرا والمولودين من مهاجرين، حوالي مليونيْ شخص.
يقيم عُـشُـر السويسريين خارج أراضي الكنفدرالية.
(المصدر: المكتب الفدرالي للهجرة)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.