دراسة جديدة: صورة سلبية للمهاجرين في وسائل الإعلام السويسرية
نادرا ما تتحدث وسائل الإعـلام السويسرية عن قضايا الهجرة، وما تُسلط عليه الضوء – أي الجريمة في الغالب – يضع الأجانــب في خانة سلـبية. ويشعر المهاجرون بأن سمعتهم سيئة في الصحافة وأنه بإمكان وسائل الإعلام فعل المزيد للتصدي لهذه الظاهرة. هذه من أبرز استنتاجات دراسة جديدة أنجزت في زيورخ بتكليف من المكتب الفدرالي للاتصالات.
دراسة “الهجرة ووسائل الإعلام والاندماج”، التي أنجزتها جامعة زيورخ بالتعاون مع مركز التدريب الإذاعي klipp & klang – وهو الأول من نوعه في سويسرا – أبرزت بالخصوص العمل الذي تقوم به الإذاعات المحلية للـجاليات في مجال الاندماج، كما أمعنت النظر في إنتاج الإذاعات الخاصة والعامة على حد سواء.
وأثناء عرض نتائج الدراسة أمام وسائل الإعلام يوم الإثنين 18 مايو في زيورخ، قال المشرف عليها، هاينس بونفاديـّلي في تصريح لـ swissinfo.ch: “استنتجنا أن زهاء 6,4% فقط من إجمالي التغطية (الإعلامية في كل من زيورخ وبرن) للقضايا السياسية عالـجت مسائل الهجرة والمهاجرين (ما بين أبريل وأغسطس 2007)، وبالتالي فإن تمثيلهم ضعيف”.
وأضاف بروفيسور الاتصال الجماهيري في جامعة زيورخ أن “تقارير الإذاعات التجارية الخاصة تعتمد على قـيم إخبارية سلبية، إذ عادة ما تربط المهاجرين بالجرائم وجرائم المخدرات أو مخالفات السـّير”.
وأظهرت الدراسة أن 46% من إجمالي التقاريـر تحمل وجهة نظر سلبية، وأن المهاجرين الذين شملهم استطلاع الرأي اتفقوا مع النتائج بحيث كشفت الدراسة بأن ثـُـلثي المُستجوبين يقولون إن الأجانب لهم سمعة سيئة في الصحافة، وارتفعت النسبة إلى قرابة 80% في صفوف المهاجرين الأتراك والأجانب الحاصلين على الجنسية السويسرية بعد أن مروا بتجربة الهجرة.
أصوات غير مسموعة
وأضاف البروفيسور بونفاديلـّي أن المهاجرين “ينتقدون بثّ عدد قليل فقط من البرامج التي يُمـَثـَّلون فيها، فليس لديهم فرصة التحدث عن أنفسهم، (بل) عادة ما تُنقـل تصريحات السياسيين والخبراء حول قضايا الهجرة”.
وأنجزت الدراسة أيضا تقـييـما لعمل الإذاعات المحلية للـجاليات – الذين يشكلون أكثر من 20% من سكان الكنفدرالية. وتوجد حاليا في سويسرا سبع محطات إذاعية من هذا النوع تبث برامجها بأكثر من 20 لغة، وافتـُتحت آخرها منذ أن أجريت هذه الدراسة.
وخلـُص البحث إلى أن المحطات الست التي شملتها الدراسة الاستقصائية تغطي مواضيع مثل الأخبار القادمة من الخارج والمشاكل التي يواجهها المهاجرون، كما تُقدم برامج ثقافية.
ويستخدم معظم المهاجرين (المستجوبين في إطار الدراسة) وسائل الإعلام الناطقة باللغة الألمانية، فضلا عن مصادر الأخبار القادمة من بلدانهم الأصلية.
وبالتالي، حرص البروفيسور بونفاديـلّي على التنويه بأنه لا توجد في سويسرا “غيتوهات وسائل الإعلام” في صفوف الجاليات الأجنبية، مضيفا أن الدراسة لم تستنتج، فضلا عن ذلك، أن الإذاعات المحلية للجاليات تـُنتج عوالم “مُوازية”، بل تبين لواضعي الدراسة أن هذه الإذاعات تُقدم مساهمة قـيمة في عملية اندماج الأجانب في المجتمع السويسري.
ناديا بيلاّردي، رئيسة قسم العلاقات العامة في إذاعة LoRa التي يوجد مقرها بزيورخ والتي تعد أقدم الإذاعات المحلية للجاليات في سويسرا، قالت إنها ترحب بنتائج الدراسة.
دور هــام
وفي تصريحاتها لـ swissinfo.ch، قالت بيلاّردي التي حضرت المؤتمر الصحفي الذي انعقد بمناسبة تقديم نتائج الدراسة: “من المؤكد أن التقرير يسلط الضوء على الدور الذي تقوم به الإذاعة المحلية (للأجانب) في تسهيل وصول الجاليات، التي سبق أن مرت بتجربة الهجرة، إلى وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية”.
وغالبا ما تـُدار هذه المحطات من قبل متُطوعين. وتُشير بيلاّردي في هذا الصدد إلى أن “العديد من البرامج تُقدم معلومات مفيدة (تجيب) بلغة الجاليات المختلفة (عن أسئلة من قبيل) كيف أرسل طفلي إلى المدرسة؟ وكيف يمكنني العثور على وظيفة؟”.
وأضافت أن جزء كبيرا من المحتوى يرتبط بما يجري في بلدانهم الأصلية، وهو أمر مفيد بشكل خاص بالنسبة لطالبي اللجوء واللاجئين.
فضلا عن ذلك، تقدم العديد من المحطات الإذاعية برامج متعددة اللغات، فإذاعة LoRa، على سبيل المثال، تبث برنامجا باللغتين الفارسية والألمانية.
ولم تُفاجأ السيدة بيلاّردي بنتائج الدراسة التي أظهرت سلبية التقارير عن المهاجرين وعدم رضا هؤلاء على ذلك.
صحفيون قلائل في صفوف المهاجرين
ومن المشاكل الرئيسية التي نوهت إليها بيلاّردي العدد القليل للصحفيين – خارج إطار الإذاعات المحلية للجاليات – الذين لديهم تجربة كمهاجرين.
وهذا ما أكدته أيضا الدراسة التي استنتجت أن 5% فقط من الصحفيين في سويسرا من أصل أجنبي، لذلك وضع معدو الدراسة ضرورة التصدي لهذه الظاهرة من أبرز توصياتهم.
وقال بونفاديلـّي بهذا الشأن: “إن الصحفيين الذين مروا من تجربة الهجرة هم أكثر حساسية (لدى معالجة موضوع الهجرة)، ولديهم وجهة نظر مختلفة إزاء ما يجري”، مضيفا أن الصحفيين السويسريين يمكن أن يستفيدوا من المزيد من التدريبات في مجال التواصل بين الثقافات”.
وأوضح البروفيسور بونفاديلـّي أنه بالإمكان تعديل نوعية العروض الإذاعية الحالية، قائلا: “على مستوى البرمجة، نوصي بشدة إضفاء المزيد من التنوع على المواضيع التي يتم تناولها. ونحن نعتقد أنه من المهم، بصفة خاصة، التوفر على مزيد من البرامج والأخبار حول نماذج ناجحة للاندماج، والتركيز بالخصوص، على المستوى المحلي، على نمط حياة المهاجرين ومشاكلهم”.
إيزوبيل ليبولد-جونسون، swissinfo.ch
(ترجمته من الإنجليزية وعالجته: إصلاح بخات)
توجد في سويسرا 7 إذاعات محلية للجاليات التي تبث برامجها على الهواء (بدون احتساب الإذاعات على الإنترنت)، وتوجد ست منها في المناطق السويسرية الناطقة بالألمانية، و”Radio cité” في جنيف المتحدثة بالفرنسية.
الإسبانية هي اللغة الممثلة على نطاق واسع في الإذاعات الستة غير التجارية التي شملتها الدراسة، تليها برامج موجهة لجاليات البلقان وتركيا (بالتركية والكردية) وإيطاليا والبرتغال. الإنجليزية ممثلة أيضا بشكل جيد.
استمع الباحثون ما بين منتصف يناير ومنتصف فبراير من عام 2007 لـ 355 من البرامج التي تم بثها بلغات أجنبية.
نحو 40% من برامج المحطات الإذاعية التي شملتها الدراسة متعددة اللغات (ألمانية أو فرنسية ولغة أخرى).
معظم مـُعدّي البرامج لهم خلفية الهجرة، ويتميزون بتعليم جيد وبـاندماجهم في المجتمع، واستنتجت الدراسة أن 75% منهم من الرجال.
حوالي نصف المهاجرين الذين شملتهم الدراسة قالوا إنهم يستخدمون وسائل الإعلام الموجهة للمهاجرين (إذاعة وبوابات الإنترنت والصحف).
تبين من الدراسة أن برامج هيئة الإذاعة والتفلزيون السويسرية (المؤسسة الأم لـ swissinfo.ch) تتحدث بإيجابية أكثر عن الهجرة.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.