أول آلية دولية لمحاربة ظاهرة تزوير الأدوية المتفاقمة
في بداية شهر مايو القادم، سيتم اعتماد "معاهدة محاربة تزوير منتجات الأدوية والمخالفات المماثلة" التي ستسمح بوضع حد لنشاط سوق غير شرعية بدأت تأخذ أبعادا "مرعبة" في العالم أجمع، على حد وصف خبير شارك في مؤتمر دولي نُظم مؤخرا في مدينة بازل.
لم يتردد الخبراء الذين شاركوا في المؤتمر الدولي حول محاربة تزوير منتجات الأدوية الذي انعقد في المدينة الواقعة على ضفاف نهر الراين شمالي سويسرا يومي 15 و16 أبريل 2010، في إطلاق العديد من الأوصاف المثيرة على هذا الإجتماع لتأكيد أهمية العمل الذي تم إنجازه فيه، حيث وصفوه بـ “الحدث الفاصل” أو بـ “حجر العثرة” في هذا المجال.
فقد تمكن حوالي 140 مشاركا قدموا من 40 بلدا (من بين 47 يتشكل منها مجلس أوروبا)، والعديد من المراقبين من مختلف أنحاء العالم، من وضع أسس المعاهدة المستقبلية المعروفة باسم “ميدي كرايم” التي ستسمح بمحاربة تجارة الأدوية المزورة أو المزيفة.
وأوضح كريستيان بارتولين من القسم القانون الجنائي في مجلس أوروبا أثناء الأشغال بأن “المتاجرة غير المشروعة بالأدوية بدأت تأخذ أبعادا مرعبة”، ويؤكد الخبراء بدورهم أن نصف الأدوية التي يتم تسويقها عبر شبكة الإنترنت إما مقلدة أو مزورة.
إجرام منظم
ويقول يواخيم غروس، الناطق باسم المعهد السويسري للمنتجات العلاجية “سويس ميديك” والجهة المنظمة لمؤتمر بازل “إننا نعرف جيدا بأن هذا النوع من الإجرام هو من صنع مجموعات منظمة، لها صلة بشبكات المخدرات”.
ويتطلب الأمر اتخاذ إجراءات عاجلة ضد هذا النوع من الإجرام “نظرا لكون عمليات التزوير أو التقليد لم تعد تقتصر على مواد محاربة البدانة أو تلك الرامية إلى معالجة الضعف الجنسي بل أصبحت تمتد حتى إلى أدوية مكافحة السرطان. وقد أصبح مرتكبو هذا النوع من الإجرام يجنون أموالا طائلة تفوق بكثير ما تذره تجارة المخدرات”.
وعلى الدول التي توقع على المعاهدة (التي سيتم اعتمادها في 10 مايو 2010) أن تلتزم بمحاربة كل العاملين في ميدان التزوير أو التقليد”، إذ لا يتعلق الأمر فقط بمنتجي تلك المواد، بل أيضا بمن يسهرون على تسويقها وبيعها”، مثلما أوضحت كارولين ماتيس باديتشر، المسؤولة عن مراقبة الأسواق في سويس ميديك.
وعلى الدول أن تدخل تعديلات على قوانينها، أو أن تعتمد قوانين جديدة. وفي سويسرا، هناك مراجعة للقانون الخاص بالمواد العلاجية، وهذه المراجعة ستعمل على تشديد العقوبات المفروضة على مرتكبي عمليات التزوير أو التقليد.
العقوبات الحالية ليست صارمة
وترى كارولين ماتيس بادرتشر أن “هناك عقوبات في الوقت الحالي يمكن تطبيقها على مرتكبي هذه الجرائم، ولكنها عقوبات ضعيفة”، إذ لا يُعاقب متاجر بأدوية مزورة أو مقلدة بأكثر من غرامة مالية لا تتعدى بضعة آلاف فرنك، أو أن يضطر لإعادة الأرباح المجنية لو يُتمكن من إثبات المبلغ. وأضافت الخبيرة أنه “لا يمكن تطبيق عقوبات صارمة في الوقت الحالي إلا إذا تقدمت إحدى الضحايا بشكوى أمام القضاء”.
وهناك دعوة للدول من أجل التعاون في هذا المجال وتبادل المعلومات عبر شبكات مسؤولة تجمع إدارة الجمارك والقضاء والصحة. وتقول كارولين ماتيس بادرتشر: “لدينا في سويسرا شبكة من هذا النوع، وهو ما سمح لنا بتقييم بأن هناك حوالي 50 ألف منتوج مزور يتم استيراده بطريقة غير شرعية عبر شبكة الإنترنت”.
تزوير في الأجهزة الطبية أيضا
عند الحديث عن التزوير أو التقليد، يُقصــد بذلك مفهوما واسع النطاق. وترمي المعاهدة إلى شمل مجالات “المنتجات الطبية (بما في ذلك الأجهزة الطبية) و”كل الجرائم المشابهة”. ويتعلق الأمر بالتزوير في إنتاج الأدوية وأيضا التزوير في الوثائق وفي العلامات الموضوعة على المنتجات، أو تسويق منتجات غير مزورة ولكن غير مسموح ببيعها.
ولم يتم العثور لحد الآن في السوق الرسمية على أدوية مزورة أو مقلدة. ولكن في انجلترا، تم العثور على نماذج مزورة لأدوية ثلاثية لمحاربة مرض نقص المناعة المكتسب “إيدز”، وهذا خارج نطاق تجارة الإنترنت.
وتقول كارولين ماتيس بادرتشر “إن المسألة مسألة وقت فقط لكي تصل هذه الظاهرة إلى سويسرا لأنه حتى ولو كنا نملك نظام مراقبة جيد، فإنه سوف لن يكون بمقدورنا مراقبة كل شيء”.
ويشار إلى أن هذه المعاهدة ستكون مفتوحة لانضمام بلدان حتى من خارج المجلس الأوروبي. وقد شاركت كل من أنغولا والبرازيل وسنغافورة والمكسيك في بعض الأشغال التحضيرية.
وستكون هذه المعاهدة “أول آلية للتعاون الدولي في هذا المجال”، إذ، كما أوضحت كارولين ماتيس بادرتشر “كلما كثر عدد الدول الموقعة عليها كلما أصبحت محاربة التزوير والتقليد أكثر سهولة”.
آريان جيغون – swissinfo.ch – بازل
(ترجمه من الفرنسية وعالجه: محمد شريف)
اجتمع 140 مشاركا من أكثر من 40 بلدا إلى جانب ممثلي مؤسسات ومنظمات أممية في مدينة بازل السويسرية يومي 15 و16 أبريل 2010 لمناقشة كيفية تطبيق بنود المعاهدة القادمة للمجلس الأوروبي المعروفة باسم “ميدي كرايم”.
وتعتبر معاهدة “ميدي كرايم” أول اتفاقية دولية تهدف لتجريم تزوير أو تقليد الأدوية وارتكاب جرائم مماثلة بُغية حماية الصحة العمومية، وإقامة إطار تعاون دولي في المجال الجزائي بين الدول الأعضاء.
تشير تقديرات الأخصائيين إلى أن نصف الأدوية والمواد الطبية التي يتم طلبها عبر شبكة الإنترنت هي منتجات مزورة أو مقلدة وتشكل خطرا كبيرا على صحة الإنسان.
تقوم بعملية التقليد أو التزوير، شبكات إجرام منظم تجني من وراء ذلك أرباحا تفوق بكثير أرباح تجارة المخدرات.
في سويسرا، يتم سنويا استيراد حوالي 50 ألف دواء مزور أو مقلد.
وعند الحديث عن منتجات الأدوية المزورة التي تهتم بها المعاهدة، يتعلق الأمر بالأدوية، وبالأساليب الطبية للعلاج، وبالعناصر الفعالة، والأدوات المستخدمة في استحضار تلك الأدوية.
وترمي المعاهدة إلى اتخاذ إجراءات وقائية، ونظم التعرف على مسارات تسويق الأدوية.
تدعو المعاهدة الدول الأعضاء إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية حقوق الضحايا بما في ذلك حقهم في مطالبة المسؤولين عن ذلك بالتعويض.
من المتوقع أن تصادق على هذه المعاهدة لجنة وزارية تنعقد في 11 مايو 2010وهو اليوم الذي ينتهي فيه الرئاسة السويسرية للأشغال التحضيرية. وسيتم التوقيع على هذه المعاهدة يوم 25 نوفمبر أثناء انعقاد الاجتماع الوزاري لوزراء العدل في اسطمبول.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.