إدانة لاستهداف المدنيين في غزة وإسرائيل، واعتماد لجنة تحقيق دولية
رغم العراقيل، تمكن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف من عقد جلسة خاصة حول أحداث غزة انتهت باعتماد مشروع قرار يدين بأغلبية ساحقة، باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية، الانتهاكات واستهداف المدنيين، ويطالب بوقف فوري لإطلاق النار ورفع الحصار وتشكيل لجنة تحقيق دولية. كما طلب من سويسرا الدعوة لعقد مؤتمر للدول الأعضاء في معاهدة جنيف.
أدان مجلس حقوق الإنسانرابط خارجي بأغلبية 29 صوتا مقابل صوت واحد وامتناع 17، “الانتهاكات الواسعة والمنهجية لحقوق الإنسان، وانتهاك الحريات الأساسية الناتجة عن العمليات العسكرية التي تقوم بها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 13 يونيو 2014، وبالأخص الهجوم الأخير الذي تعرض له قطاع غزة جوا وبرا وبحرا …” .
هذه الإدانة وردت في القرار الذي اعتمده مجلس حقوق الإنسان في جلسته الخاصةرابط خارجي، التي انعقدت يوم 23 يوليو 2014 والتي عرفت تدخل أكثر من 70 دولة ومنظمات مجتمع مدني.
لكن هذه الجلسة التي انعقدت رغم “محاولات العرقلة” التي قامت بها بعض الدول المؤثرة، يعكس الانقسام الذي تعالج به المجموعة الدولية الانتهاكات التي تحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
“لا تفاوض بشأن القانون الدولي، ولا دولة فوق القانون”
في تدخلها أمام الجلسة الخاصة حول أحداث غزة، أوضحت المفوضة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلايرابط خارجي بأنها “المرة الثالثة التي يتم فيها حدوث تصعيد خطير في المنطقة خلال الست سنوات التي توليتُ فيها منصب المفوضة السامية لحقوق الإنسان”.
اهم فقرات قرار الدورة الخاصة
– إدانة بشدة لفشل إسرائيل، القوة المحتلة، في انهاء الاحتلال المستمر للأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية وفقا للقانون الدولي والقرارات الأممية ذات الصلة.
– إدانة بأقوى التعابير الانتهاكات الكبيرة والواسعة للقانون الدولي لحقوق الإنسان وللحريات الأساسية المترتبة عن العمليات العسكرية التي تقوم بها إسرائيل في قطاع غزة المحتل منذ 13 يونيو 2014 ، وبالأخص الهجوم الأخير ….
– إدانة كل اعمال العنف المرتكبة ضد المدنيين حيثما تمت بما في ذلك قتل مدنيين إسرائيليين جراء قصف الصواريخ. ومطالبة كل الأطراف لكي تحترم التزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الانساني الدولي .
– الدعوة لوقف فوري لوقف إطلاق النار في الاراضي الفلسطينية بما في ذلك القدس الشرقية، وانهاء الهجمات ضد كافة المدنيين الإسرائيليين.
– الترحيب بالمبادرة المصرية التي تدعمها جامعة الدول العربية…
– دعوة إسرائيل القوة المحتلة ، لكي تضع على الفور، حدا لحصارها غير الشرعي المفروض على قطاع غزة والذي يرقى في حد ذاته الى مستوى العقاب الجماعي في حق المدنيين الفلسطينيين…
– دعوة المجموعة الدولية… لتقديم الاحتياجات الانسانية والخدمات للشعب الفلسطيني …
– التعبير عن القلق العميق لوضع السجناء الفلسطينيين والمعتقلين في السجون الاسرائيلية …
– توصي بان تقوم سويسرا بوصفها البلد الراعي لمعاهدة جنيف الرابعة ، بالدعوة في اقرب وقت لعقد مؤتمر للدول الأعضاء في معاهدة جنيف الرابعة لاتخاذ إجراءات لتعزيز تطبيق المعاهدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية….
– إقرار، ارسال بعثة تحقيق دولية مستقلة، يقوم رئيس المجلس بتعيين افرادها على وجه السرعة ، للتحقيق في كافة الانتهاكات المرتكبة في مجال القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الانساني الدولي ، في الاراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية وبالأخص قطاع غزة المحتل.
وبخصوص حركة حماس، قالت المفوضة السامية “في الوقت الذي نتحدث فيه عن تواصل إطلاق الصواريخ بطريقة عشوائية من قبل حماس والمجموعات المسلحة، مما يهدد حياة المدنيين في إسرائيل، أدنت بشكل متكرر في الماضي مثل هذه الهجمات العشوائية، وأعيد ذلك اليوم”.
وبعد ان ذكرت بضرورة تجنب استهداف المدنيين بموجب القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، حذرت المفوضة السامية من أن “عدم التقيد بهذه القوانين، قد يرقى الى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”.
وفي إشارة إلى التعليلات الإسرائيلية بخصوص توجيه إخطار المدنيين قبل بداية القصف، أوضحت المفوضة السامية بأن “مساكن المدنيين لا يجب استهدافها حتى ولو استخدمت في عمليات عسكرية… وأن التحذيرات التي تصدرها إسرائيل للمدنيين قبل بداية القصف، لا تُجردُها من التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي”.
وقد استشهدت المفوضة السامية بذكر بعض الانتهاكات الموثقة التي قامت بها القوات الإسرائيلية، من ضمنها “استهداف 7 أطفال كانوا يلعبون على الشاطئ الغزاوي، أولا بقصف جوي ثم بقصف بحري. ومقتل اربعة منهم من عائلة بكري وحدها”، وهو ما وصفته المفوضة السامية لحقوق الإنسان بالمثال “الواضح والمزعج عن عدم احترام القانون الإنساني الدولي”.
وبعد أن عددت باقي الحالات التي تم التعرف عليها لحد الآن، قالت المفوضة السامية “ما هذه إلا حالات قليلة التي يبدو انه تم انتهاك القانون الدولي الانساني فيها بشكل قد يرقى الى مستوى جرائم حرب. وأن كلا منها يجب ان يتم التحقيق فيه بشكل جيد وبطريقة مستقلة”.
وانتهت المفوضة السامية الى خاتمة كلامها إلى أنه “عندما يتم الحديث عن إسرائيل وفلسطين، يتم التطرق لسياسة الصراع والسلم والأمن وإلى إنقاصٍ او تحييدٍ أهمية وضرورة احترام القانون الانساني الدولي وقانون حقوق الإنسان. فالقانون الدولي ليس قابلا للتفاوض، ولا أحد أو دولة فوق القانون عندما يتعلق الأمر بانتهاك القانون”.
“دولة ديمقراطية تدافع عن نفسها ضد اعتداء ارهابي”
في تدخله هاجم السفير الإسرائيلي إيفيتار مانوررابط خارجي، الدول التي دعت لعقد الجلسة الخاصة قائلا “إنها، بردود فعلها “البافلوفية” ضد إسرائيل، إنما تحاول التستر عن الانتهاكات المرتكبة لديها”.
وقد عدد السفير الإسرائيلي “جرائم الحرب التي ارتكبتها حماس: “إطلاق الصواريخ بشكل عشوائي على المدن والقرى الإسرائيلية، واستخدام المدنيين في غزة لحماية مناطق إطلاق الصواريخ وبناء الأنفاق واستخدامها لمهاجمة القرى الإسرائيلية، وتخزين قنابل في مدارس الأونروا مثلما اعترفت بذلك الأونروا نفسها، وتحويل المساعدات لبناء الأنفاق بدل بناء الملاجئ للسكان في غزة”.
وبعد ان شدد على أن إسرائيل “تلتزم باحترام القانون الانساني الدولي”، انتهى الى أن “سكان غزة ليسوا اعداء لنا، وإننا نستهدف الأهداف العسكرية فقط”.
وتساءل السفير الإسرائيلي “عن جدوى انعقاد مجلس حقوق الإنسان لمحاكمة إسرائيل؟” مشيرا الى انه “لا يمكن من الناحية الخلقية، المساواة بين معتدٍ إرهابي، وبين دولة ديمقراطية تدافع عن نفسها” على حد قوله.
“الاحتلال هو الانتهاك الأول… ونرغب في تحقيق ولو عدالة جزئية”
وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكيرابط خارجي، الذي تحدث باسم فلسطين في الجلسة الخاصة، قال أمام مجلس حقوق الإنسان”لقد جئتكم اليوم وقوات الاحتلال الإسرائيلي تقتل أهلي وإخوتي في قطاع غزة، في مشهد يتكرر منذ مذبحة دير ياسين في عام 1948 ومذبحة صبرا وشاتيلا في عام 1982، والآن، تنتهك أبسط الحقوق المنصوص عليها في المواثيق الدولية…”
وبعد ان قدم ارقاما بالقتلى والجرحى والأسرى، قال الوزير الفلسطيني “نحن هنا اليوم لنطالب المجتمع الدولي والهيئات الدولية ذات العلاقة لتحمل مسؤولياتها، وعلى المجتمع الدولي ومؤسسات القانون الدولي أن تعمل وفق المادة الأولى المشتركة في اتفاقيات جنيف … وان ترفع الغطاء عن ممارسات الاحتلال ومساءلته على جرائمه”.
وفي خطابه لمجلس حقوق الإنسان والمنظمة الدولية، قال الوزير الفلسطيني “إن الإفلات المتواصل لإسرائيل من العقاب، وعدم مساءلتها على جرائمها قد خلق حالة غياب وأزمة عدالة في فلسطين وعزز ثقافة الإفلات من العقاب، مما أدى الى تشجيعها على تكرار الانتهاكات، الأمر الذي إذا استمر سيقوض مصداقية الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ومنظومة حقوق الإنسان ككل أمام الشعوب التي ما زالت تؤمن بالقانون الدولي ومؤسساته، كما هو الحال مع الشعب الفلسطيني حتى الان”.
الجلسة الخاصة حول أحداث غزة
رغم انعقاد الدورة الخاصة للنظر في أحداث غزة حمل مشروع القرار اسم “ضمان احترام القانون الدولي في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية”.
هذه الدورة الخاصة انعقدت يوم 23 يوليو 2014، وهي الدورة الخامسة المخصصة لمناقشة أوضاع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ تأسيس مجلس حقوق الإنسان في عام 2006.
تقدمت بمشروع القرار، دولة فلسطين ومنظمة مؤتمر التعاون الإسلامي، ودعمته 22 دولة عضو في المجلس، و 16 من الدول المراقبة.
تم التصويت عليه بأغلبية 29 دولة، ومعارضة الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، وامتناع 17 دولة أغلبها دول غربية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.